q
ثورة التفكير قادها الامام الحسين لتحريك المجتمع الجامد أو الراكد واخراجه من حالة الشلل الفكري وانتشاله من العجز عبر التفكير المتحرك أو تحريك الفكر، فحركة الامام الحسين كانت ثورة وحركة في مواجهة ذلك النمط من التفكير السائد المتخلف المادي الاستسلامي والذي يريد ايقاف التاريخ وعجلة التقدم...

قال الله تعالى في كتابه الكريم: "قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون، "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها".

في هذا الحوار نحاول التركيز على ثورة التفكير التي قادها الامام الحسين عليه السلام لتحريك المجتمع الجامد أو الراكد واخراجه من حالة الشلل الفكري وانتشاله من العجز عبر التفكير المتحرك أو تحريك الفكر، فحركة الامام الحسين كانت ثورة وحركة في مواجهة ذلك النمط من التفكير السائد المتخلف المادي الاستسلامي والذي يريد ايقاف التاريخ وعجلة التقدم.

ولكن هل يكفي أن نقول أن نهضة الامام الحسين عليه السلام كانت نهضة فكرية؟!

البعض يقول كانت فيها رسائل سياسية واجتماعية وأخلاقية، هذا صحيح، لكن كل هذه الأشياء تستند على الأفكار، الأفكار هي التي تحرك المجتمع، تحرك الانسان، لذلك نقول كانت ثورة الامام الحسين ثورة فكرية، لأنها كانت في النتيجة تؤدي إلى ثورة اجتماعية وسياسة وأخلاقية، وكل أنواع التغيير تأتي من خلال ثورة الأفكار أو الثورة ضد الأفكار السائدة.

الانسان بطبيعته هو كائن يعيش على التفكير لأنه عاقل، ولأنه عاقل فهو مفكر، فكل مايفعله هو مسؤول عن أفعاله وأعماله وسلوكه، لأنه خرج من طيات أفكاره، كذلك فإن الانسان الغرائزي المنفعل هو انسان لم يفكر، بل دفعته غرائزه لكي يسلك هذا الطريق، أو انفعالي، بينما الانسان المفكر ناضج.

فكل مايفعله الانسان يخرج من أفكاره أو من غير أفكاره أي لا يفكر، وسلوكيات الانسان والمجتمع بشكل عام تظهر من خلال البنى الفكرية التي يعيش عليها، فالإنسان كل ما يفعله في أي تحرك أو فعل جوهري لابد أن يحمل نمطا فكريا، لأن كل أنماط السلوك والتشكل السياسي أو الاجتماعي أو الأخلاقي تعتمد على بنى فكرية أو منظومة أفكار تشكل العقل العملي للانسان. فأي أحد منا يعمل عمل ما أو يسلك سلوكا فإن عمله هذا يأتي عبر لاوعيه فهناك فكرة معينة في داخله وفي أعماقه هي التي جعلته يسير بهذا الطريق، أو يخرج منه هذا السلوك، فكل الأشياء الانسانية والمجتمعية قائمة على بنى فكرية، واختلاف المجتمعات بسلوكياتها وطرقها وحياتها ومعايشها لأنها تختلف في البنى الفكرية التي تقوم عليها.

مثلا، الانسان الذي يقبل أن يحكمه الدكتاتور هذا الانسان كما البعض أنه يريد حاكما دكتاتورا، فهو لا يحب أن يعيش تحت ظل الحرية، لأنه يعتبر أن الحرية فوضى والاستبداد أمن بالنسبة له، هذا الشخص ليس لأنه مع القضية الأمنية وإنما قد استحكمت به عقيدة الاستبداد فأصبحت فيه بنية تحتية مترسخة.

يقال أن بعض الطيور التي تعيش أو تعلمت أن تعيش حرة في الطبيعة، إذا أمسك بها ووضعت في أقفاص تنتحر في أقفاصها، لذلك هؤلاء الذين يريدون أن يجعلوا الطيور مدجنة، يجعلونها منذ صغرها في أقفاص فتتعلم على الأسر، فلاحظوا كيف أن العبودية والحرية تعليم وتربية وانغراس عميق للانسان في عقيدته.

