q
عادة يرافق الامتحانات معوقات، تبدأ بالقلق والخشية من طبيعة الاختبار ونوعية الأسئلة، ولا تنتهي عند حرارة الجو والعطش وانقطاع الكهرباء، والخوف من حالات الغبن التي يشكو منها بعض الطلبة، معتقدين أنهم لا يحصلون على علامات تناسب جوابهم على أسئلة الاختبار، وقلما نجد في ظروفنا هنا بالعراق أجواءً نموذجية لأداء الامتحانات، فهناك الكثير من المعوقات تقف في طريق الطالب...

لكل فعل أو نشاط مراحل في النمو تتدرج وراء بعضها تصاعدياً، وتنطلق من البداية وتستمر بالنماء لتصل في آخر المشوار إلى الذروة، والعام الدراسي يبدأ عادة في الشهر التاسع من كل عام، حيث ينخرط مئات الآلاف من الطلبة في سنة دراسية جديدة، كل حسب مرحلته الدراسية، ويستمر الطلبة في تلقي الدروس مع الدخول في اختبارات شهرية ونصف سنوية، أو ضمن نظام الكورسات، وفي نهاية السنة يؤدي الطلبة امتحاناتهم بانتظار أن يقطفوا تعب سنة دراسية كاملة ينتقلون بعدها إلى سنة جديدة.

عادة يرافق الامتحانات معوقات، تبدأ بالقلق والخشية من طبيعة الاختبار ونوعية الأسئلة، ولا تنتهي عند حرارة الجو والعطش وانقطاع الكهرباء، والخوف من حالات الغبن التي يشكو منها بعض الطلبة، معتقدين أنهم لا يحصلون على علامات تناسب جوابهم على أسئلة الاختبار، وقلما نجد في ظروفنا هنا بالعراق أجواءً نموذجية لأداء الامتحانات، فهناك الكثير من المعوقات تقف في طريق الطالب، بعضها قد تكون غير واقعية، أي أنها تتأتي كنتيجة للضغط النفسي الذي يتعرض له الطالب بسبب رهبة الامتحان، فقد سمعنا قديما أن نابليون قال: ساحة المعركة ولا قاعة الامتحان.

ولا نعرف كم هي درجة المبالغة في هذا القول، لكن تبقى هناك رهبة وخشية واضحة من أداء الامتحان، بسبب تعلق مستقبل الطالب بالدرجة التي يحصل عليها، كذلك هناك مشاكل تنتج عن الأسئلة ومستوى صعوبتها وغموضها بالنسبة للطلاب، وقد يبالغ بعض الطلبة من الشكوى في هذا الأمر، أي أنهم يشتكون من صعوبة الأسئلة أو غموضها، أو أنها جاءت من خارج ماد الكتاب المخصص للدرس، في حين يرى بعض التدريسيين أن الطالب بطبيعته يشكو من الأستاذ ومن الأسئلة ليلقي بمسؤولية فشله على غيره، ولكن قد لا نغادر الحقيقة ولا نجافي الواقع إذا قلنا أن الطلبة في بعض الأحيان لا يبالغون، ولا يكبّرون المشاكل التي تعترضهم في الامتحانات، منها مثلا انطفاء الكهرباء وارتفاع درجة الحرارة، وبعض الإشكاليات التي ترافق وضع الأسئلة وعدم قدرة الطلبة على هضم مادة الامتحان لهذه الأسباب أو سواها.

ولغرض معرفة طبيعة ونوعية المعوقات التي ترافق أداء الامتحانات النهائية للطلبة، قمنا باستطلاع رأي لعدد من المقصودين بهذا الموضوع، ووضعنا أمامهم السؤال التالي:

- ما هي أبرز المعوقات التي رافقت أداءَك للامتحانات النهائية لهذه السنة الدراسية؟.

الطالب محمد عبد الكريم (السادس العلمي/ ثانوية الذرى للمتميزين) أجابنا عن هذا السؤال بقوله:

- المشكلة الأكبر التي واجهتها هي حالة التشنج والتوتر التي رافقتني قبل بدء الامتحانات، فأنا أشعر أن حياتي كلها تتوقف على درجة المعدل الذي سأحصل عليه في هذه السنة، ومع أن الأهل الأسرة الأب والأم يقدمون لي كل ما أحتاج من دعم معنوي ومادي، إلا أنني لا أزال أشعر بالتوتر والخوف أحيانا، لكنني حين أدخل في أجواء القراءة الجادة، يذوب التوتر وأنسى الكثير من القلق، خصوصا حين ألمس ذلك الاهتمام الكبير من أبي وأمي وأخوتي حين أرى اهتمامهم بي، حتى أصواتهم تكون قليلة ويسعون لراحتي واطمئناني، هذا الجو الأسري الجيد يساعدني كثيرا في أداء الدراسة الجيدة، ويدخل الاطمئنان والسكينة على نفسي وشعوري وتفكيري، ولكن في بعض الأحيان تحاصرني أفكار صعبة من قبيل طبيعة الأسئلة وهل ستأتي من مادة الكتاب أم من خارجها، مثل هذه الأفكار تشتت تركيزي في فهم الدروس، لذا أنصح زملائي الطلبة أن يفكروا بالتركيز على فهم المواد الدراسية أكثر من تركيزهم على المشكلات التي تزيد وتضاعف من توترهم وقلقهم وربما فشلهم أيضا.

الطالب عباس سالم، كلية الهندسة، أجاب عن نفس السؤال قائلا:

- هناك مشكلة يعاني منها الطالب كلما أقارب موعد الامتحان، إنها مشكلة الثقة بالنفس، صحيح هناك مشكلات كثيرة قد تصدر من هنا أو هناك، بعضها يتعلق بالقلق، وبعضها بسبب الأسئلة وغموضها، وبعضها بسبب عدم توفير الأجواء المناسبة للقراءة والاستعداد للامتحان، هذه كلها تؤثر فعلا على الأداء الامتحاني، ولكن أنا حين أفكر جيدا في هذا الأمر، أجد أننا كطلاب نسعى في كثير من الاحيان إلى إيجاد الأعذار لأنفسنا مقدما، أي أننا نبحث عن التبريرات قبل بدء الامتحان حتى إذا فشلنا أو حصلنا على درجة ضعيفة، سوف نجد العذر أمام أنفسنا وأمام أهلنا والآخرين كالأقارب والأصدقاء، ولكن أرى من المهم أن أثق بنفسي أولا، وأسعى بكل ما أستطيع الى فهم المادة المطلوبة، ولا أضيّع الوقت في مواقع التواصل أو الكوفي شوب أو لعب كرة القدم، ففي الامتحان يجب أن أتعامل مع الوقت المتاح لي بجدية عالية، ولا بأس أن أنظّم وقتي وأعطي النسبة الأكبر للقراءة والاستعداد للامتحان، فهناك طلبة قد تستمر قراءتهم ثلثيّ ساعات اليوم، والباقي للراحة والنوم وبعضهم يتناول طعامه أثناء الدراسة، لكن هناك من يبعثر أوقاته هنا وهناك، فيدخل الامتحان بجعبة ضعيفة وعلم قليل، وبعدها يبدأ بإلقاء اللوم على الأستاذ والمادة والأسئلة، وحتى الأهل لا يخلصون من شكواه واتهاماته.

الطالبة نور عبد الرحيم /قانون/ جامعة أهل البيت، ترى أن الظروف الصعبة التي يعيشها الطالب هي من اكثر الأسباب التي تقف وراء تدني علامات الطلاب في الامتحان النهائي، والصعوبة قد تكون مادية، الفقر وضعف الحال، فهي تؤثر كثيرا على أداء الطالب، ولكن قد تكون عند بعض الطلاب دافعا للتفوق كما لاحظنا في دفعتنا، وقد تكون نفسية أيضا، فهناك طلاب لا يعوزهم شيء، من حيث الملبس والمأكل والترفيه، لكنهم يفشلون في الحصول على علامات التفوق، ويعزون ذلك إلى الوضع النفسي الرديء، والمشاكل العائلية التي تنعكس على الأبناء الطلبة بصورة غير مباشرة، ومن الأسباب قد يكون الأستاذ التدريسي مساهما في خلق المصاعب أمام الطلبة، بسبب أسلوبه في التعامل معهم، أو في أسلوبه التقليدي في تقديم المحاضرة، فهذا الأسلوب يجعل الطالب يشعر بالملل، فلا ينتبه للمحاضرة ولا يستوعبها، والنتيجة سوف يتحملها الطالب وليس الأستاذ، مع أن مسؤولية الأستاذ أن يطور أسلوب تقديم المحاضرة من خلال دخول الدورات التطويرية الحديثة ومتابعة ما يستجد في العالم التربوي التدريسي عبر الإنترنيت.

الأستاذ عباس المسعودي، تدريسي مخضرم، يلقي المسؤولية مناصفة بين الطالب وأهله، ولا يعفي التدريسي من مسؤوليته، ويقول يجب على الأطراف الثلاثة أن تتحمل المسؤولية وتتعاون كي تقلل الأخطاء والثغرات إلى أدنى حد ممكن، وأشار إلى أهمية أن تتوافر للطلبة أثناء أداء الامتحان كل الأجواء التي تساعدهم على الثقة والاستقرار والطمأنينة كي يؤدي الطالب امتحانه في ظروف طبيعية ومناسبة، كي يتم تخفيف الضغط والوتر عليه، ويطالب التدريسيين أن يفكروا بالظروف النفسية التي ترافق الطالب أثناء الامتحان، وفي نفس الوقت يطلب من الطلبة أن يتحملوا مسؤوليتهم كرجال للحاضر والمستقبل، وأن لا يتهربوا من هذه المسؤولية من خلال إلقاء تبعاتها على الأهل أو على الأستاذ.

اضف تعليق