q
تصاعدت الحرب التجارية بين امريكا والصين بشكل كبير في الفترة الاخيرة، بسبب القرارات والتصريحات التي اتخذتها ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب وما اعقبها من قرارات صينية مضادة، هل يخشى ترامب اعتلاء الصين عرش الاقتصاد العالمي، وهنا السؤال الأهم هل يمكن تفادي الحرب التجارية بين القوتين الكبيرتين؟...

تصاعدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين بشكل كبير في الفترة الاخيرة، بسبب القرارات والتصريحات التي اتخذتها ادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب وما اعقبها من قرارات صينية مضادة، وبدأت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وكما نقلت بعض المصادر، فعليا في السادس من يوليو/تموز 2018 بتطبيق الولايات المتحدة أول تعريفات جمركية محددة خصيصا للصين وقيام هيئة الجمارك وحماية الحدود بتحصيل تعريفة جمركية بنسبة 25% على 818 منتجا صينيا مستوردا بقيمة 34 مليار دولار ، وردت الصين في اليوم نفسه بتطبيق بفرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على 545 سلعة أمريكية المنشأ بقيمة 34 مليار دولار ، واستمرت المعارك التجارية بين الطرفين وشهدت مراحل من التصعيد والتهدئة إلى أن اتفق الطرفان على عقد هدنة. وبعد عقد 11 جولة من المحادثات التجارية رفيعة المستوى أعلن الرئيس الأمريكي تعثر المفاوضات في 5 مايو/أيار 2019، وأن الولايات المتحدة ستزيد التعريفات على المنتجات الصينية بقيمة 200 مليار دولار أمريكي من 10% إلى 25%.

ولا تزال الصين أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، وقد زادت صادراتها في العام الماضي بنسبة 7 في المئة. ولكن صادراتها إلى الولايات المتحدة، مع ذلك، انخفضت بنسبة 9 في المئة في الربع الأول من 2019، مما يدل على أن آثار الحرب التجارية بدأت تظهر. وتفيد دراستان أكاديميتان نشرتا في شهر مارس/آذار إلى أن الشركات الأمريكية والمستهلكين دفعوا تقريبا التكلفة الكاملة للرسوم الجمركية التي فرضتها أمريكا على الواردات من الصين، ومن غيرها من دول العالم في العام الماضي.

ويقول اقتصاديون من البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، ومن جامعتي برينستون وكولومبيا، إن الرسوم التي فرضت على شريحة كبيرة من الواردات، بدءا من الصلب، وحتى الغسالات، كلفت الشركات الأمريكية والمستهلكين 3 مليارات دولار في الشهر في صورة تكاليف ضريبية إضافية. ويضاف إلى ذلك - كما يقول الاقتصاديون - مليار و400 مليون دولار خسائر بسبب انخفاض الطلب. وتوصل بحث آخر إلى أن المستهلكين الأمريكيين والشركات هم من يدفعون معظم تكاليف الرسوم الجمركية.

وتفيد دراسة بأنه إذا أخذنا في الحسبان رد الدول الأخرى على الرسوم الجمركية، فسنجد أن الضحية الكبرى للحرب التجارية التي يخوضها ترامب هي المزارعون، والعمال في المناطق التي أيدت ترامب في انتخابات 2016. قال ترامب إن الشركات الأمريكية التي تستورد من الصين يجب أن تغير وجهتها، إلى فيتنام مثلا، أو تشتري بضائعها من المصانع الأمريكية، وهذا أفضل. ويرى البعض إن الأمر ليس بهذه البساطة. فتغيير وجهة الاستيراد تستغرق وقتا طويلا، وتكلف في نهاية المطاف أكثر." كما أن الصين هي الأخرى قوة تصنيعية كبرى، يصغر أمامها أقرب منافسيها، وليس من السهل استبدالها في الأسواق.

رسوما إضافية

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن بلاده ستفرض اعتبارا من 1 سبتمبر المقبل، رسوما جمركية بنسبة 10٪ على البضائع الصينية بقيمة 300 مليار دولار. وقال ترامب في تغريدة على تويتر: "تتواصل المفاوضات التجارية (مع الصين)، وخلال هذه المفاوضات ستبدأ الولايات المتحدة في 1 سبتمبر بفرض رسوم إضافية صغيرة بنسبة 10 ٪ على البضائع والمنتجات المصدرة من الصين إلى بلادنا بقيمة 300 مليار دولار". وأشار إلى أن القرار الجديد، لا يشمل الرسوم الحالية بنسبة 25٪ على بضائع بقيمة 250 مليار دولار.

وأعاد الرئيس الأمريكي إلى الأذهان، أن الصين لم تنفذ وعودها بالبدء بشراء المنتجات الزراعية من الولايات المتحدة بكميات كبيرة، وكذلك لم تنفذ الوعد بالتوقف عن بيع أدوية الفينتانيل المخدرة التي تتسبب الجرعات الزائدة منها، بوفاة الآلاف من سكان الولايات المتحدة كل عام. ونوه ترامب، بأنه يأمل في مواصلة الحوار الإيجابي مع الصين حول توقيع معاهدة تجارية شاملة.

وتخوض الصين والولايات المتحدة حربا تجارية، بعدما زادت إدارة ترامب الرسوم الجمركية على بضائع صينية بقيمة 250 مليار دولار، لترد الصين بإجراءات مماثلة على منتجات أمريكية بـ50 مليار دولار. إلا أن بكين وواشنطن اتفقتا خلال قمة العشرين الأخيرة في اليابان على التهدئة واستئناف المفاوضات التجارية بغية التوصل إلى اتفاق تجاري.

وانخفضت أسعار النفط اوسط مخاوف من تراجع الطلب على الخام بعدما قال الرئيس الأمريكي إنه سيفرض رسوما على مزيد من الواردات الصينية، مما قد يصعد الحرب التجارية مع الصين. كما هدد الصين بإجراءات أقسى، وقال إنه قد يرفع الرسوم أكثر إذا تقاعس الرئيس الصيني شي جين بينغ عن التحرك بسرعة أكبر للتوصل إلى اتفاق تجاري بين البلدين. من جهتها تعهدت الصين بالرد على قرار ترامب، وهو تحرك أنهى هدنة تجارية استمرت شهرا فيما تؤثر الحرب التجارية على النمو الاقتصادي، الأمر الذي يؤدي إلى خفض الطلب على السلع الأولية مثل النفط. وقال المصرف الأمريكي "غولدمان ساكس" في تقرير بحثي إن "الطلب على النفط مخيب للآمال في 2019 بسبب النشاط الاقتصادي الضعيف والطقس غير المواتي والتوتر التجاري". إلا أن أسعار النفط لقيت بعض الدعم من التوتر في الشرق الأوسط، وذلك بعد احتجاز إيران ناقلة نفط قالت إنها تهرب النفط مؤخرا.

التلاعب بالعملة

من جانب اخر صنفت الولايات المتحدة رسميا الصين دولة تتلاعب بسعر صرف العملة واتهمت بكين بإضعاف اليوان في وقت تتصاعد فيه الحرب التجارية بين البلدين. وجاءت الخطوة الأمريكية هذه عقب سماح الصين لعملتها بالانخفاض إلى أدنى مستوياتها مقابل الدولار خلال عقد تقريبا. وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إن الوزير ستيفن منوتشين "وبموافقة الرئيس ترامب صنف الصين دولة متلاعبة بالعملة".

ونتيجة لذلك سيدعو منوتشين صندوق النقد الدولي إلى "إلغاء المزايا التنافسية غير العادلة التي خلقتها الإجراءات الصينية الأخيرة"، حسب الخزانة الأمريكية. وكان اليوان قد انخفض بأكثر من 1% إلى ما دون 7 يوان للدولار، وهو أقل مستوى منذ 11 عاما، وذلك بعد أيام على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطط لزيادة الرسوم الجمركية على مزيد من السلع الصينية المستوردة بقيمة 300 مليار دولار. وكانت وزارة الخزانة قد أدرجت الصين في آخر تقاريرها على "لائحة مراقبة" الدول الخاضعة لمراقبة دقيقة بسبب ممارساتها الخاصة بالعملة.

وندد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالإجراء الذي اتخذته الصين بشأن عملتها وكتب ترامب في تغريدة على تويتر: "خفضت الصين سعر عملتها إلى مستوى تاريخي متدن تقريبا. هذا يسمى "تلاعبا بالعملة". هل تسمعونني يا مجلس الاحتياطي الاتحادي؟ هذا انتهاك كبير سيضعف الصين بصورة كبيرة بمرور الوقت!".

من جهتها رفضت الصين الاتهامات بالتلاعب بعملتها، وقال محافظ بنك الشعب الصيني يي قانغ إن بكين لن تستغل عملتها كأداة للتعامل مع اضطرابات خارجية مثل النزاعات التجارية. وأضاف أن سعر صرف اليوان عند مستوى مناسب حاليا يتماشى مع العوامل الاقتصادية الأساسية والعرض والطلب في السوق. ورغم أن بكين قالت إن اليوان ينخفض بناء على عوامل السوق العرض والطلب، فقد اعتبر بعض المحللين أنه رد على إعلان ترامب الأخير.

وقال كريستي تان رئيس استراتيجية الأسواق في National Australia Bank Ltd: "لقد كسر اليوان حاجز الـ7 يوان، وقد فقد ذلك ردا على الرسوم الجمركية الجديدة". ودفعت خسائر اليوان العديد من عملات المنطقة للهبوط، حيث فقد الدولار الأسترالي 0.35% إلى 0.6773 دولار أمريكي، مقتربا من أقل مستوى في سبعة أشهر عند 0.6748 دولار أمريكي.

لكن الدولار تراجع أمام عملات الملاذ الآمن التقليدية، حيث دفع تنامي القلق إزاء الحرب التجارية المستثمرين للجوء للأصول، وارتفع الين الياباني لأعلى مستوى في 7 أشهر مقابل الدولار. ونزل الدولار إلى 105.80 ين وهو أقل مستوى منذ هبوطه الحاد المفاجئ في يناير الماضي، في حين ارتفعت العملة الأوروبية الموحدة بنسبة 0.15% إلى 1.1122 دولار لتواصل التعافي من أقل مستوى في عامين الذي لامسته عند 1.1027 دولار.

منتجات روسية

الى جانب ذلك منحت الصين الترخيص لاستيراد عدد من المنتجات الزراعية من روسيا، بعدما أوقفت استيراد نظيراتها من الولايات المتحدة، التي تخوض معها حربا تجارية. ونقلت وكالة "رويترز" عن مكتب الجمارك الصيني أن بكين وافقت على استيراد القمح من منطقة كورغان الروسية، ما سيدعم خطة موسكو في زيادة صادرات القمح هذا العام الزراعي. كذلك صادقت السلطات الصينية على استيراد فول الصويا من جميع أنحاء روسيا، وذلك بعدما أوقفت بكين وارداته من الولايات المتحدة مع احتدام النزاع التجاري مع واشنطن. وكانت الصين تعد أكبر مشتر لفول الصويا الأمريكي قبل أن تزيد الرسوم الجمركية.

وتعتزم موسكو اقتناص الفرصة السانحة وتوسيع تعاونها الاقتصادي والتجاري مع بكين مستغلة النزاع التجاري الدائر بين الصين والولايات المتحدة. وقال نائب وزير الخارجية الروسي إيغور مورغولوف، في مقابلة مع صحيفة "إيزفيستيا" الروسية: "نحن من حيث المبدأ نعارض الحروب التجارية ومن يلوح بعصا العقوبات، لكننا بالطبع لن نتوارى عن استغلال الفرص المتاحة". وعن آفاق التعاون الاقتصادي بين روسيا والصين، أشار الدبلوماسي الروسي إلى وجود فرصة ذهبية لتعزيز تجارة المنتجات الزراعية، لاسيما بعد أن فرضت بكين رسوما جمركية إضافية على 106 من السلع الأمريكية المستوردة، منها منتجات زراعية.

وقال: "إن تجارة المنتجات الزراعية أظهرت ديناميكية نمو إيجابية، وكان ذلك واضحا حتى قبل زيادة حدة التوتر التجاري بين الصين والولايات المتحدة، والآن تتوفر شروط أفضل لتنمية التعاون في هذا المجال". كما أكد مورغولوف أن موسكو وبكين لا تخططان لإنشاء تحالفات، كون ذلك لا يتوافق مع الرؤى الروسية والصينية، لافتا إلى أن التعاون التجاري والاقتصادي مع الصين له قيمة جوهرية.

وتخطط روسيا، التي تعد أكبر مصدر للقمح في العالم، لاستثمار مليارات الدولارات في البنية التحتية للحبوب والقطاع اللوجستي بهدف زيادة صادرات القمح إلى 55.9 مليون طن سنويا على الأقل بحلول عام 2035. ويتوقع أن تصدر روسيا هذا العام نحو 41.9 مليون طن من الحبوب، بما في ذلك 31.4 طن من القمح، وفقا لشركة زراعية رائدة في روسيا.

وتلعب إمدادات الحبوب دورا رئيسيا في خطة الحكومة الروسية، التي أعلن عنها قبل عام، لزيادة صادرات البلاد من المنتجات الزراعية إلى ماقيمته 45 مليار دولار بحلول عام 2024. وكانت واشنطن نشرت في وقت سابق قائمة من 1300 سلعة صينية تستورد منها الولايات المتحدة سنويا "ما قيمته 50 مليار دولار تقريبا"، تعتزم فرض رسوم جمركية إضافية عليها بنحو 25%، لترد بكين بنشر قائمة بـ106 سلع أمريكية تستورد منها الصين سنويا أيضا "ما قيمته 50 مليار دولار"، ستفرض رسوم جمركية عليها بنحو 25% أيضا.

اضف تعليق