q
توجد ميزات معروفة لمفهوم السرد، سواء كان قصصيا أو رواية أو سردا في إطار أدب الرحلات، ويذكر المؤلف نفسه إن من أهم مميزات السرد في النصوص الأدبية أنّه يساعد على إبراز الشخصيات المؤثرة في القصة أو الرواية، والمقصود هنا الشخصيات المركزية. إضافة إلى كثرة الأفعال الدالة على التتابع وسير الأحداث...

مفهوم السرد، وتعريفه بالمعنى الواضح والبسيط هو القص، أو الحكي، وهو يأتي في عدة أشكال وأجناس أدبية هي: السرد القصصي، والسرد الروائي، وسرد السيرة الذاتية، وأدب الرحلات، ويدخل أيضا في هذا المضمار سرد الأحاديث بمختلف مضامينها وتوجهاتها، فالقص هو سرد أحداث متسلسلة، وكذلك بالنسبة للرواية يكون السرد فيها متواليا ومترابطا، وينضبط في أساليب وأشكال فنية سبق وأن تناقلها كتاب وساردون من أجيال متعاقبة.

هنالك مصطلح مقارب يدخل في مفهوم السرد، هذا المصطلح أو المفهوم تم استخدامه قديما، حين كان الناس يتناقلون المسردوات شفويا فيما بينهم، أو يتم نقلها من بعضهم لبعض عبر الكلام المباشر، فيُقال لمن ينقلها شفويا بـ (القصَّخون)، وتعني الحكّاء، وهو الشخص الذي يحكي الأحداث للحاضرين، ثم تطورت هذه الكلمة مع الزمن، لتنتهي إلى مفهوم السرد.

ما معنى كلمة السرد في اللغة العربية؟ كلمة السرد من المصطلحات التي يكثر استخدامها عند الحديث عن النصوص الأدبية، لا سيما في القصة والسيرة الذاتية والرواية، إذ يُشكّل السرد عنصرًا أساسيًا في بناء النص، وللسرد في اللغة تعريف يُوضّح معناه، وهو أن السرد يعني التتابع والتسلسل في الحديث، ويُقال سرد الحديث يسرده سردًا إذا تابعه.

فكلمة السرد تدلّ على تتالي الأحداث، وهذا يتناسب مع النصوص القصصية والروائية. بحسب ما أورده عبد الرحمن الأوتاني عند تعريفه للسرد، ونقرأ أيضا: ممّا ورد في معجم المعاني أنّه يُقال: سرد الحديث أي: رواه وعرضه وقص دقائقه وحقاقه، وسرد الكتاب قرأه بسرعة، وسرد الشيء تابعه ووالاه، وممّا يجدر ذكره أن كلمة سرد في اللغة لها معانٍ أخرى غير التتابع والتتالي في الكلام.

مثل: سرَد الجلد إذا ثقبه بالمخرز ثقوبًا متتابعة، وسرد الدرع أي: نسجها وسمّر طرفي حلقتيها، والمشترك في كل هذه المعاني هو التتابع والتتالي، وكما أنّ لكلمة سرد في اللغة مرادفات مثل: أعلم وأخبر وروى وقصّ وأنبأ، فإنّ لها أضدادًا مثل: أخفى وكتم وسكت وصمت وستر ووجم، كما جاء في مقال الكاتب المذكور.

التعريف الاصطلاحي للسرد

أما تعريف السرد اصطلاحًا وكيف عرّفت كتب الأدب مصطلح السرد؟ إنّ التعريف الاصطلاحي للسرد لا يبتعد ابتعادًا كبيرًا عن تعريفه اللغوي، بل على العكس يثبت التعريف اللغوي ويُوضّح معناه أكثر، فالسرد اصطلاحًا هو: نقل الأحداث أو الأخبار، سواء كانت من صميم الواقع أم من نسج الخيال أم متنوعة بين الاثنين معًا، وذلك ضمن إطار زماني ومكاني، ووفق حبكة فنية متقنة ومحكمة تجذب المتلقي للاستمرار بمتابعة الأحداث المسرودة.

ويتابع الكاتب في مقاله عن مفهوم القص أو السرد قوله: ممّا ينبغي ذكره عن السرد أنه يُعدّ من تقنيات التعبير الكتابي المهمة، لأنّ الكثير من النصوص تعتمد عليه، حتى أنّه يعد نمطًا من أنماط النصوص الأدبية، ويُسمى بالنمط السردي، ويُقصد به أنّه أسلوب لسرد الأقاصيص والحكايات ونقل أحداثها بصورة منتظمة متسلسلة، وضمن سرد منتظم واضح المعالم، ويُبنى على العقدة والحل، وأنّ السرد يعتمد اعتمادًا كبيرًا على الأفعال الماضية وضمائر الغائب.

وتوجد ميزات معروفة لمفهوم السرد، سواء كان قصصيا أو رواية أو سردا في إطار أدب الرحلات، ويذكر المؤلف نفسه إن من أهم مميزات السرد في النصوص الأدبية أنّه يساعد على إبراز الشخصيات المؤثرة في القصة أو الرواية، والمقصود هنا الشخصيات المركزية. إضافة إلى كثرة الأفعال الدالة على التتابع وسير الأحداث، مع استخدام حروف العطف لا سيما الواو عندما يكون السرد متواصلًا في وصف الأحداث وحركة الشخصيات.

أهمية الحوار في النص السردي

وممّا يشترك مع السرد في الأعمال الأدبية ويُعد مكملًا له هو الحوار، فيُعد الحوار عنصرًا مهمًا من عناصر السرد القصصي.

وعلى الرغم من أن الحوار يرتبط بشكل مباشر وقوي في كتابة النصوص المسرحية، إذا غالبا ما يعتمد العمل المسرحي على الحوار بين شخصيتين أو أكثر، لكن مع ذلك هنالك نصوص سردي (قصة، أو رواية) يدخل فيها الحوار بشكل واضح، ويأخذ نسبة جيدة أو عالية من مساحة السرد، لذا يعد الحوار من الميزات التي تَسِم النص السردي، رواية كان أو قصة قصيرة، أو حتى في مسار أدب الرحلات والسيرة.

تُطرَح أحيانا تساؤلات حول مدى حاجة الإنسان إلى السرد، وبعضهم يتعدى مفهوم السرد إلى الأدب بصورة أكثر شمولا، بمعنى ماذا يفيد الأدب الإنسان؟، ولأننا خصصنا هذا المقال للسرد، فنقول إن النصوص السردية بمختلف أنواعها هي عبارة عن تجارب خاضها أشخاص أو جماعات، وهي تنطوي على قيمة إنسانية ودروس مختلفة، يمكن أن تساعد الإنسان على فهم أكثر لدوره في الحياة، لمواجهة الشر ومساندة الخير.

التجارب في القصص والروايات الأدبية، فيها حكايات وتداخلات، وفيها صراعات مختلفة، قد يتفوق فيها القبح على الجمال، ولكن غالبا ما تنتهي هذه المسرودات إلى نهاية تصب في صالح الإنسان، وتعلّمه درسا مفيدا في حال طبّقه في مسيرة حياته.

وتتوفر له معرفة علمية وسلوكية لكيفية التعامل مع المشكلات العقيمة والمعقدة التي قد تجابهه في الحياة، فالخلاصة تؤكد إن السرد هو عرض أدبي قصصي روائي لتجارب أناس حقيقيين أو من صنع المخيلة، تقدم التجارب التي تمنح للقراء آفاقا جديدة في حياتهم.

اضف تعليق