q
لقد كان الدولار على الدوام امتيازاً باهظاً للولايات المتحدة، فعلى الرغم من أنها تمثل حوالي 20 في المائة من الناتج الاقتصادي العالمي، فإن أكثر من نصف جميع احتياطيات العملة العالمية والتجارة تتم بالدولار، وهو أمر يعزز الأهداف التجارية والمالية والجيوسياسية لواشنطن، ويجعلها متحكمة في البلدان وتغيير الأنظمة...

عندما هربت الولايات المتحدة من أفغانستان، سادت توقعات بانحسار هيمنة الدولار الأميركي، لكنه ظل قويا، وعادت التطلعات من جديد تتحدث عن أن الغزو الروسي لأوكرانيا سوف يُحدث انقلاباً في مراكز نفوذ رأس المال العالمي.

ويلمح خبراء الاستراتيجيات المالية، انقسام الاقتصاد العالمي إلى كتلتين، الأولى هي الغرب المتمثل في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان. والشرق بتحالف روسيا والصين، والهند وإيران، من أجل تقليص هيمنة الدولار الأميركي على التجارة وتدفقات رأس المال وكعملة احتياطية.

وهؤلاء يسعون في الحقيقة إلى نظام مالي عالمي جديد، وقد بدأت الصين خطوة فعلية نحوه، بإضافة عملتها الرسمية الرينمينبي في العام 2016 إلى سلة العملات التي تشكل حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي ما يعني اعترافًا عالميًا بالعملة الصينية.

والخطوة التي تثير قلق الدولار، وصديقه اليورو، هي تشكّل جبهة سياسية عريضة في الشرق ضده لكبح استخدامه كأداة ضغط سياسي، على روسيا والصين وايران، ودول أخرى معادية لواشنطن.

والمشكلة أمام هذا المشروع، أنه ليس بديلاً حقيقياً في الأسواق الدولية للدولار الأميركي، ومن الصعب جداً عودة الذهب كسلعة نقدية دولية.

يعتقد ماتيو ماجوري، أستاذ المالية بجامعة ستانفورد أنه عندما تنجح دولة ما في جعل عملتها، عالمية تصبح مصدراً رئيسياً للمدفوعات في جميع أنحاء العالم وتبني سمعتها كعملة احتياطية، كما أن سنداتها الحكومية ستكون آمنة وموثوقة.

اليابان ومنطقة اليورو حاولتا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، منافسة الدولار، لكن الصين ستكون أوفر حظاً منهما في النجاح، إذ أن لديها اليوم، ثالث أكبر سوق سندات في العالم، وأصبحت جذابة للمستثمرين الكبار مثل البنوك المركزية وصناديق الثروة السيادية لتخزين مئات المليارات من الثروات.

لقد كان الدولار على الدوام امتيازاً باهظاً للولايات المتحدة، فعلى الرغم من أنها تمثل حوالي 20 في المائة من الناتج الاقتصادي العالمي، فإن أكثر من نصف جميع احتياطيات العملة العالمية والتجارة تتم بالدولار، وهو أمر يعزز الأهداف التجارية والمالية والجيوسياسية لواشنطن، ويجعلها متحكمة في البلدان وتغيير الأنظمة دون الحاجة إلى حملات عسكرية فوضوية لا يمكن التنبؤ بنتائجها. والعراق ليس بعيداً عن هذا النفوذ.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق