q
إنسانيات - علم نفس

الاخ اللدود: عقدة قابيل

سمعنا ونسمع كثيراً من القصص التي تحكي تصارعاً اخوياً قد يصل الى حد الاقتتال او التحارب، للوهلة الاولى قد يستغرب البعض لكنهم في النهاية يصدقون ما يحدث، الظاهرة استشرت في الآونة الاخيرة اكثر من ذي قبل نظراً لتغيرات اجتماعية وامراض نفسية القت بظلالها على السلوكيات المجتمعية...

سمعنا ونسمع كثيراً من القصص التي تحكي تصارعاً اخوياً قد يصل الى حد الاقتتال او التحارب، للوهلة الاولى قد يستغرب البعض لكنهم في النهاية يصدقون ما يحدث، الظاهرة استشرت في الآونة الاخيرة اكثر من ذي قبل نظراً لتغيرات اجتماعية  وامراض  نفسية القت بظلالها على السلوكيات المجتمعية، وهذه العقد تعرف بعقدة قابيل.

يعود اصل التسمية الى الحادث الذي حصل بين ابني ابونا آدام قابيل وهابيل، حيث قتل قابيل اخاه لغيرته الشديدة منه الذي تطور الى كراهيته ثم الاقدام على قتله مع سبق الاصرار، فكانت اول جريمة بتاريخ البشرية تحمل فيها قابيل ذنب القاتل والمقتول، وانسحبت هذه التسمية على جميع حالات العداء الاخوي الاخرى التي تجري في كل بقاع الارض.

عزيز القارئ الكريم نظراً لورود كلمة (عقدة) في عدد من مقالاتنا اود هنا اعرف لكم العقدة وهي مجموعة من الافكار المركبة المشحونة عاطفيا تعرضت للكبت الجزئي او الكلي ثم ظهرت على شكل سلوك انفعالي نتيجة التراكمات النفسية التي تعرض لها الانسان وخزنت تلقائيا بعقله الباطن.

سأذكر مثال واقعي لعقدة قابيل وكيف فرقت اخوين بعد ان جمعهم رحم واحد وبيت واحد واسم واحد ومشتركات اخرى كثيرة، يذكر لي زميل عمل ان والده وعمه افترقا منذ سنوات لكون والده حصل على منصب في احد مؤسسات الدولة، واستمر الحقد والكراهية بعد ذلك لنيلهم ابناءه شهادات اكاديمية جيدة.

ويضيف ان عمه لم يفوت فرصة لانتقاد اخيه وابناءه الا واستغلها ليبعث الارتياح في نفسه ولينتصر لذاته رغم ان اخيه المنتقد لم يتعرض له بسوء من بعيد ولا من قريب، بل انه حريص على سمعة العائلة وسمعة اخيه ولا يقبل لاحد ان يذمه امامه، كل هذه العداوة والبغضاء التي سردتها ماهي امتداد حقيقي لعقدة قابيل.

ما الاسباب؟

عدة اسباب منها ماهي نفسية ومنها ما يتعلق بتربية الوالدين هي من تكون هذه العقدة في الانسان ومن اهم هذه الاسباب:

الشعور بالنقص الذي يتولد عند الانسان سيما في مرحلة الطفولة لعدم اخذه القدر الكافي من العاطفة من قبل الابوين، في المقابل يتمتع اخاه بكل انواع الدعم العاطفي لسبب او لآخر، وهذا السبب موجود في الكثير من العائلات سيما تلك التي يوجد في زوجتين لاب واحد، والسبب الاخر هو اضطهاد احد الابناء لاي سبب، كأن يكون الكبير والقاء الاعباء عليه وتحميله ما لإطاقة له، على الرغم من صغر سنه مستغلين صمته وطاعته، بالمقابل يرى اقرانه يرفلون بالراحة دون مقابل.

ويتسبب عدم اخذ الطفل دوره الطبيعي في الاسرة حسب تسلسله العمري ومراحل نضوجه ومعاملته على انه كبير منذ ولادته واقصاءه عن القرار العائلي وعدم الاهتمام له بأن يكون عدائياً مع اخوانه وهذا امر واقعي ومنطقي، ومن كل هذه ينتج منها سبب اخير وهو الغيرة والحقد بسبب التفضيل بعض على حساب الاخرين كما حصل مع سيدنا يوسف عليه السلام وكيف اغاض تفضيل والده له حنق اخوانه وبالتالي فعلوا به ما فعلوا.

كيف نحلل العقدة؟

ثمة حلول يمكن ان تحلل هذه العقدة وبالتالي تتيح لنا التعامل معها بنجاح وكبح جماحها وهذه الخطوات هي:

ينبغي التعامل مع جميع الابناء بأسلوب واحد واعطاءهم كميات متساوية من الحب والرعاية والاهتمام والاحترام لكي تتقوض فرص الوقوع بمطب الغيرة والحقد، ثم من الجيد ان يشبع الابوين ابنائهم عاطفياً وهو ما يعزز الثقة بأنفسهم وباسرتهم لتكوين شخصيته المستقلة بعيدا عن اي اعتبار تدفع بأتجاه التناحر.

ومن الاهمية بمكان ابتعاد الابوين عن التحدث بالسوء عن احد الابناء امام الاخرين لان ذلك مدعاة لاستهجانه والنفور منه وبالتالي سينتصر لنفسه عند اية فرصة تسنح،  ومن ثم لابد من مراعاة الفروق الفردية في التعامل مع كل ابن داخل العائلة لان كل انسان له شخصية مستقلة، في الختام نخلص الى القول ان التربية السليمة للأبناء تبني شخصيتهم السليمة الخالية من العقد.

اضف تعليق