q
على الرغم من تضمينه نسبة حضور للمرأة حسب نظام الكوتا إلا انها نسبة لم تنسجم مع دور المرأة الاجتماعي والسياسي والثقافي في البلد، وبذلك كان هناك نوع من التهميش والإقصاء لدور المرأة العراقية في مواقع صنع القرار، فالطريقة الكلاسيكية التي تعامل بها المرأة وسيطرة الرجل وتأثيره...

المقدمة:

عن طريق تقويم العملية الانتخابية التي شهدها العراق بعد عام 2003 نجد ان النظام الانتخابي في العراق على الرغم من تضمينه نسبة حضور للمرأة حسب نظام الكوتا إلا انها نسبة لم تنسجم مع دور المرأة الاجتماعي والسياسي والثقافي في البلد، وبذلك كان هناك نوع من التهميش والإقصاء لدور المرأة العراقية في مواقع صنع القرار، فالطريقة الكلاسيكية التي تعامل بها المرأة وسيطرة الرجل وتأثيره على مجمل قراراتها القى بظلاله في تقييد هذه الطاقة والحد من امكاناتها السياسية، رغم ان المجتمع الدولي كافة يؤمن ان لها اثر كبير في التغيير، اذا كانت مرشحة من خلال قدرتها على التأثير بالآخر، او من خلال ممارسة حقها في التصويت، اذ ما تسلحت بالثقافة الانتخابية، لذلك فمشاركة المرأة العراقية تكون على نوعين: المشاركة السياسية للمرأة المرشحة، والمشاركة السياسية للمرأة الناخبة.

اولاً: المشاركة السياسية للمرأة المرشحة:

معناه صنع القرار السياسي للمرأة العراقية، في السابق كانت المجتمعات أمومية اي تابعة النسب للأم، لكن مع تطور المجتمعات اصبح هناك تحول في المجتمع من الماتريكي الى المجتمع الباتريكي اي التحول من الامومة الى الذكورية، ومع وجود هذه التحول لكن هناك حضور للمرأة وخاصة في صنع القرار السياسي ومشاركتها السياسية، فوجود المرأة وانخراطها في العمل السياسي والحزبي هي الطريقة التي تثبت وجودها في العملية السياسية من خلال كوتا النساء، ومن المفترض تسليط الضوء على القصص الناجحة لانخراط المرأة في الاحزاب السياسية وليست القصص البائسة.

ومن المواضيع المهمة في الوقت الحالي هو عمل برنامج الامم المتحدة على تحقيق (اندماج النوع الاجتماعي) والمساواة بين الجنسين وفق رؤية (2030) الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة، وهذا الموضوع يحقق مناصفة في صنع القرار السياسي لان المجتمع ذكوري بامتياز وان تمكين المرأة في العمل السياسي هو محفل سياسي، والتحدي هنا هو ايمان المرأة بنفسها في عملية التغيير بالقضية السياسية، لان المرأة العراقية في السابق كانت مغيبة، وفكرة التجذرة في العقول بأن اعتراف المجتمع بالمرأة لا تتكاتف مع الرجل من ناحية اتخاذ القرار السياسي وهي ليست نصف المجتمع وانما هي مسؤولة عن النصف الاخر، وايضا قضية أخرى تواجه المرأة المرشحة هي عملية التسقيط السياسي للمرأة عند مشاركتها في صنع القرار السياسي، ومن خلال ما تم ذكره ان صعود أصوات الرجال هي في الواقع بسبب صوت النساء، لذلك فمشاركة المرأة في صنع القرار السياسي دليل على التحرر العقلي والفكري لتحيق المساواة وتقليل الفجوة بين الجنسين، عن طريق تمكينها اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وفكرياً.

ثانياً: المشاركة السياسية للمرأة الناخبة:

تعاني المرأة العراقية ولسنيين طويلة من التهميش والإقصاء الاجتماعي والسياسي، والاقتصادي، ويرجع هذا التهميش الى الجذور التاريخية النابعة من السلطة الذكورية، التي استخدمت الأساليب القهرية ضد المرأة. وقد أدى ذلك إلى أن المرأة اصبحت مقتنعة بأنها لا يمكن أن تجاري الرجل أو تتفوق عليه فـي أي ميـدان، لذلك فإن مشكلة تمكين المرأة مشكلة لا تحققها فقط القوانين والتشريعات فحسب، لاسـيما وأن الدسـتور العراقي لعام ٢٠٠٥ ضمن للمرأة الكثير من الحقوق دون تمييز على أساس النوع الاجتماعي.

فقد كفـل لهـا حق التملك وحقها في التعليم والرعاية الصحية والمشاركة الاقتصادية وحقها في الحيـاة والأمـن والحريـة، وضمن لها المشاركة السياسية وتبوئها للمناصب القيادية، وبصفة عامة نجد أن أكثر العوامل إعاقة لتمكين المرأة كانت العوامـل الاجتماعيـة تلاهـا العوامـل الاقتصادية والسياسية ثم أخيرا العوامل الشخصية، فالمرأة الناخبة تعاني من اضطهادات من قبل العائلة عند قيامها للترشيح للشخص المناسب وذلك بسبب تقييد رأيها بحسب ارتباط عائلتها بالحزب الفلاني او الشخص الفلاني وهي بذلك مجبرة على الاختيار المرشح من قبل العائلة، وبذلك سيطرة الرجل وتأثيره على مجمل قراراتها أدى ذلك الى تحديد امكانياتها السياسية وبذلك تفقد المرأة الناخبة المبادرة الديموقراطية الحقيقية للتصويت.

فالعنصر النسوي هو الاكثر عزوفا بالانتخابات، كون ان الاعمال السياسية هي من اعمال الرجال ضمن المضمون العام للمجتمع العراقي وبهذا الشأن يكون استغلال المرأة للانتخابات وارد بشكل كبير، وايضا مشاركة المرأة تختلف ما بين المحافظات ففي بغداد نجد حضورها سوى ان كانت مشاركة في صنع القرار او ناخبة، وباقي المحافظات والدينية خاصاً نجد مشاركتها خجولة وتتبع التوجيهات الحزبية التي تنتمي اليها.

أما المدن الريفية تكاد ان تكون معدومة فهي مشاركة مكملة لرأي زوجها او والدها ان سمح لها بالمشاركة اصلاً. فالطابع الشرقي لدى الرجل يحجم دورها وكلما ازدادت الثقافة والتعليم والتمدن للمرأة، كلما تنامى دورها في الانتخابات. فتقلب المعادلة لصالحها تماما اذا أحسنت الاختيار وأدت دورها بصورة دقيقة ومدروسة، فسنرى تغييّر واضح للخارطة السياسة في تلك البلاد وما تصبو اليه المرأة وتتطلع له في جميع نواحي الحياة سواء المتعلقة بها خصوصا او بالمجتمع عموما.

لذلك هناك جملة من النقاط التي يمكن ادراجها تعُد ضرورة تحتاج لها المرأة لتساعدها على أخذ موقعها الاجتماعي المناسب سوى أكانت مرشحة او ناخبة وهي تتمثل بالآتي:

1. اعادة تأهيل المجتمع بشكل كامل وانعكاس صورة المرأة الايجابية على المجتمع وبالإمكان الاعتماد على هذه الشريحة في المجالات الحياتية المتعددة.

2. اعادة تأهيل المرأة المقصود هنا تقبل المرأة لنفسها بتبوء المراكز القيادية وقدرتها على التغيير.

3. تثقيف الذات فكلما كانت المرأة متعلمة ومثقفة بإمكانها بناء جيل يعكس واقعها الحضاري المثقف.

4. الايمان بمشروع المواطنة.

5. متسلحة بأدوات كثيرة.

6. المقدرة على قول كلمة (لا).

7. سيادة القانون وضمان حقوق الانسان عامة وحقوق المرأة خاصة.

8. الاستقرار السياسي واندماج النوع الاجتماعي.

9. التحدي (وتعني ان المرأة ممكن ان تكون مؤمنة بالقضية السياسية، وتكون سياسية حقيقية).

10. تعمل بهدف واضح وصريح وسليمة وسلمية.

11. الاستقلال الاجتماعي والاقتصادي ثم السياسي.

12. ترشيد ثقافة المشاركة السياسية ودورها الفاعل لكلا الدورين.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق