q
بناء مجتمع "أمة" من المتقين، هو الغاية لتعود الفائدة على كافة أفراد المجتمع، وهذه من بركات وآثار صوم شهر رمضان الفضيل، لينعم الجميع بالسعادة والبركة والرحمة والتوفيق والنجاح. هي معيار التفضيل والاحترام والتقدير بين البشر وهو المعيار الحق والأمثل والأنسب للبشرية، معيار يكشف زيف ما يروج له...

ما الهدف والغاية من الصوم؟.

حتما هناك غاية ثمينة وثمرة عظيمة للصوم، تلك الثمرة هي التقوى.

قال تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.

التقوى لها أهمية، ويسعى المؤمن الحصول عليها، ولا يمكن اكتسابها إلا بالجد والاجتهاد والتقرب من الله، ومن أفضل الطرق التي تؤدي لاكتساب التقوى هو الصوم في شهر رمضان.

أيام وليالي شهر رمضان المبارك قد تصرمت، هل حصل المؤمن الصائم على التقوى، وأصبح من أهل الكمال؟. اي هل أصبح الصائم شخصا مختلفا نحو الأفضل بعد صيام شهر رمضان الفضيل، وشهر من التربية الروحية في ضيافة الله -سبحانه وتعالى-؟.

إذَنْ النتيجة الطبيعية للصوم الحقيقي حسب الرسالة الإسلامية المحمدية الأصيلة؛ الحصول على التقوى؛ وبما ان أفراد المجتمع الإسلامي يصومون الشهر الكريم في وقت واحد بطريقة صحيحة وسليمة، من المفترض أن يصبحوا من المتقين، من أصحاب النفوس الطاهرة النقية، تطهير النفس البشرية من الباطن، وتحصين قلب المؤمن، من اي تقلبات ومن الضعف ومن سهام الشهوات والأعداء.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): "التَّقْوَى حِصْنُ الْمُؤْمِنِ".

إن بناء مجتمع "أمة" من المتقين، هو الغاية لتعود الفائدة على كافة أفراد المجتمع، وهذه من بركات وآثار صوم شهر رمضان الفضيل، لينعم الجميع بالسعادة والبركة والرحمة والتوفيق والنجاح.

التقوى معيار الأفضلية

التقوى هي معيار التفضيل والاحترام والتقدير بين البشر حسب المنهج القرآني، من خلال قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).. وهو المعيار الحق والأمثل والأنسب للبشرية، معيار يكشف زيف ما يروج له في هذا الزمن باسماء كثيرة عبر حملات إعلامية واسعة باسم الحقوق والمساواة وغيرها. الله -سبحانه وتعالى- خالق الخلق الرحمن الرحيم الكريم العادل الحريص على كرامة خلقه الإنسان، والتعامل بمنطق العدالة الإلهية، لا تفريق بين ذكر وانثى، غني أو فقير، وبين الألوان والألسن.

معنى التقوى

التقوى من أتقى- يتقي، من مادة: وقى - وقاية، الوقاية والحذر والخوف من الله -عز وجل-، والسعي والعمل بما يرضيه والابتعاد واجتناب كل ما فيه سخطه.

التقوى تعني الورع عن محارم الله، تقوى ووقاية وحماية تعصم الإنسان من المحارم والخطايا والآثام والمعاصي والرذائل.

اكتساب التقوى

ومن يريد يحصن نفسه بدرع التقوى ويكتسب التقوى؛ عليه محاسبة نفسه وترك الشهوة وما فيه سخط الله، قال رسول اللَّه (صلى الله عليه واله) في وصيته لأبي ذر: "لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك لشريكه، فيعلم من أين مطعمه، ومن أين مشربه، ومن أين ملبسه، أمن حلّ ذلك، أم من حرام".

وقال الإمام (عليه السلام): "رأس التقوى ترك الشهوة".

وسئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن تفسير التقوى، فقال: "إن لا يفقدك اللَّه حيث أمرك، ولا يراك حيث نهاك".

فوائد التقوى

وعد الله -سبحانه وتعالى- المتقين بالبشرى في الدنيا والاخرة، والحصول على جوائز ونعم كثيرة ومنها الفوز العظيم، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.

وقال تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرً﴾.

وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾.

التقوى حصن واقي قوي يحمي المؤمن من كل الأخطار، وخاصة في هذا الزمن حيث كثر فيه الاعداء لتعاليم السماء والاخلاق الفاضلة، وأعداء الإنسانية الذين ينشرون أفكارهم الهدامة عبر وسائل الإعلام والتواصل المختلفة قال إمام المتقين (ع): "التَّقْوَى حِصْنُ الْمُؤْمِنِ".

صفات المتقين

إذا كانت الغاية من صوم شهر رمضان الفضيل اكتساب التقوى، فما هي صفات المتقين، لتكون النموذج لكل مؤمن صائم يتطلع للحصول على التقوى؟.

شهيد ليلة القدر إمام المتقين وأمير المؤمنين الإمام علي (ع) له خطبة في نهج البلاغة يصف فيها المتقين، ومما جاء فيها:

".. فَالْمُتَّقُونَ فِيهَا هُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ مَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ وَمَلْبَسُهُمُ الِاقْتِصَادُ وَمَشْيُهُمُ التَّوَاضُعُ غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَوَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ لَهُمْ نُزِّلَتْ أَنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي الْبَلَاءِ كَالَّتِي نُزِّلَتْ فِي الرَّخَاءِ وَلَوْ لَا الْأَجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ لَمْ تَسْتَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ شَوْقاً إِلَى الثَّوَابِ وَ خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ عَظُمَ الْخَالِقُ فِي أَنْفُسِهِمْ فَصَغُرَ مَا دُونَهُ فِي أَعْيُنِهِمْ فَهُمْ وَالْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُنَعَّمُونَ وَهُمْ وَالنَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآهَا فَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ".

هذا مقطع، ومن المهم لكل من يرغب في الحصول على التقوى، الإطلاع على خطبة إمام المتقين (ع) والتفكير بما جاء فيها.

على كل مؤمن صائم في هذا الشهر الكريم، وفي الأيام الأخيرة في العشر الاواخر العظيمة، مع الإخلاص في طاعة الله، أن يسأل الكريم -عز وجل- أن يجعله من أهل التقوى "من المتقين".

دعاء اليوم الخامس والعشرون:

اَللّـهُمَّ اجْعَلْني فيهِ مُحِبَّاً لاِوْلِيائِكَ، وَمُعادِياً لاِعْدائِكَ، مُسْتَنّاً بِسُنَّةِ خاتَمِ اَنْبِيائِكَ، يا عاصِمَ قُلُوبِ النَّبِيّينَ.

اضف تعليق