q
ان الشخصية الانانية هي التي تضع اهادفها الخاصة بشكل دائم فوق أهداف الأشخاص الآخرون بينما الشخصية المحبة لذاتها فهي التي تعمل على تطوير من حولها عبرها بمعنى انها ترى نفسها من ضمن المجموعة وليست منفردة وهي ايضاً تراعي مشاعر الاخرين واحتياجاتهم وتعمل على تنفيذها...

كثير من الناس ليس لديهم رغبة في خدمة ابناء جنسهم او مد يد العون لهم سيما في الحالات التي يكونون فيها يتشاركون هذه الحاجة، فيفضلون أنفسهم على جميع من حولهم مهما كانت صفتهم او درجة قربهم منهم، ومن الناس ايضاً من لا يعيش لنفسه فقط ولا يعنيه من حوله منسلخاً من ادميته وفطرته التي خلق فيها.

هذا التنكر للإنسانية والاجتماعية يمكن ان نعرفه بأنه (الانانية) التي تعرف "على انها حالة نفسيّة ترتكز على التقدير المفرط عند الشخص لنفسه، ما يدفعه الى الاهتمام بمصلحته الخاصة من دون القلق بأي شيء قد يخص الآخرين"، والانانية تعد وجه اخر من اوجه النرجسية التي انحدرت من أسطورة في الأساطير اليونانية التي تحكي قصة شاب وسيم كان يرى انعكاس صورته في بركة ماء فوقع في حب نفسه، ولم يحاول ان يحب الناس او ينصهر فيهم وتلك هي المشكلة التي اصبحت الان ظاهرة تشوه وجه الانسانية.

بماذا يتصف الانانيون؟

الانانيون يتصفون دائماً بالغرور، ويعتبرون أنفسهم أفضل من غيرهم وهذا الاعتقاد لا يستند الى المنطق بل الى اوهام وتصورات مرضية، البحث الدائم عن الانتباه والإعجاب، يعتقدون أنهم يستحقون معاملة خاصة لأنهم ذوي امكانيات خاصة، يتأثرون بسهولة ولكنهم قد يخفون ذلك عناداً وعزة بأنفسهم كما يعتقدون غير ان الحقيقة هذه الصفة تعتبر منقصة للانسان لكونه غير انساني، يبالغون بمواهبهم وإنجازاتهم وهي عادية جداً او ربما اقل من العادية.

يضعون لأنفسهم أهدافا غير واقعية ولا يهمهم تحقيق هذه الاهداف بأية وسيلة كانت مما قد يضر بالآخرين من حولهم، يشغلون أنفسهم بالتفكير بأوهام تركز على النجاح والقوة والحكمة والجمال أو الحب وهذا التفكير ينهك قواهم النفسية والفكرية دون جدوى لان تفكيرهم يفوق امكاناتهم، يعتقدون بأن الاخرين هم يحسدونهم، ولديهم حساسية عالية من النقد والتوبيخ والخسارة هذه الحساسية المفرطة قد تؤدي لمشاعر الخجل والذل وتسبب لهم الرد بغضب بقوة أكبر من حجم الفعل او الكلام الموجه إليهم.

مالفرق بين الانانية وحب الذات؟

في هذا السياق يقول العديد من المختصين في علم النفس ومن بينهم أستاذ علم النفس بجامعة تكساس الدكتور (أرت ماركمان) بحقيقة ان الشخصية الانانية هي التي تضع اهادفها الخاصة بشكل دائم فوق أهداف الأشخاص الآخرون بينما الشخصية المحبة لذاتها فهي التي تعمل على تطوير من حولها عبرها بمعنى انها ترى نفسها من ضمن المجموعة وليست منفردة وهي ايضاً تراعي مشاعر الاخرين واحتياجاتهم وتعمل على تنفيذها على عكس الشخصية الانانية التي لا يهمها سوى مصلحتها.

العديد من الدراسات النفسية التي اجريت حول صفة الانانية اثبتت انها تصيب غير الاصحاء من الناس وبنسب متفاوتة بين العمر والجنس، ففي دراسة اجريت على حوالي 6000 شخص في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، ونشرت في مجلة (jpsp) والتي اعتمدت على قياس الإيجابيات عند الإنسان وتأثيرها على الأنانية لديهم، كما أشارت إلى أن من يتمتعون بالإيجابية والشعور بالسعادة أقل تعرضا إلى صفة الأنانية عن غيرهم.

كما اجرى باحثون من جامعة زيوريخ في سويسرا دراسة للتعرف على نسبة الأشخاص المعرضون إلى الأنانية من الرجال مقارنة بالنساء، قد أثبتت أن النساء أكثر نسبة للتعرض إلى الأنانية، ولعل السبب الرئيس لارتفاع هذه النسبة عند النساء اكثر هو الطبيعة النفسية والجسمانية للمرأة التي قد تضطرها لان تعمل من اجل مصلحتها وهو تبرير مقبول الى حد قليل.

من اسباب ظهور الانسان بصورة الاناني هي: بحسب المختصين في الصحة النفسية انه اضطراب ينجم عن سلوك متطرف من قبل الوالدين تجاه الطفل أثناء مرحلة نموه فقد ينتج بسبب التدليل المفرط الذي يقوم به الابوين بداعي الحب غير مكترثين للكثير من النتائج السلبية ومنها صفة الانانية القبيحة، ثاني الاسباب يتعلق بالتربية ايضاً عبر تربيته على ان يكون ناجحاً ومميزاً بغض النظر عن الوسيلة التي يصل بها الى ذلك التميز وهو ما يجعله يسلك طريق الانانية من أجل ضمان الشعور بذلك.

وقد تنشأ الانانية نتيجة اهمال الوالدين لمتطلبات اطفالهم وسوء المعاملة التي يتلقونها سيما في مرحلة في مرحلة البلوغ المبكر تحولهم الى شخصيات يحاولون الاعتماد على أنفسهم غير انهم يفسرون الانانية جزء من الاعتماد على النفس، واخيراً ربما تمثل قلة الموارد الاقتصادية سبباً رئيس في كون الانسان يذهب بأتجاه تفضيل نفسه على الاخرين وهذا السبب مبرر الى حد كبير.

العلاجات أفضلها العلاج النفسي التي تعلم الانسان كيفية التعامل مع الاخرين على نحو أكثر إيجابية اذا يوفر للشخص فهم وقناعة بأن انسانية الانسان تدوم بدوامه متفاعلاً وعاملاً من اجل مجتمعه وبالتالي يعود الى اداء ادواره المجتمعية التي افقدتها اياه الانانية والتمركز حول الذات، ثم من المهم اقناع الذي يتصفون بالأنانية بأن الخير والفائدة تتحقق للشخص عبر تحقيقها للأخريين لذلك يجب تعزيز الانتماء للغير والتقرّب من الآخرين لتحقيق مصلحة واحدة مجتمعة للجميع.

اضف تعليق