q
ان المشاركة في الانتخابات واجب وطني مثلما هي حق وطني، لأن عدم المشاركة يعني ترك الساحة للفاسدين، ومن ثم ليس من حق المتفرجين ان ينتقدوا الوضع او يتذمروا لأنهم اسهموا في صنعه، وتسببوا بسلبيتهم في تكريس الواقع السيء الذي عمّ البلاد واهلها...

قبل انتخابات العام 2018 التقيت احد المتذمرين مما وصلت اليه حال البلاد، واثناء الحديث سألته عن اي من القوائم المرشحة سينتخب، فكان رده على الفور، بانه سيقاطع! وبعد اندلاع انتفاضة تشرين كنت اعتقد انه سيكون في طليعة المنتفضين، لكني فوجئت بانه لن يذهب للساحات، وكانت حجته السابقة نفسها.. ماكو فايدة! .. اذ قال لي هذه العبارة في معرض رده على طلبي ذهابه للتصويت.

وهكذا رسم في ذهني تجاهه صورة لإنسان سلبي، مع انه يناقش في السياسة بوعي ويبني مواقفه على قراءة علمية بعيدا عن العواطف.. هذا النوع من الناس يذكرنا بمقولة مهمة لمارتن لوثر كنغ .. (اسوأ مكان في الجحيم محجوز للذين يبقون على الحياد في اوقات المعارك الاخلاقية العظيمة) .. وقد يقول قائل، هل نحن نعيش تلك المعركة.

ونقول، نعم.. فالبلاد التي تعيش ترديا ودمارا على مختلف المستويات، ومستقبلها مجهول، لا تنتشلها سوى معركة كبرى، وحين تكون الانتخابات احدى وسائل هذه المعركة فلا بد من خوضها، واذا ما زوّرت، لا بد من الانتفاضة والثورة على من زوّرها لاسترداد الحق الذي بات مزدوجا، لأنها ترسم مستقبل الشعب مثلما حاضره، وان التهاون في اي مفصل من مفاصل هذه المعركة، يعد خيانة وليس تقصيرا فقط.

وعليه فان المشاركة في الانتخابات واجب وطني مثلما هي حق وطني، لأن عدم المشاركة يعني ترك الساحة للفاسدين، ومن ثم ليس من حق المتفرجين ان ينتقدوا الوضع او يتذمروا لانهم اسهموا في صنعه، وتسببوا بسلبيتهم في تكريس الواقع السيء الذي عمّ البلاد واهلها.

إذا ما جرت انتخابات نزيهة فسوف نكون أمام عراق آخر، لكن ما نخشاه هو أن يكون السلاح مخبوء لفترة ما بعد الانتخابات في حال خسارة البعض، لذا يعمل الكاظمي على تقويض قدرة الجماعات المسلحة.

وسيكون هناك تدخلا دوليا في الانتخابات القادمة، والأمم المتحدة ستكون حاضرة، وسيكون الواقع الذي هُيأ له منذ انتفاضة تشرين، يفضي إلى مصالحة مجتمعية، بعد أن يمتلك العراق إرادته.

لا نطالب هنا بإصدار قانون، يفرض على الناس التوجه الى صناديق الاقتراع، ولكن يجب ان تكون هناك حملة ينهض بها المثقفون قبل غيرهم لتوعية الجميع بأهمية المشاركة في التصويت، انطلاقا من هذه الرؤية التي هي رؤية المثقفين الحقيقيين قبل غيرهم .. فهل نحن فاعلون؟!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق