q
وسط تفشي متغير فيروس كورونا الجديد أوميكرون، يزداد القلق من عدم تمكن اللقاحات التقليدية المضادة للفيروس من مواجهته، في الوقت الذي أشار فيه عدد من العلماء وخبراء الصحة إلى أن تلقي جرعة ثالثة معززة من اللقاحات سيكون أكثر فاعلية في التصدي للعدوى من تلقي جرعتين فقط...

في خضم الموجة الرابعة من فيروس كورونا، قررت الكثير من البلدان العالم المضي قدما بحملات التلقيح بالجرعات التعزيزية الثالثة، فمن يحق له تلقيها وما هي التوصيات الصحية بشأنها؟

رجعت أعداد المصابين بفيروس كورونا في الارتفاع مجدداً، وخاصة في البلدان الأوروبية وعند متلقي اللقاحات بالكامل أيضاً. وهو ما شجع عدة بلدان على المضي قدما في تقديم اللقاح الثالث التعزيزي ضد الفيروس.

وعلى الرغم من أن غالبية المصابين الجدد بالفيروس في ألمانيا على سبيل المثال، هم من غير الملقحين أصلا، إلا أن السلطات الطبية في ألمانيا تنصح حاليا بتلقي اللقاح الثالث لكن لفئات معينة، وخاصة أن اللقاح لا يعطي حصانة مئة بالمئة من الفيروس، وهو ما قد يؤدي إلى إصابة الكثير من الملقحين ونقلهم إلى غرف العناية المركزة. بالإضافة إلى أن "كفاءة" اللقاحات تتناقص بمرور الزمن.

متى يُنصح بتلقي التطعيم الثالث؟ حسب وزارة الصحة الألمانية يمكن الحصول على اللقاح الثالث بعد ستة أشهر من تلقي اللقاح الكامل ولأي شخص تجاوز عمره 12 عاماً. ويتم تحمل كافة التكاليف من قبل وزارة الصحة. لكن، وحسب الصحيفة، فإن الحصول على اللقاح الثالث قبل مرور ستة أشهر لا يقدم أي فائدة مناعية للشخص، لأنه بعد التلقيح الكامل تكون مناعة الجسم غالباً كافية لمواجهة الفيروس حسب نتائج الدراسات الأخيرة.

لكن التوصية الرسمية لهيئة اللقاحات في ألمانيا (ستيكو) وزارة الصحة الاتحادية كانت بتلقي اللقاح الثالث بعد ستة أشهر بعد التلقيح الكامل لمن يعتبر ضمن الفئات المهددة أولاً من قبل الفيروس، مثل كبار السن فوق عمر السبعين أو ممن يعانون من نقص في المناعة أو ممن يعمل في مؤسسات صحية أو مؤسسات رعاية الكبار. وأوصت هيئة اللقاحات بتلقي اللقاح بعد أربعة أسابيع من التلقيح الكامل لمن يعانون من نقص المناعة الشديد، ولا تفرض حاليا في ألمانيا إلزامية تلقي اللقاح، وهو ما ينطبق أيضاً على تلقي اللقاح الثالث.

لكن شهادات التطعيم في أغلب البلدان، ومن ضمنها ألمانيا صالحة لمدة عام كامل من تاريخ التطعيم الثاني (أو تاريخ التطعيم الأول مع تلقي لقاح جونسون). وذكر موقع صحيفة "شتوتغارتر تسايتونغ" الألمانية أنه لا يُعرف حاليا مدى المدة التي سيتم خلالها الاحتفاظ بشهادة التطعيم سارية. وهو ما قد يتحدد في الأيام أو الأسابيع القادمة.

هل من الأفضل الحصول على جرعة ثالثة من اللقاح؟

تنطوي برامج الحصول على جرعات إضافية من لقاح فيروس كورونا على عمل معقد للغاية، لأنه سيؤدي إلى الكثير من التداعيات، بداء من تبديد المخزون العالمي من اللقاحات وصولا إلى إمكانية تقويض المناعة.

جاءت نقطة التحول الكبرى في تعامل العالم مع وباء كورونا بعد الساعة السادسة والنصف صباحا من يوم الثلاثاء الموافق التاسع من ديسمبر/كانون الأول 2020، عندما أصبحت مارغريت كينان البالغة من العمر 91 عامًا، وويليام شكسبير البالغ من العمر 81 عامًا، أول شخصين يتلقيان جرعة أولية من لقاح فيروس كورونا بعيدا عن التجارب السريرية.

وانفجرت الغرفة بأكملها بالتصفيق، وأطلق على هذا اليوم اسم "يوم الانتصار". واحتفلت إحدى الصحف البريطانية بهذا الحدث قائلة في عنوانها الرئيسي "ترويض الفيروس"، بينما انتشرت على تويتر لقطات فيديو لمتلقي لقاح يتمتع بشخصية كاريزمية يقول إن "وجبة الغداء السيئة نوعا ما" تسبب له قلقا أكبر من الإبرة التي يحقن بها بلقاح كورونا.

ولم يكن الوباء قد انتهى بعد، لكن ما حدث آنذاك كان بمثابة الخطوة الأولى على طريق التغلب على الوباء، وبعد تسعة أشهر، جرى إعطاء حوالي 5.7 مليار جرعة من اللقاحات المختلفة في جميع أنحاء العالم، وأصبح 41.8 في المئة من سكان العالم محميين جزئيًا على الأقل. لكن قائمة الأشياء المجهولة ما زالت تتزايد يومًا بعد يوم.

يقول داني ألتمان، أستاذ علم المناعة في جامعة كوليدج لندن: "أحد الأشياء المروعة في هذا الوباء هو أن الناس لا يصدقون كل ما يقال من العلماء، لأننا نغير آراءنا لأن الهدف متحرك"، والآن، وبعد أن أصبح من الواضح أن العالم سيعاني من فيروس كورونا - ومن العديد من المتغيرات اللاحقة - لسنوات قادمة، فإن السؤال المهم الآن هو: هل يكفي حصول الشخص على جرعتين من اللقاح؟

يوضح ألتمان أنه منذ وقت ليس ببعيد - في أبريل/نيسان ومايو/آيار - كان يكتب مقالات ويُجري مقابلات يقول فيها إن معظم الأشخاص الذين حصلوا على اللقاح يتمتعون بمناعة هائلة جدًا، ولا داعي للقلق بشأن الجرعات التعزيزية.

يقول ألتمان: "كان التعبير الذي استخدمته هو (الإرتفاع الوقائي)، لأن الشخص الذي تلقى اللقاح قد حصل على درجة عالية من الوقاية، وحتى إذا ظهرت متغيرات تقلل من فعالية لقاحك 10 مرات، على سبيل المثال، فلن يسبب ذلك أي ضرر، لأن لديك ألف ضعف من الأجسام المضادة".

ثم جاء متغير دلتا ليقلب الأمور رأسا على عقب - وعلى الرغم من أن معظم الناس لا تزال لديهم مستويات عالية من الأجسام المضادة، فإن "عدوى الاختراق" - حالة يصاب فيها الشخص المتلقي للقاح بنفس المرض الذي يهدف اللقاح إلى الوقاية منه - بدأت تتكرر كثيرا، يقول ألتمان: "إننا نشهد إصابات بعدوى الاختراق في مواجهة مستويات جيدة جدًا من الأجسام المضادة".

لكن هل من المحتمل أن نبدأ في رؤية أعداد كبيرة من الوفيات؟ وما مدى فعالية الجرعات المعززة على أي حال؟ وما هي أفضل طريقة للتعامل مع تلك الجرعات؟ بدءا من المناعة المتباينة جذريًا في مجموعات مختلفة من الناس وصولا إلى الاحتمال الافتراضي - ولو صغير - بأن الجرعات الثالثة من لقاحات معينة يمكن أن تقلل بالفعل من المناعة التي لدينا، هناك العديد من الأسباب العلمية التي تجعل البرامج المعززة محاولة مختلفة تمامًا عن أول جرعة للقاح، يقول ألتمان: "في البداية، كان الأمر عبارة عن مفاهيم بسيطة للغاية - هل نجري اختبارا أم لا؟ وهل لدينا أجسام مضادة، أم لا؟ أما الآن، فقد أصبح الأمر أكثر تعقيدًا بكثير"، ولنضرب مثلا بإسرائيل - تلك الدولة التي لقحت سكانها على نطاق واسع وفي وقت مبكر جدًا، والتي وصفها مؤخرًا كبير المسؤولين العلميين في شركة فايزر بأنها "نوع من المختبر" - فبحلول منتصف شهر مارس/آذار كانت بقية دول العالم لا تزال تتدافع للحصول على الجرعات الأولى، لكن أكثر من 50 في المئة من سكان إسرائيل كانوا قد حصلوا على اللقاح بالفعل، وفي مايو/أيار، كانت إسرائيل من بين أقل معدلات الإصابة في أي مكان في العالم. وبدت الأمور جيدة لدرجة أنه بعد شهر، بدأت الحكومة في تقليص القيود بشكل كبير. ولم يعد هناك حد معين لأعداد التجمعات، وفُتحت المطاعم والأماكن الثقافية الأخرى أمام كل المواطنين، الذين حصلوا على اللقاح أو الذين لم يحصلوا عليه. ولم يعد يُطلب من الناس ارتداء الأقنعة في الأماكن المفتوحة.

لكن كانت هناك مشكلة كبيرة تلوح في الأفق، وهي ظهور متغير دلتا، الذي تسلل عبر الحدود في وقت ما في أوائل شهر يوليو/تموز، واكتشفت أول حالة إصابة به في السابع من يوليو/تموز، وسرعان ما وصلت الحالات إلى مستوى ينذر بالخطر. وفي غضون أسابيع، وصلت أعداد المصابين إلى المئات. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، وصلت إلى عدة آلاف، وبحلول الوقت الذي بدأت فيه الأغلبية اليهودية في البلاد الاستعداد للاحتفال الديني بيوم الغفران (كيبور) في منتصف سبتمبر/أيلول، كان هناك ما لا يقل عن 10,000 حالة إصابة كل يوم - كان هذا أعلى معدل إصابة في أي مكان على وجه الأرض.

في البداية، قيل إن هذا الانهيار السريع يعود إلى ظهور المتغير الجديد، ثم ظهرت بيانات أثارت دهشة الخبراء في جميع أنحاء العالم، عندما نظر فريق من الباحثين الإسرائيليين إلى العدوى بين الأشخاص الذين حصلوا على اللقاح في البلاد، وجدوا أنه على الرغم من أنهم كانوا أقل عرضة للإصابة بالأعراض الحادة لفيروس كورونا مقارنة بالأفراد الذين لم يحصلوا على اللقاح، فقد أصبحت مناعتهم أقل قوة بمرور الوقت. على سبيل المثال، كان الذين تلقوا الجرعة الثانية من اللقاح في يناير/كانون الثاني أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا الحاد بمقدار 1.7 مرة من أولئك الذين حصلوا على الجرعتين بعد شهرين فقط.

انتقدت منظمة الصحة العالمية التدافع على جرعات ثالثة من لقاحات فيروس كورونا، بينما لم يحصل سوى أقل من اثنين في المئة فقط من السكان في بعض الدول الفقيرة على اللقاح، يقول ألتمان: "لحسن الحظ، هذه ليست مجموعة بيانات عن الموت، لأنك ببساطة إذا لقحت السكان، فستكون لديك وفيات أقل بكثير. لذا فالأمر كله يتعلق بالحماية من الأمراض المصحوبة بأعراض، لكن هناك الكثير من الحالات المصحوبة بأعراض، والمنحنيات والقيم الإحصائية الملفتة للنظر".

والآن، انتشرت الموجة الرابعة في معظم أنحاء العالم. وفي الأسابيع الأخيرة، قفز الفيروس إلى مستويات قياسية في اسكتلندا واليابان والفلبين، كما شهدت العديد من الدول الأوروبية ارتفاع حالات الإصابة مرة أخرى. وتتزايد الأدلة على أن تراجع المناعة يمكن أن يكون مشكلة عالمية، ووجدت إحدى الدراسات في المملكة المتحدة أن جرعتين من لقاح فايزر/بيونتيك كانتا فعالتين بنسبة 88 في المئة بعد شهر واحد، مقارنة بنسبة 74 في المئة بعد خمسة أو ستة أشهر. وفي الوقت نفسه، انخفضت فعالية لقاح أوكسفورد/أسترازينيكا من 77 في المئة إلى 67 في المئة، كما أن حالات الإصابة بين الأشخاص الذين حصلوا على جرعتين من لقاح موديرنا قد قفزت من 88 من أصل 11,431 شخصًا تلقوا جرعتهم الثانية في الفترة بين ديسمبر/كانون الأول ومارس/آذار، إلى 162 شخصا من أصل 16,747 شخصًا حصلوا على اللقاح قبل خمسة أشهر، أي ارتفاع بنسبة تصل لنحو 36 في المئة.

في غضون ذلك، كشفت شركة فايزر أن فعالية لقاحاتها تتراجع من 96 في المئة إلى 83.7 في المئة بعد أربعة أشهر، وكما هو الحال تمامًا مع الحماية المكتسبة من العدوى الطبيعية، يبدو أن المناعة التي يسببها اللقاح تتلاشى تدريجيًا.

وبدأت برامج التطعيم المعزز تظهر بسرعة في جميع أنحاء العالم. وفي إسرائيل، جرى الموافقة على منح جرعات ثالثة من اللقاحات لمن هم فوق الستين في أواخر يوليو/تموز، قبل أن توافق الحكومة تدريجياً على إتاحتها لعدد متزايد من الناس، وباتت الجرعة الإضافية من اللقاح متاحة حاليًا لجميع الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 12 عامًا، طالما أنه قد مرت خمسة أشهر على الأقل منذ حصولهم على الجرعة الثانية.

وحذر أطباء مؤخرا من أنهم عالجوا العديد من كبار السن والذين يعانون من نقص المناعة بعد إصابتهم بأعراض خطيرة، على الرغم من حصولهم على جرعتين من اللقاح، لكن ما هو واضح حقا هو أن اللقاحات لا تزال فعالة للغاية في حماية الناس من الموت، بغض النظر عن وقت الحصول على اللقاح، كما أن احتمالات وفاة الأشخاص الذين حصلوا على اللقاح تكون ضئيلة جدا. ففي المملكة المتحدة، كان هناك 256 حالة وفاة مرتبطة بالفيروس بين الأشخاص الذين حصلوا على جرعتين من اللقاح بين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز 2021، من بين أكثر من 51 ألف حالة وفاة. وجاءت هذه الحالات بشكل كبير في الفئات الأكثر ضعفاً، مثل كبار السن الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.

بعد ارتفاع الإصابات: جرعة ثالثة ضد كورونا للجميع

تعتزم ألمانيا إتاحة جرعات معززة من لقاحات مضادة لكورونا لجميع المطعمين عقب 6 أشهر من تلقيهم التطعيم. ووزير الصحة الألماني يقول إن البلاد دخلت فترة صعبة للغاية من جائحة كورونا، بعد توصيات بإعطاء الجرعة المعززة للقاح للمتقدمين سنّاً، باتت التوصية تشمل الجميع.

بعد توصيات بإعطاء الجرعة المعززة للقاح للمتقدمين سنّاً، باتت التوصية تشمل الجميع، في ضوء تزايد أعداد الإصابات بكورونا في الكثير من المناطق بألمانيا، تعتزم الحكومة الاتحادية الألمانية والولايات إتاحة جرعات معززة من لقاحات مضادة لكورونا لجميع المطعمين عقب 6 أشهر من تلقيهم التطعيم. وقال وزير الصحة الاتحادي، ينس شبان، عقب اجتماع وزراء صحة الولايات اليوم الجمعة (الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر 2021) في مدينة لينداو إن الولايات ستوفر من أجل ذلك حافلات ومراكز للتطعيم، مضيفا أن عيادات الأطباء ستشارك أيضا في هذه الحملة.

وقال شبان: "يجب أن يصبح تلقي جرعة معززة عقب ستة أشهر (من التطعيم) هو القاعدة - وليس الاستثناء"، مؤكدا ضرورة تطبيق ذلك بشكل خاص على كبار السن وموظفي الرعاية والعاملين في المرافق الصحية. وأضاف شبان إن البلاد دخلت فترة صعبة للغاية فيما يتعلق بالوضع الوبائي لكوفيد-19 مع تزايد أعداد المرضى في العناية المركزة.

وفي نفس السياق، قال المتحدث باسم الحكومة المنتهية ولايتها، شتيفن زايبرت، اليوم الجمعة في برلين إن على الجميع بذل قصارى جهدهم للتأكد من أن الشتاء لن يجلب معاناة لا داعٍ لها، مضيفا أن الزيادة الحادة في عدد الإصابات وزيادة العبء في المستشفيات في بعض المناطق "مقلقة للغاية"، داعيا مجددا إلى تلقي التطعيمات والجرعات المعززة وتطبيق اختبارات الكشف عن كورونا في دور رعاية المسنين.

وأشار المتحدث إلى أنه لم يتضح بعد ما إذا كان سيُجرى عقد محادثات بين المستشارة المنتهية ولايتها أنغيلا ميركل وقادة الولايات حول سبل التصدي لزيادة الإصابات. ولم يعلن المتحدث عن جدول أعمال ميركل للأسبوع المقبل.

وفي ضوء المرحلة الانتقالية نحو تشكيل ائتلاف حاكم جديد في ألمانيا، قال زايبرت: "لسنا في مرحلة ليس لدينا فيها حكومة"، موضحا أنه بموجب اليمين الدستورية، فإن ميركل "ستعمل على تفادي حدوث أي ضرر للشعب الألماني حتى اليوم الأخير من ولايتها".

وأعلن معهد روبرت كوخ الألماني لمكافحة الأمراض المعدية وغير المعدية صباح اليوم الجمعة أن عدد الإصابات الجديدة بفيروس كورونا التي تم تسجيلها خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية بلغ 37120 حالة، استنادا إلى بيانات الإدارات الصحية المحلية. وللمقارنة، بلغ عدد الإصابات الجديدة 24668 إصابة. وسجل المعهد 154 حالة وفاة جراء الفيروس في غضون 24 ساعة، مقابل 121 وفاة يوم الجمعة الماضي.

وأعلى إصابة سجلتها ألمانيا الآن، تعود إلى 18 من كانون الأول/ديسمبر الماضي، بواقع 33 ألفا و777 إصابة، من بينها 3500 إصابة تمّت إضافتها على نحو متأخر. كما سجلت أعلى عدد وفيات يومية جراء الفيروس حتى الآن في 14 كانون الثاني/يناير الماضي بواقع 1244 حالة.

أبرز أعراض الجرعة الثالثة

كشفت دراسة صادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأميركية، "سي دي سي"، أن الآثار الجانبية التي رصدت عند الأميركيين الذين تلقوا جرعة ثالثة من اللقاح المضاد لكوفيد-19، مماثلة في الغالب، مع اختلافات طفيفة، للأعراض الناتجة عن تلقي الجرعة الثانية من اللقاح.

وأشارت صحيفة واشنطن بوست في تقرير، إلى أن الدراسة التي صدرت، تقدم رؤية حول سلامة جرعات اللقاح الإضافية، في وقت تطرح فيه الولايات المتحدة خطة تلقيح معززة لكبار السن والعاملين في الوظائف عالية الخطورة.

وفي عرض للدراسة، قالت شبكة أن بي سي نيوز، إن "سي دي سي" وجدت أن الآثار الجانبية لتلقي لقاح فايزر أو موديرنا اعتبرت في الغالب خفيفة أو معتدلة، وهي تتراوح عموما بين الألم في الذراع والتعب والصداع، لكن الشبكة أضافت أن ألم الذراع أكثر شيوعيا إلى حد ما بعد الجرعة الثالثة مقارنة بالثانية، فيما وجدت الدراسة أن الصداع والشعور بالتعب أقل شيوعا في الجرعة الثالثة.

وتبدأ الأعراض بالظهور، بشكل عام، في اليوم التالي لتلقي اللقاح. وقال 28 في المئة من المشمولين بالدراسة إن تلك الأعراض منعتهم من من أداء نشاطاتهم العادية اليومية، واعتمدت مخرجات الدراسة على بيانات جمعت مما يقرب من 12600 شخص تلقوا جرعة ثالثة من لقاح فيروس كورونا الذي أنتجته شركة Pfizer-BioNTech أوModerna.

وصادقت مديرة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، على توصيات بجرعة ثالثة من لقاح فايزر Covid-19 لبعض الفئات المعرضة للخطر، ووقعت روشيل والينسكس على التوصيات الخاصة بجرعة معززة من لقاح Pfizer-BioNTech بعد أن وافق عليها المستشارون، وتلقى حوالي 3.4 مليون أميركي جرعة ثالثة من لقاح فيروس كورونا منذ الثالث عشر من أغسطس الماضي، وفقا لمركز السيطرة على الأمراض.

وأجازت هيئة الأغذية والدواء الأميركية، إعطاء الجرعة المعززة من لقاح فايزر/بايونتيك للمسنين والمعرضين للإصابة بأمراض خطيرة، في محاولة لتعزيز حماية الأميركيين الأكثر ضعفا ضد متغير دلتا سريع الانتشار من الفيروس.

وبحسب القرار سيتم السماح بالجرعة الثالثة من اللقاح، للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما والأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بأمراض خطيرة ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاما، وكذلك "العاملين في أماكن عالية التعرض للفيروس"، وأشارت الهيئة إلى أن الجرعة الإضافية من لقاح فايزر يجب أن تمنح بعد ستة أشهر من الحصول على الجرعتين الأساسيتين.

الآثار الجانبية لجرعة كورونا الثالثة.. ونصائح لتفاديها

بدأت العديد من الدول بإعطاء الجرعات التعزيزية للقاحات كورونا، في حين لا يزال كثيرون يترددون في أخذها خوفا من الآثار الجانبية التي قد تنشأ عنها، ولكن المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها "سي دي سي" يقول إن الجرعة التعزيزية ستكون تجربتها "أكثر سلاسة" على من يتلقاها، وفق تقرير نشرته شبكة "سي أن بي سي".

وتقول مديرة "سي دي سي"، الطبيبة روشيل والينسكي، إنه "كان لدى الناس ردود أفعال أقل بعد الجرعة الثالثة مقارنة بجرعتهم الثانية"، ويصف "سي دي سي" الآثار الجانبية بأنها "خفيفة ومعتدلة" مقارنة بالآثار "الشديدة" التي تتبع الجرعة الثانية، مشيرا إلى أنه "إذا شعرت بآثار جانبية من جرعتك الأخيرة من اللقاح فمن المحتمل أن تشعر بآثار جانبية مماثلة بعد جرعة اللقاح المعززة ولكن بطريق "أقل تأثيرا".

ويعود تلاشي التأثير من الجرعة الثالثة بسبب أن "الجرعتين الأولى والثانية قد جعلتا الجهاز المناعي جاهزا لمحاربة هذه الفيروسات، وأن الجرعة التعزيزية تمنح جسمك مزيد من الحماية لمحاربة فيروس كورونا"، وتتضمن الآثار الجانبية الأكثر شيوعا للقاحات فايز-بيونتيك وموديرنا وجونسون آند جونسون، الألم والتورم مكان الحقنة، والشعور بالتعب، وآلام العضلات، والصداع، والحمى، إضافة إلى الشعور بالغثيان.

وتضم الآثار الجانبية الأقل شيوعا، تورما في الغدد الليمفاوية أو التهابا، وهو ما يزول بعد يومين إلى ثلاثة أيام، وللتعامل مع الآثار الجانبية لجرعات لقاحات كورونا، يقدم الخبراء بعض النصائح:

أولا: ارتد ملابس مريحة للتعامل مع أعراض الحمى أو القشعريرة.

ثانيا: استخدم ذراعك التي حصلت على جرعة اللقاح فيها بشكل طبيعي، وقم بتمرينها بشكل عادي، حيث سيساعد تحريكها على تعزيز تدفق الدم وتخفيف أي ألم عضلي.

ثالثا: في حال وجود تورم في منطقة الحقنة، ضع عليها "مكعبات الثلج" لتخفيف التورم.

رابعا: قد تحتاج لتناول مسكنات للأم أو خافضات للحرارة التي لا تحتاج إلى وصفة طبية.

وتسمح السلطات الصحية الأميركية بإعطاء جرعة ثالثة من اللقاح المضاد لكورونا لجميع البالغين الذين تلقحوا بالكامل قبل ستة أشهر، وتسمح الولايات المتحدة منذ نهاية أكتوبر بأن تكون الجرعة المعززة "مزيجا" من اللقاحات. لذلك يمكن للأميركيين اختيار لقاح يختلف عن اللقاح الذي سبق لهم تلقيه، وتسبب فيروس كورونا بوفاة ما لا يقل عن 5.1 مليون شخص في العالم منذ أبلغ مكتب منظمة الصحة العالمية في الصين عن ظهور المرض نهاية ديسمبر 2019، حسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس.

تراجع أسهم شركات اللقاحات بعد إعلان فاعلية الجرعة الثالثة

تراجعت أسعار أسهم شركات الأدوية المصنعة لللقاحات في ظل استمرار تقلبات القطاع، حيث يقيم المستثمرون حاليا أحدث التقارير الخاصة بفاعليات اللقاحات في مواجهة المتحور الجديد لفيروس كورونا المستجد أوميكرون.

وأشارت شركتا فايزر وبيونتك أن التجارب المعملية أظهرت أن الجرعة الثالثة من لقاحهما المضاد لفيروس كورونا المستجد نجحت في تحييد المتحور أوميكرون، وتراجع سعر سهم شركة موديرنا بنسبة4.1 % وبيونتك بنسبة 3.3 % وفايزر بنسبة 0.6 %، وأشارت وكالة بلومبرج للأنباء إلى أن شركات تطوير اللقاحات الأخرى تراجعت أيضا مثل نوفافاكس بنسبة 5.3 % وكيورفاك بنسبة 1.5 % وإنوفيو بنسبة 1.4 %، في الوقت نفسه يتعرض سهما فايزر وبيونتك للضغوط بعد إعلانهما فاعلية الجرعة الثالثة من لقاحهما في مواجهة السلالة أوميكرون في الدراسات المعملية، لكن فاعلية التطعيم بجرعتين أقل بصورة كبيرة.

لماذا تحقق الجرعات المعززة من اللقاحات فاعلية أكبر في التصدي لـ«أوميكرون»؟

وسط تفشي متغير فيروس كورونا الجديد «أوميكرون»، يزداد القلق من عدم تمكن اللقاحات التقليدية المضادة للفيروس من مواجهته، في الوقت الذي أشار فيه عدد من العلماء وخبراء الصحة إلى أن تلقي جرعة ثالثة معززة من اللقاحات سيكون أكثر فاعلية في التصدي للعدوى من تلقي جرعتين فقط.

وأفادت منظمة الصحة العالمية، بأنه من المرجح أن ينتشر «أوميكرون» أكثر من نظيره «دلتا»، وأن يسبب أعراضاً أقل حدة؛ مما يجعل اللقاحات أقل فاعلية أمامه، وأكدت مختبرات «فايزر - بايونتيك»، التي طورت أحد أكثر اللقاحات المضادة لـ«كورونا» فاعلية حتى الآن، أن لقاحها لا يزال «فعّالاً» ضد «أوميكرون» بعد «ثلاث جرعات».

