q
إنه لا بأس بأن نشعر بالرغبة في البحث عن التعاطف والشفقة بمشاعرنا بين الحين والآخر؛ لكن الاستسلام لتلك الرغبة بصورة دائمة هو ما يوقعنا في فخ دور الضحية"، وهذا الذي يلجأ اليه الكثير من الناس في لحظات الضعف والفشل بكل صنوفه...

من الطبيعي ان لا تسير الحياة على وتيرة واحدة فتصعد تارة وتهبط اخرى، فمن نجاح وانجاز الى مرض واخفاق دراسي وفشل في الحصول على وظيفة وفشل في علاقة عاطفية او غير ذلك من الامور التي تصيب الانسان بالخيبات ويحاول التخطي رغبة في الاستمرار، لكن البعض لا يفسر ان الامر طبيعي ويعلل ما يحصل له بكونه أصبح ضحية وكان مستهدف في الامر الذي ادى الى انتكاسته.

فحين تسأل شخص عن سبب فشله في موضوع معين دائما يعزو السبب الى التآمر عليه، مثلا الطالب حين يسأل عن سبب رسوبه في امتحان الرياضيات فأنه يقول ان معلم المادة طلب من الطلبة ان يجيبوا على الاسئلة التي لم تكن محددة في هذا الامتحان، بينما الاعلامي الذي يدخل في مسابقة اعلامية ولم يحصل على مركز متقدم يقول انه لجنة التحكيم لم تكن منصفة وهو ما بعده عن المراتب الاولى، وكذا الحال فيما يخص فشل المهندس في اقناع صحاب مشروع ما بإختيار تصميمه فأن يقول انه اختار التصميم الاقل جمالاً نتيجة لضغوط مورست عليه وهكذا.

ادعاء المظلومية بات بضاعة رائجة تضج بها مواقع التواصل الاجتماعي فما ان تتصفح في احدى منصاته حتى تشاهد من يدعي الحسد الذي افقده عمله او العنصرية التي ابعدته عن تولي منصب او ادعاء المثالية للحد الذي لا يقدرها فيه الآخرون، إذ يعيشون في وهم الكمال بهذا العالم الافتراضي الذي لا رقيب فيه ولا حسيب.

كيف نستدل على ان الانسان يمثل دور الضحية؟

تتوفر سلوكيات محددة في يمكننا عبرها ان نقول ان هذا الشخص يعيش دور الضحية ومن أبرز هذه السلوكيات: قيام الفرد بتهويل المشكلات التي تواجهه مهما كان حجمها كبيراً فعلاً ام انها مشكلات صغيرة لا تستحق التهويل والتعظيم، فهو يتعامل مع أصغر مشكلة باعتبارها كارثة قد تكون بعدها نهاية العالم، ومن السلوكيات الدالة ايضاً هو حديث الفرد عن ذاته بسوء وصولا ًالى درجة احتقار الذات وتوبيخها لكسب التعاطف فقط.

ومن ثم يشعر الذي يعيش دور الضحية بالعجز التام عن احداث اية تغير في حياته وينعدم لديه التركيز في والوقت الذي يمنحه التفكير بالتغيير شعورا بالقوة، وباستعادة السيطرة على مجريات الأمور الى ما قبل حدوث الازمة او المشكلة.

تقول المعالجة النفسية آشلي إليزابيث في مقالها المنشور بموقع (LIFEHACK):" إنه لا بأس بأن نشعر بالرغبة في البحث عن التعاطف والشفقة بمشاعرنا بين الحين والآخر؛ لكن الاستسلام لتلك الرغبة بصورة دائمة هو ما يوقعنا في فخ دور الضحية"، وهذا الذي يلجأ اليه الكثير من الناس في لحظات الضعف والفشل بكل صنوفه.

تمثيل الانسان لدور الضحية يأتي بدافعين اثنين لا ثالث لهما اولهما محاولة الهروب من المسؤولية التي القيت على عاتقها وفشل في الحفاظ عليها او انه فشل في الاتيان بنتائج مرضية فيتبع هذه الطريقة لأبعاد الحرج عن نفسه مستخدماً آلية التبرير وهي من وسائل الدفاع اللاشعورية التي يلجأ اليها الانسان عند الفشل، ثاني الدوافع هو الحصول على الدعم النفسي او استجداء التعاطف للتمويه على الفشل ومحاولة تغطيته وهو ايضاً هروب من نوع آخر.

القدرات العقلية للفرد هي التي تتحكم في ان يعيش الانسان دور الضحية فهي من تقنعه بذلك بالاعتماد على ثلاثة معتقدات اساسية وهي لوم الآخرين المحيطين كما الظروف، تهويل حدوث الاشياء بصورة كبيرة في محاولة لأقناع المحيط، ثم الاقتناع بأنه سيفشل في فعل اية جهود لإحداث تغير او تحقيق نجاح لاحق بعد الفشل فلا جدوى من المحاولة.

كيف يمكن ان يتوقف الانسان عن ممارسة دور الضحية؟

يجيب استاذ الطب النفسي الدكتور (محمد طه) في كتابه (علاقات خطرة)، عن كيفية الخروج من عباءة شخصية الضحية والتخلي عن النظرة المتدنية للذات بقوله:" إن الخطوة الأولى هي اعتراف الشخص وقبول لكونه بالفعل يعيش بعقلية الضحية ولا ينفي ذلك، ثم تأتي الخطوة الثانية التي هي تحول الأفكار والشعور من كونك ضحية إلى اعتبار أنك ناجٍ، فانت لم تعد ضحية لظروف حياتك ونشأتك، أنت ناج منها"، وبذا يمكن للانسان ان يتخطى مصاعبه وآلامه دون ان يستعطف الناس او يهرب منهم.

اضف تعليق