q
آراء وافكار - مقالات الكتاب

تضليل لفظي!

من منا لم يسمع بعبارة العراق لايمكن ان يحكم من قبل طائفة واحدة او قومية واحدة او حزب واحد، التي يطلقها وباستمرار ساسة ما بعد 2003 ؟، لقد باتت اشبه بالمحفوظة، يرددونها عبر وسائل الاعلام، فحفظناها معهم عن ظهر قلب، ظاهرها يبدو بريئا ويدعو الى اشتراك جميع فئات الشعب في ادارة الدولة...

من منا لم يسمع بعبارة (العراق لايمكن ان يحكم من قبل طائفة واحدة او قومية واحدة او حزب واحد)! التي يطلقها وباستمرار ساسة ما بعد 2003 ؟ .. لقد باتت اشبه ب(المحفوظة)، يرددونها عبر وسائل الاعلام، فحفظناها معهم عن ظهر قلب .. ظاهرها يبدو بريئا ويدعو الى اشتراك جميع فئات الشعب في ادارة الدولة.

لكننا لو دققنا في مدلولاتها ووضعناها في سياق ما نشهده، نجد انها عبارة مصنوعة، هدفها تضليل الراي العام، لتكريس نمط من الحكم يقوم على مبدا يتعارض مع بديهيات ادارة الدولة الحديثة، فساسة اليوم موزعون بين الطوائف والاعراق، وباتوا يتحدثون باسمائها بعد ان اختزلوها بأحزابهم وكتلهم، وبهذا التوزيع الظالم، صاروا يحكمون البلاد التي باتت مثلا في سوء الادارة والفساد.

لقد شهد العراق في تاريخه المعاصر ولادة احزاب كثيرة، بدأت مع حقبة العهد الملكي وقبله، وكانت هذه الاحزاب على مختلف عقائدها، وطنية التوجه والمشروع - وان طلّ بعضها براسه الى الخارج عقائديا - ولم تكن تطالب بحقوق فئة من الشعب على حساب اخرى، لان منتسبيها كانوا من مختلف شرائح المجتمع بأديانه وطوائفه، والقيادات التي انبثقت عنها لم تصل لمواقعها وفقا لتقسيمات جهوية مسبقة.

وانما لاعتبارات الكفاءة والاخلاص والمستوى الثقافي وغيرها من مؤهلات القائد السياسي، وان تسللت اليها بشكل خجول احيانا اعتبارات غير موضوعية، لكنها ظلت محدودة ولم تكن مبدأ ومعيارا، وهكذا مع مستويات المسؤولية الاخرى في مؤسسات الدولة التي ظلت تدار من قبل الكفاءات الادارية والعلمية.

ولم تجد الناس في اية بقعة من البلاد ضيرا في ان ترى مسؤولا من طائفة معينة في بيئة غالبيتها من طائفة او دين مختلف، وصارت هذه ثقافة مجتمعية درجت عليها الناس في تعاملها اليومي.. ما حصل بعد 2003 نسف هذه الاسس التي قامت عليها الدولة لصالح اسس جديدة، نبذت الماضي بطريقة راديكالية لتؤسس لشبح دولة، لانندهش حين نسمع من يقول انها يجب ان لا تدار من جهة واحدة، لان جميع الجهات المختزلة بالاحزاب يجب ان تكون حاضرة لتخدم الاحزاب .. والاحزاب وحدها!

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق