q
ليس بمستغربٍ في العراق كلّ هذا الاهتمام بالجمال والحضارة والعمران والبنيان وما شابه ذلك.. ليس من الجهات ذات العلاقة فقط بل من المواطن نفسه!، وممَّا أثار قلمي ذلك الفيديو الذي شاهدته عن جسر البصرة الحديث، ذلك الجسر الذي يعدّ أهم وأطول الجسور في المحافظة لكنه مليء...

ليس بمستغربٍ في العراق كلّ هذا الاهتمام بالجمال والحضارة والعمران والبنيان وما شابه ذلك.. ليس من الجهات ذات العلاقة فقط بل من المواطن نفسه!، وممَّا أثار قلمي ذلك الفيديو الذي شاهدته عن جسر البصرة الحديث، ذلك الجسر الذي يعدّ أهم وأطول الجسور في المحافظة لكنه مليء بخطوط ورسوم ما أنزل الله بها من سلطان!.

والحقّ يقال ليس جسر البصرة فقط من يحظى بهذا الاهتمام الخطّيّ بل جسور وجدران كثيرة في بغداد ومحافظات العراق.. والمتتبع لهذه الرموز والرسوم يجد بعضها هي شعر شعبي أو مناجاة سكران أو رقم للتايه والحيران أو شكوى من الأيام والجيران!.

والحقّ جدران المدارس والعيادات والمؤسسات نالت نصيباً من هذا الاهتمام، فكلّ جوانبها تحتضن رموزاً خطية عالية اللغة والفكر وبما يجعلها تدخل التاريخ من أوسع أبوابه ناهيك عن الرسوم القلبية المصابة بالسهم أو رسم كف على شكل قلب تزامناً مع التطور التكنولوجي!

فكتّاب هذه "الخرابيط" يبدو فهموا أجدادنا بطريقتهم الخاصّة من دراستهم للتاريخ الذي بشّرهم بأنَّ العراق أوَّل من اخترع الكتابة المسمارية، وأنَّ الكهوف والصخور شهدت ولادات تلك النقوش الرائعة التي تطورت إلى الكتابة!.

لكن مجاراة للزمن وللاستفادة من البيان والعمران الحديث عمدوا إلى تغيير الفكرة قليلاً.. باستعمال الجسور والحيطان والصبات وكلّ ما يصلح للكتابة عليها لتبيلغ رسالتهم الإنسانية!

وبالطبع لن ننصح هؤلاء بالابتعاد أو التوقف عن هذه "الخربشات"؛ لأنَّهم لن يفعلوا ولن يستمعوا بل لن يقرأوا ما نكتب "تماماً مثل مطلقي العيارات النارية"، لذا علينا نحن برؤية الكأس المملوء ونتأمل فوائد هذه "الخطوط والرموز الحضارية"، وهي:

أوَّلاً: تجعل القاريء يستأنس بهذه العقليات والأفكار الجميلة لكتابة تحقيق أو موضوع أو مقالة كما فعلت كاتبة هذه السطور!.

ثانياً: تجعل راكب السيارة المحبوس في الازدحامات يجد ما يقرأ ويطور قابلياته الفكرية ويزيد من ثروته اللغوية، تنفيذاً للوصايا التي تؤكد أهمية القراءة وتطبيقاً لشعار "كلنا نقرأ" بدلاً من الوقت المستنزف في السيارة!.

ثالثاً: تطوير القابليات والمواهب عاشقة الكتابة؛ فهم لا يجدون ما يكتبون عليه غير الجسور والحيطان!.

رابعاً: تشجيع وتحفيز الجهات المسؤولة للقيام بصبغ ودهن الجدران بين فترة وأخرى لمسح القديمة واستقبال الأقلام الجديدة!.

خامساً: لإعطاء فكرة عن المجتمع أنَّه محبّ للكتابة بشكل يفوق الوصف لدرجة لا يستطيع الكاتب أن ينتظر رجوعه للمنزل ليدون خواطره على الورق أو على جدران صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي!.

سادساً: لإقامة معارض لفنّ الزخرفة والخطّ لاسيما أن المعنيين يجدوها من طراز خاصّ لم يسبقهم إليها سابق!.

.........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق


التعليقات

يوسف محمد
قطر
فوائد الجسور ؟2022-09-25