q
الشخصية الأولى لابد أن تكون قريبة جدا من النبي (ص)، وعاشت أطول فترة زمنية معه، ومحل ثقته، وعلمه، وسره، وتحمل أخلاقه وصفاته أي شخصية قيادية حسب المواصفات التي يحددها الرسول الأعظم (ص) عن الله عز وجل. استطاعت شخصية الإمام علي ابن أبي طالب (ع) جذب كل من سمع بها...

هناك شخصيات عاشت فترة قصيرة حسب المقياس الزمني، ورحلت من الدنيا بجسدها المادي عن ابصار الناس؛ ولكنها مازالت لغاية اليوم تنبض بكل ما يعني ويتعلق بالحياة وأكثر، انها حياة تؤثر في حياة البشر في الجانب العلمي والديني والعملي والروحي والأخلاقي والحقوقي، وفي الشأن السياسي-إدارة شؤون البلاد والعباد- والتعامل الإنساني والحقوقي، ودعم العدالة الإنسانية، إنها شخصية لكل العصور والأمم والملل، ومع مرور الزمن تزداد تألقا وسموا..

إنها شخصية الإمام علي ابن ابي طالب (ع)، سيف الله الغالب، أميرالمؤمنين وأعدل الحاكمين؛ وما أحوج العالم في هذا العصر- حيث العدالة مغيبة، والإنسانية معذبة، والحقوق مغتصبة، والسلطات الاستبدادية مسيطرة، والظلم والفساد منتشر، والتفرقة والكراهية وقتل الإنسان نتيجة الاختلاف مستفحل،.. -لاستحضار هذه الشخصية السامية الخالدة- الإمام علي- صوت وروح العدالة الإنسانية، والحاكم العادل الرحيم المبادر المتفاني لقضاء حوائج الرعية،.. والاستفادة منها في الخروج من نفق الدمار والفوضى والضياع للأمة والبشرية.. ليعم العدل والخير والأمن والأمان والسلام والكرامة.. على الجميع.

لماذا كل هذا الحضور والتميز والسمو لهذه الشخصية رغم ما تعرضت له من ظلم وتهميش.. من قبل بعض السلطات التي حكمت وتحكم؟.

لا شك إن شخصية النبي محمد صلى الله عليه وآله، هي أعظم شخصية إنسانية في التاريخ البشري، وليس فقط في الإسلام، وانه من أكثر المؤثرين على تاريخ الحضارات..، والذي استطاع بسط الدين الإسلامي خاتمة الرسالات السماوية، وبناء دولة سياسية ومنظومة حضارية متكاملة في فترة قصيرة بالمقياس الزمني.

وحتما أن الدين الإسلامي قام بالمرتبة الأولى على شخصية رسول الله (ص) القيادية الروحانية الأخلاقية الفذة،.. وعلى دعائم وشخصيات أخرى بفضل الله تعالى.

فمن هي الشخصية الأولى بعد رسول الله (ص) في التاريخ الإسلامي؟.

الإمام علي هو الأول بعد الرسول الأعظم

أكيد أن الشخصية الأولى لابد أن تكون قريبة جدا من النبي (ص)، وعاشت أطول فترة زمنية معه، ومحل ثقته، وعلمه، وسره، وتحمل أخلاقه وصفاته أي شخصية قيادية حسب المواصفات التي يحددها الرسول الأعظم (ص) عن الله عز وجل.

هل الشخصية الأولى بعد الرسول الكريم صلى الله عليه وآله تتجسد في علي ابن أبي طالب عليه السلام؟.

لقد استطاعت شخصية الإمام علي ابن أبي طالب (ع) جذب كل من سمع بها وتعرف عليها، شخصية لم تكن عادية كباقي الشخصيات الأخرى، ولهذا نرى هناك من تعامل معها بإعجاب وتقدير واحترام بطريقة عقلانية، وهناك من تعامل معها بمغالاة ومبالغة وصل حد الألوهية، وهناك جماعة حاولت بطريقة الحقد والحسد والكراهية والمحاربة... تجريدها من كل ما تتمتع بها من فضائل وتميز.

