q

يصف الكثير من المحللين الاقتصادين الثروة الغازية بوقود المستقبل، كونها باتت تشكل أولوية استراتيجية في صناعة المرتكزات الصناعية والاقتصادية، لكن في ظل تزايد توترات السياسية حول وتصاعد صراعات دولية على الاصعدة كافة، بدأت طاقة المستقبل تؤدي دورا في المتغيرات الاقتصادية وخاصة فيما يتعلق بـ حقول الغاز المكتشفة التي من شأنها ان تستشرف الحروب. بحسب الكثير من المحللين.

لذا يتوقع بعض المراقبين لشؤون الطاقة ان حرب غاز عالمية قادمة لا محال، إذ تبدو الدول الكبرى مهتمة في عقد صفقات استراتيجية لاقتسام طاقة المستقبل.

في حين يرى محللون آخرون ان آفاق التنمية الاقتصادية في الطاقة الغازية بتطور المشاريع والبنى التحتية لهذا القطاع الاقتصادي، ومن شأن هذه الافاق التنموية والاقتصادية ان تعزز من تفاقم الصراعات الدولية، لكنها من الممكن ايضاً ان تسهم في ارساء الاستقرار السياسي بين بعض الدول المتخاصمة على غرار ما حدث مع بعض الدول الاسيوية كتركمانستان والهند.

لكن الخبراء بهذا الشأن يتوقعون أن مستقبل الغاز والصراع على هذه الطاقة الاستراتيجية سيرسم خريطة الصراعات الكبرى وليس السلام، خصوصا مع تزايد الطلب العالمي وازدياد عمليات البحث والاستكشاف والاستثمار المشترك الذي قد يضر بالمصالح الاقتصادية لبعض الدول المتنفذة، التي عمدت إلى اتخاذ خطط ومشاريع خاصة بهدف تعميق بعض النزاعات وتوسيع حالة التوتر والفوضى في العديد من الدول، كما ان البعض قد اعتمدها كورقة ضغط مهمة ضد الخصوم في سبيل إجبارهم على البقاء في طار سياسة خاصة، وهذا ينذر بنشوب "حرب الغاز" في السنوات المقبلة من القرن الحالي.

من جانب آخر لا تزال أسواق الغاز العالمية تحمل الكثير من المفاجآت والتحديات في لعبة السيطرة على اسواق الطاقة الغازية في العالم كما تشير البيانات والتقديرات التي رجحت ان تشهد السنوات القادمة حدوث متغيرات جديدة ومهمة في طاقة المستقبل.

هذا بالإضافة الى ان التطورات الجديدة والمنافسة القائمة قد اسهمت ايضاً بتغير بعض السياسات الخاصة لتلك الدول التي تسعى اليوم ومن خلال ايجاد قوانين جديدة الى استقطاب الشركات العالمية بما يضمن مصالحها ودورها الاقتصادي على الصعيد العالمي.

تركمانستان والهند

في سياق متصل اعلنت الحكومة الباكستانية ان وضع الحجر الاساس لمشروع بناء انبوب عملاق للغاز بين تركمانستان والهند مرورا بأفغانستان وباكستان سيتم في كانون الاول/ديسمبر المقبل، وذلك في بيان صدر في ختام زيارة لوفد تركماني الى اسلام اباد، وقال البيان ان "حفل افتتاح اليوم الاول من اعمال بناء مشروع انبوب غاز تابي (تركمانستان، افغانستان، باكستان والهند) سيتم في كانون الاول/ديسمبر من هذا العام". بحسب فرانس برس.

وهذا المشروع البالغة كلفته عشرة مليارات دولار والمقرر منذ امد بعيد لم يجد طريقه الى التنفيذ بسبب الاضطرابات السياسية التي تهز بعض مناطق آسيا الوسطى، والأنبوب العملاق يفترض ان ينقل الغاز التركماني الهند مرورا بافغانستان التي يسيطر على بعض مناطقها متمردو حركة طالبان، ومرورا ايضا بمقاطعة بلوشستان الباكستانية المضطربة.

اسرائيل

من جهتها تحاول الحكومة الاسرائيلية بكل قواها الاسراع في عملية استغلال الغاز الطبيعي في البحر الابيض المتوسط من خلال الانحياز لمستثمرين اجانب بمواجهة معارضيهم المحليين، وقد اتخذت الحكومة المصغرة برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو اواخر الاسبوع قرارا استثنائيا من شأنه ان يضع حدا لاشهر من الشكوك ازاء استغلال الثروة الغازية التي تملكها اسرائيل منذ بعض الوقت.

وقررت الحكومة المصغرة المكلفة البت في المسائل الحساسة للغاية ان استغلال هذه الثروة مرتبط بالامن القومي، وعلى هذا الاساس فانه لا يخضع للقوانين التي تمنع الاحتكار، وقد اثارت سلطة المنافسة البلبلة في كانون الاول/ديسمبر الماضي عندما اعلن رئيسها ديفيد جيلو انه سينظر في هيمنة مجموعة ديليك الاسرائيلية وشريكتها الاميركية نوبل اينرجي على سوق الغاز، وتستثمر نوبل اينرجي ومجموعة ديليك معا منذ 2013 حقل تمار للغاز الواقع على مسافة 80 كلم قبالة مدينة حيفا. كما تتعاونان في تطوير حقل ليفياثان اكبر حقول الغاز في البحر المتوسط على مسافة 130 كلم قبالة سواحل حيفا، ومن المفترض استغلال هذا الحقل عندما تبدأ احتياطات حقل تمار بالنضوب، واعادة النظر في الاتفاقات القائمة ادى الى معركة شرسة بين شركات الغاز والمدافعين عن مصالح المستهلكين.

كما انها اثارت البلبلة لدى المستثمرين الاجانب الذين يتطلعون الى التطوير اللاحق لهذا الحقل الذي يعد من اهم الحقول المكتشفة "اوف شور" في العالم خلال العقد المنصرم، في وقت تزداد فيه المخاطر الى حد كبير بسبب الاضطرابات السياسية وعدم استقرار القواعد التنظيمية، ورات بيرين توليدانو المستشارة الدولية في التنمية المستدامة بجامعة كولومبيا في نيويورك، "ان المستثمرين الحاليين الذين حشدوا مبالغ هائلة يملكون ايضا كل المعارف المرتبطة بالاستكشاف الجيولوجي. وسيكون بكل تأكيد طويلا ومكلفا ادخال مستثمرين اخرين الى السوق في هذه المرحلة". بحسب فرانس برس.

وتزداد حدة الجدل لاسيما مع التوقعات بان تشكل موارد الغاز ثروة لاسرائيل، وقد اسهم حقل تمار المخصص للسوق الداخلية بنسبة 0,3% من اجمالي الناتج الداخلي الاسرائيلي في 2014 و0,8% في 2013 بحسب البنك المركزي في اسرائيل، وقد اعتمدت اسرائيل، المعزولة في المنطقة، لمدة طويلة على شحنات الغاز من مصر المجاورة التي اصبحت مهددة بانعدام الاستقرار في شبه جزيرة سيناء، في حين تضمن لها ثروتها الغازية في الواقع استقلالية في مجال الطاقة لعقود عدة.

ومن لمفترض ايضا ان تؤثر ثروتها على الموقع الجيواستراتيجي لاسرائيل التي قد تصبح المزود بالغاز للأردن ومصر والسلطة الفلسطينية، ويقول الخبراء ان حجم الرهانات قاد واشنطن الى التدخل كي تحافظ اسرائيل على التزاماتها ازاء نوبل اينرجي، وقرر رئيس الوزراء الإسرائيلي ان يمسك بزمام الامور وحصل في اواخر ايار/مايو على استقالة رئيس سلطة المنافسة والتخلي عن الوعود الانتخابية لوزير المالية موشي كحلون الذي تعهد الدفاع عن المستهلكين.

وتم ابرام تسوية بين الحكومة الاسرائيلية والمستثمرين لم تنشر بنودها، غير ان الصحف اشارت الى ان امام الشركات الشقيقة لديليك ست سنوات للتخلي عن حصتها في حقل تمار، فيما على نوبل تقليص حصتها من 36 الى 25%، كما ينبغي على ديليك ونوبل ايضا التخلي عن التزامهما في غضون 18 شهرا في حقلي تانين وكاريش الصغيرين.

وقال رئيس الحكومة "نقترح حلا واقعيا سيحمل الغاز الطبيعي الى السوق الاسرائيلية وليس حلا شعبويا سيبقي الغاز تحت الارض"، لكن قرار جعل الغاز مسالة مرتبطة بالامن القومي لا يزيل كافة الشكوك، فما زال يتطلب موافقة الحكومة كاملة، اما اذا طرح امام البرلمان، فان الحكومة لا تملك غالبية مطلقة.

روسيا وأمريكا وسوريا

على صعيد ذي صلة قالت روسيا إنها أعدت بعض المقترحات بشأن كيفية تحديد المسؤول عن الهجمات بأسلحة كيماوية في سوريا وسوف تناقش المسألة مع الولايات المتحدة، وتسعى واشنطن من أجل تشكيل فريق من محققي الأمم المتحدة لهذه الغاية، وكانت الولايات المتحدة سلمت روسيا مشروع قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قبل ستة أسابيع سيتضمن إنشاء آلية للمحاسبة لتمهيد السبيل إلى اتخاذ المجلس إجراء لمعاقبة المسؤولين عن تلك الهجمات.

وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين لرويترز "إذا أريد تحقيق ذلك فلا بد من الوصول إلى قرار ولكننا نتساءل ما هي أفضل الطرق المباشرة والمعقولة للتعامل مع هذا الموضوع"، وأضاف قوله "لدينا بعض الأفكار ونطلع عليها زملاءنا الأمريكيين وهم يدرسونها وغدا سنعقد المزيد من المناقشات، ولا أريد الخوض في التفاصيل لكني اعتقد أنه يوجد سبيل للتعامل مع هذا الموضوع". بحسب رويترز.

وكانت سوريا وافقت على تدمير مخزوناتها من الأسلحة الكيماوية في عام 2013 لكن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية اكتشفت منذ ذلك الحين أن غاز الكلور استخدم "بشكل منهجي مرارا" كسلاح، ولا تملك المنظمة تفويضا لتحديد من تقع عليه المسؤولية عن ذلك الاستخدام، وقال مسؤول أمريكي "نحن نتصور آلية (للمحاسبة) بموجب تفويض من الأمم المتحدة لكن ذلك سيتضمن بعض التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية".

وروسيا حليف لسوريا وحمت الرئيس بشار الأسد مرارا من اتخاذ مجلس الأمن إجراء خلال الحرب الأهلية التي مضى عليها أربعة أعوام، وقال تشوركين إنه إذا عقد اجتماع "جيد" بين الدبلوماسيين الروس والأمريكيين يوم الجمعة "فلا أرى ان الوصول إلى قرار سيستغرق وقتا طويلا".

المانيا

من جانب آخر وقعت مجموعة غازبروم الروسية العملاقة على مذكرة تفاهم مع شركات شل و"إي-أون" و"أو أم في" لبناء انبوب جديد للغاز الى المانيا، وفق بيان صادر عن هذه الشركات، وافاد البيان ان هذه الشركات ستعمل معا لبناء خط جديد تحت بحر البلطيق من روسيا بطاقة 55 مليار متر مكعب سنويا. بحسب فرانس برس.

ومن شأن المشروع الذي لم تحدد مهلة زمنية له ان يضاعف قدرة انبوب "نورث ستريم" (انبوب الشمال) الذي يربط حاليا الدولتين، ويأتي الاعلان في وقت تبحث فيه روسيا عن طرقات جديدة لإيصال الغاز الى الاتحاد الاوروبي من دون المرور في اوكرانيا، وذلك بالرغم من اصرار الاتحاد الاوروبي على مسعاه لتخفيف اعتماده على الغاز الروسي.

