q

جلست في مكاني المعتاد استمع الى نشرة الاخبار المسائية وغالبا لا تروق لي الأخبار التي تبثها الفضائيات، لأنها تتحدث عمّا يناسب أجواءَها وما يرغب في بثه المدير العام، ولكن رغما عني استمع لتلك المقدمة التي لم تترك أي لون من دون ان تضعه على بشرتها، ترسم على وجهها القوس الملون، وما يزعجني انها تقدم في اذاعة عرف عنها الانتماء الى المذهب الجعفري، قلت اكثر من مرة لو لا هذه المقدمة لما استمع احد لنشرة الاخبار البائسة، بدأت في الموجز الاخباري، كنت في انتظار سماع اخبار العالم وليس فقط الاخبار المحلية، لمعرفة ما يدور من احداث وتطورات، لكنها للأسف اكتفت بخبر واحد وهو بورما تباد!!.

كنت استمع ببطء، بورما، أي دولة هذه وما هي قصتها، ولماذا تباد هل عندهم احزاب او قتال، او دولة محتلة، ما كان بوسعي إلا ان ابحث عنها في القنوات الاخرى لعل هناك تفاصيل مختلفة عن هذه المدينة، مرت الساعة تلو الاخرى وانا جالسة استمع الى القنوات الاخبارية، مضى الوقت ثقيلا جدا، تركت التلفاز وجلست كي اتناول الطعام مع عائلتي، وفي رأسي الف سؤال يبحث عن جواب، خطر في بالي ان ابحث عنها في الانترنت، بعدما انتهيت من الطعام ثقلت وتجاهلت كل ما كان في رأسي، واكتفيت بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي والحديث مع الاصدقاء المغتربين، حتى تأخر الوقت دون أن أشعر به وبلغ الساعة الواحدة والنصف ليلا، اردت الخروج من المواقع ظهرت لي صورة مؤلمة جدا، مجموعة من الاطفال جثثهم محترقة والبعض منها أصبحت طعاما يلوك بها، تأثرت جدا بهذه الصورة وتصورت انها في اليمن او سوريا، لكنها كانت مختلفة تماما، الملابس الوجوه السمراء، حتى الملامح كانت تختلف تماما، علق عليها بورما تناشد الانسانية، الجوع والقتل يحاصران مسلمي بورما، تذكرت انني كنت ابحث عنها لكنني تجاهلتها لمجرد ان دخل الطعام في جوفي، هكذا نحن ما يهمنا هو انفسنا، اللهم اني اسألك نفسي، عندما كنت جائعة فكرت ان ابحث عنهم، وعندما شبعت نسيتهم، اعيد قراءة المنشور عشرات المرات، ثم اكتفي بقول حسبي الله ونعم الوكيل، لكن من واجبي ان اقدم شيئا لهم، كيف وانا ابعد عنهم ولا املك وسيلة تنقذهم مما هم عليه، فلست صاحبة سلطة او مال، ما زلت افكر في طريقة لأقدم لهم المساعدة وان كانت بكلمة واحده، ولكن كالمعتاد نكتفي بالصمت ومشاركة المنشورات ورفع الهاش تاك، والاطفال تذبح والنساء تستباح، وصرخاتهم لم يسمعها الضمير العربي، رميت الهاتف من يدي، بحثت عنها فكانت هذه هي المدينة التي تصرخ، مسلمو بورما (ميانمار) اعترفت منظمة العفو الدولية أخيرًا بالانتهاكات الخطيرة، التي يتعرض لها مسلمو بورما، على أيدي جماعات بوذية متطرفة، تحت سمع وعلم الحكومة، وطالبت المنظمة في بيان الذي صدر في يوم (22-7-2012) بوضع حد لما وصفته بـ"المجازر والأعمال التي تتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان الأساسية"، كما قالت إن المسلمين في ولاية راكين الواقعة غرب بورما يتعرضون لهجمات واحتجازات عشوائية في الأسابيع التي تلت أعمال العنف في المنطقة، ومنذ ذلك الحين، تم إلقاء القبض على المئات في المناطق، التي يعيش فيها الروهينجيا المسلمون.

بورما من هي

بورما وتعرف أيضاً باسم ميانمار، ورسمياً جمهورية اتحاد ميانمار، هي احدي دول جنوب شرق آسيا في 1 أبريل 1937 انفصلت عن حكومة الهند البريطانية نتيجة اقتراع بشأن بقائها تحت سيطرة مستعمرة الهند البريطانية أو استقلالها لتكون مستعمرة بريطانية منفصلة، حيث كانت إحدى ولايات الهند البريطانية تتألف من اتحاد عدة ولايات هي بورما وكارن وكابا وشان وكاشين وشن.

في ( 1940) كونت ميليشيا الرفاق الثلاثون جيش الاستقلال البورمي وهو قوة مسلحة معنية بطرد الاحتلال البريطاني، وقد نال قادته الرفاق الثلاثون التدريب العسكري في اليابان، وقد عادوا مع الغزو الياباني في ( 1941) مما جعل ميانمار بؤرة خطوط المواجهة في الحرب العالمية الثانية بين بريطانيا واليابان، في يوليو 1945، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لصالح الحلفاء أعادت بريطانيا ضمها كمستعمرة، حتى أن الصراع الداخلي بين البورميين أنفسهم كان ينقسم بين موال لبريطانيا وموال لليابان ومعارض لكلا التدخلين, وقد نالت استقلالها أخيراً سنة1948 م وانفصلت عن الاستعمار البريطاني.

ويختلف سكان بورما من حيث التركيب العرقي واللغوي بسبب تعدد العناصر المكونة للدولة، ويتحدث أغلب سكانها اللغة البورمية ويطلق على هؤلاء (البورمان) وباقي السكان يتحدثون لغات متعددة، ومن بين الجماعات المتعددة جماعات الأركان، ويعيشون في القسم الجنوبي من مرتفعات، أركان بوما وجماعات الكاشين وينتشر الإسلام بين هذه الجماعات.

الاسم "بورما" يأتي من الكلمة البورمية "بامار" بالاعتماد على ضعف النطق لدى البورمانيون تلفظ كلمة "بورما" كـ"باما" أو "ميانما".

تقع على امتداد خليج البنغال. تحد بورما من الشمال الشرقي الصين، وتحدها الهند وبنغلاديش من الشمال الغربي وتشترك حدود بورما مع كل من لاوس وتايلاند، أما حدودها الجنوبية فسواحل تطل على خليج البنغال والمحيط الهندي ويمتد ذراع من بورما نحو الجنوب الشرقي في شبه جزيرة الملايو، وتنحصر أرضها بين دائرتي عشرة شمال الاستواء وثمانية وعشرين شمالا، وتعد يانغون (حاليا رانغون) أكبر مدنها كما كانت العاصمة السابقة للبلاد.

دخل الإسلام بورما عن طريق اقليم "اراكان" بواسطة التجار العرب، ومن الأخبار الواردة الكثيرة في مجيء العرب إلى أراكان خلال القرن الثامن الميلادي واستيطانهم فيها: أن أسطولا صغيرا لسفنهم التجارية تحطم نتيجة لمصادمة مع صخور سواحل البحر قرب جزر رحمبري وشدوبا والتجار البائسون بعد أن نجوا من الغرق في البحر التجأوا إلى القرى المحلية، وبدأوا بنشر الإسلام والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى بين أهلها، وكثير منهم استقروا فيها واستوطنوها للأبد وتزوجوا من الفتيات المحليات، وما زال الإسلام ينتشر في هذه المنطقة مع كل محاسنه وبكل سرعة خلاق القرون المتابعة، وفي القرن الثالث عشر الميلادي شيدت مساجد جميلة وبديعة وبرزت في حيز الوجود على الساحل من آسام إلى ملايا وكانت تنظر من بعيد كالنقط، وتسمى هذه المساجدبـ"بدر مقام" ومن الحقائق الذهبية النادرة لتاريخ أراكان أنه كان يشترط لملوك أراكان قبل توليهم على عرش الدولة أن يكونوا حاملين على شهادة الفضيلة في العلوم الإسلامية، وكانت العملات والوسامات والشعارات الملكية تنقش وتحفر فيها كلمة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" والآية القرآنية: (وأن أقيموا الدين)

إحصائية المسلمين في بورما

وفقا للتعداد الحكومي فإن نسبة المسلمون هي 4٪ من سكان بورما. ولكن وفقا لتقرير حرية الاعتقاد الدولي تابع لوزارة الخارجية الأمريكية سنة 2006 فإن البلد يقلل دائما من أعداد غير البوذيين في تعداد السكان. ويقدر الزعماء المسلمون أن المسلمين قد تصل نسبتهم إلى ما يقرب 20٪ من السكان.

لكن في عام 2016أصدرت الحكومة البورمية بيانات التعداد السكاني الخاصة بالدين والعرق لعام 2014، بعد عامين من التأخر، لتظهر تلك البيانات تراجعاً في نسبة مسلمي البلاد، من 3.9% من إجمالي تعداد السكان لعام 1983، إلى 2.3%، في حين لم يشمل التعداد حوالى 1.2 مليون نسمة من مسلمي الروهينغا. وأشارت نتائج التعداد إلى أن المسلمين المسجلين، يقدرون بمليون و147 ألف و495 نسمة، من تعداد سكان البلاد البالغ 51.5 مليون نسمة.

حملة بورما للبورميين

تلك الأحداث السابقة أدت إلى ظهور حملة بورما للبورميين فقط، فنظموا مسيرة إلى بازار للمسلمين. وفرقت الشرطة الهندية تلك المظاهرة العنيفة مما أصيب فيها ثلاثة رهبان. فاستغلت الصحف البورمية صور للشرطة الهندية تهاجم الرهبان البوذيين للتحريض على زيادة انتشار أعمال الشغب. فنهبت متاجر المسلمين ومنازلهم والمساجد فدمرت وأحرقت بالكامل، كما تعرض المسلمين إلى إعتداء وقتل، وانتشر العنف في جميع أنحاء بورما، فتضرر حوالي 113 مسجدا، وحيث تصادر الحكومة الميانمارية أراضي المسلمين وقوارب صيد السمك دون سبب فقط لأنهم مسلمون، وفرض الضرائب الباهظة على كل شيء، والغرامات المالية، ومنع بيع المحاصيل إلا للعسكر أو من يُمثّلُهم بسعر زهيد بهدف إبقاء المسلمين فقراء، أو لإجبارهم على رحيل، منع المسلمين من شراء الآلات الزراعية الحديثة لتطوير مشاريعهم الزراعية، حتى لا يتمكنوا من الارض، إلغاء العملات المتداوَلة بين وقت وآخر من دون تعويض، ودون إنذار مسبق، إحراق محاصيل المسلمين الزراعية وقتل مواشيهم واباحة كل ما يملكون، عدم السماح للمسلمين بالعمل ضمن القطاع الصناعي في أراكان، او مناطق اخرى، لا تسمح الحكومة بطباعة الكتب الدينية وإصدار المطبوعات الإسلامية إلا بعد إجازتها من الجهات الحكومية وهذا أمر صعب جداً، وقد يؤدي الى الرفض او السجن، عدم السماح للمسلمين بإطلاق لِحاهُم أو لبس الزيّ الإسلامي في أماكن عملهم، وممارسة الطقوس الدينية، تصادر الحكومة ممتلكات الأوقاف والمقابر المخصصة لدفن المسلمين وتُوزّعها على غيرهم أو وتحوّلها إلى مراحيض عامة أو حظائر للخنازير والمواشي، يتعرّض كبار رجال الدين للامتهان والضرب ويتم إرغامهم على العمل في معسكرات الاعتقال، يُمنع استخدام مكبرات الصوت لإطلاق أذان الصلاة، وقد مُنع الأذان للصلاة بعد رمضان 1403 هـ (1983م)، تتدخل الحكومة بطريقة غير مشروعة في إدارة المساجد والمدارس بهدف فرض إرادتها عليها، يُمنع المسلمون من أداء فريضة الحج باستثناء قلة من الأفراد الذين تعرفهم الحكومة وترضى عن سلوكهم، منع ذبح الأضاحي، هدم المساجد وتحويلها إلى مراقص وخمّارات ودُور سَكَن أو تحويلها إلى مستودعات وثكنات عسكرية ومتنزّهات عامة، وقد قال نائب رئيس اتحاد الطلاب المسلمين في إقليم أراكان إبراهي محمد عتيق الرحمن في حديث لـ"وكالة الأنباء الإسلامية ـ إينا": إنّ حكومة ميانمار قامت خلال عام 2001م بتدمير نحو 72 مسجداً وذلك بموجب قانون أصدرته منعتْ بموجبه بناء المساجد الجديدة أو ترميم وإصلاح المساجد القديمة، كما أن هذا القانون ينص على هدم أي مسجد بُنِيَ خلال العشر سنوات الأخيرة.

الولايات المتحدة تصدر بيانًا بشأن مسلمي بورما

من جهتها أعربت الولايات المتحدة، عن قلقها حيال الأزمة في بورما، وحضت السلطات على السماح بدخول المساعدات الإنسانية لإقليم راخين وسط تقارير عن تجدد العنف ضد أقلية الروهينجا المسلمة.

وقالت هذير نويرت، الناطقة باسم وزارة الخارجية، للصحفيين إن «الولايات المتحدة تبدي بالغ قلقها حيال الوضع المقلق في إقليم راخين في شمال شرق بورما» وأضافت «لقد حدث نزوح كبير للسكان المحليين إثر حدوث انتهاكات خطيرة مزعومة لحقوق الإنسان من بينها حرق لقرى الروهينجا وممارسة عنف من طرف قوات الأمن ومن جانب المدنيين المسلحين أيضا».

وتابعت «نحن ندين مجددا الاعتداءات الدامية ضد قوات الأمن البورمية، لكننا ننضم للمجتمع الدولي في مطالبة هذه القوات بمنع وقوع مزيد من الاعتداءات على السكان المحليين بطرق تتناسب مع سلطة القانون والاحترام الكامل لحقوق الإنسان».

وأعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من ربع مليون شخص معظمهم من اللاجئين الروهينجا دخلوا بنجلاديش منذ اندلاع دوامة العنف الأخيرة في بورما في أكتوبر الماضي. وفر في الأسبوعين الماضيين فقط نحو 164 ألف شخص معظمهم من المدنيين الروهينجا إلى بنجلاديش، ولجأوا إلى مخيمات مكتظة أساسا مما أثار القلق من حدوث أزمة إنسانية.

وتابعت نويرت «ندعو السلطات لتيسير الوصول الفوري للمتضررين، الذين هم بحاجة لمساعدة إنسانية عاجلة»، ولم تعلق على هوية الطرف المخطئ في دائرة العنف الأخيرة. وأشارت نويرت إلى أن الدبلوماسيين الأمريكيين على تواصل مستمر مع السلطات البورمية، لكنها نوهت بأن إقليم راخين «مكان يصعب الحصول على معلومات منه، ويصعب الدخول إليه» نقلا عن وكالة المصري اليوم.

هذا هو حال المسلمين المستضعفين في بقاع الارض بعدما كانوا اعزة اقوياء، في عهد الرسول محمد (ص) والامام علي (ع) لم يقتصر الامان فقط على المسلمين بل شمل اليهود والنصارى ايضا، واليوم يعيش اليهود بسلام تام وبكل قوة والمسلمين يتذوقون الويل، لو اردنا المحاسبة؟ من نحاسب الحاكم او الشعب، لماذا بات الاسلام وحيدا بين المسلمين فلا تعد افعالهم تنتمي الى الاسلام ولا صفاتهم ولا اسمائهم لا يحملون منه فقط الاسم وذاك ليكتب خلف الهوية الشخصية الديانة مسلم!.

الجميع مسؤول عن كل قطرة دم تسفك في بقاع الارض، ولكننا تجاهلنا قول الله تعالى (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ...) بقينا نحارب لتسقط الأمة الأخرى وليسقط الكائن الآخر، فقط لأنه يختلف معي، ما يهمنا هو أنفسنا، بلادنا، وليذهب الجميع الى الجحيم، لذا لم نعد نسمع تلك الأصوات المضطهدة، لم تعد صور الذبح والقتل تؤثر في ضمائرنا فهي الأخرى قد ملأت نفسها من هذه المشاهد اليومية، للحظة استوقفني ذلك المنظر الذي جعل العرب يتقاسمون فيه خيرات بلدهم لترضى عنهم الأسياد، تذكرت تلك الأبراج التي تبنى لإقامة الحفلات وان كانت تحت هذه الأرض دماء لأنفس زكية قد قتلت، أحسست بوجع كبير يختلج أضلاعي عندما تذكرت إقامة حفلة في مكان ما صرف عليها الملايين، وعندما تطلب جماعة الروهينجا المسلمة التي يقتلها الفقر والمرض المساعدة من أخوانهم المسلمين لا نجد أحد يحرك ساكنا!.

اضف تعليق