q
يعد الخوف من الاماكن المغلقة من انواع الرهاب حديثة المنشأ اذا ما قورنت بمثيلاتها لكنه الاكثر انتشاراً بين الناس، كما انه يعمر عمراً طويلاً عند جزء من البشر مع استمرار العلاج والتحكم به بينما يختفي تلقائياً من الجزء الثاني من البشر ولله في ذلك حكمة...

ليس لاحد ان يدعي ان لا يخاف من شيء ما في حياته لكن شدة الخوف هي من تحدد، فيما اذا كان الخوف طبيعياً ام مرضيا، فبعد ان يبلغ الخوف مستويات مرتفعة يدعى الرهاب وهو على انواع مختلفة منها ما هو قديم ومنها ما هو مستجد، اليوم سنسلط الضوء على (رهاب الاماكن المغلقة) او (رهاب الاحتجاز)، وهو الذي ينتج لدوافع وخيالات غير عقلانية تنتج خوفاً غير مبرر من الاماكن المزدحمة او المغلقة وقد تساعد بعض العوامل على انتاجه مثل وجود الانسان في غرفة بدون نوافذ او عطل المصعد الكهربائي أو القيادة على الطريق السريع المزدحم، وركوب طائرة أو سيارة صغيرة، والخضوع للتصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي، كما يحدث ذلك في الحمامات العامة وفي الأبواب الدوارة وفي غرف خلع الملابس وفي الكهوف والأنفاق.

يمكننا تعرفيه اجرائياً بأنه حالة من الخوف الشديد تكتنف الانسان بسبب الخبرات السابقة التي تعرض لها في مواقف مشابهة جعلته يخشى تكرارها وتختلف شدته من شخص لآخر ومن عمر لآخر ومن جنس لآخر، ويعد الخوف من الاماكن المغلقة من انواع الرهاب حديثة المنشأ اذا ما قورنت بمثيلاتها لكنه الاكثر انتشاراً بين الناس، كما انه يعمر عمراً طويلاً عند جزء من البشر مع استمرار العلاج والتحكم به بينما يختفي تلقائياً من الجزء الثاني من البشر ولله في ذلك حكمة.

وتشير احدى الدراسات النفسية التي اجريت حول الموضوع ان أن حوالي 2-5% من سكان العالم يعانون من هذا الرهاب ولكن نسبة قليلة منهم فقط هم الذين يتلقون العلاج على اعتبار النسبة الاعلى تتعامل معه وقائياً باعتبار تجنب المشاكل أفضل من علاجها على مبدأ (الوقاية خير من العلاج) وهذا المبدأ حكيم وواعي.

من هم أكثر الأشخاص عرضة للإصابة بفوبيا الأماكن المغلقة؟

جميع الناس معرضون للإصابة برهاب الاماكن المغلقة من الطفولة حتى اخر مرحلة عمرية يمكن ان يعيشها الانسان وتتوزع احتمالية المعاناة من الرهاب كالاتي: احتمال المعاناة من الرهاب عند الإناث بنسبة 66% بينما عند الذكور يكون 34% وهذا يفسر ضف البنية النفسية لدى النساء اكثر ما هو عند الرجال، اما الاصابة بحسب العمر فهي متوزعة على عدة فئات فالنسبة للفئة العمرية أقل من 18 سنة فأن إمكانية اصابتها تصل الى قرابة الـ 45%، بينما الفئة الممتدة بين بين 18 حتى 34 سنة فأن نسبة الاصابة تصل الى 44%، ومن 35 حتى 49 سنة نسبتها هي 6%، في حين تصل احتمالية الاصابة عند الفئة الواقعة بين 50 حتى 64 سنة 3%، والفئة الاخير التي تتجاوز سن 65 سنة 2%، مما يؤشر انخفاض نسبة احتمالية الاصابة كل ما تقدم السن وهذا محفز جيد لعبور الازمة وتلافيها.

الاعراض التي تدل على تعرض الفرد لرهاب الاماكن المغلقة تشمل التعرق الشديد حتى مع برودة الطقس ويصاحب ذلك ارتعاش في الجسم كالذي يعاني من نزلة برد حادة مع ارتفاع حرارة الجسم الى درجة كبيرة وضيق في التنفس وزيادة في ارتفاع معدل ضربات القلب، كما يظهر على المصاب الغثيان والقيئ في بعض الاحيان اضافة الى اصابته بالدوار والاغماء، جميع هذه الاعراض هي اعراض جسمانية اما الاعراض النفسية فتشمل الشعور المستمر بالقلق والخوف بدرجة مبالغ فيها ومع عدم وجود داعي لذلك، اضافة الى فقدان القدرة على التحكم بالمشاعر والسيطرة عليها وتوظيفها في مكانها الصحيح، تلك ابرز الاعراض التي اذا لوحظت على شخص فأنها تدل بالضرورة على اصابته بالرهاب.

مسببات حدوث هذا الرهاب كثيرة لكن اوضحها هي: العوامل الوراثية التي لها اثر كبير في هذا الرهاب ففي حال وجود الحالة عند احد الوالدين فأن اصابة ابنهما واردة جدا نتيجة انتقال المرض جينياً اليه، ثم ان وسائل التربية السيئة التي تنطوي على التعنيف أو الحبس والاحتجاز في مكان ضيق وصغير تؤثر على شخصية الفرد وحالته النفسية، والصدمات النفسية هي الاخرى تعتبر من الاسباب المباشرة وراء رهاب الاماكن، اذ انها يمكن أن تتمثل في مصادفة حادث اليم أو حالة مروعة ارتبطت بشكل وثيق مع التواجد في مكان ضيق أو مزدحم أو مظلم.

الحلول الممكنة متنوعة وكثيرة غير اننا سنذكر منها الاكثر فاعلية ومنها: اولا العلاج بالتعرض هو عبارة عن تعريض المريض للمحفزات التي تسبب نوبة الرهاب مما يجعل الخوف يقل تدريجياً والطريق الى ذلك هو عرض صور لاماكن ضيقة او التواجد في مكان ضيق بين الحين والاخر على قانون (اذا خفت من شيء فقع فيه)، وثاني العلاجات هو العلاج السلوكي الذي يعمل من خلاله على تغير افكار المريض وتحويله الى فرد يفكر بعقلانية، اما العلاج الثالث فهو العلاج بالعقاقير الطبية التي يصفها طبيب مختص والتي تتضمن مضادات الاكتئاب والقلق والخوف والتي تساعد على الحد من هذه المشاعر لدى الفرد وبالتالي يعود الانسان تدريجياً الى حالة السواء الغائبة منذ الاصابة بالرهاب.

اضف تعليق