q

شدد سماحة الشيخ الدكتور عبدالله أحمد اليوسف في خطبته ليوم الجمعة 14 جمادى الأولى 1436هـ الموافق 6 مارس 2015م على أهمية الالتزام بمقومات وقواعد الحياة الزوجية السعيدة والناجحة حتى يتحقق الهدف من الزواج وهو تحقيق الاستقرار النفسي والروحي والجسدي بما يحقق الاطمئنان والسعادة الزوجية.

وقد بدأ حديثه بالآية المباركة: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ فقد خلق الله سبحانه وتعالى الرجل والمرأة من جنس واحد، أما القول بأن المرأة مخلوق من جنس آخر، أو أقل رتبة من الرجل فهو منافٍ لقوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً﴾ والغاية من الزواج تحقيق الاستقرار النفسي والعاطفي ﴿ لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾، وهو الأمر الذي ينتج المودة والرحمة ﴿ وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ فالمودة بلا رحمة يؤدي إلى البرودة والفتور في العلاقة الزوجية كما أن الرحمة بلا مودة يفسدها، وهذا كله يتطلب ممارسة التفكير كي يتحقق التكامل بين الرجل والمرأة وصناعة الزواج الناجح ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.

واعتبر سماحته أن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) تمثل الأنموذج والمثال للزوجة الصالحة والمثالية، حيث عاشت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في حدود التسع سنوات في حياة زوجية ناجحة ومليئة بالسعادة والاطمئنان والتوفيق رغم الظروف الصعبة التي مرت بهما في حياتهما جراء تحمل أعباء الرسالة، والوقوف مع الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، والعمل على نشر رسالة الإسلام.

وأوضح سماحة الشيخ اليوسف بعض ما يرتبط بالحياة الزوجية للسيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، والمقومات الرئيسة التي كانت تسير عليها في تعاملها مع زوجها أمير المؤمنين (عليه السلام) وأول هذه المقومات حسن التبعل للزوج، والمقصود به إطاعة الزوج، وحسن التعامل والعشرة معه، وقد كانت الزهراء تدبر حياتها الزوجية بحسن التدبير، وحسن التبعل حتى قال عنها أمير المؤمنين (عليه السلام): ((ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً)) .

ولفت سماحته إلى أن حسن التبعل للزوج هو نوع من أنواع الجهاد، فإذا كان جهاد الأعداء واجب على الرجال فإن جهاد المرأة حسن تبعلها لزوجها، إذ يقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): ((جهاد المرأة حسن التبعل لزوجها)) . وهكذا يجب أن تكون المرأة المسلمة المعاصرة، أن تُحسن التبعل لزوجها، وأن تحسن معاشرته، وأن تطيعه فيما يرضي الله تعالى.

ثم تحدث سماحة الشيخ اليوسف عن المقوم الثاني من مقومات الحياة الزوجية الناجحة وهو القيام بالأعمال المنزلية، فرغم مكانة الزهراء (عليها السلام) وعظمتها ومقامها الرفيع إلا أنها لم تستنكف عن القيام بالأعمال المنزلية، فكانت تطحن بالرحى حتى محلت يداها، وكانت تنظف البيت وتطبخ وتعجن وتخبز، فكانت تقوم بالأعمال المنزلية ما دون الباب، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقوم بما خلفه في تعاون وانسجام ومحبة بينهما.

وأكد سماحته على أن الأعمال المنزلية وإن لم تكن واجبة على الزوجة إلا أنه يستحب لها القيام بذلك. وتوجد العديد من الروايات التي تحث المرأة على خدمة زوجها، فلا ينبغي للمرأة المعاصرة أن تستنكف عن القيام بتلك الأعمال لما فيها من الأجر والثواب، وبما ينتج عنه من ألفة ومودة وتماسك وانسجام، ونجاح كبير في الحياة الزوجية، وإدارة سليمة للبيت العائلي.

وشدد سماحة الشيخ اليوسف على أهمية أن تراعي الزوجة ظروف زوجها المالية، وقدراته المادية، وعدم إجبار الزوج على شراء أشياء كمالية بما لا يتناسب مع وضعه المادي لأن ذلك قد يجبره على الاقتراض وتحمل أعباء الديون الثقيلة.

ولفت سماحته إلى أن السيدة الزهراء (عليها السلام) كانت لا تكلف زوجها شيئاً، ولا تطلب منه أي شيء، وعندما يعلم أمير المؤمنين (عليه السلام) بعدم وجود طعام في البيت يقول لها: يا فاطمة ألا كنت أعلمتني فأبغيكم شيئاً؟ فتقول (عليها السلام): ((يا أبا الحسن إني لأستحي من إلهي أن تكلف نفسك ما لا تقدر عليه)) .

وشدد سماحته على ضرورة أن تهتم الزوجة بزينتها ونظافتها ومظهرها لزوجها لأن ذلك يزيد من تقوية وتمتين العلاقة الزوجية، أما إهمال هذا الجانب فيؤدي إلى النفور والكراهية بين الزوجين، وربما أدى إلى الانفصال والطلاق.

وأوضح أن السيدة الزهراء (عليها السلام) كانت تهتم بزينة ظاهرها وباطنها وتطيب بدنها ولباسها لزوجها كما أفادت الروايات بذلك.

وانتقد سماحته اهتمام بعض النساء بالتزين والتجمل ولبس أجمل الملابس عند ما تخرج من البيت، وإهمال هذا الجانب لزوجها فهذا التصرف خلاف الحكمة، ويؤدي إلى خراب وفساد الحياة الزوجية.

وشدد سماحة الشيخ اليوسف على ضرورة تبادل المودة والمحبة بين الزوجين، فقد كانت الزهراء (عليها السلام) تحزن وتبكي عندما يفارقها الإمام (عليه السلام) للخروج في إحدى الغزوات شفقة ومحبة له، وعندما يعود تستقبله بوجه مشرق وباسم حتى قال(عليه السلام) عنها: ((وقد كنتُ أنظر إليها فتنكشف عني الهموم والأحزان)).

وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يحبها حباً جماً، فلم يتزوج عليها أحداً طيلة حياتها، وعندما سمع بوفاتها وفع على وجهه قائلاً: ((وأما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد)).

وختم خطبته بالقول: إن على المرأة المسلمة المعاصرة الاقتداء بسيدة نساء العالمين في سيرتها وحياتها المباركة، وأن تلتزم بمقومات الحياة الزوجية المثالية والناجحة حتى تحقق السعادة الزوجية، وتنجح في مسيرتها كزوجة ناجحة بهدف تكون أسرة صالحة.

اضف تعليق