ومثال على ذلك، الشخص المتلون الذي يحاول أن ينتهز الفرص دون أن يكون هناك رادع أخلاقي أو ديني أو انساني أمامه، عندما تسأله لماذا تفعل ذلك يقول: "الغاية تبرر الوسيلة"، "إذا لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب"، "لا أستطيع العيش إن لم أكن ذئبا، لأن الذئاب تأكلني"، فهذا نمط من التفكير، وأحد أسباب التخلف، هو بعض الأمثال الشعبية التي يستعملها الناس، هي في الواقع بنى فكرية تحرك السلوك، فالإنسان يتحرك على ضوء هذا المثل الشعبي الذي انغرس في داخله منذ الصغر، فيصبح سلوكا عاما له، ولاحظوا ذلك في الواقع، كيف أن من يستخدم تلك الأمثال، لتبرير سلوكه أو شرح أو تحليل قضية أو حالة معينة.

عموما، المجتمعات تحب أن تتجمد ولا تتحرك نحو المستقبل، خوفا ورعبا من فقدان مصالحهم، وحفاظا على وتيرة حياتها، لأنها تعتبر التحرك نحو التقدم قد يزعزع مكاسبها، وهذا يكشف عن فقدانها للإيمان واستكانتها للقدر، لذلك تصنع المجتمعات الراكدة أصنامها لتبرر لها الركود والتخلف والتخلي عن جوهر الوجود الانساني الموجود في أعماق الفطرة، فنوعية الأفكار وأسلوب التفكير هو الذي يتحكم بحركة الانسان والمجتمع، لذلك كانت بعثة الأنبياء ومنهجية الأئمة عليهم السلام هي إثارة التفكير وتغيير المجتمعات الراكدة بإثارة التفكير الحر وتذكيرهم بهدفية الانسان ودوره الجوهري في الحياة، وقد قال الامام علي عليه السلام في نهج البلاغة: (فبعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبيائه ليستأدوهم ميثاق فطرته ويذكروهم منسي نعمته ويحتجُ عليهم بالتبليغ ويثير لهم دفائن العقول).

فكانت حركة الأنبياء والأئمة هي حركة ضد الأفكار النمطية السائدة التي تجعل المجتمع متخلفا، راكدا، نائما، جامدا، وكانوا يريدون تذكير الناس بهدفية الحياة وميثاق الله الذي عقده مع البشر، ويذكروهم بالنعم، وبدور العقل الذي هو حجة على الناس، فهي حركة لتحريك أفكار الانسان نحو المستقبل.

ماهي المظاهر التي نشاهدها في المجتمعات المتخلفة؟

سأذكر هذه المظاهر بإيجاز سريع، حتى نستطيع أن نصل للنتيجة:

1- الركود والجمود وايقاف عجلة التاريخ والزمن:

حيث لا يتقدم المجتمع، زمنه يتوقف، ليس له قيمة، حاضره يبقى يعيش في الماضي، ماضيه يتحكم بحاضره وحاضره يكون جامدا ويضع جداراً أمام المستقبل أو الحركة نحو المستقبل. ويكون التمسك المطلق بالتقاليد الروتينية.

2- العبودية للطاغوت:

من المظاهر التي نشاهدها في المجتمعات المتخلفة، حيث يتصور الناس أنهم ينعمون بالأمن والمال، لأن الحاكم الفرعون هو الذي يعطيهم الأمن والمال، إذا حاولوا التمرد عليه يسلب منهم الأمن فيعيشون في ظل القلق، فيرون أن الأفضل لهم الاستكانة لهذا الحاكم.

3- الفوضى واللامبالاة وعدم الالتزام والانضباط، وعدم احترام المجتمع فالجميع يعيش لنفسه، ضمن دائرته الخاصة منعزلاً عن التكامل الاجتماعي.

4- الانغماس المادي، واعتبار اللذة الجسدية هي الهدف، والاهتمام بالطعام والشراب واللباس والسكن، فيعيش من أجل أن يأكل، من أجل أن يلبس، وأن يشتري سيارة جميلة، بيت جميل، فيغرق في عالم الاستهلاك، هذا أيضا من المظاهر في المجتمعات المتخلفة التي ليس لها روح، لا تفكير للإنسان في هدفيته في الحياة، وماهو هدفه في الوجود؟

5- الاكتئاب، وهو نتيجة حتمية لما قلناه سابقا من مظاهر، لأن الانسان الذي يعيش في إطار المادة، يصل لمرحلة معينة يصبح ليس له احساس بالحياة، يسيطر عليه الاكتئاب وعدم الاحساس بأهمية المستقبل والوجود، لذلك المجتمعات المادية الصرفة توجد فيها أكثر حالات الانتحار، فالفرد ليس لديه مشكلة مادية أو أمنية لكنه فقد الشعور بالحياة، لأن الهدف الحقيقي في الحياة هو الروح والعقل، والجسد مجرد وسيلة لهما.