وقال المدير التنفيذي لمجموعة غازبروم اليكسي ميلر ان الانبوب الجديد "سيساهم في تعزيز سلامة وضمان امدادات الغاز" للسوق الاوروبية، وذلك بعد توقيع الاتفاق على هامش منتدى الاستثمارات الروسي في سانت بطرسبرغ، ومن جهته أوضح بين فان بوردن، المدير التنفيذي لشركة شل، في بيان ان "المشاريع الجديدة مهمة للاستجابة للطلب على الطاقة، وخصوصا مع انخفاض الانتاج الأوروبي المحلي للغاز الطبيعي"، وتتسم العلاقات بين روسيا والغرب بالتوتر نتيجة اتهام موسكو بالتدخل بالأزمة الاوكرانية، كما ان خلافا قائما بين كييف وموسكو هدد امدادات الغاز الى الاتحاد الاوروبي.

وأجبرت روسيا على التخلي عن خطتها لبناء انبوب جنوبي (ساوث ستريم) يصل الى جنوب اوروبا بعد معارضة كبيرة من بروكسل، ومن المفترض ان تبدأ غازبروم بالعمل لمد انبوب جديد عبر تركيا خلال الاشهر المقبلة، ومن المحتمل ان يوقع رئيس الوزراء اليوناني اليكسيس تسيبراس على اتفاق في سانت بطرسبرغ يتضمن وصول خط الانابيب هذا الى اليونان.

تركيا

من جانبها اعلنت شركة غازبروم الروسية العملاقة ان خط انابيب توركيش ستريم الهادف الى تزويد تركيا بالغاز الروسي والتعويض عن التخلي عن مشروع ساوث ستريم باتجاه الاتحاد الاوروبي سيبدا العمل في كانون الاول/ديسمبر 2016، واكد رئيس مجلس ادارة الشركة اليكسي ميلر بعد لقائه وزير الطاقة التركي تانر يلدز "التوصل الى اتفاق حول تسليم اولى شحنات الغاز في كانون الاول/ديسمبر 2016". بحسب فرانس برس.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعلن في انقرة في كانون الاول/ديسمبر انه لا يمكنه "في الوضع الحالي" مواصلة المشروع الروسي الايطالي لبناء انبوب غاز ساوث ستريم الذي يعارضه الاتحاد الاوروبي، بسبب موقف بلغاريا، كان يفترض ان يزود مشروع ساوث ستريم الذي تبلغ قيمته 16 مليار يورو اوروبا بالغاز الروسي عبر الالتفاف على اوكرانيا، واوقف الاتحاد الاوروبي المشروع في اطار العقوبات التي يفرضها على موسكو بسبب موقفها من النزاع في شرق اوكرانيا.

دشنت اعمال ساوث ستريم في كانون الاول/ديسمبر 2012، وكان مقررا ان يمتد على مسافة 3600 كلم ليصل روسيا ببلغاريا ثم يتوجه الى اوروبا الغربية عبر صربيا والمجر وسلوفينيا، وكان يفترض ان ينقل 63 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، وتنوي روسيا ان تجعل من تركيا مركزا مهما لنقل الغاز الى الدول الاوروبية بدلا من اوكرانيا.

وكانت صحيفة كومرسانت اعلن في اذار/مارس ان المفاوضات حول اسعار الغاز الروسي الى تركيا دخلت في طريق مسدود مما يمكن ان يؤدي الى توقف المشروع الجديد توركيش ستريم، ويتنافس الغاز الروسي في تركيا مع ذلك الذي تسلمه اذربيجان، وبدأت تركيا واذربيجان رسميا في اذار/مارس الماضي بناء خط انابيب غاز جديد عابر للاناضول بطول 1850 كيلومترا سيضخ الغاز من حقل شاه دينيز 2 الاذربيجاني، ومن المقرر ان ينتهي العمل به في العام 2018 على ان يضخ عشرة مليارات متر مكعب من الغاز سنويا للزبائن الاوروبيين وستة مليارات متر مكعب للزبائن الاتراك، وتبلغ كلفة المشروع نحو 10 مليارات دولار.

ايطاليا

فيما قالت وزارة الصناعة في بيان ان الحكومة الايطالية وقعت مرسوما يجيز تشييد خط انابيب عبر الادرياتي (تاب) الذي سينقل الغاز من اذربيجان الي أوروبا، وأضافت الوزارة ان العمل في انشاء خط الانابيب سيبدأ قبل السادس عشر من مايو ايار من العام القادم وانه سيكتمل ويكون جاهزا للاستخدام قبل نهاية 2020. بحسب رويترز.

والمرسوم الذي تم توقيعه هو الخطوة الاخيرة في سلسلة اجراءات للموافقة على بناء خط الانابيب، وتقول روما ان خط انابيب تاب مرفق استراتيجي للبنية التحتية لايطاليا التي تسعى الي تنويع مصادرها للطاقة.

اليونان

في صدد الموضوع صرح وزير الطاقة اليوناني بان مسألة تمويل بناء جزء من انبوب الغاز الروسي باتجاه تركيا المعروف ب"تركيش ستريم" عبر اراضي اليونان والذي اكدت روسيا استعدادها للمشاركة فيه "تمت تسويتها" وقد يوقع اتفاق في هذا الصدد في حزيران/يونيو، وفي مقابلة مع التلفزيون الروسي العام قال بانايوتيس لافازانيس انه اجرى سلسلة لقاءات "مثمرة جدا" في روسيا واكد ان هناك "اهتماما كبيرا" للشركات اليونانية بمد خط الانابيب "تركيش ستريم".

وأضاف "نعلم أصلا بان شركة عامة يونانية ستعنى به، واضافة الى ذلك تمت تسوية مسالة التمويل، وتقدر كلفة هذا المشروع في البنى التحتية بنحو ملياري دولار"، ومنذ وصول حكومة الكسيس تسيبراس اليسارية الراديكالية الى الحكم والتي تنتقد العقوبات الغربية المفروضة على موسكو، بحثت السلطات الروسية امكان مساعدة اثينا التي تحتاج للسيولة في تمويل بناء انبوب للغاز لتوسيع تركيش ستريم. بحسب فرانس برس.

واشار الوزير اليوناني الى امكان توقيع الاتفاق اثناء المنتدى الاقتصادي الذي سينعقد في مدينة سان بطرسبورغ في 18 الى 20 حزيران/يونيو، وقال "سنحاول هناك توقيع اتفاق، مذكرة، تتعلق بالدعم السياسي لانبوب الغاز هذا بين اليونان وروسيا"، ولم تفض المفاوضات حتى الان الى نتيجة رغم الزيارات المتكررة للوفود وانتشار شائعات عن اتفاق وشيك في منتصف نيسان/ابريل.

ومساء الجمعة، اكدت شركة غازبروم الروسية العملاقة "استعدادها لدراسة مختلف الامكانات في ما يتعلق بمشاركتها في بناء" خط الانابيب في اليونان، وذلك في بيان صدر بعد لقاء بين رئيسها الكسي ميلر ولافازانيس، وهي المرة الاولى التي تتحدث فيها المجموعة الروسية شبه العامة عن احتمال مشاركة مباشرة في هذا المشروع الذي يكتسي اهمية رمزية كبيرة لكنه ما زال يصطدم بامور عديدة غير واضحة.

روسيا واوكرانيا

الى ذلك اكدت روسيا انها اوقفت امدادات الغاز الى اوكرانيا غداة اعلان كييف عن فشل مفاوضاتهما، ما يشكل مرحلة جديدة من حرب الطاقة الدائرة بين البلدين الامر الذي يقلق الاوروبيين، وهذا القرار ياتي بعد فشل الاجتماع الثلاثي بين روسيا واوكرانيا والاوروبيين الذي انتهى في فيينا بدون اتفاق بين موسكو وكييف حول اسعار الغاز الروسي، واعلنت شركة نفتوغاز الاوكرانية العامة بعد ذلك تعليق شراء الغاز من روسيا. بحسب فرانس برس.

واكد مدير عام مجموعة غازبروم الروسية الكسي ميلر في بيان ان "اوكرانيا لم تدفع لقاء امدادات الغاز عن تموز/يوليو، واعتبارا من الساعة العاشرة صباح الاول من تموز/يوليو تم وقف امدادات غازبروم الى اوكرانيا"، واضاف ان "غازبروم لن تسلم الغاز الى اوكرانيا- مهما كان السعر- بدون الدفع المسبق".

وقال ميلر في بيان ان آلية التسعيرة لاوكرانيا لن تعدل قبل نهاية 2019 تاريخ انتهاء العمل بالعقد الحالي، لكن وقف الامدادات هذا من غير المرتقب ان يهدد امدادات الغاز الروسي الى الاتحاد الاوروبي، التي يمر 15% منها عبر الاراضي الاوكرانية، وصرح متحدث باسم اوكرترانسغاز لوكالة فرانس برس ان "تسليم الغاز لحاجات اوكرانيا هو احد الاتفاقات. ونقل الغاز الى اوروبا اتفاق اخر، الوضع الحالي لن يؤثر اطلاقا على امدادات الغاز لاوروبا".

وتخوض غازبروم ونفتوغاز اختبار قوة منذ تولي سلطة موالية للغرب الحكم في كييف بداية 2014 واندلاع التوتر مع موسكو في شرق اوكرانيا الذي يسيطر عليه الانفصاليون الموالون لروسيا، وقامت موسكو برفع اسعار الغاز الذي تسلمه لاوكرانيا التي ترفض الدفع واصبحت تعتمد بشكل متزايد على الغاز المستورد من اوروبا الوسطى والنروج.

وخلال المفاوضات في فيينا اقترحت روسيا ابقاء السعر نفسه لاوكرانيا ب247,18 دولارا لالف متر مكعب من الغاز حتى نهاية ايلول/سبتمبر اي خفض باربعين دولارا بالنسبة الى السعر الذي تريد موسكو تطبيقه وفقا للاتفاقات السابقة، ووفقا لوزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاكوف الذي وصف قرار السلطات الاوكرانية ب"المؤسف" رفضت كييف الاقتراح الروسي مطالبة بخفض ب86 دولارا.

وقال نوفاك بعيد انتهاء المفاوضات "لقد فوجئنا بتصريحات زملائنا الاوكرانيين الذين كانوا يتوقعون حسما كبيرا"، واضاف "هذه القرارات في رأي لا يمكن ان كون الا سياسية، ليس هناك اي دافع اقتصادي وراءها"، من جهتها اقرت المفوضية الاوروبية بان مواقف البلدين لا تزال "متباعدة جدا" مشيرة الى مباحثات "سياسية" ووعدت بتقديم مقترحات لاعادة تحريكها.

وقال مصدر اوروبي ان بروكسل ترغب في ان تفضي المفاوضات الى اتفاق "يغطي على الاقل فترة الشتاء حتى نهاية اذار/مارس"، واتاحت هذه "الرزمة الشتائية" اجتياز الشتاء الماضي من دون صعوبات كبيرة، وقد ابرمت في تشرين الاول/اكتوبر 2014 عبر وساطة اوروبية بعدما قطعت موسكو مؤقتا الغاز عن كييف على خلفية النزاع الانفصالي في شرق اوكرانيا.

ويتوفر لاوكرانيا في الوقت الراهن 12 مليار متر مكعب من الغاز، لذلك تعتبر المفوضية انها تحتاج الى 19 مليارا "للاطمئنان الى ان فصل الشتاء يبدأ بطريقة ملائمة"، وقال نوفاك "هناك خطر الحصول على الغاز من الانابيب التي تزود الزبائن الاوروبيين" مشيرا الى "حروب الغاز" السابقة في 2006 و2009 عندما اتهمت روسيا اوكرانيا باخذ الغاز من الانابيب التي تمر عبر اراضيها الى اوروبا.

وقال مسؤول في نفتوغاز ان البلاد ستكون قادرة على التزود بالغاز الاوروبي بمستوى 50 الى 60 مليون متر مكعب يوميا اي ما يكفي للفصل المقبل، الا ان المحللين في بنك في تي بي كابيتال فيعتبرون انه "من المستبعد" ان يكون هذا الغاز اقل كلفة من الغاز الروسي، وتعتبر غازبروم من جهتها ان هذه الامدادات غير شرعية في معظم الاحيان لانها يمكن ان تنقل كميات من الغاز مستوردة اساسا من روسيا ثم تباع لاحقا الى اوكرانيا من قبل دول اوروبية اخرى، وقال الخبير الاوكراني فلاديمير سابريكين ان "اوكرانيا ستزيد كمية الغاز التي تشتريها من اوروبا ويجب ان تكون مطمئنة نسبيا الان، لكن عندما يحل فصل الشتاء فان الاستغناء عن الغاز الروسي سيطرح مشكلة".

قطر

على صعيد مختلف تولى قطر عملاق انتاج الغاز اهتماما أكبر لاتقان الممارسات التجارية فتستعين بتجار وتشارك في مناقصات لكسب عملاء جدد وتسعى بكل قواها للحفاظ على حصتها في السوق الاسيوية المهمة، وقطر أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال في العالم ولكن قد تتقدم عليها استراليا في غضون السنوات الخمس المقبلة وقد يقوض هذا التحول هيمنتها على السوق في آسيا التي تمثل نحو 75 في المئة من السوق العالمية وتدفع أعلى الاسعار.

وقال نويل توماني رئيس أبحاث الغاز والغاز الطبيعي المسال في وود ماكينزي "كانت قطر تتبني في الماضي استراتيجية الحفاظ على السعر ولكنها ستتحول في المستقبل إلى الاهتمام بالاحتفاظ بحصتها في السوق"، وتابع "تتدفق كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال من استراليا على السوق وحتما ستحل محل بعض الشحنات التي ترسلها قطر لآسيا".

ونتيجة لذلك حرصت قطر على التعاون على نحو أوثق مع شركات التجارة التي تركز علي الصفقات قصيرة الأجل غالبا في أسواق عالية المخاطر وفي نفس الوقت تقلص التوقعات الخاصة بالسعر، وقال متعامل في شركة تجارة عالمية "في السابق لم تعر قطر أهمية للممارسات ولكنها توليها اهتماما أكثر الان وتتصرف بحنكة أكبر وتتعامل الآن مع التجار بشكل أكبر وشرعت في المشاركة في مناقصات". بحسب رويترز.

وبمساعدة شركات التجارة تورد قطر الغاز الطبيعي المسال لعدد من احدث العملاء الذين دخلوا السوق مثل مصر والاردن وباكستان وتستورد هذه الدول كميات كبيرة من خلال مناقصات قصيرة الأجل، وتعد اليابان وكوريا الجنوبية والهند أكبر عملاء لقطر، وتعتمد السوق العالمية للغاز الطبيعي المسال على عقود ثنائية طويلة الأجل تمتد لسنوات غير ان توافر امدادات جديدة أدي لتزايد كميات فائضة غير مخصصة لعملاء ما قاد إلى اهتمام أكبر بالعقود "الفورية".وقال تاجر في شركة نفط كبرى "تستطيع قطر كدولة مصدرة ان تفي بعقود طويلة الأجل بل ويتبقى لديها كميات من الغاز الطبيعي المسال تتيح لها دخول أسواق جديدة. أنها استراتيجية للتكيف مع الوضع الجديد".

وتكشف حركة التجارة هذه التغييرات، ويقدر اندي فلاور مستشار الغاز الطبيعي المسال المستقل ان صادرات قطر لاسيا في النصف الأول من العام انخفضت بنحو 2.7 مليون طن عنها قبل عام بينما زادت الصادرات لدول الشرق الأوسط ومن بينها إسرائيل والاردن ومصر بواقع 400 الف طن وأوروبا بنحو 2.5 مليون طن.

وتابع "هذا يشير لتحلي قطر بمرونة أكبر في التعامل مع التغيرات في السوق"، وفي السابق كانت قطر تستطيع فرض علاوة باعتبارها موردا يحظى بقدر كبير من المصداقية إذ يصل انتاج شركتي قطر للغاز وراس غاز إلى نحو 77 مليون طن سنويا، وامتنعت الشركتان عن الرد على طلب التعقبب، وقال مصدر في شركة جيل انديا المستوردة للغاز "لم تعد قطر للغاز وراس غاز ترفضان الحديث عن تعديل التعاقدات الحالية في ظل التغيير الشامل في حركة السوق".

اضف تعليق


التعليقات

طارق الدليمي
العراق
لماذا تجيشون لها باسم الدين؟
والمعارك على الأرض لمصالح مادية نفط وغاز وطرق تصديرها
لماذا تستغفلون الامة بدينها؟
لماذا لا تدعون للأمور بصراحة وتستثمرون مثل الخلق بنور الله لا مثل السراق والخير كثير؟2016-01-09