q
إنسانيات - مجتمع

المشي على حبل الثقة

عندما تسأل البعض عن عدم القيام بفعل معين يحاولون إرجاع ذلك الفشل او التكاسل الى الظروف المحيطة بهم، وكأنهم وجدوا سبيل للهرب من الحقيقة المؤلمة وهي الاستسلام للظروف وعدم التحمل لتحقيق المراد تحقيقه، النموذج الأول يختلف تماما عن النموذج الثاني الذي سيكون محورا لمقالنا هذا...

عندما تسأل البعض عن عدم القيام بفعل معين يحاولون إرجاع ذلك الفشل او التكاسل الى الظروف المحيطة بهم، وكأنهم وجدوا سبيل للهرب من الحقيقة المؤلمة وهي الاستسلام للظروف وعدم التحمل لتحقيق المراد تحقيقه.

النموذج الأول يختلف تماما عن النموذج الثاني الذي سيكون محورا لمقالنا هذا، وهو الشخص الذي يقاتل من اجل تحقيق حلمه او الوصول لمبتغاه مواجها جميع الظروف التي تريد عرقلة مسيره نحو الأفق الجديد.

هذه العزيمة تأتي في المعتاد من الثقة بالنفس، تدفع ببعض الافراد الى الدخول بمعسكر التحديات وخوض المنازلات من اجل الوصول الى القمة، وبعد ذلك العمل من اجل الحفاظ على البقاء في القمة الذي ربما يكون امر اصعب بكثير من رحلة الصعود الطويلة.

الثقة بالنفس يعرفها أصحاب الاختصاص على انها كل ما يتعلق بالحصول على نظرة متوازنة للافراد والاعتزاز بقدراتهم وإدراك عيوبهم في الوقت نفسه، اذ يستطيع الشخص الذي يتمتع بإحساس الثقة بالنفس ان يعيش حالة الرضا عن نفسه، وبذلك اصبح يستحق الاحترام والمكانة المميزة بين اقرانه والمحيط الذي يعيش فيه.

تعترض العديد منا الكثير من الصعوبات في الحياة اليومية، وقد نكون في كثير من الأحيان غير قادرين على تجاوزها، حينها تظهر لنا قوة دافعة قادرة على إحداث التغيير وقلب الموازين، هذه القوة هي مزيج من الإرادة والثقة بالنفس التي يراهن عليها العلماء حين يقولون ان الانسان ليس مجرد جرم صغير بل عالم مترام الأطراف.

لولا الثقة بالنفس من المؤكد اصابتنا بالاذعان لما تريده بعض القوى المادية، لكن هذه القوى لم تصمد كثيرا امام القوة الشخصية التي يتمتع بها الفرد، والتي تصبح جيشا يقاتل به المعارضات، ويتجاوز بفضله الصعوبات، فبدون هذا الجيش لا يتمكن الفرد من التغلب على حالة الإحباط التي تقف بوجه بشكل دائم.

اذ يتم استخدام هذه الجزئية والمزية لتلافي الوقوع بالاخطاء، التي ترتب عليها نتائج سلبية فيما بعد تنعكس بشكل جلي على الشخصية الفردية، وبالتالي يقل دوره في النشاطات الاجتماعية، فالشعور بالثقة يساعد على تجنب الاستسلام للقلق مهما ارتفعت نسبه، كما انه عامل من عوامل الخروج من دائرة الإفراط في التفكير غير المجدي.

الإصابة باعراض عدم الثقة بالنفس يجعل الأشخاص يشعرون بإستحالة تحقيق أهدافهم التي رسموها في حياتهم، فتولد هذا الشعور وترسيخه بالنفس يؤدي إلى صعوبة الحفاظ على مستوى عال من التفاني والتحفيز، من اجل مواصلة العمل، اذ تكون هنا الحاجة ملحة الى إيجاد حلول عاجلة ومفيدة في الوقت، لبناء الصدع الذي أصاب كتلة الثقة بالنفس واخذ يشوه ملامحها بشكل تدريجي.

ومن النصائح التي تقال لمن يعانون من هذه المسألة هي، لا تقل لا استطيع ابدا، ادخل جميع المجالات، ابحث عن اكثرها قربا لنفسك ومؤهلاتك من اجل صنع النجاح الذي تريد، فكثيرون الذين بقوا قابعين تحت سطوة التردد والتخوف الدائمين.

ويمكن ان يساعد تحسين الثقة بالنفس على خلق مرونة تامة تضاف لصفات الشخصية المحبطة التي تعاني من الوقوع في الأخطاء، وتسعى لتصحيحها وعدم الوقوع بها مجددا، وهنا من الأفضل النظر الى الفشل على انه جزء من الحياة الاعتيادية والبحث عن المزيد من الفرص لضمان النجاح ولو بشكل جزئي.

النجاح باداء الاعمال المناطة بك تتوقف وبدرجة كبيرة على مدى ايمانك بقدراتك الفردية على إكمال المهمة، فالاشخاص الذين ليس لديهم الايمكان المطلق بقدراتهم، لا يستطيعون التوصل الى فضاء النجاح الرحب، وينتهي بهم المطاف الى التخاذل وعدم الإكتراث الى النتائج غير المرضية، ويكون الجهد المبذول خال من الحكمة والتخطيط وينحرف كثيرا عن جادة الصواب.

فالإلمام بالعمليات المعرفية والتمتع بالمهارات الفردية لا تكون شفيعا للأشخاص التواقين للتفوق، بل يجب ان يكونوا مشحونين بالايمان بالنفس والقدرة على الأداء، ومن السهولة الى حد كبير ملاحظة الأشخاص الذين تراجعت عزيمتهم وقلت دافعيتهم بالعمل، وخيّم عليهم الخمول، وتسرب الى نفوسهم الكسل، فقلت مكانتهم واصبحو يعيشون الاغتراب مع من حولهم في نفس المضمار.

ان الذي اوصلهم لهذه الحالة هو ليس فقدانهم لمهاراتهم التي يتمتعون بها، فهم لا يزالون يحملون نفس الصفات السابقة والتي تميزهم بعض الشيئ عن اقرانهم، لكنهم غيبوها بشكل تام وصاروا غير صالحين للنهوض بالمسؤولية التي كانوا أكفاء لها ذات يوم.

وليس ثمة تفسير لذلك سوى انهم عاشوا حالة مفرطة من الثقة بالنفس وتحولوا الى منعدمي الثقة، وبالتالي فقد تشتت الهمم وذهبت العزائم، واصبح السائد لديهم عدم الحماس، يرافق ذلك العجز النفسي الذي فرض ارادته عليهم واجبرهم على القبول بالمخرجات على مضض.

لتصبح من الأشخاص القادرين على أداء الاعمال المسؤول عنها بشكل يومي، من الأفضل تبث الثقة والعزيمة لداخلك، ومن ثم توفر لنفسك الأجواء التي بموجبها تستطيع مواصلة اعمالك بالشكل المطلوب، وعندما تجد نفسك على العكس من ذلك، فاعلم انك فاقد للدافع الداخلي والمحرك الوجداني الذي يحثك على بذل الجهد بنشاط وهمة وانتظام.

ولا يتسنى لاي احد ان يجد طريقا سالكا يسير به بجهوده الفردية، مالم يتمتع بقدر عال من الثقة بالنفس، ويحمل مواصفات الشجاعة في اتخاذ القرار وعدم الخوف من المجهول، كون ذلك الخوف يجعل منه اسير للايام التي قد تقف الى جانبه او بالضد منه.

كل أبناء آدم لديهم الاستعداد الفطري لاداء الاعمال على اختلافها، فنرى الفلاح يعمل لانجاز اعمال الحقل، وعامل البناء يجتهد منذ الصباح لينجز عمله على اتم وجهة وهكذا البقية، فالذي حرك هؤلاء هو الدافع الخفي الذي يعمل جزء كبير على استثماره بالشكل الأمثل، ويبقى الكسول ومن ليس لديه الايمان بنفسه على تولي المهام مهما صغرت او كبرت، فتتحول حياته كغيره تقليدية لا تحمل ما يستحق ذكره.

اضف تعليق