ماهي أساليب التفكير التي تمنع المجتمعات من التحرك والتقدم؟

نذكر بعض الأنماط، من أساليب التفكير التي تجعل المجتمع راكدا وجامدا:

1. التفكير التبريري، وهو ديدن وأسلوب الفاشلين، الذين يبررون أخطاءهم ويلقون اللوم على الآخرين، ويكثرون من العتب.

2. التفكير المصلحي:

يقول الامام الحسين (عليه السلام): (الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحيطونه مادرّت معايشهم، فإذا محصّوا بالبلاء قل الديانون).

هؤلاء حتى اتباعهم للدين هو اتباع مصلحي أو العيش مع السائد وليس لديهم مبادئ، هذا التفكير خطر على الانسان، يحول الانسان إلى انتهازي ازدواجي ومنافق، هذا يسلب أخلاقيات الانسان، وهو أمر خطير.

3. التفكير المادي:

وهو يرى أن الحياة فقط مادة، نحن جئنا لنأكل ونعيش ونلتذ جسدياً.

قال الامام علي (عليه السلام): (أيها الناس إياكم وحب الدنيا فإنها رأس كل خطيئة، وباب كل بلية، وقران كل فتنة واداع كل رزية).

كل المشكلات في العالم اليوم هي مشكلات ناشئة من حب الدنيا، لأنها باب وصندوق الشرور، تجعل الانسان يفعل كل شيء وينتهك كل شيء حتى يحصل على شيء من الدنيا.

4. التفكير الانعزالي:

بعض الناس يرون أنهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا، فينغلقون بإطارهم الخاص ويعيشون حياتهم الخاصة بعيدا عن كل مايجري في الحياة، وهذا أمر خطير جداً، الاعتزال جيد بشكل نسبي، لكن يحتاج إلى ادارة وهذا النوع من الانعزال المطلق يؤدي في بعض الأحيان إلى الانحراف، لأن الانسان المنعزل يؤسس لنفسه أفكار جديدة تخلقها بيئة الانعزال.

لذلك نرى تاريخيا أن المتصوفة لديهم أفكار منحرفة، لأنهم أصبحوا منعزلين وعاشوا في اطارهم الخاص.

5. التفكير العدمي:

وهو الذي يقول أنه لافائدة من الوجود، فيسود القلق والخوف واليأس والاحباط، وهذه المعاني تجعل الانسان عبد ومرتهن، وأيضا تؤدي في جانب معين إلى القدرية والاستسلام، لذلك دائما مانسمع عن الأغلبية الصامتة، هم الذين يرون أنه ليس هناك فائدة في عملية تحمل المسؤولية وإرادة التفكير والوجود.

6. التفكير الجبري:

حيث يرى الانسان أنه ليس لديه ارادة واختيار بل هو مجبور على الوجود والانصياع المطلق للحاكم وللمجتمع، وهكذا استعبد فرعون قومه، وهكذا أسس معاوية وأعوانه للمذاهب الجبرية، فالأمويين أرادوا أن يجعلوا لأنفسهم شرعية فاعتبروا أن الانسان مجبور والله هو الذي سلط الحاكم الفاسق عليهم، فأسسوا مذاهب عقائدية لهذ الأمر، وجعلوا الانسان ليس له قدرة على العقل والتفكير.

ماهي الرسالة الفكرية في نهضة الامام الحسين عليه السلام؟

1. مواجهة الاذلال

ومواجهة ثقافة الخضوع التي يعيشها المجتمع، ومعالجة التفكير الجبري والانعزالي والعدمي، فالمجتمع عندما يكون لديه هذه الأنواع من التفكير يكون خانعا وذليلا، وأسوأ شيء عند الانسان هو الذل والخنوع، وهو أسوأ من الفقر والموت.

الله سبحانه وتعالى خلق الانسان كريما والكرامة أهم نقطة في كون الانسان انسانا، لذلك الامام الحسين (عليه السلام) أراد أن يواجه العنف والاستبداد والعبودية للطاغوت. وبنو أمية أرادوا أن يذلوا المسلمين، عبد الملك بن مروان كان يقول: والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه.

فبنوا حكمهم على السيف، لكن نهضة الامام الحسين جاءت لتنسف تلك الثقافة، ثقافة السيف، العنف، الاستبداد، اذلال الانسان.

هذا صراع بين ثقافتين، اليوم العالم يعيش هذه الثقافتين، ثقافة قوة المنطق، ومنطق القوة.

فسيرة الحسين (عليه السلام)، وسيرة الأنبياء قائمة على قوة المنطق، بينما سيرة الطغاة والمستبدين والمنحرفين تقوم على القسوة واستعباد البشر.

وقد قال الامام الحسين عليه السلام في رسالته الفكرية:

(لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر لكم إقرار العبيد).

وقال أيضا عليه السلام: (ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات من الذلة، فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما).

2. تحمل المسؤولية والوظيفة الشرعية

الانسان كما قلنا كائن مفكر مسؤول فلابد من أن يتحمل المسؤولية، لا أن يعيش في الحياة برغباته الخاصة، هو انسان مسؤول وهناك حساب وكتاب في الدنيا والآخرة، لذلك الامام الحسين (عليه السلام) يقول ويحرض الناس ويتكلم بلغة عظيمة وعميقة: (ألا ترون أن الحق لا يُعمل به، وأن الباطل لا ينتهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً).

هذا هو معنى المسؤولية الشرعية، حيث يرسخ الانسان في داخله فكرة المسؤولية ومسؤولية التفكير، حتى يستطيع أن يعمل بوظيفته الشرعية ويعمل مع الحق ولايستسلم للباطل ولا يذل تحت حكم الباطل.

3. بناء الانسان العاقل المفكر:

في رسالة الامام الحسين الفكرية يقول الامام: (إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون يوم المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم).

أي لكي تكون انسانا لابد أن تكون حراً ولكي تكون حراً لا بد أن تكون مفكراً، هذا يحرض الناس على التفكير، فمن خلال التفكير يصل الانسان إلى هذه النتيجة وهي الحرية.

فالانسان بحد ذاته، بفطرته يحتاج لأن يكون حراً، وهذا يقوده للإحساس بيوم المعاد ونحو الايمان بالدين.

واجباتنا تجاه النهضة الحسينية:

1. العمل الثقافي الموسع لنشر ثقافة الامام الحسين عليه السلام:

وهو من أوجب الواجبات، وهو الطريق لإنقاذ العالم من الانحدار، وهو الطريق الذي يحض الناس ويحرضهم على التفكير، لذلك فإن مسؤوليتنا الكبرى نشر ثقافة الامام الحسين عليه السلام وخصوصاً ثقافة عاشوراء، هذه الثقافة العظيمة التي لو انتشرت في كل الأرض للاحظنا انفراجا كبيرا في حياة الناس وخروجهم من هذه الأزمات والمشكلات.

2. نشر ثقافة المسؤولية في الحياة:

تعني التعاون، النظام، اللاعنف، الاحترام، التكامل، التعايش، كل هذه النقاط لابد أن نرسخها من خلال نشر ثقافة المسؤولية، الانسان المسؤول هو انسان مفكر، حر.

3. التأكيد على الالتزام بالمبادئ:

من خلال نهضة أخلاقية تنبذ السلوكيات والأنانية، فالانسان المصلحي لاينجح في حياته، والانسان الأناني انسان فاشل، لا يحصل على شيء من حياته، الانسان المبدئي هو الانسان الرابح مطلقا، هل تعتقدون أن الناس تؤمن بالانسان الكاذب؟ الانسان الصادق الأمين هو الذي ينجح في حياته.

4. ايجاد تحول في المجالس الحسينية

بالعمل التثقيفي نحو تغيير مجتمعاتنا بالالتزام بثقافة أهل البيت عليهم السلام، جوهراً ومظهراً:

فالمجلس الحسيني أكبر نعمة، علينا انقاذ عوائلنا ومجتمعنا وأبنائنا بالتربية الصالحة، ولابد من استثمار المجلس الحسيني بشكل كبير جدا لتطوير حياتنا وتغيير أنفسنا.

5. نشر المقال الحسيني والكتاب الحسيني

وبناء أجيال من الصحفيين والمؤلفين والأدباء والمثقفين لنشر الكلمة الحسينية في أرجاء العالم، "ومثل كلمة طيبة كمثل شجرة طيبة".

6. التأكيد على مبادئ الحرية:

وتربية أبنائنا على الحرية، في مقابل سلوكيات العبودية، لابد أن نقف مقابل هذه السلوكيات السيئة التي تعلم الأبناء على الخوف والعنف، وهذا خطأ كبير، فلابد أن يشعرون بالشجاعة وعدم الخوف، ويتربون على اللاعنف، وهذه التربية تخلق من الانسان انسانا متقدما، في بعض المجتمعات يربون أبناءهم على الخوف حتى يصبح خانعا وخاضعا لأنهم يخافون من الحاكم المستبد، هذه نقطة نلاحظها كثيرا فنرى البعض حتى عمر متقدم يعيش عمره خائفا من الآخرين ومن الحاكم.

