q

شبكة النبأ: اعطى تراجع أسعار النفط واليورو مؤشرا جيدا على وجود فرصه حقيقية لإنعاش الاقتصاد الأوربي وتحريره من الانكماش او ارتفاع التضخم، ومع استقرار الواردات وارتفاع نسب الصادرات الاوربية، سجل الفائض التجاري لمنطقة اليورو ارتفاعا ملحوظا في وقت سابق (من 16 مليار الى 24 مليار)، كما ان دولاً اوربية ذات اقتصاد قوي مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا، سجلت هي الأخرى مؤشرات إيجابية، فقد ارتفع مؤشر المسح الشهري الذي يجريه مركز زد.إي.دبليو للأبحاث إلى 34.9 في ديسمبر كانون الأول من 11.5 في نوفمبر تشرين الثاني مسجلا أعلى مستوى له منذ ابريل نيسان، وزاد مؤشر منفصل للأوضاع الراهنة إلى 10.0 من 3.3 في نوفمبر تشرين الثاني.

كما نزل معدل التضخم في بريطانيا لأقل مستوى فيما يزيد عن 12 عاما في نوفمبر تشرين الثاني مما يخفف العبء على المستهلكين ويحرر بنك انجلترا المركزي من الضغوط الرامية لحمله على رفع أسعار الفائدة، وقال المكتب الوطني للإحصاء أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع واحدا بالمئة في نوفمبر تشرين الثاني على أساس سنوي مقارنة مع 1.3 بالمئة في اكتوبر تشرين الأول، وتوقع اقتصاديون أن ينزل مؤشر أسعار المستهلكين من جديد إلى 1.2 بالمئة، ومعدل واحد بالمئة هو الأقل منذ سبتمبر ايلول 2002، وذكر المكتب ان أسعار وقود السيارات نزلت 5.9 بالمئة مقارنة مع نوفمبر تشرين الثاني من العام الماضي، الا ان مشاكل أخرى الى جانب هذه المؤشرات الإيجابية قد اضافت بعض الضبابية الى المشهد الاقتصادي الأوربي بصورة عامة، اذ ان عددا من دول اوربا تفتقد الى رؤية إصلاحية شاملة لاقتصادها الذي يعاني من مشاكل الانكماش والعجز، إضافة الى ارتفاع نسبة الدين العام، فيما حثت دول كبرى مثل الولايات المتحدة الامريكية، الاتحاد الأوربي على  اتخاذ خطوات اكثر جدية وحزما لتجنب الانزلاق في هوة الانهيار الاقتصادي الذي حدث عام 2008، اذ ان انتعاش الاقتصاد الأوربي خطوة هامة نحو نمو السوق العالمي، وقال وزير الخزانة الاميركي جاكوب لو في كلمته التي القاها في سياتل شمال غرب الولايات المتحدة انه "مثلما تشير اليه المعطيات الاقتصادية الاخيرة، فان (تحرك البنك المركزي الاوروبي) اثبت انه غير كاف وحده لضمان العودة الى نمو سليم"، وشدد على ان الطلب الداخلي في منطقة اليورو يبقى ادنى باربع نقاط مئوية من مستواه ما قبل الازمة المالية في 2008-2009، ودعا لو في اوروبا الى "نهج شامل" يجمع ما بين دعم السياسات النقدية انما كذلك السياسات الهيكلية وعلى صعيد الميزانيات، وقال الوزير الاميركي "في دول مثل ايطاليا التي تعتبر اقل قدرة على المنافسة بنيويا، وفرنسا حيث يحد من النمو تصلب سوق الوظائف وغيره من العوامل، يجب ان تعمل السياسات على تسريع الاصلاحات البنيوية"، وانتقد بصورة عامة سياسة "التقشف" في الميزانية المتبعة في أوروبا، وفي موازاة ذلك حذر لو من ان الولايات المتحدة لا يمكنها ان "تعوض" عن النمو الضعيف في القوى الاقتصادية الكبرى، سواء في اوروبا او في اليابان.

أنعاش الاقتصاد

في سياق متصل وضع الاتحاد الأوروبي قائمة تتضمن نحو 2000 مشروع بقيمة 1.3 تريليون يورو (1.59 تريليون دولار) لاحتمال إدراجها في خطة استثمارات لإنعاش النمو وخلق وظائف بدون زيادة ديون الدول، وقال البنك المركزي الأوروبي إن الاستثمارات تضررت جراء الأزمة المالية في أوروبا وهبطت نحو 20 في المئة في منطقة اليورو منذ عام 2008، وفي أعقاب مطالبة من رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونيكر تقدمت حكومات الاتحاد الأوروبي بمشروعات تتراوح من بناء مطار جديد في هلسنكي إلى حواجز للفيضانات في بريطانيا وذلك بحسب ما جاء في وثيقة، وقالت الوثيقة التي سيناقشها وزراء مالية الاتحاد الأوروبي "تم تحديد نحو 2000 مشروع إجمالي استثماراتها 1300 مليار يورو من بينها مشروعات بنحو 500 مليار يورو من المقترح تنفيذها خلال السنوات الثلاث القادمة"، وتتضمن المشروعات في القائمة التي أكد مسؤولون أنها ليست نهائية بناء منازل في هولندا ومطار جديد في أيرلندا ومشروع سكك حديدية يتكلف 4.5 مليار يورو ويربط بين إستونيا ولاتفيا وليتوانا وبولندا، وهناك مشروعات أيضا لخلق وظائف تتضمن محطات وقود للمركبات التي تعمل بخلايا الوقود الهيدروجينية في ألمانيا وتوسعة شبكات النطاق العريض فائقة السرعة في أسبانيا وخفض استهلاك الطاقة في المباني العامة في فرنسا، ويرتبط نحو ثلث المشروعات بالطاقة بينما يركز ثلث آخر على النقل والباقي على الابتكارات والبيئة والإسكان. بحسب رويترز.

وعاد اليورو وسجل ارتفاعا طفيفا مقابل الدولار في اسواق مترددة ازاء هبوط اسعار النفط والضغوط الانكماشية المتواصلة في منطقة اليورو، وبلغ سعر العملة الاوروبية الموحدة 1,2451 دولارا مقابل 1,2443 دولارا، كذلك سجل اليورو ارتفاعا بالنسبة للعملة اليابانية ليصل الى 148 ينا مقابل 147,64 ينا، وسجل الدولار ايضا ارتفاعا بالنسبة للين مسجلا 118,87 ينا مقابل 118,65، ويتابع المستثمرون باهتمام تراجع اسعار النفط التي خسرت اكثر من 7 دولارات في نيويورك مسجلة ادنى مستوياتها منذ 2009 وتدنت في لندن عن عتبة 70 دولارا للبرميل، واذا لم يتوقف تدهور اسعار النفط فان الضغوط الانكماشية قد تزداد في منطقة اليورو، ما سيعزز بنظر المحللين احتمال تحرك البنك المركزي الاوروبي خلال اجتماعه او في كانون الثاني/يناير، وسجل التضخم في منطقة اليورو تباطؤا في تشرين الثاني/نوفمبر الى 0,3 بالمئة وهو مستوى لم يسجل منذ تشرين الاول/اكتوبر 2009، كما تباطأت الاسعار في المانيا، الاقتصاد الاول في المنطقة.

ويبقى اليورو عرضة للمخاوف المتواصلة حول صحة الاقتصاد في الاتحاد النقدي، في وقت يضاعف مسؤولو البنك المركزي الاوروبي خلال الاسابيع الاخيرة التصريحات حول امكانية اقرار برنامج لإعادة شراء اصول يمكن ان يستهدف سندات الدولة في منطقة اليورو، غير ان سابين لاوتنشليغر العضو في مجلس ادارة البنك المركزي الاوروبي ابدت شكوكا جدية بالنسبة لامكانية نجاح برنامج لاعادة شراء ديون عامة، اقله في الوقت الحاضر، وقالت خلال مؤتمر في برلين "بنظري، فان تقييما للكلفة والارباح، للفرص والمخاطر الكامنة في برنامج واسع لاعادة شراء سندات دولة لا يقود في الوقت الحاضر لاستنتاج ايجابي"، وافاد مصرف كريدي اغريكول في طوكيو في مذكرة موجهة الى المستثمرين انه لا يتوقع "تدابير تليين خلال اجتماع البنك المركزي الاوروبي، بل التزاما باقرار مثل هذا التليين اذا ما تدهورت امكانات التضخم، ما هو مرجح بشكل كبير بفعل هبوط اسعار النفط"، ومن المحتمل ان تنعكس امكانية لجوء البنك المركزي الاوروبي الى مثل هذا الاجراء على العملة الموحدة لان عمليات اعادة شراء السندات ستكون بمثابة ضخ سيولة في النظام المالي، ما سيؤدي الى اضعاف قيمة العملة.

الاصلاحات غير كافية

بدورها اعتبرت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل في مقابلة نشرت مؤخرا ان الاصلاحات التي تمت في فرنسا وايطاليا غير كافية، وذلك بعد اسبوع من المهلة التي منحتها بروكسل للبلدين لتحسين وضعهما المالي، وقالت ميركل لصحيفة "داي فيلت" المحافظة بحسب مقتطفات نشرت مسبقا ان المفوضية الاوروبية "حددت روزنامة تنص على وجوب ان تقدم فرنسا وايطاليا اجراءات إضافية، هذا مبرر لان البلدين يخوضان فعليا عملية اصلاحات"، وتداركت المستشارة "لكن المفوضية قالت بوضوح ايضا ان ما طرح على الطاولة حتى الان ليس كافيا، الامر الذي اوافق عليه"، ومنحت المفوضية الاوروبية مهلة اخيرة لباريس وروما وارجأت الى الربيع حكمها على موازنة البلدين للعام 2015 مطالبة بمزيد من الجهود لتحسين المالية العامة تحت طائلة فرض عقوبات، واعتبرت بروكسل ان العجز او الدين في كل من فرنسا والمانيا لا يحترم السقف المحدد بحسب القواعد الاوروبية، الامر الذي قد يعرض البلدين في النهاية لعقوبات مالية وهو امر غير مسبوق، وكررت المانيا انتقاداتها لفرنسا في الاسابيع الاخيرة جراء الخلافات حول السياسة الاقتصادية، ورغم العديد من المبادرات والاجتماعات الوزارية بين البلدين، فان التباين بينهما لا يزال قائما مع مطالبة باريس بدعم صادق من جانب شريكها الالماني للنمو واصرار برلين على الاصلاحات. بحسب فرانس برس.

الى ذلك اعربت الولايات المتحدة عن خشيتها من "عقد ضائع" بالنسبة للاقتصاد الاوروبي ودعت قادة المنطقة الى اتخاذ "خطوات حازمة" لوقف تراجع النشاط في القارة التي تبدي مؤشرات جديدة للتباطؤ، وقال وزير الخزانة الاميركي جاكوب لو في كلمة "لا يمكن للعالم ان يحتمل عقدا ضائعا في اوروبا لا بد من قيام السلطات الوطنية والمؤسسات الاوروبية الاخرى بخطوات حازمة للحد من مخاطر انزلاق المنطقة الى تراجع اكبر"، واعتبر لو قبل انعقاد قمة مجموعة العشرين في استراليا ان "الوضع القائم في اوروبا" لم يسمح بتحقيق اهداف النمو "القوية" و"المستديمة" التي حددتها الاسرة الدولية في مطلع 2014، وكانت الدول الصناعية والناشئة العشرين الكبرى حددت هدفا لها في شباط/فبراير زيادة الثروات العالمية بنسبة 2% خلال السنوات الخمس المقبلة، وفي وقت تبدي اوروبا مؤشرات تباطؤ جديدة، راى وزير الخزانة الاميركي انه لا يمكن للبنك المركزي الاوروبي "وحده" ضمان العودة الى نمو قوي.

وفي تقرير اصدره صندوق النقد قبل قمة مجموعة العشرين، اشار الى ان الاقتصاد العالمي يواجه عقبات كبيرة نتيجة ضعف النمو في اوروبا واليابان وتباطؤ النمو في الدول الناشئة، وعلى صعيد آخر تطرق لو الى سياسات الصرف داعيا بدون الاشارة الى بلد محدد الى عدم استخدام العملات من اجل دعم الطلب الخارجي والنمو، وقال لو ان "على الدول ان تفي بالالتزامات التي قطعتها في سياق مجموعات متعددة الاطراف مثل صندوق النقد الدولي او مجموعة العشرين" في ما يتعلق بسياستها الخاصة بالصرف، وغالبا ما تتهم واشنطن الصين بتخفيض سعر عملتها الوطنية بشكل مصطنع لتعزيز تنافسية صادراتها، واخيرا دعا الكونغرس الاميركي الذي يعرقل منذ سنتين اصلاح نظام الحصص والادارة في صندوق النقد الدولي، الى التصويت على النص في اقرب وقت ممكن مؤكدا "من الضروري ان يتحرك الكونغرس خلال الاسابيع المقبلة" بهذا الصدد.

خطة يونكر

فيما انتقد خبراء الاقتصاد بشدة خطة الاستثمار التي عرضها رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر معتبرين ان توقيتها ونواياها جيدة غير ان نهجها والمبالغ التي تنص عليها لن تكون مفيدة لتحفيز النمو في أوروبا، وقال اريك هاير خبير الاقتصاد في "المرصد الفرنسي للاوضاع الاقتصادية" معهد الابحاث "انه الوقت المناسب للقيام بذلك، اننا في مرحلة من تدهور الاوضاع وتفشي البطالة وانهيار الطلب، والتاثير المحفز للنشاط يمكن ان يكون قويا جدا، لكن المبلغ ضعيف للغاية"، وكشف يونكر عن الخطة التي ستشكل ركيزة ولايته وتقضي بتعبئة 315 مليار يورو من الاستثمارات لتحريك النمو و"اعادة اوروبا الى العمل"، ويخفي هذا الرقم الذي لوح به يونكر للإشادة بمنافع خطته، آلية معقدة تستند الى جزء من الميزانية الاوروبية والى بنك الاستثمار الاوروبي، الذراع المالية للاتحاد الاوروبي، ولكن بدون مساهمات مباشرة من الدول الاعضاء ولو ان الباب بقي مفتوحا اما البلدان الراغبة في ذلك.

وستمر الاستثمارات عبر "صندوق اوروبي للاستثمار الاستراتيجي" مزود بضمانات بقيمة 21 مليار يورو ويلعب دورا "مخففا للمخاطر" ما سيسمح باجتذاب موارد خاصة، ويراهن يونكر على ان يكون لهذا المبلغ الاساسي تاثير مضاعف ب15 مرة ما سيسمح بتعبئة مجموع 315 مليار يورو، وقال هاير انه حتى اذا تم تشغيل كل العوامل المضاعفة والمحفزة فان "لا شيء ضرب ثلاثة، لا شيء ضرب عشرة، يبقى لا شيء" معتبرا انه على صعيد تحفيز الاقتصاد "الحجم له اهميته"، وقدر غريغوري كليس الباحث في معهد بروغل في بروكسل حاجات الاستثمار في الاتحاد الاوروبي ب250 مليار يورو في العام وقال "مع 315 مليار يورو على عدة سنوات، لم نبلغ المستوى المطلوب"، كما ان لودوفيك سوبران رئيس قسم الاقتصاد في شركة يولر هرميس للتامين ليس مقتنعا بالآلية المالية، منتقدا بصورة خاصة كيفية مضاعفة المبالغ من 21 مليارا الى 315 مليارا. بحسب فرانس برس.

وشكك كريستوفر دمبيك الخبير الاقتصادي لدى ساكسو بنك في نهج المفوضية الجديدة وقال "هناك على الاقل ارادة سياسية واقرار بضرورة الاستثمار، لكن ليس هناك استراتيجية شاملة على المدى البعيد"، وستترك المفوضية الاوروبية الخيار الاخير في ما يختص بالاستثمارات الى لجنة خبراء وترفض "توزيع" الاموال بحسب الدول ولو ان البلدان ستكلف تقديم قائمة مشاريع، وقال دمبيك ان "قسما من الاموال سيخصص لمشاريع سبق واطلقت والدول ستستخدمها لتمويل استثمارات بدون زيادة انفاقها العام" وبالتالي فهو لا يتوقع "اي اثار محفزة" لا سيما وان الجهات المالية الخاصة التي يفترض ان تتهافت على المشاريع التي تحمل بصمة "خطة يونكر" هم بنظره "شديدي التشكيك" في الخطة، وقال لودوفيك سوبران "اننا في منطق حماية للاستثمارات اكثر مما نحن في منطق تشجيع لها"، وراى غريغوري كليس ان "جوهر الخطة هو ان تستخدم الاموال العامة للتخفيف من الخسائر المحتملة في بعض المشاريع وفي نهاية المطاف خفض كلفة التمويل للاستثمارات الخاصة"، وتابع "لكن هناك خطر وهو ان يستفيد المستثمرون الحاليون من الخطة" بدل ان تجتذب مستثمرين جددا لتحقيق مشاريع اكثر جرأة.

التعويل على الاستثمار

من جانب اخر قالت المفوضية الاوروبية ان اوروبا ستحتاج الى وقت اطول للخروج من الانكماش الاقتصادي، مشيرة في تقديراتها الاخيرة التي نشرت مؤخرا الى انها تعول على خطة واسعة للاستثمار لانعاش النمو والتوظيف، وافادت هذه التقديرات الاقتصادية لفصل الخريف ان نسبة النمو في منطقة اليورو لن تتجاوز 0,8 بالمئة هذه السنة و1,1 بالمئة في 2015، مبدية بذلك تشاؤما اكبر مما كانت الربيع الماضي، وكانت المفوضية توقعت في ايار/مايو الماضي ان تبلغ نسبة النمو 1,2 بالمئة هذه السنة و1,7 بالمئة العام المقبل للدول ال18 الاعضاء في الاتحاد النقدي، ولن تسجل منطقة اليورو في نهاية المطاف نسبة نمو تبلغ 1,7 بالمئة قبل 2016 اي بعد عام عما كان متوقعا، واعترف نائب رئيس المفوضية المكلف النمو والوظيفة يركي كاتاينن في مؤتمر صحافي "تبين ان النمو اضعف بكثير مما كنا نتوقع في الفصل الاول"، وذكر من النقاط السلبية العوامل الجيوسياسية وخصوصا الازمات في اوكرانيا والشرق الاوسط وكذلك مشاكل خاصة بالاتحاد الاوروبي مثل حجم الدين العام والخاص وتشرذم اسواق المال.

وارقام المفوضية اكثر تشاؤما من تلك التي اعلنها صندوق النقد الدولي الذي توقع مطلع تشرين الاول/اكتوبر نسبة نمو تبلغ 1,3 بالمئة في 2015، وشدد كاتاينن على اهمية خطة استثمار بقيمة 300 مليار يورو على مدى ثلاث سنوات وعد بها رئيس المفوضية جان كلود يونكر، واكد المفوض الجديد للشوؤن الاقتصادية بيار موسكوفيسي بدوره ان هذه الخطة "تكتسي اهمية حاسمة"، واضاف وزير المال الاشتراكي السابق في فرنسا انه لانعاش النمو والوظيفة "ليست هناك معجزات بل رد بسيط"، مدافعا عن سياسات التقشف في الميزانية التي طبقتها دول عدة، وقال ان هذه الجهود "مبررة بمستويات الديون المرتفعة جدا"، والاوضاع تتفاوت حسب الدول، لكن الارقام المتعلقة باكبر ثلاثة اقتصادات في منطقة اليورو لا تدعو الى التفاؤل، فقد قالت المفوضية ان الاقتصاد الالماني الذي يعد محركا خفض تقديراته للنمو لهذه السنة الى 1,3 بالمئة (مقابل 1,8 بالمئة في الربيع) والى 1,1 بالمئة في 2015 (مقابل 2 بالمئة في تقديرات الربيع).

