q
كشفت دراسة لموقف الجمهور الأميركي تجاه الصحافة أن انعدام الثقة أعمق من الحزبية، بل يتعلق بكيفية تحديد الصحفيين لمهمتهم، وأظهرت نتائج الدراسة، باختصار، أن الأميركيين يريد دورا أكبر للإعلام يتعدى دوره الرقابي، الدراسة التي تم إصدارها من قبل "مشروع ميديا إنسايت"، وهو تعاون بين معهد الصحافة الأميركي ومركز "أسوشيتيد...

كشفت دراسة لموقف الجمهور الأميركي تجاه الصحافة أن انعدام الثقة أعمق من الحزبية، بل يتعلق بكيفية تحديد الصحفيين لمهمتهم، وأظهرت نتائج الدراسة، باختصار، أن الأميركيين يريد دورا أكبر للإعلام يتعدى دوره الرقابي. بحسب أسوشيتد برس.

الدراسة، التي تم إصدارها من قبل "مشروع ميديا إنسايت"، وهو تعاون بين معهد الصحافة الأميركي ومركز "أسوشيتيد بريس- NORC" لأبحاث الشؤون العامة، تقترح طرقًا يمكن للمؤسسات الإخبارية من خلالها الوصول لأشخاص نفروا منها.

وقال توم روزنستيل، المدير التنفيذي لمعهد الصحافة الأمريكية: "في بعض النواحي، تشير هذه الدراسة إلى أن وظيفتنا أوسع وأكبر مما حددناه"، تحدد الدراسة خمسة مبادئ أو معتقدات أساسية يعتمدها معظم الصحفيين: مراقبة المسؤولين العموميين وأصحاب النفوذ، وتضخيم الأصوات التي غالبا ما لا تُسمع، وأن المجتمع يعمل بشكل أفضل عندما يتاح له الوصول إلى المعلومات بشفافية، وزيادة الحقائق المتوفرة لدى الناس تقربهم من الحقيقة، وضرورة تسليط الضوء على مشاكل المجتمع لحلها.

ومع ذلك، فإن الاستطلاع، الذي طرح على غير الصحفيين سلسلة من الأسئلة المصممة لقياس تأييدهم للمبادئ السابقة، وجد دعماً للأغلبية مع مبدأ واحد، بينما أيد ثلثا الذين شملهم الاستطلاع مهمة تقصي الحقائق بشكل كامل.

وتبنى نصف الجمهور مبدأ منح وسائل الإعلام صوتا لمن هم أقل قوة، وفقا للاستطلاع، وأقل من النصف بقليل أيدوا كليا أدوار الرقابة وتعزيز الشفافية، ووافق أقل من ثلث المستجيبين تماما على أهمية الإشارة بلهجة حادة إلى المشكلات، لكن 11 في المئة فقط من الجمهور، معظمهم من الليبراليين، قدموا الدعم الكامل للمبادئ الخمسة.

وقالت أنابيل هوكينز، 41 سنة، وهي ربة منزل من لوتون في ولاية أوكلاهوما: "أعتقد أنه ينبغي عليهم أن يكونوا (الصحفيين) رقيبا على الحكومة، لكنني لا أعتقد أنه ينبغي عليهم الانحياز لأي من الاتجاهين"، مضيفة "عندما كبرت وأنا أشاهد الأخبار بدا الأمر محايدا جدا. ستحصل على كلا الجانبين. لكن الآن لا يبدو الأمر كذلك".

وترى هوكينز أن وسائل الإعلام قضت الكثير من الوقت في انتقاد الرئيس السابق، دونالد ترامب، ونادرا ما نسبت إليه الفضل في أي شيء جيد فعله أثناء توليه منصبه، ويرى البعض، من بينهم باتريك جيدونز، المشرف السابق على صناعة البترول والبالغ من العمر 64 عاما، من هيوستن في تكاساس: "أريد فقط الحقائق حول ما حدث حتى أتمكن من اتخاذ القرار بنفسي". يفتقر إلى الثقة في الإعلام الإخباري لأنه يعتقد أنها تقدم الكثير من الرأي.

وتُظهر استطلاعات الرأي كيف تدهور موقف الجمهور تجاه الصحافة على مدى الخمسين عاما الماضية ، وكيف أصبح هذا القرن أكثر حزبية، ففي عام 2000، أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "غالوب" أن 53 في المئة من الديمقراطيين قالوا إنهم يثقون بوسائل الإعلام، مقارنة بـ 47 في المئة من الجمهوريين، أما في العام الأخير من رئاسة ترامب، وجدت "غالوب" أن الثقة ارتفعت إلى 73 في المئة بين الديمقراطيين انخفضت إلى 10 في المئة بين الجمهوريين.

الحل قد يكمن في تغييرات بسيطة

وتشير نتائج الاستطلاع إلى بعض الطرق التي يمكن للمؤسسات الإخبارية من خلالها مواجهة النظرة السلبية تجاهها، فقبل نصف قرن، عندما كانت الصحف تزدهر وقبل أن يؤدي الإنترنت وقنوات الستالايت و"الكابل" إلى انفجار في الأخبار المتشبثة برأي واحد، كانت نظرة الجمهور لدور الصحفيين أكثر توافقا مع الطريقة التي ينظر بها الصحفيون إلى الوظيفة بأنفسهم، على حد قول روزنستيل، ويضيف "لقد كنا أقوياء، كنا بمثابة رجال الشرطة".

وتشير الدراسة الآن إلى أن المستهلكين يهتمون بالأخبار التي تسلط الضوء على الحلول المحتملة للمشاكل ويرغبون في معرفة القصص الناجحة والاقتراحات الفعالة، "نميل إلى الاعتقاد بأن القصص التي تحتفل بالأشياء الجيدة في المجتمع هي قصص ناعمة، واهية نوعا ما"، وفقا لروزنستيل "لكنها قد تكون أكثر أهمية مما نعتقد في تقديم صورة كاملة ودقيقة للعالم"، وكشفت الدراسة بأن الأشخاص الذين يركزون بشكل أكبر على الولاء والسلطة يميلون إلى أن يكونوا أكثر تشكيكا في القيم الأساسية التي يحاول الصحفيون التمسك بها، على عكس أولئك الذين يولون أهمية أكبر للعدالة، بالتالي فإن التغييرات الحاصلة في طريقة سرد القصة قد تجعلها أكثر جاذبية لجماهير مختلفة.

وطرحت الدراسة مثالا على ذلك، إذ أخذ الباحثون قصة عن مشروع مركز ترفيهي تم إلغاؤه في حي منخفض الدخل وركزوا على العنصر الأقل بروزا في القصة الأصلية، وهو أن مدير المنتزهات قد حول الأموال المخصصة للمشروع من قبل رئيس بلدية المدينة، وأدى التغيير الحاصل في بنية القصة إلى اعتبارها أكثر ثقة وجاذبية من قبل مجموعة أوسع من الجمهور، وخاصة من قبل أولئك الذين يضعون قيمة أعلى للسلطة.

وشمل الاستطلاع، الذي أجري على مستوى البلاد، 2727 بالغا عام 2019، مع إجراء مجموعة ثانية من المقابلات، في أغسطس الماضي، مع 1155 شخصا أكملوا المسح الأول، وخلصت الدراسة إلى أن غالبية الأمريكيين يعتقدون أن الإعلام لا يهتم بهم ويحاول التستر على أخطائه، لكن ورغم النظرة السلبية، يقول روزنستيل إنه يعتقد أن هناك مجالا لكلا الجانبين للتوصل إلى فهم أفضل لبعضهما البعض، وقال روزنستيل، الصحفي السابق لدى "لوس أنجلوس تايمز" و"نيوزويك": "صدقوا أو لا تصدقوا، معظم الصحفيين صادقون للغاية".

وأضاف "يجب على الأشخاص العاديين أن يأخذوا في عين الاعتبار بأنه عندما يقول الصحفيون إنهم يؤدون وظيفتهم فقط، فإنهم يقصدون ذلك فعلا، لأنهم يحددون وظيفتهم بطريقة معينة. إنهم لا يكذبون. إنهم في الحقيقة لا يعتبرون أنفسهم عملاء سريين للحزب الديمقراطي. لديهم هذه المجموعة من المبادئ التي يعتقدون أنهم يطبقونها".

اضف تعليق