q
هدّد المتمردون بأنهم سينفذون مزيدا من الهجمات على الإمارات، ما يضع أسلحتهم المنخفضة الكلفة والمصنع بعضها محليا وبينها الطائرات المسيرة، في مواجهة قدرات الدفاع الإماراتية البالغة قيمتها مليارات الدولارات. وشدّد مسؤول إماراتي على قدرة بلاده على التصدّي لأي هجوم، وسعيها لتعزيز قدراتها الدفاعية بشكل مستمر...

أثار انفجار نجم عن اسطوانة غاز وقع في مبنى بالعاصمة الإماراتية أبوظبي المخاوف يوم الأربعاء إذ قالت السفارة الأمريكية في البداية إنها تشتبه في هجوم صاروخي محتمل.

وشهدت الإمارات، التي بنت سمعتها كمركز إقليمي باعتبارها وجهة تجارية وسياحية آمنة، حالة من التوتر في الأسابيع الماضية بعد عدة ضربات صاروخية وهجمات بطائرات مسيرة ألقي باللوم فيها على جماعة الحوثي اليمنية.

وقالت هيئة أبو ظبي للدفاع المدني إنها تلقت بلاغا عن حريق في الساعة 12:09 صباحا (2009 بتوقيت جرينتش) نجم عن انفجار اسطوانة غاز في مبنى بمنطقة سكنية مركزية. وأضافت أنه لم تقع إصابات. ودعت الهيئة يوم الأربعاء "إلى استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية وتجنب تداول الإشاعات والمعلومات غير الصحيحة".

وأضافت الهيئة في بيان نشرته وسائل الإعلام الرسمية "الفرق المختصة قامت بإخماد الحريق وإخلاء المبنى احترازيا والسيطرة على الموقف وجاري عملية التبريد وحصر الأضرار الناتجة عن الحريق".

وكانت السفارة الأمريكية قد أصدرت في وقت سابق تحذيرا بشأن "تقارير عن احتمال وقوع هجوم بصواريخ أو بطائرات مسيرة". وقال متحدث باسم السفارة الأمريكية في وقت لاحق لرويترز إن التحذير صدر على خلفية الحوادث الأمنية الأخيرة وشكر عمال الطوارئ في أبوظبي على احتواء الحريق بسرعة.

وكالة الأنباء الإماراتية "وام" أوضحت أن ما حصل نجم عن انفجار لأسطوانة غاز في أحد مباني العاصمة.

وقالت إن فرق هيئة أبوظبي للدفاع المدني سيطرت على "حريق ناتج عن انفجار أسطوانة غاز" وقامت "بإخماد الحريق" وإخلاء المبنى "احترازيا".

ودعت الهيئة السكان "إلى استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية وتجنب تداول الإشاعات والمعلومات غير الصحيحة".

وأظهرت تسجيلات مصوّرة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي ولم يجر التحقق من صحتها انفجارا في أعلى مبنى بينما سارعت أجهزة الطوارئ للوصول إلى الشارع المكتظ.

وفي بيان لاحق، نقلت توضيح السلطات الإماراتية بأن الانفجار كان نتيجة انفجار أسطوانة غاز، وشددت على أنها ملزمة إبلاغ المواطنين الأميركيين بأي تهديد محتمل.

وأضافت "أصدرت لاحقا هيئة أبوظبي للدفاع المدني إخطارا عاما انتشر بشكل واسع في كافة القنوات الإعلامية يؤكد بأن الحادث كان ناجما عن انفجار أسطوانة غاز".

وتشارك الإمارات في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن دعما للحكومة ضد الحوثيين. وسحبت في 2019 قوّاتها من البلد الفقير الغارق في نزاع مسلّح منذ 2014، لكنّها لا تزال لاعبا مؤثرا فيه.

ولم تعلن حركة الحوثي مسؤوليتها عن أي هجوم يوم الأربعاء.

وكانت الحركة التي تقاتل تحالفا بقيادة السعودية يضم الإمارات، قد أعلنت مسؤوليتها عن ثلاثة هجمات على الإمارات منذ بداية العام، أحدها على مستودع وقود في أبوظبي أودى بحياة ثلاثة أشخاص في 17 يناير كانون الثاني واثنان قالت السلطات الإماراتية إنها اعترضتهما.

وأعلنت جماعة غير معروفة مسؤوليتها عن هجوم رابع شمل طائرات مسيرة قالت الإمارات أيضا إنها اعترضته.

الواقع الجديد

من جهته أكّد مسؤول إماراتي رفيع لوكالة فرانس برس أنّ تهديد المتمردين اليمنيين لدولة الامارات لن يصبح "الواقع الجديد"، في وقت تسعى الدولة الخليجية الثرية إلى تعزيز قدراتها الدفاعية.

وقال المسؤول الذي تحدّث مشترطا عدم الكشف عن هويته "لن يصبح هذا الواقع الجديد في دولة الإمارات. نحن نرفض الانصياع لخطر الإرهاب الحوثي الذي يستهدف شعبنا وطريقة عيشنا".

وأضاف "الإمارات العربية المتحدة، باعتبارها موطناً لأكثر من 200 جنسية، تقف على أهبة الاستعداد للدفاع عن نفسها. ما زلنا واحدا من أكثر البلدان أمانا في العالم، وقد عزّزت الهجمات الأخيرة التزامنا بالحفاظ على رفاهية سكاننا".

وطلبت الولايات المتحدة من مواطنيها إعادة النظر في السفر إلى الإمارات "بسبب التهديد بشن هجمات صاروخية أو بطائرات مسيرة".

وجاءت الهجمات الحوثية على أبوظبي بعد سلسلة خسائر تعرّض لها المتمردون في أرض المعركة في اليمن على أيدي قوات درّبتها الإمارات.

وهدّد المتمردون بأنهم سينفذون مزيدا من الهجمات على الإمارات، ما يضع أسلحتهم المنخفضة الكلفة والمصنع بعضها محليا وبينها الطائرات المسيرة، في مواجهة قدرات الدفاع الإماراتية البالغة قيمتها مليارات الدولارات.

وشدّد المسؤول الإماراتي على قدرة بلاده على التصدّي لأي هجوم، وسعيها لتعزيز قدراتها الدفاعية بشكل مستمر.

وقال "تمتلك الإمارات قدرات دفاعية بمستويات عالية وتسعى باستمرار لتحديثها".

وتابع "بالإضافة إلى التحديثات السنوية، تعمل الإمارات مع شركائها الدوليين للحصول على أنظمة وتكنولوجيا متطورة لردع ومكافحة التهديدات لأمننا القومي".

ويبلغ عدد سكان الإمارات عشرة ملايين، تسعون في المئة منهم من الأجانب. وفرضت الدولة الغنية بالنفط نفسها مركزا ماليا وللأعمال، بفنادقها الفخمة وأبنيتها الحديثة وأبحاثها في مجال التكنولوجيا وسعيها الى اقتصاد يقوم على تنويع مصادر الطاقة، وطموحاتها الفضائية.

وفي شرق أوسط تعصف به النزاعات والفقر، تقدّم الإمارات نفسها كواحة "أمن وأمان" للأعمال والترفيه وجسر الى العالم.

وفي موازاة الهجمات الأخيرة ضد الإمارات، يستهدف المتمردون بشكل متكرر المملكة السعودية المجاورة لليمن، ما تسبّب في مقتل وإصابة مدنيين وألحق أضرارًا بالبنية التحتية بما في ذلك المنشآت النفطية والمطارات السعودية.

واعتبر المسؤول الإماراتي أنّ المتمردين الحوثيين "يجب تصنيفهم" على أنّهم منظمة إرهابية، موضحا "نجري محادثات مع حلفائنا في الولايات المتحدة للدفع نحو هذا التصنيف".

وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أدرجت الحوثيين على قائمة المجموعات "الإرهابية" في كانون الثاني/يناير 2021، ثم قامت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بإلغاء ذلك.

وتدور الحرب في اليمن بين القوات الحكومية والمتمردين الذين يسيطرون على مناطق واسعة بينها العاصمة صنعاء منذ العام 2014. وتسبب النزاع بمقتل أكثر من 377 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة، بينما تعاني البلاد من أزمة إنسانية حادة.

انزعاج بعض سكان الإمارات

لأول مرة يشعر بعض سكان أبوظبي بالقلق حيال الوضع الأمني بعد هجومين صاروخيين في غضون أسبوع على عاصمة دولة الإمارات التي تزخر بالأبراج الشاهقة والمتاحف العالمية بجانب حلبة لسباقات فورمولا 1.

ولطالما تمتعت الإمارات بصورة الملاذ التجاري الآمن الذي لم يشهد أيا من موجات العنف التي عصفت ببعض الدول العربية الأخرى، لكن هذه الصورة تصدعت حينما أصابها هجوم صاروخي شنته جماعة الحوثي اليمنية في 17 يناير كانون الثاني وأسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص في أبوظبي، في أول هجوم من نوعه على أراضيها.

واستيقظ السكان على أصوات انفجارات عالية فوق العاصمة الساحلية في الساعات الأولى من الصباح عندما اعترضت الإمارات هجوما آخر.

وقالت شايناز جوفيندا (31 عاما)، وهي خبيرة تصوير بالموجات فوق الصوتية من جنوب أفريقيا وتعيش في الإمارات منذ ثلاث سنوات، لرويترز في أحد مراكز التسوق في أبوظبي "بالتأكيد نحن منزعجون... لكن لدينا ثقة كاملة في قادة الإمارات. أنا واثقة من أن لديهم نظاما دفاعيا جيدا".

وقالت الإمارات، التي تفخر بأمانها واستقرارها ونادرا ما ناقشت مسألة الأمن فيها على الملأ، إنها أحبطت الهجوم الأخير وإنه لم يسفر عن سقوط ضحايا.

وقالت راندا رزق، وهي مصرية تبلغ من العمر 35 عاما وتعمل في مجال المبيعات والتسويق، إنها شعرت "ببعض القلق" لكنها أعربت أيضا عن ثقتها في قدرة الحكومة الإماراتية على الاستمرار في توفير الأمان لعائلتها.

ويشكل المغتربون غالبية سكان الإمارات، وهي مركز عالمي للسفر ووجهة سياحية ومركز تجاري، ويعيش كثير منهم في أبوظبي الغنية بالنفط.

ولم يكن باديا أن هناك مستوى مشددا من إجراءات الأمن في أبوظبي يوم الاثنين، وكان السكان يتنقلون بحرية.

وقال نيلانجان سين (57 عاما) وهو مغترب هندي يعيش في الإمارات منذ 22 عاما "الحياة عادية".

وكتب المحلل السياسي الإماراتي البارز عبد الخالق عبد الله على موقع تويتر لمتابعيه الذين يزيد عددهم على 200 ألف أن الإمارات "واثقة من دفاعاتها وقدراتها وحريصة على أمن المواطن والمقيم على أرضها".

وبينما تحوز أبوظبي ثروة البلاد النفطية، فإن اقتصاد دبي المجاورة يركز على السياحة والأعمال التجارية الدولية، وهي أكثر تأثرا بالصدمات.

وقال محلل في بنك في دبي طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام "الأمر يبعث على القلق لكنني بصراحة لا أرى الكثير من المناقشات على أرض الواقع حول هذه المسألة".

وقال خالد مجيد مدير الصناديق في سام كابيتال في لندن إن الهجمات حتى الآن تبدو أقرب لإنذار للإمارات التي تدعم قوات يمنية انضمت في الآونة الأخيرة إلى القتال ضد الحوثيين في محافظتين منتجين للنفط.

لكن بعض السكان يشعرون بالقلق من استمرار التصعيد.

وقالت طالبة الطب الأمريكية تاليا ريفيرا (19 عاما) "انتقلت إلى هنا اعتقادا مني بأن الوضع سيكون أقل فوضوية هنا. بشكل عام أشعر بالأمان لكني لا أعرف كيف سيتصاعد الوضع".

اضف تعليق