اما فرنسا فلن تتجاوز نسبة النمو فيها 0,3 بالمئة هذه السنة (مقابل 1 بالمئة قدرت في الربيع) و0,7 بالمئة في 2015 (1,5 بالمئة من قبل) ثم 1,5 بالمئة في 2016. ويفترض ان يزداد العجز ليبلغ 4,4 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي هذه السنة و4,5 بالمئة العام المقبل و4,7 بالمئة في 2015. وهذا تجاوز للثلاثة بالمئة المحددة في قواعد الميزانية الاوروبية، مما يجعل باريس اسوأ اعضاء منطقة اليورو، وردا على هذه الارقام، قال وزير المال الفرنسي ميشال سابان ان تقديرات المفوضية التي تشير الى ان فرنسا تتحمل اكبر عجز في منطقة اليورو "محض نظرية"، معتبرا ان هذه الحسابات "لا تعني شيئا"، واضاف سابان الذي كان يتحدث لصحافيين أن هذه التقديرات لا تأخذ في الاعتبار اجراءات التصحيح الاخيرة، بينما قال مصدر قريب من وزير المال ان "حساب المفوضية لا ياخذ في الاعتبار الاجراءات التي ستتخذها الحكومة في 2015 للعام 2016، لذلك انه حساب محض نظري ولا يعني شيئا". بحسب فرانس برس.

اما ايطاليا فستبقى في حالة انكماش هذه السنة وهي الثالثة على التوالي (ناقص 0,4 بالمئة) بينما كانت المفوضية تتوقع لها نسبة نمو تبلغ 0,6 بالمئة في الربيع وهو مستوى لن يتم بلوغه الا في 2015، وستواصل ايطاليا ايضا جهودها في مواجهة دين عام هائل يتجاوز ال130 بالمئة من اجمالي الناتج الداخلي، والمؤشر المقلق الآخر في منطقة اليورو هو التضخم الذي يتوقع ان لا يتجاوز 0,5 بالمئة هذه السنة و0,8 بالمئة في 2015 وهو مستوى متدن جدا مرتبط ببطء الانتعاش الاقتصادي، ودعت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل بعد اعلان التقديرات الجديدة الى تنسيق افضل بين السياسات الاقتصادية الاوروبية لانعاش النمو، وقالت "من الواضح في نظري اننا بحاجة الى تنسيق اقوى للسياسات الاقتصادية"، واضافت ان "الامر لا يتعلق بتحويل الاموال" بل "بتحديد معايير تنافسية" تلتزم بها كل دول منطقة اليورو ،لكن يفترض ان ينجو الاتحاد النقدي من الانكماش النقدي الذي يتسم بدوامة من خفض الاسعار وتدني الاجور المضرين بالنمو، الا ان التضخم لن يتجاوز 1,5 بالمئة في 2016 بينما هدف المصرف المركزي الاوروبي هو ان يبقى منخفضا لكن حوالى 2 بالمئة.

اما البطالة فيتوقع ان تنخفض ببطء لتبلغ 11,6 بالمئة هذه السنة و11,3 بالمئة السنة المقبلة و10,8 بالمئة في 2016، وستبقى بلا تغيير في فرنسا اي 10,2 بالمئة في 2016 بعد 10,4 بالمئة هذه السنة والسنة المقبلة، والامر ينطبق على ايطاليا اذ ان نسبة البطالة ستنخفض من 12,6 بالمئة هذه السنة الى 12,4 بالمئة في سنتين المقبلتين، وفي الانباء السارة، يبدو ان الدول التي استفادت من برنامج مساعدة تتدبر امورها بشكل أفضل، فاليونان ستخرج هذه السنة من انكماش دام ستة اعوام وستسجل نسبة نمو تبلغ 3,7 بالمئة في 2016، مثل ايرلندا، اما اسبانيا التي استفادت من خطة لمصارفها فسيكون اداؤها افضل من جاراتها بنسبة نمو ستبلغ 1,2 بالمئة هذه السنة و1,7 بالمئة العام المقبل و2,2 بالمئة في 2016، لكن نسبة البطالة تبلغ فيها 22,2 بالمئة.

اضف تعليق