q
الأهم ان الطحالب باتت تُستخدم أيضا في الطب. فبعض مكونات الطحالب الحمراء تمتلك مفعولا مضادا للفيروسات ومهدئة للالتهاب ومضادة للأورام ونافعة للجهاز المناعي. وقد تكون نافعة أيضا في معالجة كوفيد 19. وكانت الطحالب الحمراء حسب دراسة نافعة ضد وباء انفلوينزا H1N1، كما أكدت منظمة الصحة العالمية...

قد لا تكون الطحالب من أشهر النباتات وأكثرها شعبية - فهي ليست جميلة بشكل خاص، كما أنها مزعجة عند السباحة، غير أن بإمكانها فعل الكثير وهي مفيدة للغاية، لكن هناك أمر واحد واضح وهو أن الحياة كما نعرفها اليوم ليست ممكنة بدون طحالب. فالطحالب هي أقدم النباتات في العالم وجلبت قبل نحو ثلاثة مليارات سنة الأوكسجين إلى الأرض. وهي تنتج حتى يومنا هذا بين 50 و80 في المائة من مجمل الأوكسجين.

وتوجد الطحالب في البحار والأنهار والبحيرات والمستنقعات. وبعض الأنواع بإمكانها تطوير أزهار هائلة حيث يمكن رؤيتها من فوق. ونمو الزهرة على هذه الصورة من مؤسسة ناسا لا يعود للطحالب، بل للبكتيريا. والطحالب تنمو أيضا فوق طوب السقوف وواجهات البنايات. وكضفيرة هي تعيش في تجانس مع فطريات مثلا فوق الأشجار أو الجدران.

ويفترض باحثون أنه يوجد أكثر من 400.000 نوع من الطحالب عالميا. ومعروف منها إلى حد الان فقط نحو 20 في المائة، علما أن الطحالب نافعة في كثير من الأشياء. وهي تُستخدم في الغالب في صناعة المواد الغذائية وحتى في قطاع البناء وصناعة الصيدلة والنسيج والطاقة البيولوجية. وينطلق علماء من حقيقة أن الطحالب لها مواهب خفية أكثر.

الأهم ان الطحالب باتت تُستخدم أيضا في الطب. فبعض مكونات الطحالب الحمراء تمتلك مفعولا مضادا للفيروسات ومهدئة للالتهاب ومضادة للأورام ونافعة للجهاز المناعي. وقد تكون نافعة أيضا في معالجة كوفيد 19. وكانت الطحالب الحمراء حسب دراسة نافعة ضد وباء انفلوينزا H1N1، كما أكدت منظمة الصحة العالمية.

كما تقدم الطحالب العديد من العناصر الغذائية مثل البروتينات والمغنيزيوم والكالسيوم وفيتامينات A و B12 و C. وحتى لو لا يعجبك الطبخ الآسيوي، فمن المؤكد أنك أكلت بعض الطحالب: فهي كمادة تماسك مكون هام في الحليب النباتي واللبن وتُستخدم كمثبت في السمن والأجبان.

السؤال الأكبر هل بإمكان الطحالب أن تشكل مستقبل صناعة البناء؟ ففي هامبورغ يوجد منذ عام 2013 بيت من الطحالب. الواجهة الخضراء مكونة من خلايا بيئية تحتوي على طحالب رقيقة. وفي المكونات الزجاجية للواجهة المملوءة بالماء يتم تربيتها وبيعها كمواد غذائية. والطاقة المستخرجة من الطحالب تساعدة من جهة أخرى في تدفئة البناية.

في حين اكتشف باحثون أنه من الممكن إنتاج الأسفلت من الطحالب. فالنباتات تعوض القطران الذي يحتوي على النفط. ومن تم يمكن الحفاظ على مخزون النفط. وليس هذا وحده فقط: ففي اليابان تسير حافلة منذ 2014 بديزل الطحالب. فهذا الوقود يمكن أن يقلص الانبعاثات المضرة بالمناخ بأكثر من النصف.

وأخيراً يمكن من خلال الطحالب الحفاظ على الشباب، اذ انها لا تمنع أن نتقدم في السن، لكن ربما أن يظهر ذلك علينا. فنحو 50 نوعا من الطحالب تُستخدم في أعمال التجميل داخل فنادق الاستجمام وصالونات التجميل. فالمواد الطبيعية للطحالب هي مادة جد واعدة ضد تقادم الجلد والتجاعيد، كل هذه الفوائد المذهلة واكثر تشكل كنزا خفيا لا يعرفه الكثير من البشر يمكن ان يغير مستقبلهم نحو الأفضل.

مطبخ المستقبل

تتمتع الأعشاب البحرية بالعديد من الفوائد الصحية، نظراً لاحتوائها على نسبة عالية من العناصر الغذائية. وفي الوقت الحالي تبحث العديد من الدراسات في إمكانية أن تكون الطحالب بديلاً غذائياً في المستقبل.

دراسات كثيرة تدور حول الفوائد الغذائية المتعددة للطحالب، والتي تمثل أحد أهم المكونات الأساسية في النظام الغذائي الآسيوي، وقد تكون بديلاً غذائياً أكثر استدامة في المستقبل، فهي تعتبر مصدراً غنياً بالمواد الغذائية الضرورية وتحتوي على نسبة جيدة من الكالسيوم والمغنيسيوم والحديد والفوسفور والبوتاسيوم واليود، بحسب العديد من الدراسات. كما تشكل الطحالب أيضاً مصدراً للبروتين وقد تكون بديلاً جيداً عن اللحوم الحمراء، التي يُنسب لها التسبب في أمراض خطيرة. إضافة إلى ذلك، فهي غنية جداً بمضادات الأكسدة ومضادات الفيروسات والمواد الخافضة للضغط التي يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في الصحة.

ولطالما كانت الطحالب مكوناً واسع الانتشار في المطبخ الآسيوي لعدة قرون. وتعد اليابان والصين وكوريا أكبر مستهلكين للأعشاب البحرية اليوم. ولكن نظراً لانتشار المطبخ الآسيوي في جميع أنحاء العالم، فإن التوجه إلى استخدام الأعشاب البحرية في إعداد الطعام يشهد تزايداً ملحوظاً في مطابخ العالم. وباتت الأعشاب البحرية، التي تعرف بـ "طحالب النوري"، اللازمة لتحضير وجبة السوشي اليابانية الشهيرة، رمزاً للمطبخ الياباني. بحسب ما نشره موقع (فود إنغريندينتس) الأمريكي.

وإلى جانب السوشي، هناك استخدامات كثيرة ومتعددة للأعشاب البحرية، سواء في أطباق الحساء أو الأرز أو الكريمات والسلطات والمعكرونة وغير ذلك، مما يضيف إلى الوجبة العديد من العناصر الغذائية.

ولأن الطحالب تعيش في المياه المالحة والعذبة، فإنها لا تتطلب تكاليف زراعية باهظة، ولا تتطلب استخدام الأسمدة. كما تتمتع الطحالب بعمر افتراضي طويل ويسهل نقلها. وبالتالي، فإن الزراعة المستدامة ممكنة - على نطاق واسع. ومع ذلك، فهي تمثل تحدياً لا يمكن إنكاره، كما تظهر التجربة الأولية. وتتطلب جودة مياه جيدة ومعدات مناسبة والكثير من المعرفة المتخصصة.

ويبقى السؤال قائماً حول ما إذا كان غذاء المستقبل سيأتي بشكل أساسي من البحر. ولكن ما يمكن قوله مبدئياً إن اختيار الطحالب يشهد قبولاً كبيراً ومتزايداً، وهناك إبداعات جديدة بشكل مستمر. بحسب ما نشره موقع (سبيكتروم) الألماني.

فوائد مذهلة لا يعرفها إلا الآسيويين

تختلف الآراء حول المطبخ الآسيوي، فهو معروف بتوابله الخاصة فضلا عن استخدامه لمكونات غير معروفة كثيرا مثل الطحالب البحرية، قد يكون تناول الطحالب غير مألوف، لكن فوائدها قد تجعل الكثيرين يقبلون على تناولها بدون تردد!

تكثر الدراسات التي تتحدث عن فوائد الأعشاب الطبيعية ودورها في الوقاية من أمراض كثيرة، فضلا عن أهميتها في علاج الكثير من الأمراض. ورغم تعدد الأعشاب الطبيعية، إلا أن لكل نوع فوائده الخاصة. وتعد الطحالب واحدة من أكثر الأعشاب المفيدة للصحة، وهو ربما ما لا يعرفه الكثيرون. ووفقا لما ورد في موقع "غيزوندهايت تيبس" فإن الطحالب تعد من المكونات الأساسية في النظام الغذائي الآسيوي، فهم يستخدمونها في تحضير أطباقهم منذ آلاف السنين. أما فوائد هذه الطحالب، فتعود إلى الأسباب التالية:

1.غنية بالمواد الغذائية الضرورية: تعد الطحالب البحرية مصدر غني بالمواد الغذائية الضرورية، فهي غنية بالكالسيوم، إذ تصل نسبة الكالسيوم فيها إلى 168 غراما في كل 100 غرام. وهي تفوق بذلك كمية الكالسيوم الموجودة في كلا القرنبيط والملفوف الأخضر. علما أن هناك أنواع من الطحالب تحتوي على كمية من المعادن تفوق نسبة المعادن الموجودة في مختلف منتجات الحليب. كما تحتوي الطحالب البحرية على كمية عالية من فيتامين "B12" وحمض الفوليك والمغنيزيوم. وجدير بالذكر أن سلطة الأعشاب البحرية غنية بالحديد وهي تفوق كمية الحديد الموجودة في اللحوم الحمراء بمعدل 25 بالمئة، كما أنها مصدر نباتي غني بالبروتينات.

2. غنية بالمواد المضادة للأكسدة: تحتوي الطحالب على كمية وفيرة من مضادات الأكسدة والمغذيات النباتية، فضلا عن العديد من القلويدات المعروفة بخصائصها القوية المضادة للأكسدة. ما يجعلها مفيدة جدا للوقاية من السرطان ودعم الجهاز المناعي لمكافحة الخلايا السرطانية. والطحالب معروفة بخصائصها القوية المضادة للالتهابات المسببة لأمراض مزمنة، فضلا عن دورها في تأخير الشيخوخة.

عشبة مخلب الشيطان: تعمل منذ مئات السنين على تخفيف آلام العضلات والعظام "الجهاز الحركي للإنسان". ويوصى بها لعلاج هشاشة العظام وآلام الظهر نظرا لخصائصها الجيدة المضادة للالتهابات. أظهرت دراسة علمية عام 2006 أن جرعة يومية (من 50 إلى 100 ميلليغرام) من كبسولات هذه العشبة المتوفرة في الصيدليات هي وسيلة موثوقة لتخفيف الآلام.

3.أفضل مصدر لليود: تعد الطحالب البحرية أفضل مصدر طبيعي لليود، فتناول غرام واحد من اليود يكفي لتغطية الاحتياج اليومي. ولعل صعوبة الحصول على هذه المغذيات الدقيقة، تدفع في كثير من الأحيان لإستخدام أملاح اليود، فاليود مفيد جدا للغدة الدرقية وصحة الدماغ.

4. مفيدة للقلب وتأخير الشيخوخة: من المعروف أن سكان جزر "أوكيناوا" هم من الاشخاص المعمرين. ، فسكان أوكيناوا معروفين بانخفاض مستوى الكوليسترول والحموض الأمينية المضرة بالقلب. لاشك أن ذلك ليس صدفة، بل للطحالب دور مهم في ذلك، فهي من المكونات الرئيسية في غذائهم. علما أن الطحالب بينة اللون معروفة بفوائدها على خفض ضغط الدم وتقليل خطر الإصابة بالجلطة الدماغية.

5. الطحالب تساعد على إنقاص الوزن: وفقا لموقع "غيزوندهايت هويته" أظهرت دراسة حديثة أن الأعشاب البحرية لها القدرة على تخفيض معدل امتصاص الدهون بنسبة 75 بالمئة، ما يساعد على تثبيط إنزيم الهضم "ليبزا". ما يعني أن تناول 100 غرام من الدهون مع الأعشاب البحرية، يسمح للجسم بامتصاص 25 غرام من الدهون فقط. ما يعني أن للطحالب مفعول مماثل للأدوية المضادة للسمنة ولكن بدون آثار جانبية. فضلا عن أن اليود الموجود في الطحالب يعزز عمل الغدة الدرقية، ما يزيد استقلاب الخلايا ويساعد بدوره على حرق السعرات الحرارية بشكل أكثر كفاءة.

مواكبة تغير المناخ

أظهرت دراسة جديدة أن الطحالب البحرية الصغيرة يمكنها أن تتطور بسرعة تمكنها من مواكبة تغير المناخ في مؤشر على أن بعض الكائنات البحرية قد تكون أكثر قدرة على التأقلم مع ارتفاع درجات الحرارة ونسبة الحموضة في المياه.

أثبتت دراسة حديثة نشرت الدارسة في دورية نيتشر كلايميت تشينج أن هناك نوعا من الطحالب المتناهية الصغر التي تنتج 500 جيل في العام أي أكثر من جيل في اليوم الواحد يمكنها التحمل والنجاة حتى لدى تعرضها لدرجات الحرارة العالية ومستويات الحموضة في المحيطات المتوقعة في منتصف الخمسينات من القرن الحادي والعشرين.

وهذا النوع من الطحالب الذي يطلق عليه اسم (اميليانا) هو مصدر رئيسي للطعام بالنسبة للأسماك وكائنات بحرية أخرى كما أنه يمتص كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون وهو من الغازات الأساسية المسببة لظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض أو ما يعرف بالاحتباس الحراري أو ظاهرة البيوت الزجاجية. جدير بالذكر أنه الدراسات العلمية التي تحاول استنتاج كيف سيؤثر ارتفاع درجة الحرارة على كوكب الأرض خلال العقود القادمة لا تتطرق عادة إلى عنصر التطور لأن التغيرات الجينية تحدث ببطء بما لن يساعد الكائنات الكبيرة مثل الحيتان وأسماك التونا والقد.

وقود الطائرات

كشف علماء ألمان عن إمكانية صناعة وقود للطائرات صديق للبيئة مصنوع من الطحالب البرية خلال بضع سنوات، ويسعى العلماء إلى البحث عن نوع خاص من الطحالب يجعل تكلفة الوقود أقل تكلفة.

قال علماء من ألمانيا إنه من الممكن صناعة وقود طائرات من الطحالب البحرية خلال بضع سنوات. وبحسب أندرياس مولر من مركز أبحاث يوليش الألماني فإنه من المحتمل أن يبدأ تسير الملاحة الجوية بالطحالب عام 2020. وأوضح مولر أن صناعة وقود الطائرات من الطحالب لا يمثل مشكلة تقنية بل قضية بيئية.

ويرى يواخيم بوزيه، رئيس جمعية مبادرة الوقود الحيوي التابعة لشركات الطيران الألمانية "ايه أي ار إي جي" أن الزيوت النباتية المصنوعة من النباتات الزراعية على وشك دخول ساحة المنافسة مع الوقود التقليدي. وتسعى هذه الجمعية لتعزيز فرص أنواع الوقود البديل الأقل ضررا بالبيئة بسبب قلة نسبة ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن احتراقها. ويعتقد بوزيه أن الأجيال القادمة من وقود الطائرات ستكون على الأرجح مصنوعة من الطحالب لأن الطحالب لا تستحوذ حسب بوزيه على مساحات كبيرة من الأراضي ولا تضيق على المنتجات الزراعية وتنتج كتلة احتراقية كبيرة في مكان ضيق وهو الخراطيم والمواسير أو المصافي وتصل نسبة الزيوت بها إلى 70في المائة، وهي نسبة شبيهة بالزيوت النباتية

وهناك تقديرات حسابية تشير إلى أن سعر وقود الطائرات المصنوع من الطحالب يزيد عشرة مرات عن سعر وقود الطائرات المصنوع من النفط التقليدي وهو ما جعل باحثي مركز يوليش ينطلقون في البحث عن نوع خاص من الطحالب يكون الأنسب لصناعة وقود صديق بالبيئة.

مصدر الكهرباء في المستقبل

ابتكرت مجموعة من العلماء في جامعة كولورادو الأميركية طريقة جديدة لتوليد الكهرباء، وذلك من خلال استغلال عملية التمثيل الضوئي التي تقوم بها الطحالب، فهل تصبح أكثر الكائنات الدقيقة انتشارا على الأرض مصدر الكهرباء مستقبلا؟

أشارت نتائج بحث حديث إلى أن العلماء حققوا تقدما ملموسا في مجال توليد الطاقة الكهربية من الطحالب، ما يمثل فتحا جديدا في ميدان تكنولوجيا الطاقة الخضراء لمكافحة تغير المناخ. وقالت كلية الهندسة بجامعة كولورادو إن هذه التقنية تستغل عملية التمثيل الضوئي التي تقوم بها الطحالب وهي من أكثر الكائنات الدقيقة شيوعا على كوكب الأرض.

وقال الباحثون إن سيلا من الالكترونات ينطلق بصورة طبيعية أثناء عملية التمثيل الضوئي ويمكن بالاستعانة بأقطاب كهربية توضع على الطحالب النباتية جذب هذه الالكترونات وتحويلها الى طاقة كهربية، وهي تقنية تقلل من تداعيات الاحتباس الحراري.

وأضاف الباحثون أن الطحالب تلتقط خلال عملية التمثيل الضوئي غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، ما يقلل من الانبعاثات الكربونية في الجو فضلا عن توليد طاقة نظيفة، كانت ألمانيا الرائدة عالميا في تطوير الطاقة الشمسية. وتبلغ نسبة الكهرباء، التي يتم إنتاجها باستخدام الطاقة الشمسية ستة في المئة من إجمالي الكهرباء المتوفرة حاليا في ألمانيا.

وأضاف الباحثون -في الدراسة التي شارك فيها علماء من كندا ونشرت في دورية التكنولوجيا- أنه في غضون خمسة أعوام سيتسنى للناس شحن هواتفهم الذكية من هذه الطاقة وأشاروا إلى أن الأمر يتطلب أكثر من عشر سنوات حتى تحل طاقة الطحالب محل الطاقة الشمسية، وفي سياق المقارنة بين الطاقة المستمدة من ألواح الطاقة الشمسية وتلك الناشئة عن الطحالب، قال الباحثون إن الأولى تعتمد على بلورات السليكون الموجودة في شرائح الكمبيوتر وهي مادة خطيرة، أما تقنية كهرباء الطحالب فهي صديقة للبيئة ولا تتضمن الاستعانة بأي مواد خطيرة.

وتتطلب الطاقة الجديدة توصيل أقطاب رفيعة من الذهب بتكوينات الطحالب في إطار جهاز عرضه نحو سنتيمترين. ويقول الباحثون إنهم يسعون لنيل براءة اختراع عن هذه التقنية ويأملون بتطويرها وتصميم نماذج مكبرة منها ما يجعل منها أكثر فائدة من حيث الجدوى الاقتصادية. وعلى خلاف الطاقة الشمسية التي لا تعمل ليلا فإن طاقة الطحالب تعمل خلال ساعات اليوم كله نهارا وليلا.

"بيت الطحالب" ابتكار لتوليد الطاقة النظيفة

لونه أخضر وبداخله أحواض مياه متحركة، إنه مبنى "بيت الطحالب" في هامبورغ الذي يستفيد من الطحالب في توليد الطاقة لتسخين مياه المبنى والزيوت لشركات مستحضرات التجميل والمواد الخام لوحدات الطاقة الحيوية.

بدأ القائمون على تقديم الأفكار الحديثة والمبتكرة للمباني الجديدة، عملهم في مدينة هامبورغ الألمانية في آذار/مارس الماضي. ولا تقتصر الأفكار الجديدة على إمداد المنازل والمباني بوسائل توفير الطاقة فحسب، بل وإنتاجها أيضا. ويتركز العمل على فكرة فريدة من نوعها، وهي فكرة "بيت الطحالب" الذي يعتمد على طاقة الطحالب للتدفئة وإنتاج أشكال الطاقة المختلفة.

يحتوي المبنى على 129 من الأحواض الزجاجية التي تشبه أحواض السمك. فجأة يتحول لون الماء في الأحواض إلى الأخضر القاتم. بحماس وسعادة كبيرين يتابع مارتن كيرنر، المدير التنفيذي لشركة "إس إس سي" المشاركة في تصميم المبنى، تحول الماء إلى اللون الأخضر ويقول: "الآن يتم ملأ الأحواض، يمكن متابعة عملية ضخ الطحالب"

يتطلب الحفاظ على هذه الطحالب المتناهية في الصغر داخل الأحواض الزجاجية درجة عالية من الاهتمام، فهي لا تحتاج لطريقة تغذية معينة فحسب، بل لثاني أكسيد الكربون أيضا. يعتمد الخبراء على الانبعاثات الصادرة من وحدة تدفئة بالغاز موجودة في "مركز الطاقة" بالطابق السفلي للمبنى، المكون من خمسة طوابق، للحصول على ثاني أكسيد الكربون اللازم.

تحتاج الطحالب لقدر معين من ضوء الشمس، دون أن تشكل زيادته خطورة على حياتها. ويوضح كيرنر الأمر قائلا:"تعيش الطحالب عادة على عمق معين في الماء، لذلك فهي لا تتحمل ضوء الشمس المباشر".

وللتغلب على هذه المشكلة يجب تحريك المياه في الوحدات الزجاجية بشكل قوي ومنتظم لضمان تعرض الطحالب لضوء الشمس لفترة وجيزة تحقق لها الاستفادة المطلوبة دون أن تضرها. ولا تقتصر ميزة عملية تحريك المياه على ضمان حياة الطحالب فحسب، لكنها تعطي شكلا مثيرا للاهتمام لمن يشاهد المبنى من الخارج.

يبدأ كيرنر في تشغيل مركز الطاقة الموجود في الطابق السفلي للمبنى و يشير عالم الأحياء إلى حاوية معدنية كبيرة ويقول : "هذه بمثابة ماكينة الحصاد بالنسبة لنا، فهي تقوم بفلترة الطحالب بشكل منتظم". تنتج الطحالب الناضجة أشكالا من الطاقة يمكن استخدامها أكثر من مرة، كما يوصي كيرنر.

يجري العمل هنا وفقا لإستراتيجية محددة، إذ يتم في البداية استخراج المكونات ذات القيمة الكبيرة، وخاصة زيت الطحالب الذي يحمل أهمية كبيرة لشركات الدواء ومواد التجميل. تدفع الشركات ما يصل إلى 60 يورو مقابل كل كيلوجرام من هذه المستخلصات القيمة التي يمكن استخدامها في تصنيع المكملات الغذائية والأغذية المجففة. أما ما يتبقى بعد فصل هذه المواد فينتهي به الحال غالبا في وحدات تحليل المواد العضوية وإنتاج الغاز الحيوي منهما.

لا يقتصر دور جدران المبنى على كونها مفاعلا حيويا للطحالب فحسب، بل إنها تؤدي أيضا وظيفة وحدات الطاقة الشمسية. فالشمس تقوم بتسخين المياه الموجودة في الأحواض الزجاجية وعندها يقوم محول حراري بسحب هذه الطاقة الحرارية لاستخدامها في تسخين الماء في المبنى.

ويرغب كيرنر وفريق عمله مستقبلا في تركيب خلايا شمسية رقيقة على الجدران الزجاجية للمبنى وبهذا لن تقتصر مزايا "بيت الطحالب" على توليد الطاقة الحرارية والكتلة الحيوية فحسب، بل إنتاج الكهرباء النظيفة أيضا.

رغم كل هذه المزايا والتقنيات المتطورة إلى أن فكرة "بيت الطحالب" لا ينطبق عليها حتى الآن معايير النجاح التجاري، كما يقول كيرنر:"سنحاول في السنوات المقبلة معرفة الأمر بدقة وتحديد حجم الطاقة الحرارية والكتلة الحيوية التي ينتجها المبنى وإمكانيات الاستفادة منها".

يحاول الخبراء تطبيق معايير النجاح التجاري على فكرة "بيت الطحالب"، من بين القضايا التي مازالت مفتوحة، مسألة استخدام نظام حصاد آلي وإمكانية الوصول للهدف المحدد بإنتاج 5،1 طن من كتلة الطحالب سنويا. ولن يستطيع الخبراء الإجابة على هذه الأسئلة قبل تشغيل المبنى لعدة سنوات أولا.

لكن الأمر الواضح بالفعل الآن هو أن هذه التقنية لا تصلح للبيوت العادية بسبب تكلفتها العالية. ويدرك كيرنر هذا الأمر ويقول:"نستخدم هنا في هامبورغ 200 متر مربع، و هي أقل مساحة ممكنة. استخدام مساحات أكبر يعتبر أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية، إذ نحتاج لنظام تشغيل وحصاد كامل وهي تكاليف إضافية لا تكون مجدية مع المساحات الصغيرة"، وإذا نجحت فكرة "بيت الطحالب" في تحقيق معايير السوق وصارت قابلة للتنفيذ على نطاق واسع، فمن الممكن أن تعتمدها الشركات الكبرى أو ناطحات السحاب والفنادق الفاخرة التي تفضل المباني المثيرة للاهتمام وترغب في الوقت نفسه في عمل شيء لصالح البيئة.

الحل لمشكلة التغير المناخي

باتت مشكلة التغير المناخي خطراً يهدد العالم بأسره، وتهدد بانصهار الكتل الجليدية في مناطق عدة من العالم. احد الباحثين الألمان يقوم بتطوير مشروع بيئي لتنقية الهواء من الغازات المنبعثة والضارة بالبيئة من خلال الطحالب.

لا يمر يوم من الأيام دون أن نقرأ موضوعاً يتعلق بمشكلة التغير المناخي، الذي بات يُشكل خطراً على مستقبل الحياة على كوكبنا الأزرق. فأصبح من الضروري اتخاذ إجراءات وقائية للحد من انتشار هذه المشكلة التي تتسبب في ذوبان الجبال الجليدية في المناطق الباردة، الأمر الذي يتسبب في انحساراً في القطب الشمالي. وأصبحت هذه المشكلة تهدد التوازن البيئي على كوكب الأرض. ومن اجل مواجهة هذه المخاطر يحاول العلماء جاهدين إيجاد حل لهذه المعضلة ولتفادي ما قد يكون أسوأ.

وفي هذا الصعيد، قام باحثون ألمان من مدينة بريمن بدراسات علمية على الطحالب البحرية وتوصلوا في نهايتها إلى إمكانية إيجاد حل لهذه المشكلة. ويكمن الحل في إنشاء مفاعلات بيئية تتولى مهمة تنقية الهواء من غاز ثاني أكسيد الكربون. وتتلخص الفكرة في تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى وقود بيئي بمساعدة الطحالب.

يقوم البروفسور لورنس تومسون من جامعة ياكوبس الخاصة في بريمن بأبحاث علمية على الطحالب البحرية. ويرى العالم الألماني أن هذه الأبحاث ستشكل الحل لمشكلة التغير البيئي، إذ يتوجب بناء مفاعلات بيئية ضخمة مهمتها تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث من مداخن محطات توليد الطاقة والذي تقوم بامتصاصه الطحالب، إلى وقود بيئي يمكن الاستفادة منه. ويعتقد تومسون أنه "في غضون عشر سنوات سيكون ممكناً تحويل أراضي بمساحة 20 إلى 30 كم مربع على شواطئ البحر الأبيض المتوسط لتصبح مفاعلات تستطيع تقليل نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث في الجو بشكل واضح".

ولن يقتصر دور الطحالب على تنقية الهواء من غاز ثاني أكسيد الكربون، وإنما ستشكل في الوقت نفسه مادة بيئية، يمكن استخدامها في استخراج الزيت والإيثانول الطبيعي، ويمكن فيما بعد تحويلهما إلى وقود للسيارات. إلا أن تومسون يعول على ما هو أكبر من ذلك، فهو يريد تحويل نصف المادة البيئية فقط إلى وقود. أما النصف الأخر فهو يتوقع له استخداماً مستقبلياً كمادة تستخدم في البناء، إذ يمكن استعمالها كمادة عازلة في بناء الأساسات. "ولكن كل ذلك ما زال بحاجة إلى المزيد من البحوث"، كما يقول تومسون.

المشروع يلقى اهتماماً كبيراً، تتابع مولدات محطات توليد الطاقة لمدينة بريمن هذا المشروع باهتمام بالغ. الجدير بالذكر ان الإمكانيات المتاحة حالياً هي تصريف غاز ثاني أوكسيد الكربون تحت الأرض، حسب ما أشارت إليه بيترا غيبه، المتحدثة باسم إدارة المشروع. وتضيف غيبه بالقول: "من الرائع أن نقضي على هذه السموم بواسطة الطحالب". وإذا ما انتهت الأبحاث في هذا المشروع سيتوجب علينا التعاون مع القائمين عليه. أما المشكلة الوحيدة التي تراها غيبة فتتمثل بالمساحات التي ستخصص لهذا المشروع، الأمر الذي لم يغيب حتماً عن ذهن البروفسور تومسون. ولأن الطحالب بحاجة تامة إلى الشمس، فهو يريد استغلال الأراضي غير المستخدمة في الزراعة كتلك الموجودة مثلاً في الجنوب الإسباني. ولكن يكون ضرورياً أن تكون المفاعلات البيئية قريبة من البحر أو من الأراضي الزراعية، ذلك أن الماء الممزوج بالطحالب سينقل بواسطة الأنابيب.

الطحالب الحمراء تجعل من تونس "رائدة" في المجال في حوض المتوسط

يجني مزارعون في سبخة في شمال تونس طحالب حمراء زرعوها بأنفسهم ثم ينقلونها إلى مصنع هو الأهم في منطقة المتوسط في إنتاج وتحويل هذا الصنف من النباتات التي تشهد رواجا، وبعد أن قامت شركة "سلت مارين" المتخصصة في الأنسجة الغذائية منذ سنوات بأبحاث حول زراعة الطحالب الحمراء، شرعت وللمرة الأولى هذه السنة في جمع الطحالب على مستوى صناعي.

وسط مياه سبخة هادئة بالقرب من محافظة بنزرت (شمال)، تفرغ بعض النساء العاملات سلالهن من الطحالب ذات اللون الأخضر المائل إلى الحمرة وتقطع منها بعض أجزاء تضعها في مسابح صغيرة.

بعد ذلك، يثبت العاملون هذه القطع حول شباك أسطوانية يلقونها في مياه البحيرة، ويقول صاحب المشروع والمستثمر الفرنسي من أصول تونسية منير بكلوط الخبير في الطحالب "نجمع 10 في المئة من الكتلة الإحيائية ثم نزرعها في البحيرة وننتظر أن تلعب الطبيعة دورها وبعد 45 يوما نجني: إنه الافتسال" (أخذ فسيلة من النبتة الأم وزراعتها لتكثيرها).

ويكشف صاحب المشروع أن كيلوغراما واحدا من الطحالب يتكاثر طيلة شهر ونصف ويتضاعف وزنه عشر مرات، ما يسمح بتنمية الإنتاج من دون استنزاف الموارد الطبيعية كما هي الحال مثلا في المغرب وتشيلي حيث أثّر الصيد البحري المكثف سلبا على وجود الطحالب الحمراء، وتُنقل الطحالب في مرحلة تالية إلى التجفيف بوضعها تحت أشعة الشمس فوق طاولات كبيرة ثم تأخذ طريقها إلى المصنع لتتحوّل لاحقا إلى أنسجة غذائية وجيلاتين وإضافات غذائية أخرى.

بدأ هذا الصنف من الجيلاتين المستخرج من الطحالب يحلّ شيئا فشيئا محل الأصناف الأخرى المستخرجة من لحم الحيوان، كما تُستعمل الطحالب الحمراء اليوم في عمليات صناعة مواد التجميل والأدوية.

وتعتبر آسيا الموطن الأساسي لزراعة الطحالب، وهي الأولى عالميا من الناحيتين الإنتاجية والاستهلاكية. لكن المناخ في تونس ملائم لهذه النباتات ويساهم غرسها في حفظ النظام البيئي لأنها تمثل نظاما بيئيا متكاملا توجد فيه أصناف من القشريات على غرار القريدس والمحار والأسماك الصغيرة، ويوضح بكلوط أن الطحالب تتكاثر استنادا إلى التمثيل الضوئي من خلال مواد كالآزوت والفوسفور، وهي تشكل "إزالة طبيعية للتلوث في السبخة".

ويقوم مصنعه الموجود في منطقة بن عروس بضواحي العاصمة منذ 25 عاما بعمليات تحويل للطحالب التي يتم جلبها أساسا من دول آسيوية، ويأمل بكلوط من خلال عملية الجني الأولى الحصول على 500 طن من الطحالب الرطبة وسيعمل على مضاعفة المساحة المزروعة إلى ثلاث مرات لتصل إلى 40 هكتارا، ما يمكّنه من جمع 3500 طن. كما يطمح إلى أن تبلغ المساحة خلال الثماني سنوات القادمة ثمانين هكتارا.

ويؤكد الخبير في الزراعة المائية في البحر الأبيض المتوسط في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة حسام حمزة أن "تونس رائدة" في منطقة المتوسط في هذا المجال، ويوضح أن "سلت مارين" هي الشركة الوحيدة المتخصصة في زراعة الطحالب الحمراء في المنطقة، وتملك بالإضافة إلى ذلك خبرة في "تحويل الطحالب إلى منتوجات مختلفة" ما يعطيها أهمية أكبر محليا.

وسواء كانت مستوردة أومحلية، يتمّ طهي الطحالب على حرارة 90 درجة للحصول على سائل جيلاتيني يتم عصره وتجفيفه لاحقا وطحنه ليصبح مسحوقا أبيض اللون، يمزج بعد ذلك مع مواد أخرى ويستعمل كمستحضر في منتوجات الحليب ومشتقات اللحم والحلويات وصناعة المرطبات ويباع لشركات محلية ودولية أيضا بينها في تركيا والصين.

وتقول المتخصصة في قسم البحوث والتنمية في شركة "سلت مارين" مريم محي الدين إن الأبحاث متواصلة في مجالات استعمال الجيلاتين المستخرج من الطحالب: في الزجاجات القابلة للتحلل والمعكرونة الشريطية وكذلك "ناغتس" مصنوعة من الطحالب لكن بنكهة اللحم والتي سيتم تسويقها قريبا.

ويؤكد بكلوط الذي انتظر تراخيص إدارية لمدة عشرين عاما، أن مشروعه الذي يشغّل حوالى مئة عامل سيتوسع ليسمح بتوظيف 500 شخص إجمالا خلال العامين القادمين، ويخلص حمزة إلى أن الطحالب تشكّل "فرصا للاقتناص"، مضيفا "يقع علينا أيضا أن نكون إلى جانب تونس، البلد الغنيّ بالكفاءات والشباب الموهوب".

اضف تعليق