q
ظاهرة انتشار السلاح خارج إطار الدولة ليس بالظاهرة الحديثة بل هي قديمة وذات عمق تأريخي وهي ترتبط بالمجتمعات خصوصاَ التي تعاني من فقدان الأمن وعدم الاستقرار بسبب ضعف سلطة الحكومة وتضاؤل قدرتها على بسط الأمن مما أدى تنامي القناعة باللجوء إلى الجهود الفردية أو الجماعية سواء المنظمة...
تحرير: عمر الصالحي

ناقش مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية وضمن نشاطاته الفكرية الشهرية موضوعا حمل عنوان (انتشار السلاح خارج إطار الدولة.. الأسباب، التداعيات وسبل المعالجة)، بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي عقد بمقر المركز.

قدم الورقة النقاشية وأدار الجلسة الحوارية الدكتور قحطان حسين طاهر أستاذ جامعي وباحث في مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية، وابتدأ حديثه قائلا:

"إن ظاهرة انتشار السلاح خارج إطار الدولة ليس بالظاهرة الحديثة بل هي قديمة وذات عمق تأريخي وهي ترتبط بالمجتمعات خصوصاَ التي تعاني من فقدان الأمن وعدم الاستقرار بسبب ضعف سلطة الحكومة وتضاؤل قدرتها على بسط الأمن مما أدى تنامي القناعة باللجوء إلى الجهود الفردية أو الجماعية سواء المنظمة أو غير المنظمة لغرض التأمين على حياة ومصالح الأفراد والجماعات، وهناك أسباب أخرى لانتشار السلاح خارج إطار الدولة منها:

1- الموروث التاريخي والثقافي الذي انتقل عبر الأجيال والذي رسخ في ذهنية بعض المجتمعات أن اقتناء السلاح غير المرخص مرتبط بأمن وكرامة وهيبة الأفراد وهذه النظرة وان كانت سائدة في مجتمعات ما قبل الدولة الا انها استمرت بعد نشوء الدولة أما بسبب ضعف سلطاتها أو عدم قدرة الافراد والمجتمعات على التكيّف مع متطلبات الدولة القاضي بحصر السلاح بيد مؤسساتها فقط.

2- سهولة الحصول على السلاح واقتناءه بسبب شيوع التجارة به وعدم تركيز الدولة على مصادرته ومعاقبة من يقتنيه بشكل غير قانوني ليتم استخدامه فيما بعد في نشاطات متنوعة.

3- قيام بعض الدول المجاورة او حتى غير المجاورة ممن تتبنى غايات سياسية الى تسهيل دخول السلاح غير المرخص الى دولة معينة مما يؤدي الى انتشار السلاح بشكل واضح.

4- وجود جماعات سياسية مسلحة تمتلك سلطة توازي سلطة الدولة وهنا تبرز اشكالية كبيرة تتمثل ان هذه الجماعات تمتلك من القوة والهيمنة ما يمنع مؤسسات الدولة الامنية من مواجهتها ونزع سلاحها أضف الى ذلك ان الكثير من العشائر بدأت تستحوذ وتقتني السلاح بشكل منظم بعيدا عن سلطة الدولة كونها تخشى من الصراعات العشائرية التي بدأت تتفاقم بوتيرة متزايدة.

ولاشك ان لظاهرة انتشار السلاح تداعيات خطيرة جداَ على مجمل الاوضاع السياسة والاقتصادية والاجتماعية والامنية اذ يشكل سلاح الجماعات خطراَ على امن المجتمع واستقراره خصوصا عندما يصل الى حجم ينافس فيه سلاح الدولة مما يضعف من قوة مؤسسات الدولة ويجعلها غير قادرة على ضبط الامن بشكل صحيح.

كما ان السلاح خارج إطار الدولة يخلق بيئة غير آمنة للنشاطات الاقتصادية المختلفة مما يؤدي الى ضعف أو غياب التنمية الاقتصادية وان النزاعات العشائرية ازدادت بشكل خطير وقد تتفاقم الى حروب عشائرية.

اما أمنيا فالخطر كبير ايضاَ في ظل سهولة اقتناء السلاح وتنقله واستخدامه أصبح الجميع لا يأمن على حياته وأصبح الجميع يفكر في كيفية تجنب خطر السلاح مما خلق أجواء من الريبة والخوف غير المشجعة لأي نشاط إيجابي.

وان استمرار ظاهرة انتشار السلاح خارج إطار الدولة يقضي على كل الآمال والفرص بتحقيق نهضة كبيرة في الميادين كافة بما يضمن توفير العيش الكريم والرفاهية للمواطن وليس هناك مستفيد من هذه الظاهرة سوى الافراد والجماعات التي تستغل ضعف الدولة لكسب المزيد من الامتيازات على حساب المنفعة العامة للشعب لذلك لابد للدولة أن تسعى بكل امكانياتها للقضاء على ظاهرة انتشار السلاح خارج إطار الدولة وبشتى الطرق سواء كانت السلمية أو حتى سبل القسر والاكراه.

ولعل من اهم السبل التي من الممكن ان تعتمد عليها الحكومة لتحقيق هذا الهدف هو تجاوز حالة الضعف في مؤسسات الدولة الامنية التي تعاني من الفساد والتحزب وغياب المهنية والوطنية لدى الكثير من منتسبيها ليشعر المواطنين جميعا بان مؤسسات الدولة قادرة على حمايتهم من اي تهديد.

ولإغناء الموضوع واحاطته من جميع جوانبه نضع التساؤلات التالية امام انظار المهتمين ليتسنى لهم الاجابة عليها.

السؤال الاول/ ما هي اسباب انتشار السلاح خارج إطار الدولة بهذا الشكل الخطير وماهي تداعياته على حاضر ومستقبل المجتمع والدولة.

السؤال الثاني/ ماهي سبل القضاء على ظاهرة انتشار السلاح خارج إطار الدولة ومعالجة آثارها الخطيرة؟

المداخلات

تغول الأحزاب السياسية

الدكتور اسعد كاظم شبيب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة أوضح:

"إن ظاهرة انتشار السلاح خارج إطار القانون يأتي ضمن شيوع الفوضى وتراجع تطبيق وسيادة القانون الذي كان من ابرز عيوب التغيير السياسي بعد عام 2003 اثر سقوط النظام الاستبدادي، يرجع تسيب السلاح بيد الأفراد والجماعات إلى أسباب عديدة أبرزها تغول الأحزاب السياسية من كل الاتجاهات والمكونات على الدولة، حيث فرضت هذه الأحزاب سلطتها على قوة الدولة ومؤسساتها مما جعل من قوة الأحزاب اكبر من قوة الدولة بل ان الدولة تحولت إلى كيان هش بيد هذه الأحزاب، ويمكن السبب الآخر في تغول السلاح الاضطرابات الأمنية والسياسية قبل عام 2003وبعده تحت عناوين مختلفة.

الحل في منع انتشار السلاح يمكن في تطبيق القانون على الجميع والاحتكام إلى المؤسسات الرسمية على مختلف الصعد الأمنية والسياسية وفرض عقوبات صارمة في قانون الأحزاب السياسية على الأفراد والجماعات التي تتوسل بالعنف وقوة السلاح إذ بالنتيجة الديمقراطية والسلاح لا يجتمعان".

تنفيذ صكوك الأمم المتحدة بشأن مراقبة الأسلحة الصغيرة

الدكتور علي هادي حميدي أستاذ العلاقات الدولية والاستراتيجية في جامعة القاسم الخضراء-كلية العلوم:

"يتعين على الحكومة العراقية تنفيذ صكوك الأمم المتحدة بشأن مراقبة الأسلحة الصغيرة، خاصة اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2001 التي انضم اليها العراق في 17 مايس 2008. وبروتوكول مكافحة صنع الأسلحة النارية وأجزائها ومكوناتها والذخيرة والاتجار بها بصورة غير مشروعة لعام 2001 التي انضم اليها العراق في 23 مايس 2013.

