q
يُعرف خطاب الكراهية بأنه أي نوع من التواصل، الشفهي أو الكتابي أو السلوكي، الذي يهاجم أو يستخدم لغة ازدرائية أو تمييزية بالإشارة إلى شخص أو جماعة على أساس الدين أو الانتماء الإثني أو الجنسية أو العرق أو اللون أو الأصل أو نوع الجنس أو أحد العوامل الأخرى المحدِّدة للهوية...
بقلم دينا درويش

تحذير المستخدمين من عواقب التغريدات المحرضة على الكراهية يقلل استخدامهم عبارات تميز بين الأشخاص والجماعات على أساس الدين أو العرق أو نوع الجنس. ذكرت دراسة حديثة أن تحذير مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" من العواقب السلبية المحتملة لاستخدام خطاب يحض على الكراهية يمكن أن يقلل -بصورة مؤقتة- من نشرهم اللاحق لعبارات مسيئة، ويُعرف خطاب الكراهية بأنه "أي نوع من التواصل، الشفهي أو الكتابي أو السلوكي، الذي يهاجم أو يستخدم لغة ازدرائية أو تمييزية بالإشارة إلى شخص أو جماعة على أساس الدين أو الانتماء الإثني أو الجنسية أو العرق أو اللون أو الأصل أو نوع الجنس أو أحد العوامل الأخرى المحدِّدة للهوية".

من جهته، يشير مصطفى مقدات يلدريم -المرشح لنيل درجة الدكتوراة في جامعة نيويورك أبو ظبي، والباحث الرئيسي في الدراسة- إلى أن "هناك حالة من الجدل الدائر حاليًّا حول فاعلية تعليق حسابات وسائل التواصل الاجتماعي وحظر المستخدمين المسيئين، لكننا لا نعرف سوى القليل عن تأثير تحذير المستخدم من تعليق حسابه أو تعليقه بصورة مباشرة في الحد من خطاب الكراهية".

يقول "يلدريم" في تصريحات لـ"للعلم": على الرغم من أن تأثير التحذيرات مؤقت، إلا أن البحث قد يوفر مسارًا محتملًا للمضي قدمًا في تقليل استخدام خطاب الكراهية من قِبل المستخدمين، وتوضح الدراسة أنه في أعقاب قرارات "تويتر" ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى بتعليق عدد كبير من الحسابات، لا سيما حسابات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بعد هجوم 6 يناير 2021 على مبنى الكونجرس الأمريكي، تساءل كثيرون عن فاعلية الإجراءات التي تستهدف الحد من خطاب الكراهية والرسائل الأخرى التي قد تحرض على العنف.

في هذه الورقة البحثية، التي نشرتها دورية "بيرسبيكتيفس أون بوليتيكس" (Perspectives on Politics) اليوم "الإثنين"، 22 نوفمبر، درس الباحثون فاعلية إطلاق تحذيرات -بتعليق محتمل لحسابات تويتر بسبب استخدام خطاب الكراهية- في تقليل الاستخدام المستقبلي لهذا النوع من الخطاب، وأجرى الباحثون سلسلةً من التجارب لمعرفة العواقب المحتملة لاستخدام خطاب الكراهية والمصطلحات المرتبطة به.

ركز المؤلفون على متابعي المستخدمين الذين تم تعليق حساباتهم لنشرهم تغريدات تستخدم لغةً تحض على الكراهية، واستنتج الباحثون أن متابعي الأشخاص الذين تم إيقاف تعليقاتهم والذين استخدموا أيضًا لغةً مسيئةً قد يعتبرون أنفسهم "مرشحين محتملين للإيقاف" بمجرد علمهم بتعليق -أو إيقاف- حساب شخص يتابعونه، وبالتالي من المحتمل أن يكونوا مستعدين لتعديل سلوكهم بعد تلقِّيهم هذا التحذير.

قام الباحثون بتنزيل أكثر من 600 ألف تغريدة في 21 يوليو 2020 تم نشرها في الأسبوع السابق، واحتوت تلك التغريدات على كلمة واحدة على الأقل من قواميس اللغات التي تحض على الكراهية.

وخلال هذه الفترة، شهد موقع تويتر تغريدات تحض على الكراهية ضد كلٍّ من الجاليات الآسيوية والسود بسبب جائحة فيروس كورونا والاحتجاجات التي قام بها السود عقب مقتل المواطن الأمريكي ذي الأصول الأفريقية "جورج فلويد" بعدما وضع ضابط شرطة ركبته على عنقه لأكثر من ثماني دقائق.

يقول "يلدريم": تتبَّعنا منشئي هذه التغريدات، واكتشفنا أنه تم تعليق 59 مستخدمًا، وتمكنَّا من تنزيل المعلومات الخاصة بمتابعي 48 مستخدمًا، وقمنا بتنزيل معلومات التغريدات الخاصة بمتابعي جميع المستخدمين الموقوفين في العينة، ومن بين هؤلاء المتابعين، بعثنا رسائلنا إلى المستخدمين الذين استخدموا خطاب الكراهية في 3٪ على الأقل من تغريداتهم، واستغرق تنفيذ التجربة حوالي 3 أشهر.

كما درس الباحثون عينةً ضمت حوالي 4300 متابع من المستخدمين الذين تم تعليق حساباتهم من قِبل تويتر خلال هذه الفترة، وتم تقسيم هؤلاء المتابعين إلى ست مجموعات ضمت "الأشخاص موضع الدراسة" ومجموعة ضابطة واحدة.

بعد ذلك، أرسل الباحثون تغريدة تحذير محتملة لهؤلاء المستخدمين، وكلها مقدمة بعبارة "تم تعليق حساب المستخدم الذي تتابعه، ونظن أن هذا حدث بسبب استخدامه لغةً تحض على الكراهية".

وتبع ذلك إرسال تحذيرات مختلفة مثل "إذا واصلت استخدام المصطلحات التي تحث على الكراهية، فقد يتم تعليق حسابك مؤقتًا"، و"إذا واصلت استخدام المصطلحات التي تحض على الكراهية، فقد تفقد مشاركاتك وأصدقاءك ومتابعيك ولن يمكنك استعادة الحساب"، بينما لم يتلقَّ أفراد المجموعة الضابطة أيَّ رسائل.

وانتهت النتائج إلى أن المستخدمين الذين تلقوا رسائل تحذير من نشر تغريدات تحتوي على مصطلحات تحض على الكراهية قللوا إعادة تغريدها بنحو 10% بعد أسبوع من تلقِّيهم الرسائل التحذيرية، وفي المقابل، لم يكن هناك انخفاضٌ كبيرٌ بين أفراد العينة الموجودين في المجموعة الضابطة والذين لم يتلقَّوا أي رسائل.

وفي الحالات التي جرت فيها صياغة الرسائل الموجهة إلى المستخدمين بصيغة أكثر تأدبًا مثل "أتفهم أن لديك كل الحق في التعبير عن نفسك، ولكن يُرجى أن تضع في اعتبارك أن استخدام خطاب الكراهية يمكن أن يؤدي إلى تعليق حسابك"، بلغ معدل التراجع عن استخدام هذا الخطاب 15 إلى 20%، ما يعني أن اللغة المحترمة والمهذبة من المرجح أن يُنظر إليها على أنها شرعية، لكن هذا التراجُع بدا مؤقتًا؛ إذ تلاشى تأثير هذه التحذيرات بعد شهر.

وردًّا على سؤال لـ"للعلم" حول إمكانية تطبيق نتائج هذه الدراسة على مجتمعات أخرى، يقول "يلدريم": لا يمكننا ادعاء أن هذه النتائج يمكن تعميمها بسهولة على المجتمعات الأخرى؛ إذ ركزت دراستنا على الخطاب الذي يحض على الكراهية العرقية والجنسية، وهي أشكال التمييز المستخدمة بشكل أساسي في الولايات المتحدة، لكن يمكن تعميم النتائج على المجتمعات الأخرى لو افترضنا أن أشكال الكراهية الأخرى نفسها تؤدي دورًا أيضًا.

ويتابع: نأمل مستقبلًا معرفة إذا ما كان المستخدمون يقللون من استخدام خطاب الكراهية بسبب تفكيرهم أكثر في تكاليف تعليق الحساب، أم أن السبب يرجع إلى أن المستخدمين يدركون أن شخصًا آخر يلاحظ سلوكهم المحرض على الكراهية، ما يدفعهم إلى تقليل استخدام هذه اللغة؟

ويوصي الباحثون بضرورة التعاون بين الأوساط الأكاديمية وشركات التكنولوجيا من أجل مكافحة خطاب الكراهية بطرق جديدة، وأن يتم فحص التصميم الذي اقترحوه بشكل أكبر لمعرفة ما إذا كانت تلك التحذيرات ستؤدي إلى انخفاض في استخدام خطاب الكراهية إذا تم إرسالها من حساب رسمي يتمتع بصلاحيات حقيقية لتعليق حسابات المستخدمين.

اضف تعليق