وتشجع غالبية البلدان القادرة على تحمل تكاليف اللقاحات الناس على أخذ جرعة معززة، كما هي الحال خصوصاً في أوروبا التي تواجه موجة جديدة من الإصابات الناجمة عن المتحور «دلتا»، بعد أن خففت بشكل مبكر القيود الصحية، علاوة على انخفاض معدلات التلقيح، ولكن، لماذا تعدّ الجرعات المعززة من لقاحات «كورونا» أكثر فاعلية في التصدي لـ«أوميكرون» من تلقي جرعتين فقط؟

وفقاً لصحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن اللقاحات تحث الجسم على صنع أجسام مضادة تعترض فيروس كورونا قبل أن يصيب خلايانا. لكن هذه الأجسام المضادة المنتشرة يمكن أن تتلاشى بمرور الوقت.

وقد أظهرت البيانات الواردة من دراسات عدة حول فاعلية اللقاحات انخفاضاً في الحماية من عدوى «كورونا» بعد ثلاثة إلى ستة أشهر من تلقي جرعتي اللقاح، ويبدو أن متغير «أوميكرون» قد جعل الحاجة إلى تلقي الجرعات المعززة أكثر إلحاحاً. فالطفرات والمتغيرات الجديدة للفيروس تعني أن بروتين «سبايك»، الموجود على سطح الفيروس، يبدو الآن مختلفاً تماماً عن سلالة الفيروس الأصلية التي صممت جميع اللقاحات الحالية لاستهدافها. وهذا بدوره يعني أن الأجسام المضادة من العدوى السابقة وتلك الناتجة من التلقيح ستكون أقل كفاءة في التصدي لـ«أوميكرون».

ونظراً لأن الأجسام المضادة تلتصق بالفيروس بقوة أقل عند إصابة الشخص بـ«أوميكرون»، فإن الجسم يصبح في حاجة إلى كمية أكبر من الأجسام المضادة للتعويض عن عدم التصاقها بالفيروس جيداً.

وتشير الدراسات إلى أن الجرعات المعززة من اللقاحات تزيد مستويات الأجسام المضادة بشكل كبير فوق المستوى الذي شوهد بعد جرعتين، وهو ما يزيد الأمل في أن انخفاض المناعة سيحدث بشكل أبطأ بعد الجرعة الثالثة.

وتقول ميغان ستاين، أستاذة الأمراض المعدية بجامعة سيدني، والتي شاركت في دراسة مؤخراً حول فاعلية الجرعات المعززة للقاح «كورونا» ضد «أوميكرون»: «الطلقات المعززة للقاح ضرورية للحفاظ على الحماية المناعية بين السكان، ومن دون المعززات، قد تنخفض الحماية من المرض المصحوب بأعراض إلى أقل من 50 في المائة بعد ستة أشهر، مما يعني إصابة المزيد من الأشخاص».

وأعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون تسريع حملة التلقيح بجرعة معززة من لقاحات «كورونا»، وجعلها متاحة لجميع الراشدين بحلول نهاية العام؛ وذلك بهدف كبح «موجة هائلة» تلوح في الأفق جراء تفشي «أوميكرون».

وقال جونسون في خطاب متلفز «ينبغي ألا يساور أحد أدنى شك: هناك موجة هائلة آتية جراء (أوميكرون)، وأخشى أنه من الواضح الآن أن جرعتين من اللقاح لا تكفيان لتوفير مستوى المناعة الذي نحتاج إليه جميعاً».

وتدارك «لكن النبأ السار هو أن علماءنا مقتنعون بأنه مع جرعة ثالثة - جرعة معززة - يمكننا جميعاً زيادة مستوى المناعة لدينا»، ويراهن جونسون على الجرعة الثالثة لتجنب إغراق المستشفيات وإعاقة الاقتصاد.

اضف تعليق