q
إنسانيات - علم نفس

واقعي ام متشائم؟

ان الانسان الواقعي يقيم الاشياء بدقة وموضوعية وبدلائل واضحة ومقنعة محاولاً تبصير الناس بها مع رغبته بإيجاد مفاتيح للازمات والمشكلات بغية الوصول الى نتيجة ايجابية يفضلها لنفسه ومجتمعه، بينما الانسان المتشائم فهو كالذي وضع قطعة سوداء على عينيه وصار يرى كل شيء اسود...

ينظر الى الذات والعالم الخارجي بعين حكيمة، لا يتطرف في الحب ولا الكره، يتهم انه متشائماً وهو يرفض هذا الاتهام ويعده ظلماً له، يتعامل مع الامور على ما يتوفر لديه لا مع يطمح ان يحصل عليه، يقيم ما يجري حوله بوعي وموضوعية، يكتفي بالقليل ولا يهمه ضجيج وبهرجة من حوله، هادئاً واعياً لكنه لا يجامل على حساب الحقيقة في اغلب الاحيان، مثل هذه المواصفات ان توفرت في شخص فأنه يمكن تصنيفه بأنه شخص واقعي.

الشخص الواقعي يعرف على انه" الشخص الذي يتمتع برؤية متوازنة بنفس القدر وتقييمه لنفسه والعالم الخارجي كما إنه يعرف كيف يتحكم في العواطف، لذلك فهو دائم الحكمة ومتوازن دائماً ما يتعذر على المتفائلين والمتشائمين أن يبقوا الوضع برمته تحت السيطرة، وتقييم، وتحليل المعلومات".

الشخص الواقعي هو ذلك الذي يكون متمكناً من ان يستقل بنفسه عن احكام وافكار الاخرين ويستطيع مقاومتها بقوة ودراية ووعي، وهو يمكنه ان يكون وسطياً لا مشائم منهك ولا متفائل سارح في الخيالات وبذا يكون سعيداً لأنه يدير عواطفه بعلمية وموضوعية وبعيداً عن المبالغة، على الرغم من أنه من الأفضل للشخص أن يكون واقعياً إلا أن معظم الناس يفضلون أن يكونوا متفائلين لأنه دائما أكثر متعة للنظر إلى العالم بعيون بهيجة.

والواقعية في حياة الانسان لا تنحصر في مرحلة دون غيرها، فقد يرفض الطفل الواقعي الوصف الذي تقدمه كتبه عن الحياة ويحاول تصحيها لا يركز عليها معتقداً أنه ينبغي خلق الحياة بناءً على ما يحدث في العالم الحقيقي كل هذا يحدث وهو لازال في مرحلة الابتدائية، وفي مرحلة الشباب يحب الواقعيون أن يتعلموا الكثير من الحقائق القاسية والحيوية التي نادرة في أوقات السلام في أسرة مزدهرة وحياة حقيقية.

ومن جميل الواقعي انه يعامل الجميع بذات القدر من الاحترام والتقدير معتمداً في تعامله معهم على اساس الانسانية وليس على الاعتبارات الفارغة وغير المنطقية كل ذلك يأتي من كونه صادقاً مع نفسه وبالتالي يمكنه أن يقدم تقييماً صحيحاً ودقيقاً لأفعاله، ولتحقيق هذه الحالة الذهنية المتزنة على الانسان نسيان الكبرياء الشخصي العالي وتصور العالم بطريقة محايدة وغير متحيزة ومستقلة عن مختلف العوامل.

في المقابل ينظر الشخص المتشائم الى الحياة على انها قبيحة بالمجمل ولا وجود للسعادة فيها، فالشمس مصيرها إلى الزوال كل يوم مهما كان اليوم مشرقًا، ربما هذا الاختلاف بينه وبين الواقعي رغم ان الاثنين يتحدثون بسلبية غير ان الواقعي حين تتغير المعطيات ستتغير معها وجهة نظره اما المتشائم فهو المكتفي بوجهة نظر مع جميع الازمنة والمعطيات والنتائج.

من سلبيات المتشائم انه دائماً ما يحمل الأمور أكبر من حجمها ويؤمن بالخرافات، كما انه يرى الاشياء على انها سلبية جميعها وليس فيها ما هو ايجابي يستحق ان يتحمل الانسان المشاق من اجل العبور صوب الراحة، كما ان المتشائم يرى في الامور الطبيعية مصدراً للقلق وسبباً للفزع والخوف، ويرى نفسه محور الكون ويفكر بأنانية كبيرة، ولا يحاول تغيير الواقع وإصلاحه بل يكتفى بالتخوف منه، ويعمم الأخطاء التي يمكن أن تحدث لأي شخص بشكل متكرر ويلتقط الاخطاء من بين جميع اعماله ويركز عليها .

والشخص المتشائم يرى الوجه المظلم للحياة وغالباً ما يشتكي مما حوله من صغائر المشاكل وكبائرها ويأتي ذكره للمشكلات لغرض تبرير تشائمه لا لغرض ايجاد حلول لهذه المشكلات وتفادي اثارها.

في الختام عزيزي القارئ الكريم اقول: ان الانسان الواقعي يقيم الاشياء بدقة وموضوعية وبدلائل واضحة ومقنعة محاولاً تبصير الناس بها مع رغبته بإيجاد مفاتيح للازمات والمشكلات بغية الوصول الى نتيجة ايجابية يفضلها لنفسه ومجتمعه، بينما الانسان المتشائم فهو كالذي وضع قطعة سوداء على عينيه وصار يرى كل شيء اسود ولا يرغب اصلا في البحث عن انفراج او حل وما يشغله هو اشاعة هذه الصورة الكئيبة الغير مريحة والترويج لها مما يجعل المحيط الضعيف متفاعلاً معه ومتأثر بأفكاره ومتبنياته، هكذا ينظر الشخصان للحياة ولك ان تقيم هل انت واقعي ام متشائم؟

اضف تعليق