وبموجب هذه الصكوك الدولية يتعين على الحكومة العراقية أن تقوم بتنفيذ ثلاث مجموعات من الأحكام المتعلقة بالأسلحة النارية، وهي:

1- وضع نظام ترخيص فيما يتعلق بالصنع والاتجار.

2- اعتبار الصنع والاتجار غير القانونيين من الجرائم الجنائية.

3- وضع أحكام بشأن وسم الأسلحة النارية وتعقّبها.

السعي في تثقيف من يمتلك السلاح

الباحث حسن كاظم السباعي اشار الى ان:

"امتلاك السلاح شيء واستخدامه شيء آخر، و هذه الظاهرة لا تخص مجتمع دون آخر، سواءً كانت هنالك حكومة ديمقراطية مستقرة أو أوتوقراطية غير مستقرة، ومثال ذلك المجتمع الأمريكي أو حتى بعض المجتمعات الأوروبية التي ينتشر فيها السلاح بنسبة كبيرة سواء برخصة قانونية أو بدونها وخارج إطار الدولة، أما المطلوب فليس وضع حدّ لهذه الظاهرة بقدر ما هو السعي في تثقيف من يمتلك السلاح، فنسبة ضبط استخدام السلاح لا يرتبط ونسبة انتشاره، فهنالك مجتمعات لا يملك أفرادها السلاح، بل وحتى جهاز الشرطة كالمجتمع النيوزيلندي لا يحمل السلاح، لكن فلتات سوء الاستخدام موجودة، وما حصل في إحدى المساجد قبل عامين ونصف مثال قريب على ذلك؛ حيث الذي أطلق النار كانت لديه رخصة قانونية وفي إطار الدولة، مما يعني أن المشكلة ليست في امتلاك أو عدم امتلاك السلاح بقدر ما أنه في أخلاق من يحملها ووعيه وضبطه لنفسه.

لذلك لا عتب ولا لوم في انتشار السلاح عند مجتمع كـالمجتمع العراقي الذي يفقد الكثير من أساسيات الأمن والاستقرار، وتحوم حوله الأفاعي والذئاب، ذلك لأنَّنا نرى أن ما يسبب في حدوث الاعتداءات وارتكاب الجرائم وحوادث إطلاق النار في العراق ليس هو وجود السلاح، وإنما هو الاستهتار وفقدان الوعي والمسؤولية والمنطق والأخلاق وضبط النفس من جانب ما؛ فالذي يطلق النار على فرد أو أفراد بسبب أنه قد تم تجاهله حين توزيع الطعام في مأدبةٍ ما، أو الذي يعتدي على جاره بإشهار السلاح وإطلاق النار لأنّ ديك الجيران قد اعتدى على دجاجته! ومن الواضح جدًا أن سبب هذه الحوادث ومثيلاتها ليس هو وجود السلاح وإنَّما التساهل في استعماله ممن هم ليسوا مؤهلين أو لاعتقادات عشائرية أو انتمائية محضة. وعليه نتيقن أن هذه الضحايا إن لم تُقتل بالسلاح فلا أقل ستُقتل خنقًا أو غرقًا، فالذي يتعصب لفكرة ما بدون ضبط النفس حتى لو لم يمتلك سلاحا ناريًا فإنَّه سيستخدم الأسلحة الباردة. وهكذا الأمر عند المجتمعات العشائرية التي ترى لها سلطانًا كسلطان القانون وبدون رحمة.

من جانب آخر؛ هنالك مجموعة حازت على السلاح للدفاع عن الوطن أو النفس، فليس المطلوب نزع السلاح منهم، بل المطلوب هو تذكيرهم ليعرفوا متى وأين يجب استخدامه، هو بأعناقهم أمانة لحماية الأعراض والوطن كما سبق، وإن تم تجريد أمثالهم من السلاح فإنَّ ذلك يشكل خطرًا من قبل من يتربص بالعراق الدوائر، من هنا فإنّه علينا أن نلتفت إلى الجانب الآخر (الإيجابي) من حمل السلاح أو امتلاكه، وهو جانب الدفاع لا الاعتداء كما ورد في تراثنا المقدَّس. والاعتبار من مغبة القتل والانقسامات الداخلية والعشائرية التي حدثت في التاريخ وأتاحت الفرصة للمستعمر والغث للتلاعب بخيرات العراق واستعباد شعبه عن طريق توزيع الأسلحة بالخفاء واشعال جذوات الفتن وإيقاظ النائم منها لمصالحه الخاصة عن بعد. والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين".

احتكار القوة المادية بيد الدولة

الدكتور علاء إبراهيم الحسيني أستاذ جامعي وباحث في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:

"هنالك قصور أو تعطيل في بعض النصوص القانونية سبب أو يتسبب في قضية انفلات السلاح في المجتمع العراقي حيث نجد ان الدستور العراقي تناول في المادة التاسعة منه مسألة القوات المسلحة في البلد وحصرها بالدولة ومنعت المادة التاسعة كذلك تشكيل أي ميليشيات خارج نطاق الدولة وهي ما نسميه (حصر السلاح أو حصر القوة المادية بيد الدولة) لأنها هي الوسيلة الوحيدة التي تميز الدولة عن بقية الأشخاص المعنوية الأخرى كالشركات والجمعيات وغيرها، وبهذا الفعل تحتكر القوة المادية قوة القسر أي قوة السلاح ولذلك هي الوحيدة المخول بأن يشكل قوات مسلحة وقوى امن داخلي تتمكن من حمل الأسلحة وتتمكن من لبس بزة معينة خاصة تتمثل بها هيبة الدولة وكيانها.

أما من الناحية القانونية هنالك العديد من النصوص القانونية التي تنظم مسألة السلاح وتنظم عمل القوات المسلحة من حيث خدمتها او تقاعدها والنصوص التي تحكمها وعلى سبيل المثال (قانون الخدمة والتقاعد العسكري وقانون الخدمة والتقاعد لقوى الامن الداخلي) الذي نظم كيفية الانتماء للقوات المسلحة ونظم اصنافها وبين أحكام منح رتبها.

بالإضافة لوجود قانون مهم في العراق وهو (قانون الأسلحة في العراق) الذي نظم الأسلحة وصنفها الى صنفين:

1- أسلحة عسكرية او حربية وهي السلاح الثقيل ومسموح باقتنائه للقوات المسلحة وقوى الامن الداخلي فقط.

2- أسلحة نارية وهي الأسلحة الخفيفة التي ممكن ان يقتنيها الافراد لكن بشرط واحد وهو الاجازة والمخول الوحيد لمنح هذه الاجازة هو وزير الداخلية وفق ضوابط وشروط معينة.

العنف وتضخم الغضب اهم من قضية السلاح

الشيخ مرتضى معاش:

"السلاح حسب الظاهر هو قضية طبيعية في المجتمعات ويختلف اقتناء السلاح بحسب الزمن وتطور السلاح، والقضية الأساسية ليست قضية السلاح وانما قضية العنف الذي يحول النزاعات الى نزاعات دامية كبيرة جدا، وان قضية انتشار السلاح لا تنحصر في العراق فقط وانما اغلب دول العالم فيها الكثير من السلاح وخصوصاً في أعظم ديمقراطية وهي أمريكا وتعتبر اكثر دولة ينتشر فيها السلاح وهذا ما نص عليه الدستور الأمريكي ويبيح ظاهرة اقتناء السلاح.

ان قضية السلاح ليست قضية اجتماعية وانما قضية نابعة من الدولة حيث تعتبر مهمتها توفير الأمن والحماية فاذا أحس المواطن بفقدان الأمن فيضطر للدفاع على نفسه وهذا ما يؤدي الى تضخم الغضب الكامن بالناس ولابد للدولة تحمل المسؤولية وصناعة دولة سليمة قادرة على حماية المواطن وتحقيق امنه وهذا هو الهدف الاسمى، فكلما كانت الدولة ضعيفة وهشة تؤدي الى تضخم مشكلة انتشار السلاح وخصوصا تحولها الى ميليشيات نتيجة لضعف الدولة وفساد الأجهزة الامنية.

ولعلاج هذه الظاهرة نحتاج الى ثقافة مجتمعية تشجع على نبذ العنف والنزاعات وهذا يحتاج الى تربية وتعليم وبرنامج توعوي وتربوي وتنشئة الأطفال على نبذ العنف وتوعيتهم بالنتائج الضخمة التي يتسبب بها العنف، كما ونحتاج الى مؤسسات لحل النزاعات العشائرية والمجتمعية والاسرية والفئوية وعدم الاعتماد على الدولة فقط بالإضافة الى حاجتنا الى حركة اجتماعية عامة تقوم على ايجاد مؤسسات تحقق السلم الاجتماعي من خلال حل النزاعات والصراعات وانهائها بشكل سلمي".

الدولة هي السبب في انتشار السلاح المنفلت

الدكتور خالد العرداوي مدير مركز الفرات للدراسات الستراتيجية:

"السلاح المنفلت يسمى منفلتاً اذا كان يحقق فائدة للأطراف التي تمسك بهذا السلاح واحيانا الفائدة تكون نوع من الموروث ونوع من الزهو العشائري والاجتماعي، ومرة أخرى يكون اقتناء السلاح بهدف أخذ الحق من الاخرين لربما ثأر او غيره ومرة يقتني السلاح لأنه يحقق له الامن فبالنتيجة يقتني السلاح، ويقع العراق بالمرتبة الخامسة عالمياً لاقتناء السلاح من سكانه بنسبة 35% من قائمة الدول التي يحمل سكانها السلاح، وهناك فرق في الاستعمال بين الدول وهناك فرق في الاستعمال بين الدول فوجود السلاح المنفلت يعد خطراً على السكان على عكس اقتنائه بصورة تراثية لا اكثر، واذا ما ادخلنا نظرية بابلو على النظرية الاجوائية فأننا نرى حتى الطفل عندما يريد شراء لعبة فهو يشتري مسدس وهذا ما يؤيد النظرية الاجوائية لتأثره بالأجواء والثقافة التي تحيط به وهذه الظواهر استفحلت في المجتمع العراقي، حتى المسؤولين بالدولة عندما يهدون هدية فهم يهدون مسدس او اسلحة خفيفة حتى رئيس الدولة هو قائد ميلشيات وقائد جناح مسلح، وهذا مما خلق هذه الثقافة التي تربت عليها الاجيال فالرجل بالريف يشعر بالنقص اذا لم يمتلك سلاح يقتنيه باعتباره نوع من الزهو.

فاذا ما طبقنا ظاهرة (باريتو) باعتبار ان ٨٠% من النتائج تعود الى ٢٠% من الاسباب نجد من خلال هذه النظرية ان الدولة هي السبب في انتشار السلاح المنفلت، وبالنتيجة كل الاسباب التي ذكرت تؤدي الى حالة من الاحتراب وفقدان الامن وهذا ما يطبق نظرية الفرد ضد الفرد والجميع ضد الجميع فمن واجب الدولة هو حفظ الامن واحتكار القوة والقوة المادية وقوة الاكراه بالنيابة عن الافراد حتى لا يضطر الاشخاص لاستخدام القوة الخاصة وفقدان الامن وفقدان هيبة الدولة وضياع الحقوق، وان نقص بناء الدولة والخلل الاخلاقي وعدم الالتزام الاخلاقي في بناء الدولة العراقية هو الذي اوجد هذه الظاهرة ( ظاهرة السلاح المنفلت) وان الكثير من النصوص الدستورية لم تُفعل ولم تحترم من قبل السلطة الحاكمة حتى (هوبز) عندما تكلم عن الحاكم غير الملتزم بشروط العقد اعطاه سلطة مطلقة مقابل الامن، والدولة اليوم فاقدة لكل التزام اخلاقي وعدم توفر الامن وطالما الدولة غير مبنية على اسس صحيحة وحديثة فلا يمكن ان تنتهي هذه الظاهرة لأن الدولة وضعت معيار سلطة القانون وسلطة المؤسسات ولا سلطة العشائر والمليشيات فاذا ما القانون يعجز عن تحقيق العدالة فلذلك نحتاج الى بناء الدولة وتفعيل مؤسسات الدولة.

النزعة لاقتناء السلاح نزعة قديمة جداً

احمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:

"الترابط بين الانسان والسلاح هي صلة قديمة وليست وليدة اليوم وشاعت الاسلحة في العصر الحديث لأن شركات الاسلحة روجت ونشرت لها، مع وجود مافيات تخلق حروب داخلية بين الشعوب وبين الدول والاقاليم لغرض ترويج بضاعتها واستفادتها ماديا، والنزعة لاقتناء السلاح نزعة قديمة جداً من ايام السومريون والبعض يتخذها فلكلور شعبي مثل اليمن التي تعتبر الخنجر والبندقية بالنسبة للرجل من مكملات الزينة، لكن ما يعيب انتشار الاسلحة هو وجود اعداد هائلة من الضحايا بسبب كثرة الصراعات بين الشباب متمثلة بسطو مسلح او صراعات اما احصائيات ضحايا هذه الظواهر تفوق عدد الضحايا في الدول المنهارة امنياً في استخدام السلاح والذي يحصل نرى هجمات على المدارس او الاسواق ونرى مجازر ترتكب في امريكا والاعداد هائلة ولكن فيما يخص العراق فهو يعتبر مجتمعا عشائريا والعشائر واقعة بين قضيتين بين الجهل والمصالح، والصراعات العشائرية اليوم تعدت نطاق الصراع المتعارف عليه و(الدكات العشائرية) او غيرها وتطور الصراع من اجل مصالح مرتبطة بمصالح النفط والطرق والمشاريع والاستيلاء على الاراضي وتحريك بعض الاحزاب.

وقضايا الجهل اليوم هي ما تسبب النزاعات والصراعات على اسباب تافهة جداً تكاد لا تذكر، وان طبيعة الحكام في العادة هي السيطرة على الشعوب والمجتمعات فكلما كان حجم الصراعات والنزاعات كبيرة كان الحاكم مرتاح اكثر وهذا ما يهدف اليه الحاكم لكي يسيطر اكثر على العشائر ويلهيهم اكثر بأمور بعيدة عن قضايا الخدمات وعدم التفات العشائر الى كون الحكومة صالحة او غير صالحة لانشغالها بالحروب بسبب النزاعات بين بعضها البعض وهذا ما يريح الحاكم اكثر.

عندما تضعف الدولة تقوى العشائر وتقوى سلطتها

عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية:

"قضية انتشار السلاح في العراق هي ليست وليدة الصدفة او اليوم فهي موجودة من نشوء الحضارة ولكن هي دائما ما تكون حالة عكسية مع قوة السلطة وقوة الدولة فعندما تضعف الدولة تقوى العشائر وتقوى سلطتها، ومما اضاف شيء جديد عليها عنصرين مهمين الاول هو الشحن الطائفي بالمنطقة بشكل عام لذلك حتى الحكومة تعتبر ترسانة السلاح الموجودة في الجنوب هي ليست سلبية على الدولة بقدر حاجة الدولة لهذا السلاح في يوم من الايام رغم ان ليس هناك شيء مصرح به علناً لكن تبقى القناعات موجودة حتى رجل الامن لا يشعر ان سلاح العشائر سلاح موجه للدولة وانما لصراعات ونزاعات داخلية، لكن في حقيقة الامر ان هذا السلاح يخدش وجود الدولة والاجهزة الامنية ويضعف من هيبتها لذلك يشعر المواطن بأن الحكومة غير قادرة على حفظ امنه، اما العنصر الثاني فهو المنافع الاقتصادية والهيئات الاقتصادية والمافيات التي تمتلك سلاح واموال وتصل القضية اليوم الى مصادمات مع الدولة وتدخل فيها مافيات السلاح وتهريب النفط كتجارة رائجة في المنطقة، اما بالنظر لقضية الحلول فأنه عندما تريد الدولة فعلاً صنع حلول لأهم المشاكل وهي المشاكل الاقتصادية ومشاكل تقديم الخدمات ولكن يبقى الحل الاساسي هو قوة انفاذ القانون من خلال سلطة القضاء التي تحكم بين الجميع بالعدل دون تفرقة فمثل ما يتعامل مع المواطن البسيط يجب ان يتعامل مع شيخ العشيرة او صاحب النفوذ، وانعدام الثقة بين المواطن والسلطة هي التي دفعت المواطن لاقتناء السلاح لكي لا يشعر بتهديد الدولة لنفوذه ذات يوم لذلك نحتاج الى بسط سيطرة الدولة من خلال الحد من ظاهرة انتشار السلاح.

المشكلة بالميلشيات التي تخدش هيبة الدولة

حامد الجبوري باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية:

"المشكلة ليست بالفرد او العشيرة التي تمتلك السلاح المشكلة هي التنظيمات المسلحة التي يعبر عنها دائما بالميلشيات التي تخدش هيبة الدولة وتؤثر بشكل مباشر بالاقتصاد والسياسية وامن الدولة والامن بحد ذاته هو الذي يعطي مؤشر الى ان منافذ الاعمال بالعراق هو غير امن جانب الاستثمار وهذا ما يؤدي بالنهاية الى تعطيل مصالح الشركات وزيادة نسبة البطالة وهو ما يزيد من حجم امتلاك السلاح واقتنائه مما يؤدي الى تعقيد الامور بشكل أكبر ونفور الاستثمار كذلك".

نحتاج الى قانون وتشريع خاص بالعشائر

محمد الصافي باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات:

"العشائر منذ العهد الملكي لها قوانين واعراف خاصة فقد كان في وقتها قانون خاص بالعشائر ولم يكن سارياً الا في المناطق التي يكون فيها العشائر ولهُ جهات رقابية خاصة متمثلة بشيوخ وعشائر كبار كانوا موجودين منهم بمجلس الاعيان ومجلس الامة وغيره، واذا ما طبقنا الاحصائيات والمشكلات السابقة نجد ان اغلب المشاكل التي كانت تحدث تعود الى التنازع حول الاراضي وسرعان ما يتم حل النزاعات بمجرد ان يجلس اطراف النزاع لكن اليوم تطورت النزاعات بتطور السلاح والمصالح والمنافع مما ادى الى وصول العشائر الى الاحتراب بشكل يصل حتى الى الهجوم على الاطفال وهذا موجود حتى في عصر الجاهلية، لذلك اليوم نحتاج الى قانون وتشريع خاص بالعشائر للحد من الصراعات والنزاعات، وان اغلب الاجهزة الامنية عناصرها من العشائر لذلك يصعب عليها تطبيق القانون".

وفي ختام الملتقى تقدم مدير الجلسة الدكتور قحطان حسين طاهر، بالشكر الجزيل والإمتنان إلى جميع من شارك وأبدى برأيه حول الموضوع.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية/2001–2021Ⓒ

اضف تعليق