q
يمارس التضليل الاعلامي من دون اي احساس بالمسؤولية تجاه أخلاقيات المهنة الاعلامية في ضوء خبرات حرفية تجمل الأكاذيب وتزينها، وبمعنى أدق اخفاء الحقائق عن الجمهور عبر الوسائل الاعلامية المختلفة (التقليدية والالكترونية) واغراق بالأخبار والمعلومات المزيفة والمحرفة، مما يحول الوقائع الى مجرد اوهام تعشعش في رؤوس المتلقين...
د.نزهت محمود الدليمي استاذة الدعاية والحرب النفسية
قسم الصحافة/ كلية الاعلام/ جامعة بغداد

مفهوم التضليل الاعلامي:

هو العبث بمحتوى اتصالي وتوجيهه بشكل ممنهج لخدمة اهداف تنحرف عن المصلحة العامة الى اخرى ضيقة للحصول على نتائج تتعارض مع الحقيقة لترسيخ واقع محدد في ذهن المتلقي.

يمارس التضليل الاعلامي من دون اي احساس بالمسؤولية تجاه أخلاقيات المهنة الاعلامية في ضوء خبرات حرفية تجمل الأكاذيب وتزينها، وبمعنى أدق اخفاء الحقائق عن الجمهور عبر الوسائل الاعلامية المختلفة (التقليدية والالكترونية) واغراق بالأخبار والمعلومات المزيفة والمحرفة، مما يحول الوقائع الى مجرد اوهام تعشعش في رؤوس المتلقين وتؤسس لوضاع وصور اجتماعية وسياسية خطيرة.

التضليل في اللغة:

تقترن مفردة (تضليل) في المعاجم والقواميس بالشر والباطل ففي قاموس لسان العرب لأبن منظور، فأن التضليل من مادة (ضلل) (وتضليل الانسان تصييره الى الضلال، أي الباطل.

في التعريف الاصطلاحي

عرفها المعجم السياسي الفرنسي طبعة 1978 بالآتي:

التضليل: هو الخبر الكاذب الموجه، الذي يقدم على انه حقيقة، بهدف توريط الرأي العام في الخطأ، لتوجيه العقول وتزييف الجماهير العريضة وادارة لعبة السياسية بشكل غير نظيف.

أساليب التضليل عبر وسائل الاتصال الجماهيري (التقليدي والالكتروني) في الأنظمة السياسية كافة:

تتعدد اساليب التضليل وتكثر على وفق خبرات القائم بالاتصال وعلى وفق الاتي:

1) أسلوب التعمية على المعلومات وتتم عبر الاتي:

- التجاهل التام للكثير من الأحداث الميدانية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وفي المجالات المجتمعية كافة.

- محاولات منع النشر وتحديد حركة المندوبين والمراسلين وعدم السماح بتوفير أي فرصة لتصوير الاحداث.

- السيطرة على وسائل الإعلام.

- منع الشهود العيان من التصريح لوسائل الإعلام.

- اغتيال شخصيات صحفية واعلامية لديها وثائق أو معلومات حساسة ومهمة.

- السجن لأصحاب الرأي والإعلاميين لمنع نشر وبما يطلق عليه (الاغتيال المعنوي).

2) أسلوب النشر وتسريب المعلومات وعلى وفق الاتي:

- الدعاية والحرب النفسية بأساليبها كافة لأضعاف أرادة الخصم وهزيمته وإحداث خلل وفوضى بين الجمهور وقيادته.

- افتعال الازمات وشق الصفوف لدى جمهور وساحة الخصم (العدو).

- فضح الخصوم السياسيين.

- بث وتكرار الشائعات والمعلومات الكاذب.

- تحفيز مشاعر الخوف والذعر لدى الجمهور.

- التشهير والتسقيط وتشويه السمعة للخصوم من اعلاميين وسياسيين وزعماء.

- الهاء الجمهور بمعلومات لا تهمه ولا يحتاجها على وفق ما يطلق عليه (رمي النفايات المعلوماتية) والذي يؤدي إلى الشعور باليأس والعجز والسلبية واللامبالاة وصرف النظر.

۳) تضليل الصورة/ الأهمية/ التأثير

ان التلاعب بالصورة يؤدي الى خداع الحواس والبصر وتقديم الصورة دليل على مصداقية الخبر المنشور ومن اشكال التلاعب بالصورة نورد الآتي:

* تضليل الصورة اما بطريقة التقاطها أو بتجريف مضمونها والتلاعب أيضا بألوانها أو اضافة صور شخصية للأخرين.

* مونتاج الصور وإعادة تشكيلها بما يخدم القائم بالاتصال لإيصال رسالة مزيفة مضللة.

مساوئ التضليل الاعلامي

بالتأكيد نعرف أن التضليل اصلا هو مفردة سيئة باطلة العمل والنوايا والاهداف وعندما نذكر مساوئ بمعنى مدى ضررها وفتكها بالمتلقي والمجتمع عموما وهي:

- احداث الخلل في التفكير وعدم القدرة على الأداء الصحيح.

- زعزعة الثقة بالنفس وبالقناعات الفكرية سياسياً اجتماعياً وثقافياً.

- زرع الشك أو أتهام أشخاص أو مجموعات أو دولة أو دول وتكريس الكره والضغينة اتجاههم.

- التصرف على وفق برامج العدو أو الطرف المضلل والنيابة عنه في تنفيذ أهدافه.

- تشتيت الجمهور والامكانيات والموارد صوب أهداف خاطئة.

- أضعاف الروح المعنوية لدى العدو ويبدو وكأنه مغلوب على أمره ولا طاقة له بالمواجهة.

- انعدام رد الفعل والاستجابة وتلبية مخططات العدو دون أن يشعر بذلك.

كيفية المواجهة:

- تنمية الوعي المجتمعي والتثقيف بدءً بالمدارس وانتهاءً بمؤسسات التعليم والمجتمع كافة لإخراج الجميع من (التخدير الاعلامي).

- تنشيط دور وسائل الإعلام الوطنية بإنتاج مواد وبرامج تعزز التكاتف الوطني بين أبناء الشعب كافة.

- التركيز على الوسطية في الطرح الاعلامي.

- عدم تصديق كل ما تنشره شبكة الانترنت بتطبيقاتها ومنافذها المختلفة، فمن المعروف أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت مرتعاً خصباً لنشر الأخبار الوهمية والشائعات وبسبب عدم وجود الرقابة بشكل دقيق فأن هذه المواقع لها تأثير كبير على آراء الجمهور عبر الأكاذيب والخدع وعرض المشكلات الزائفة والمختلفة وتهويل القضايا والحوارات المشوهة وحصر النقاش في جزئيات دون غيرها وقطعها عن الاطار العام وسياقها الطبيعي وصورتها العامة وتسليط الأضواء على قضية دون غيرها وحصر التفكير فيها وتشتيت الانتباه عن قضايا مهمة الاتفاق المصلحة الوطن وهو ما لا يبغيه القائم بالاتصال عبر تخطيط دقيق لتحقيق اهدافه في تزيف الحقائق وتشويه المعلومات الصحيحة.

اضف تعليق