q
المرح بحسب الدراسات النفسية له من الاهمية النفسية الكبيرة في ديمومة بقاء وظائف الانسان شغالة مثل التركيز والحفظ، انا شخصياً جربت في ايام الامتحانات عندما يشتد علينا الضغط وافقد تركيزي ويغيب عني الحفظ والفهم السريعين فأني احاول مشاكسة اصدقائي او المزاح معهم لبعض الوقت...

يحرص اغلبنا على يكون له شخص قريب يرسم الابتسامة على شفاه يلجأ اليه حين تضيق به السبل، ومن يمتلك هذا الصديق فهو محظوظ حيث يرى فيه الشخص الذي يروح له عن نفسه ويغير الروتين اليومي الممل ببراعته في صب الاشياء بقوالب فكاهية بعيدة عن الشحناء والرسميات والمجاملات الفارغة.

الشخصيات الانسانية بصورة عامة متعددة الامزجة والانواع والسمات، ولعل المرح والدعابة هي ابرز ما يميز الانسان ويجعله محبوباً بالمقارنة بأقرانه الرسميين او النكدين ان صح ان نطلق عليهم هذا الوصف، فالمرح والكوميديا تنعكس على تصرفات حاملها فتجعل منه محط انظار من تواجد معه في المكان، لكن اسئلتي هي كيف غلفت هذه الشخصية بغلاف الداعبة بفعل التكوين الجيني ام المكتسب؟، وهل يمكن للظروف ان تغير طبيعة الشخصية من مرحة الى ساكنة؟، وهل يمكن للانسان ان يعيش بلا مرح او فكاهة؟

قد يتصنع البعض اموراً يبدو من خلالها مرحاً كما يرى هو الا ان هذا التصنع واضح ومكتشف فقد يغلب التكلف في حديثه وتعامله وضحكاته على عكس الذي يتصف بالمرح الحقيقي فهو يتصرف بتلقائية عالية مما يجعل الناس تشعر بروحه الجميلة ويفضلون البقاء في مجلسه رغم انشغالهم فهم يجدون فيه فرصة لإطلاق ضحكاتهم التي ربما حبسوها طويلاً لأثقال الحياة والمشاكل الروتينية.

والانسان ميال الى مايريحه دوماً لذا صار باحثاً عن المرح والضحك في واقعه وان تعذر عليه ذلك سيلجأ الى شاشات التلفاز والمسرح ووسائل التواصل لإشباع حاجته الى الاسترخاء والطرافة والابتعاد عن الكآبة والضجر، على سبيل المثال قد نفضل في اوقات الارهاق النفسي مشاهدة مسرحية تلفزيونية بدل من مشاهدة فيلماً تراجيديا حزينا تكون نهايته مأساوية تزيد همنا، لذا نستطيع القول ان حس الفكاهة بالنسبة للانسان بات مطلباً ملحاً وضرورياً لترميم حطام انفسنا.

وفي رأي نشرته وكالة الغد الاردنية لأستاذ علم النفس الدكتور (خليل أبو زناد) يقول "أن الحياة أصبحت ذات حدود مفتوحة على بعضها بعضا، فلا نميز بين أيام العمل والنشاط والراحة والاستجمام، حيث ظهرت الأمراض النفسية نتيجة للتغيرات التي طرأت على حياتنا الاجتماعية، ولا تستقيم حياتنا ولا تستمر بشكلها العام إلا ببث روح المرح بداخلها، لأنه هو العلاج الأنجع للأمراض الاجتماعية والنفسية وحتى الطبية.

خطأ يعتقد الكثير من الناس ان الشخصية المرحة اللطيفة والتي لا تفارقها الدعابة والكوميديا هي الشخصية الاكثر هناء وطيب عيش لأنها غير معقدة وتبتعد عما يعكر مزاجها وتدخل الهم والغم لحياتها الا ان الواقع العلمي يقول ان الشخصية المرحة لها همومها ومشاكلها التي تفوق بها الشخصيات الاخرى لذا تتخذ من المرح وسيلة للترويح عن النفس والتفريغ الانفعالي الذي يختزن في صدرها ويتراكم ربما لأيام او شهور او حتى سنوات.

ووفقاً للمؤرخ الهولندي وأحد مؤسسي التاريخ الثقافي الحديث (يوهان هوزينجا) فأن المرح هو "فئة أساسية للغاية من الحياة مألوفة للجميع وصولا إلى مستوى الحيوان"، بمعنى انه يكون احد غايات الحياة الرئيسة للبشر ولا مناص من التخلي عنه وان حصل فأنه يلقي بتبعات نفسية مرهقة.

والمرح بحسب الدراسات النفسية له من الاهمية النفسية الكبيرة في ديمومة بقاء وظائف الانسان شغالة مثل التركيز والحفظ، انا شخصياً جربت في ايام الامتحانات عندما يشتد علينا الضغط وافقد تركيزي ويغيب عني الحفظ والفهم السريعين فأني احاول مشاكسة اصدقائي او المزاح معهم لبعض الوقت فهذه الدقائق وان كانت قليلة لكنها تعيد بي النشاط والصفاء الذهني مرة اخرى.

كما تسهم الالعاب التي تصطبغ بصبغة المرح على تنمية الذكاء فعندما يواجه الشخص تحدياً فكرياً يجعله يفكر بوعي ويتغلب على التحدي ويتعلم شيئاً جديداً، كما انه يستمتع بتجربة جديدة ويبدو أن التغيير من الأنشطة الروتينية هو جوهر هذا التصور، لأن الناس يقضون معظم يومهم في أنشطة روتينية تتطلب تفكيراً محدوداً، وعادةً ماتستخدم هذه الالعاب لتنشيط تفكير الاطفال او من هم اكبر منهم بقليل.

وفي الكثير من البلدان ذات النزعة الانسانية يستخدم المرح كوسيلة لعلاج المرضى في المستشفيات او لتخفيف بعض من المهم عبر تعيين اناس يرتدون ملابس مختلفة تثير لدى المشاهد الضحك والراحة النفسية، وجميعنا قد يقول ان الوقت مر سريعاً حينما نجالس المريحين الذين يضفون على المجالس نكهة وجمال، تلك هي ابرز ما يستدعي عدم مغادرة المرح ولو كنا في قمة حزنا و همنا وشغلنا.

اضف تعليق