q
ان الاطفال المعزولين والممنوعين من قبل الوالدين من تكوين صداقات سيواجهون في المستقبل مشكلات نفسية عديدة، لذا فان وجود صداقات قوية في مرحلة الطفولة يرتبط بمشاعر الانتماء وتنمية المهارات الاجتماعية الإيجابية، كما أن وجود صديق جيد واحد على الأقل يرتبط باتزان الصحة العقلية لدى الطفل...

الانسان بطبيعته كائن اجتماعي وفي جميع مراحل حياته يحتاج الى شبيهه في الخلق، والطفل ليس استثناء من هذه القاعدة فهو بحاجة الى من يقف بجانبه ويشعره بالاهتمام والاشتراك معه بالهم والمصير والطموح والتطلع للمستقبل وغير ذلك من المشتركات الانسانية الكثيرة والمتنوعة.

وسط هذه الحاجة الانسانية المحلة يجد الطفل هذا الكائن الضعيف نفسه تائهاً في كيفية اختيار القرين او الصديق الذي تنطبق عليه مواصفات الصديق الصدوق، وهو ما يستدعي تدخل الوالدين والاقربين لمساعدته في الاختيار الناضج المثمر والذي يستمر طويلاً ولا يفرط عقده عند اول اختبار او ازمة تحدث بين طرفي العلاقة.

حاجة الانسان الى الصديق يشاركه سنوات العمر بما تحويه من المتناقضات تبدو حاجة فعلية وربما لها اولوية على الكثير من الحاجات الانسانية الاخرى وهذا هو سر البحث عن الصديق منذ السنوات الاولى من عمر الانسان، غاية يبحث عنها الجميع لضمان الصداقات الدائمة سيما ان صداقات الطفولة تبقى ثابتة في الغالب ولن يزعزعها الزمن ولا تقلباته، ولعل اغلبنا الآن نحتفظ بأصدقاء من ايام الدراسة الابتدائية فرغم مرور السنوات واختلاطنا بالكثير من الافراد وفي مجتمعات مختلفة غير اننا نعتبر تلك الصداقات ذات نكهة مختلفة تستحق الادامة والحفاظ عليها.

عائدات الصداقة للأطفال

الصداقة مهمة للانسان للشعور بالرضا عن الذات، اذ ان صداقات الطفولة توفر للطفل دعم نفسي واجتماعي وهو يدفعه للانضمام الى مجاميع بشرية خارج نطاق الاسر وهو ما تؤكده الابحاث والدراسات النفسية في مناسبات عديدة لذا فأن الفوز بالصداقة يعزز تقدير الذات ويكسب الطفل مشاعر إيجابية حول حياته المنزلية وحياته الدراسية وبالتالي سينعكس هذا الشعور على الحالة النفسية للفرد في المراهقة والشباب وجميع المراحل العمرية الاخرى.

والدليل ان الاطفال المعزولين منذ الطفولة في صومعتاهم الخاصة (المنازل) والممنوعين من قبل الوالدين من تكوين صداقات سيواجهون في المستقبل مشكلات نفسية عديدة ابرزها الشعور بالندم بسبب عدم القدرة على التوافق مع متطلبات البيئية الاجتماعية وهو ما يؤدي بالضرورة الى فشل نسبي في مهارات التواصل الاجتماعي لكونه لم يسبق له ان مارس دوره كعضو في هذه الجماعة البشرية المحيطة والعكس هو الصواب دائماً.

ومن العائدات الايجابية لصداقة الطفولة انها تساعد الاطفال على تطوير مهارات مختلفة مثل حل المشكلات وحل النزاعات والقدرة على التفاوض ومهارات الاستماع وتنظيم العاطفة والاستقلالية وتشكيل الهوية وهذا الذي يؤكده علم النفس بقوله" ان وجود صداقات قوية في مرحلة الطفولة يرتبط بمشاعر الانتماء وتنمية المهارات الاجتماعية الإيجابية، كما أن وجود صديق جيد واحد على الأقل يرتبط باتزان الصحة العقلية لدى الطفل".

وتدفع الصداقات بين الاطفال ان يكونوا اكثر استقلالية وفي هذا السياق يقول أستاذ علم النفس بالجامعة الكاثوليكية الأميركية في واشنطن الدكتور (جيمس يونس) "تجربة تكوين الصداقة تكون مختلفة ديناميكياً عن العلاقات داخل الأسرة، حيث يكون الوالدان شخصيات ذات سلطة، بينما في الصداقة، يعيش الاطفال مع الأقران في عالم متبادل حيث يتشارك كل طفل في السلطة والاستقلالية".

وتزيد الصداقات من نسبة الذكاء العاطفي لدى الاطفال، اذ يزيد من القدرة على التعامل مع المواقف المختلفة بذكاء حتى تكون مناسبة اجتماعياً فحين يرتبط الاطفال مع بعضهم بروابط إيجابية فأن ذلك يطور من تنظيم المشاعر لديهم وهذا ما نلاحظه في سلوكيا طلبتنا الصغار حيث نلحظ ان الطالب الاجتماعي المنسجم مع مجموعته يجتاز الكثير من الاختبارات والمشاكل المجتمعية وحتى الدراسية بينما الاقل انسجاماً فأنهم يغرقون في قطرة.

بعد ان سردنا لكم بعض من ايجابيات ان يكوّن الطفل صداقات، فأننا في الوقت ذاته نحذر من معضلة ان يكون للطفل صديق واحد فقط وحوله تتمركز حياته ما يعني يصبح خازن الاسرار والقدوة وبغيابه تتلخبط حياة الطفل وتتأثر حالته النفسية مما يجعله ينسحب من الكثير العلاقات الاجتماعية وهذا الذي نخشاه.

اضف تعليق