وحول فضائله ومكانته قال الإمام الشافعي: (ماذا أقول في رجل أخفى أولياؤه فضائله خوفا، وأخفى أعداؤه فضائله حسدا.. وشاع له ما بين ذين ما ملأ الخافقين). وفي التاريخ الحديث اعتمد عدد من المستشارين القانونيين للأمم المتحدة رسالة الإمام علي (ع) لمالك الأشتر، لكلمته المشهورة: (الخلق صنفان، إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق). كمصدر للتشريع القانوني لهيئة الأمم المتحدة.

الإمام علي (ع) شخصية نسجت حولها الكثير من التعظيم والتفخيم والإعجاز، والأساطير والقصص والحكايات، ولازالت محل دائرة الاهتمام... وهذا طبيعي في تعامل البشر مع الشخصيات الفذة.

لماذا الإمام علي؟

لماذا علي ابن أبي طالب (ع) بين جميع صحابة رسول الله (ص)؟.

من الظلم الكبير لشخصية مثل شخصية الإمام علي (ع) مقارنتها بشخصيات الصحابة جميعا فلا يوجد مجال لذلك..، فالحقيقة الواضحة ان علي ابن أبي طالب (ع) شخصية مختلفة عن الصحابة، وكل من يقرأ تاريخ الرسالة المحمدية، ونشأة الإسلام يشعر بذلك التميز والاختلاف على الرغم من محاولة البعض من جعل الاختلاف منقصة؛ إلا أنها زادته قوة وتباعدا.

لماذا وقع التميز والاختلاف على هذه الشخصية؟.

أثارت شخصية أبي الحسن (ع) الأقوال منذ بزوغ نجمه وولادته....، حيث إنه قد ولد في جوف الكعبة المشرفة لتكون بداية حياته معجزة كبرى ليحظى بمنزلة رفيعة وفضيلة عظيمة متميزة فريدة من جملة فضائل وكرامات لا تعد..، ولأنه الشخصية الوحيدة التي تربى في أحضان رسول الله صلى الله عليه واله، الذي تبناه وقام بتربيته ونشأته، وحول ذلك يقول أبو الحسن (ع): (علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه واله بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد، يضمني إلى صدره، ويكنفني إلى فراشه، ويمسني جسده ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل، ولقد قرن الله به صلى الله عليه وآله من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم، ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره، ولقد كنت اتبعه إتباع الفصيل اثر أمه يرفع لي يوم من أخلاقه علما ويأمرني بالإقتداء به).

لماذا لا يتم التحقيق والتدقيق في فترة حياته في كنف النبي (ص)، واثر تلك المرحلة في صقل شخصيته العظيمة، وهل هناك غير علي – عليه السلام - يدعي مثل هذا الكلام؟.

إن علي ابن أبي طالب (ع) أول من صدق بدعوة الرسول الأكرم (ص)، وأول من أسلم على البسيطة!.

يقول الإمام علي (ع) عن تلك الفترة: (ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلى الله عليه وآله وخديجة وأنا ثالثهما). بالإضافة إلى انه أول من حمل راية الدفاع عن النبي (ص) في ظل الضعف والهجوم العائلي والاجتماعي، وخاطر بنفسه حبا وفداءا للحبيب المصطفى (ص) عندما نام على سريره، وهو يعلم بان الأعداء عازمون على قتله، أي أنها عملية تصفية جسدية، ومن خلال ذلك قدم الإمام علي (ع) في بداية مرحلة الشباب أروع صور التضحية والإباء والفداء، للرسالة وللقائد الرسول،.. وانه صاحب الشخصية الرسالية الأسمى والأفضل بعد الرسول الاعظم محمد(ص) !.

ثقة الرسول الأعظم

أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام هو موضع ثقة الرسول (ص) الأعظم. فعندما هاجر المصطفى إلى يثرب أقام الإمام بتمثيله في تبرئة ذمته وإعادة الحقوق والأمانات إلى أصحابها، وهو الذي قام بنقل ضعينة النبي الكريم -الفواطم والحرائر- إلى يثرب أي انه محل ثقته المادية والعائلية. ولم يدخل النبي إلى وسط يثرب عندما هاجر إليها. بل انتظر على أطرافها ليدخل برفقة ابن عمه وعضيده علي وعائلته.

زوج البتول هو الأفضل

أمير المؤمنين زوج لبتول النبي الكريم محمد (ص) قد زوجه النبي (ص) ابنته العزيزة فاطمة الزهراء التي قال عنها النبي (ص): (فاطمة بضعة مني يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها)!.

وعند التزويج قال لها الحبيب المصطفى (ص) إني زوجتك خير أهلي وخير أمتي، وأقدمهم سلما، وأعظمهم حلما، وأكثرهم علما)... وفي ذلك شهادة واضحة بان علي المرتضى (ع) هو الأفضل بين أبناء الأمة السابقين في المجال الأخلاقي والعلمي. والشرف الكبير للإمام علي ابن أبي طالب (ع) أن سلالة الرسول على البسيطة وأحفاده الذين يتوزعون على ظهر الأرض جميعهم من صلب علي وحضن الزهراء عليهما السلام!. فكل من يدعي بأنه من آل بيت المصطفى هو ابن لعلي المرتضى أمير المؤمنين ويعسوب الدين وامام المتقين (ع).

الإمام علي والشجاعة

شجاعة الإمام علي (ع) في الحروب الدفاعية عن الإسلام وعن شخص الرسول (ص) معروفة ولا يمكن التغافل عنها منذ انطلاق الإسلام عندما قل الناصر والمعين في معركة بدر، ومعركة أحد..، وكذلك الخندق وقتله لعمرو ابن عبد ود..، وفي معركة خيبر..، وقصة قول الرسول الأكرم (ص): لأعطينا الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله.. ويحب الله ورسوله. وفي جميع المعارك الأخرى، والمعركة الوحيدة التي لم يشارك فيها علي (ع) كانت بطلب خاص أي أمر رسالي محمدي -(وما ينطق عن الهوى أن هوى إلا وحي يوحى)- اي انه امر من الله عز وجل، بان يبقى في المدينة ليكون محله ويقوم بدوره في فترة غيابه وأحل له من منزله ما حل له، وقال له: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى).

علي هو الأحق

أمير المؤمنين الإمام علي (ع) باب رسول الله -صلى الله عليه وآله- وأقرب الناس في حياته ولأخر لحظة عند مماته؛ فهو من قام بتغسيله وتكفينه ودفنه. فيقول الإمام علي (ع) عن تلك اللحظة: (ولقد قبض رسول الله (ص) وان رأسه لعلى صدري، ولقد سالت نفسه في كفي فأمررتها على وجهي، ولقد وليت غسله صلى الله وآله والملائكة أعواني، فضجت الدار والأفنية.....، فمن ذا أحق به مني حيا وميتا؟.

هل هناك من تشرف بغسل وحمل ودفن الرسول الكريم غير علي (ع)؟.

العدالة والتقوى

تجسدت حقيقة العدالة والتقوى في شخصية الإمام علي -عليه السلام- خلال مسيرة حياته الطويلة، على الرغم من انه أقرب الناس إلى رسول الأمة وزوج ابنته وأب أحفاده، إلا انه عاش حياة الزاهدين من الدنيا طوال حياته وحتى في أيام خلافته للأمة الإسلامية، فأقواله في الدنيا مشهورة منها: يا دنيا قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها.... ولم يترك من دنياه شيئا لا مالا ولا ذهبا، وهو سيد العادلين في توزيع الثروة والحقوق وقصته مع أخيه عقيل الفقير وصاحب العائلة الكبيرة دليل على ذلك عندما طلب مساعدة بسيطة من بيت المال فاعترض الإمام علي واحم له حديدة..، أما في الأيمان فهو إمام المتقين...، ومن أراد أن يتعرف على التقوى وكأنها حقيقة قائمة فليطلع على كلام أمير المؤمنين في صفات المتقين في نهج البلاغة.

الإمام علي الحاكم العادل

إن شخصية الإمام علي (ع) مغيبة ومهمشة من قبل السلطات الحاكمة في العالم وبالخصوص -العربي والاسلامي- من خلال مؤسساتها الدينية والعلمية والتربوية والاجتماعية والاعلامية واتخاذها انموذجا في العمل السياسي، لأنها شخصية تمثل خطرا على حكمهم وسلطتهم، بأقوال وكلمات وأسلوب الإمام علي (ع) في الحكم - الذي قدم أفضل نموذج حاكم للبشرية لتطبيق العدالة الالهية -، تعريهم وتفضحهم أمام الحق والعدالة والشعوب، بالإمام علي (ع) يطالب بالحكومة العادلة وانصاف الرعية.

الإمام علي.. الحق والعدل

العدالة لدى أمير المؤمنين الإمام علي -عليه السلام- مقدمة على اي شيء، وانه لا يوجد للحاكم امتيازات ومخصصات واستغلال للمنصب باسم الحاكم أو النظام وتقديم وتوزيع الهدايا من بيت المال والتصرف بالدولة وكأنها ملك له أو لعائلته وحاشيته، أو انه فوق الرعية، بل على الحاكم ان يسمح للرعية بالتعبير عن آرائها ومواقفها والاعتراض على الحاكم والحكومة، اي احترام التعبير عن الرأي، وان للناس حقوق يجب احترامها، بل الحاكم عند الامام علي (ع) ان يتحمل المسؤولية بشكل كامل، فهو مسؤول عن كل شخص في حكومته، ولا فرق لديه بين قريب وبعيد ونسيب وصديق ومسلم أو غير مسلم، فالناس في دولته متساوون من ناحية المواطنة والحقوق، والناس أو الخلق بالنسبة لديه كما قال: (الخلق صنفان، إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).

وقد حدد الإمام علي (ع) صفات الحاكم والمسؤول عن الرعية، وذلك عبر رسالته (ع) لمالك الأشتر.

علي هو الأسمى والأفضل

لقد تميزت شخصية الإمام علي (ع) لتصبح الأسمى والأفضل لأنها سعت للحق والحقيقة، وتطبيق العدالة الالهية والانسانية، والتعامل مع الخلق بانهم: اخ في الدين أو نظير في الخلق، ولان شخصية الإمام علي هي الأكثر إيمانا وتقوى وعدالة واخلاقا وشجاعة وبلاغة وفصاحة بالمواصفات الالهية، وأخو رسول الله (ص) والاقرب منه، وزوج ابنته، ومن طبق العدالة في حياته وحكمه...، ولا يتسع المجال للحديث حول ابعاد شخصيته كلها، فحياته سمو وتميز ولا عجب وهو أميرالمؤمنين الأوحد.

فضائل الإمام علي "وليد الكعبة"

فضائل لا حدود لها ومن نعم الله على هذه الشخصية العظيمة الإمام علي (ع)، الذي ولد في أشرف موقع وأقدس مكان الكعبة المشرفة فهو وليد الكعبة، بالإضافة الى انه ولي الله، ووصي نبي الله، ووالد أحفاد رسول الله (ص) فكلهم من صلبه وأمهم السيدة فاطمة الزهراء (ع)، وأميرالمؤمنين ويعسوب الدين وامام المتقين، انه لقي الله في أطهر موقع في محراب بيت من بيوت الله المسجد وهو يصلي، وفي أفضل الشهور شهر رمضان المبارك، وفي ليلة هي أفضل من ألف شهر احدى ليالي ليلة القدر، وقبره من أشرف البقاع في النجف الأشرف، ضريحه وقبة قبره آيات من الجمال، يتزاحم الناس من أقطاب الأرض للتشرف بزيارته. من له نصيب كـنصيب الامام علي (ع)، وما العجب وهو صوت العدالة الإنسانية الخالد والولي والأمير الأوحد؟!.

رحمك الله يا ابا الحسن، من مثلك في فضائلك وسمو مراتبك يا أمير المؤمنين الأوحد، رغم حملات التشويه والتهميش من قبل الاعداء والحاسدين، وخوف المحبين. وما أحوجنا نحن الشعوب في هذا العصر بالتحديد -حيث تنتشر الفرقة والكراهية وحالة العداء وانتشار الظلم والفساد والاستبداد.. - للاقتراب والاستفادة من مدرسة الامام علي عليه السلام، لنتعامل باننا أخوة في الدين، أو كنظائر في الخلق حيث التساوي في البعد الانساني والحقوقي كما قال عليه السلام: (الخلق صنفان، إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).

علي ولي الله

السلام عليك يا أبا الحسن يا أمير المؤمنين ويا يعسوب الدين أسد الله الغالب علي بن أبي طالب عليه السلام يا وصي رسول رب العالمين ويا أخو خاتم الأنبياء والمرسلين، يا زوج البتول ووالد الحسن والحسين، وإمام المتقين، يا وليد الكعبة المشرفة وشهيد محراب الصلاة، يا قائد الغر المحجلين -النجباء المؤمنين- يا ولي الله يا صاحب الآية الكريمة "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ".

اضف تعليق