q
يقترب العراق من العقدين على إقامة ديمقراطية مزيفّة، لكنه ارتدى ثوبها، دون الجوهر، وليس السبب في الدستور، كما إن المشكلة لا تتعلق بعقائد النخبة الدينية والعلمانية والقومية واليسارية واليمينية، بل الى بنية المجتمع العراقي، حيث يلعب مراجع الدين، ورؤساء العشائر، دورا محوريا فيه، فضلا عن تقسيماته المناطقية والقومية وتدرجه الطبقي...

يقترب العراق من العقدين على إقامة ديمقراطية مزيفّة، لكنه ارتدى ثوبها، دون الجوهر، وليس السبب في الدستور، كما إن المشكلة لا تتعلق بعقائد النخبة الدينية والعلمانية والقومية واليسارية واليمينية، بل الى بنية المجتمع العراقي، حيث يلعب مراجع الدين، ورؤساء العشائر، دورا محوريا فيه، فضلا عن تقسيماته المناطقية والقومية وتدرجه الطبقي.

العراقيون ومن ضمنهم الكرد تحكمهم عقلية رعوية قائمة على تقاسم الغنائم، الغزو القبلي تبدل الى نزاعات عشائرية ومعارك حزبية وسياسية من اجل المغانم، دول الخليج استوعبت ثقافاتها البدوية، وقالت بكل وضوح إن الديمقراطية الغربية لا تناسبنا، واقامت سلطات عائلية ابوية، نالت الثقة، العراق لا تنفع معه الديمقراطية الغربية، وتجربة الأحزاب القومية واليسارية والدينية، منذ تأسيس الدولة العراقية، فاشلة تماما، حتى صدام حسين، الاشتراكي في بداية صعوده، والقومي، ثم الاسلاموي، حوّل حكمه في السنوات الأخيرة الى حكم عائلي.

الأحزاب في العراق، والوزارات، والمؤسسات، تديرها محسوبية العشيرة والحزب والطائفة، على مستوى كردستان، يجب أن تحكمه عائلة تتناغم وطبيعة الاكراد الاجتماعية المستمدة من بداوة الجبال.

العائلات الحاكمة في كردستان والوسط والجنوب والغربية، يجب عليها استيعاب المعارضات، وتتعامل مع المواطنين بطريقة أبوية، مع الاعتراف لها بامتيازات معيّنة، على غرار الأسر الحاكمة في العالم.

ثمة من سيقول إن هذه المتبنيّات، أفكارٌ رجعية، لكن الحقيقة، إنّ هذا هو الحاصل الان، لكن من دون إعلان، أدعوك أن تتأمّل.

على صعيد ذي صلة، تُصبح المناصب الحساسة والوظائف العليا في العراق، محقّرة، وضِيعة، لأن شاغليها لا يملؤونها عن مهارة وعلم وثقافة، بل عن تخلف مركّب مغلّف بديكور من اللقب الشكلي والكرش السياسي والاجتماعي الحزبي.

من المناصب العليا في الخضراء، الى الوزارات والمؤسسات، تُرصد الآلاف من سلالم المحسوبية، والحزبية، والجهوية، المتكئة على حيطان الفساد.

المناصب في العراق، تُداس رمزيتها بأقدام مرشحين لا يرتقون سلوكا وتاريخا الى وزن المنصب، وينطبق الأمر على المراتب الخطرة والحساسة.

المنصب يُسرق لأصحاب صلات القرابة والمناطقية والشللية والعشائرية والحزبية ومشتركات الفساد.

تسفيه المنصب يتم عبر موظفين، غير أكفاّء، ليس لهم شخصية وازنة ومتوازنة، ومقبولية، ولا تجربة ثرية، بل شهادة صورية، وسير ذاتية مزورة، وسيرتفيكات بأقل من قيمة الحبر الذي كتبها.

مؤسسات العراق تُهان، على أيدي جميع من استهتر بالمناصب وحولها الى بنوك تمويل وصفقات فاسدة على أيدي المسؤولين الذيليين للقوى المهيمنة.

أخطر المناصب تخطفه التزكية، وتنعقد عليه الأسماء، بالترضيات، والتخادم، ليكتمل مشهد إهانة العراق بالكامل، وصلنا الى مرحلة أن الأب يورث ابنه، وأخطر المنصب تتداولها أفراد العوائل حتى داخل الأحزاب اليسارية والشيوعية والقومية والإسلامية والعلمانية.

لا أحد يسمع صرخات العاطلين والجائعين، ولا أحد يعبأ للمؤهلات والخبرات، بل ولم يعد يهتم للقول المأثور "لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك"، فانّ هذا غير موجود في قاموس 2003.

أيها المسؤول، انت شخص مُهان، وجبان، اذا شعرت (وهذا مستبعد) انك في منصب لا تستحقه.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق