q
ولأني أؤمن بالأرقام فقد عدتُ الى الارقام الرسمية المعلنة وكذلك المواقف الرسمية المعلنة لطرفي النزاع (قوى الاطار وحلفاؤها، وقوى الصدريين وحلفاؤهم) لرسم سيناريوهات متوقعة لما يمكن ان تؤول له تلك الجلسة، ولأني أدرك أن المواقف السياسية المعلنة للكتل النيابية قد تكون في السر غيرها في العلن فأني أنبه أن هذه السيناريوهات...

كالعادة، وقبل كل استحقاق نيابي رئيسي، دار جدل بين الاوساط القانونية والسياسية حول جلسة البرلمان العراقي في 7 شباط لانتخاب رئيس الجمهورية. وتراوحت الآراء، أو لنقل الأهواء، بين من قال أن الجلسة تحتاج الى حضور ثلثي الاعضاء ومن قال انها لا تحتاج سوى الاغلبية البسيطة لانعقادها قانونياً وانتخاب رئيس الجمهورية.

ولأني أؤمن بالأرقام فقد عدتُ الى الارقام الرسمية المعلنة وكذلك المواقف الرسمية المعلنة لطرفي النزاع (قوى الاطار وحلفاؤها، وقوى الصدريين وحلفاؤهم) لرسم سيناريوهات متوقعة لما يمكن ان تؤول له تلك الجلسة.

ولأني أدرك أن المواقف السياسية المعلنة للكتل النيابية قد تكون في السر غيرها في العلن فأني أنبه أن هذه السيناريوهات تعتمد على ما هو معلن وليس ما هو سري لم يطلع عليه الكاتب، مع ذلك فلا أتصور أن ما سيحدث سيخرج كثيراً عن أحد السيناريوهات الآتية:

1- سيناريو نصاب نصف أعضاء البرلمان

بحسب هذا السيناريو القانوني فأن جلسة 7 شباط لا تحتاج سوى حضور نصف زائد واحد من أعضاء البرلمان، أي 166 عضواً. ولو افترضنا أن السيد الصدر مضى في رفضه للتحالف مع كل قوى الاطار كسلة واحدة، وهم من جانبهم تمسكوا بوحدتهم ولم يرضَ جزء منهم التحالف مع السيد كما هو معلن للآن، فأن أمام قوى الأطار أحد خيارين: مقاطعة الجلسة وعدم الحضور لكسر النصاب، أو الحضور والتصويت لمنافس مرشح الصدريين.

دعونا نحلل السيناريو الأول (مقاطعة الاطار) رقمياً. يمتلك الصدريون 73 مقعداً، فإذا أضفنا لهم المضمونين من الحلفاء فقط، وأقصد بهم تقدم (37 مقعد) والديموقراطي الكورستاني (31 مقعد)، وراعينا أسوأ الاحتمالات (رغم عدم منطقيتها) أي ان كل عزم والاتحاد الوطني سيقاطعون أيضاً، فهذا يعني ان هناك 141 نائباً سيحضرون حتماً.

حينذاك لن يحتاج النصاب الى أكثر من 25 نائباً. فإذا علمنا أن هناك مستقلين وتشرينيين يتجاوزون 52 نائبا على جانبي العرب (السنة والشيعة)، وهناك جزء من عزم سيحضرون حتماً ولن يقل عددهم عن 4 من مجموع 14 نائب، وهناك 9 مقاعد للجيل الجديد و6 مقاعد للاقليات و22 مقعداً لقوى صغيرة من جنوب العراق فنكون حينذاك أمام وعاء برلماني يضم أكثر من 107 نواب أما يقفون على الحياد أو أن هواهم باتجاه هذه الكتلة أو تلك.

حضور الجلسة

وليس هناك أي منطق في العالم يجعلنا نفترض ان جماعة (السيد) سيعجزون عن أقناع 21 نائباً من مجموع 90 نائب (بعد طرح نواب عزم الذين لم يصوتوا للحلبوسي) متأرجحين، لكي يحضروا الجلسة! من هنا فأن سيناريو النصف زائد واحد أذا أُقر يعني أن مرشح ائتلاف السيد الصدر ماضي بسهولة.