7. التشجيع على التفكير

وتربية أبناءنا على الحوار والتفكير النقدي وعدم منعهم من التفكير، لأن عدم التفكير يؤدي إلى الركود والجمود.

8. الحوار الحسيني الرصين:

هو أفضل البوابات للتواصل مع الآخرين والابتعاد عن الجدل والصدام والعنف اللفظي، الحوار هو طريق أهل البيت، فأهل البيت (عليهم السلام) كانوا يتحاورون مع المخالفين، بحوار جميل رصين هادئ يعتمد على الحجة والعقل والاستدلال وما وجدنا انهم يستخدمون غير الكلمة الهادئة والطيبة.

9. الشعائر الحسينية طريق عظيم للتغيير والتقدم:

لأنها تحمل عناصر العاطفة والحماس والتجمع الاجتماعي الايجابي الذي يقود المجتمع نحو الخير والصلاح ويحميها من الانحراف الأخلاقي والعقائدي والنفسي والاجتماعي، لذلك لابد من استثمارها فكريا لإيجاد توجه مركز في حركة النهضة الحسينية، عندما نلاحظ حركة الشعائر الحسينية نرى أنها تهدم كل الحواجز النفسية في القلب، تجعل القلب رقيقا ناعما، وعندما ينفتح القلب ينفتح الفكر، لاحظوا التفاعل بين البكاء وبين العقل، العقل يستطيع أن يستقبل الأفكار الايجابية من خلال عاطفته وبعد البكاء، فالبكاء شيء عظيم يجعل العقل يستقبل التغيير الفكري والأـخلاقي، لذلك الشعائر الحسينية طريق للنهضة الفكرية والتقدم للأمام.

كلمة في الختام

الأفكار الحسينية والتفكير الحسيني شيء أساسي لمواجهة الانحراف الذي يمارسه البعض للحصول على السلطة والهيمنة والاستعباد وجعل المجتمع جامداً وراكداً ويحاول إيقاف حركة التاريخ أمام التقدم، لذلك لابد من الاستمرار في قراءة الأفكار الحسينية قراءة عميقة ودراستها وتحليلها لبناء نظام انساني واجتماعي وعالمي ناجح. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم في هذه المسيرة الفكرية والثقافية من أجل نشر الأفكار الحسينية لجميع الناس وتحليلها وفهم الدوافع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ومن ثم نستفيد ونأخذ منها العبر من أجل تحسين حياتنا والاستمرار في حركة التقدم نحو الأفضل وبناء مجتمع ناجح، ووفقنا الله واياكم لخدمة الامام الحسين عليه السلام.

إجابات لتساؤلات

- لابد ان تكون عندنا كفاءات عالية المستوى تستطيع أن تنشر أفكار الامام الحسين (عليه السلام) للعالم، دائما نحن بحاجة للإبداع والابتكار لإيصال هذه الأفكار وفي الإطار الشرعي، حتى نستطيع أن ننشر المنبر الحسيني والكتاب الحسيني، المسرح، الرسم، القصة، الرواية، بأساليب جديدة وأن نوصلها من خلال شبكات التواصل.

- لابد أن نعتمد على الحوار الهادئ بعيدا عن الجدل، الجدل دائما سيء، وكذلك استخدام أسلوب اللاعنف مطلقاً، اللاعنف القلبي واللفظي والجسدي، وأيضا صناعة النموذج الصالح لأن النموذج الذي يجسد منهج أهل البيت عليهم السلام يجذب الناس، الناس تحب الانسان الخلوق صاحب الروح الجميلة والكلمة الطيبة، هذه نقاط مهمة في الحوار والتعامل مع الآخرين، وكذلك يجب توافر الثقافة الجيدة، والتفكير والمعرفة الجيدة حتى يستطيع أن يجذب الأخرين لفكر أهل البيت.

- لابد أن يتعلم الطفل ويشعر بالكرامة والاحترام، لأن أي عنف يستخدم ضد الانسان سيهين كرامته، فيبدأ تعلم الاذلال والخضوع، نحن نعتقد أننا إن أذللنا أطفالنا سنجعلهم خاضعين لنا ومؤدبين، هذا خطأ، فلابد أن نربي أطفالنا على الشجاعة والاحساس بالحرية والكرامة والاحترام، هذا يحتاج بالطبع إلى معرفة وثقافة وصبر وتحمل، يجب تعلم مناهج التربية والمناهج العلمية السليمة حتى نستطيع أن نربي أبناءنا على الكرامة والحرية والتفكير الحر.

* محاضرة ألقيت في ملتقى المودة للحوار الالكتروني تزامنا مع ذكرى عاشوراء

اضف تعليق