2- سيناريو نصاب الثلين

بموجب هذا السيناريو فأن الصدريين وحلفاؤهم سيحضرون الجلسة في حين تقاطعها قوى الاطار وبعض القوى الأخرى التي أما هواها إطاري أو ان لديها أسبابها لمقاطعة الجلسة (مثل سنة عزم غير الراضين عن السيد الحلبوسي) أو الاتحاد الوطني غير الراضين عن ترشيح الديموقراطي الكوردستاني لرئيس الجمهورية. هنا سأحسب عدد المقاطعين المتوقع وهو ( 59 أطار+10 عزم+17 أتحاد). بمعنى أن هناك 86 نائب من شبه المؤكد مقاطعتهم.

وبما اننا سنحتاج الى مقاطعة ثلث أعضاء البرلمان أي 110 نائب فأن قوى الاطار والمتحالفين معها سيحتاجون ان يُقنعوا 24 نائب ليقاطعوا الجلسة معهم، فهل يتمكن الاطاريون من فعل ذلك؟

هذا سؤال ستجيبنا عليه الأيام القادمة، لكن باستعراض خريطة المحايدين أو كما أسميتهم المتأرجحين فأن هناك 7-10 مقاعد أخرى من (الاقليات وبقية المكونات) يمكن جداً أقناعهم أو ترغيبهم أو ترهيبهم لكي ينضموا للاطار. مع ذلك سيبقى على المقاطعين أن يبذلوا جهداً كبيراً لأقناع 14 نائب آخر للانضمام لهم بخاصة وان ما متاح من وقت لغاية عقد الجلسة ليس كثير.

3- سيناريو حضور الجميع

بموجب هذا السيناريو فان قوى الاطار لن تقرر المقاطعة وستحشد كل اعضائها وحلفائها ليصوتوا لمرشحهم لمنصب رئيس الجمهورية، أو يصوتوا ضد مرشح الصدريين.

اغلبية بسيطة

هذا يعني أن النصاب (سواء النصف أو الثلثين) لن تكون له أهمية لان الحضور سيكونون بالتأكيد أكثر من الثلثين.

هنا، ورغم أن الدستور نص على ان يُنتخب رئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي الحضور في الدورة الاولى، الا ان احتمال عدم الحصول على الثلثين في الجولة الاولى، لا ينفي أمكانية الحصول على الاغلبية البسيطة في الجولة الثانية. بمعنى أن مرشح الصدريين وحلفاؤهم (وهم الاغلبية كما هو واضح من السيناريو الاول)، سيتمكنون من تمرير مرشحهم في الجولة الثانية حتى وأن لم يتمكنوا من ذلك في الجولة الاولى نتيجة حشد الاطاريين لقواهم داخل البرلمان.

الخلاصة: أن كل من السيناريوهين الأول والثالث يشيران بوضوح الى ان مرشح الصدريين وحلفاؤهم هو صاحب الحظ الأكبر لتولي منصب رئاسة الجمهورية وبالتالي تسمية مرشح الكتلة الصدرية لتشكيل الوزارة القادمة مما يجعل كل الرئاسات الثلاث تحت سطوة هذا التحالف الثلاثي. وفي الوقت الذي يبدو فيه ذلك ميزة كبيرة لهذا التحالف فانه سيكون في ذات الوقت تحدي كبير جداً بخاصة وان من المؤكد أن هناك ما لا يقل عن 80-100 نائب معارض في البرلمان يراقبون ويتحينون الفرصة للانقضاض على الرئاسات الثلاث ووزرائهم.

وسيزداد ذلك الخطر بعدما تبدأ الحكومة بالعمل وتوضع تحت الضغوط الجماهيرية والاعلامية وينتهي شهر عسل المتحالفين كما حصل قبل ذلك مراراً. من جانب آخر فأن الفرصة الوحيدة المتاحة لنجاح الاطار في مسعاه لعرقلة تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس الجمهورية هو السيناريو الثاني (ايجاد تفسير دستوري يقول ان جلسة 7 شباط تحتاج اغلبية الثلثين للانعقاد وأقناع 24 نائب لينضموا لهم) وهو احتمال ضعيف جداً.

ولو كنت محل قوى الاطار لشاركت بجلسة البرلمان واعلنت مواقفي المعارضة، وانتظرت فرصتي الحقيقية بعد تشكيل الحكومة ومباشرتها مهامها وبدأ موسم ما بعد العسل.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق