q
قد يساهم الذكاء الاصطناعي فعليًا في إيجاد حلول نظرًا إلى قدرته على تحديد الأنماط في البيانات ووضع التوقعات، وهي الأدوات التي يمكنها تحديد الآفاق العلاجية لاختبارها على البشر في غضون أشهر، ومن ثم احتواء المرض الذي صنفته أخيرًا منظمة الصحة العالمية باعتباره جائحة بعدما خرج عن نطاق السيطرة تمامًا...

يبدو أن العالم مقبل على تغييرات عديدة تشمل مختلف مجالات الحياة. هذا على الأقل ما تؤكده باستمرار نتائج أبحاث في شتى التخصصات. ففي كل مرة تربط دراسة جديدة بين اكتشاف علمي وتأثيره المباشر على طريقة عيشنا وتفاعلنا مع الكوكب الذي نعيش فيه. وعلى مدى السنوات الأخيرة الماضية ازداد استخدام آخر صيحات التكنولوجيا خصوصا في المجال الطبي على غرار الذكاء الاصطناعي، لفهم واستكشاف عوالم الجسم البشري الغامضة، وبالتالي إيجاد طرق ناجعة للتغلب على أمراض كانت تبدو حتى وقت قريب عصية على الهزم بعدما فتكت بحياة الملايين.

ان استخدام الذكاء الاصطناعي بكثرة نجح في التغلب على بعض الأمراض المزمنة، وفي الوقت الراهن بات يُعَوِّل البعض على دور منتظر للذكاء الاصطناعي في السباق المحموم الذي يسعى من خلاله العلماء إلى الوصول إلى علاج يساعد على القضاء على فيروس كورونا المستجد، ويفيد في التخفيف من حالة الذعر التي يعيشها الناس في كل دول العالم.

قد يساهم الذكاء الاصطناعي فعليًا في إيجاد حلول نظرًا إلى قدرته على تحديد الأنماط في البيانات ووضع التوقعات، وهي الأدوات التي يمكنها تحديد الآفاق العلاجية لاختبارها على البشر في غضون أشهر، ومن ثم احتواء المرض الذي صنفته أخيرًا منظمة الصحة العالمية باعتباره "جائحة" بعدما خرج عن نطاق السيطرة تمامًا.

وبينما يُشَبِّه البعض سيناريو ظهور وتفشي مرض كوفيد-19 بسيناريوهات بعض أفلام الخيال العلمي المرعبة، فربما ها نحن قد تجاوزنا فصلها الأول المتعلق بالمرض نفسه، وبدأنا الفصل الثاني مع بروز دور التكنولوجيا والعلوم الحديثة على أمل الكشف عن حل علاجي يتم القضاء من خلاله على هذا الفيروس المتفشي.

حيث تتسابق الشركات الطبية في العثور على علاجات للفيروس التاجي الجديد، باستخدام الذكاء الاصطناعي، لتسريع جهودهم في اكتشاف أدوية جديدة.

في نهاية المطاف، لم تنته الحرب على فيروس كورونا الجديد حتى نطور لقاحًا يمكنه تحصين الجميع ضد الفيروس. لكن تطوير عقاقير وأدوية جديدة عملية طويلة ومكلفة للغاية، حيث يمكن أن تكلف مليارات الدولارات، وتستغرق ما يصل إلى 12 عامًا. وهذا الإطار الزمني لا يتناسب مع استمرار انتشار الفيروس بوتيرة متسارعة.

لحسن الحظ، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تسريع العملية. حيث أعلن مختبر DeepMind لأبحاث الذكاء الاصطناعي – الذي استحوذت عليه جوجل في عام 2014 – أنه استخدم التعلم العميق للعثور على معلومات جديدة حول بنية البروتينات المرتبطة بفيروس COVID-19.

يمكن الوصول إلى أدلة مهمة لصيغة لقاح فعال من خلال فهم تراكيب بروتين الفيروس، ويعتبر مختبر DeepMind واحد من العديد من المنظمات التي تشارك في السباق لإيجاد لقاح فعال لفيروس كورونا.

كما أعلنت شركة IBM عن مبادرة لزيادة الوصول إلى الحوسبة العالية الأداء، أو ما يُسمى بالحوسبة الفائقة Supercomputers للمجموعات البحثية التي تعمل على إيجاد لقاح لفيروس كورونا المستجد.

وقد استخدم الباحثون الحاسب العملاق التابع للشركة المُعروف باسم (سومت Summit) لفحص 8 آلاف مركب هي أكثر احتمالًا أن ترتبط بالبروتين الرئيسي في فيروس كورونا وتجعله غير قادر على الالتصاق بالخلايا المضيفة في جسم الإنسان، وقد حددوا 77 مركبًا يمكن الآن اختبارها تجريبيًا بهدف تطوير لقاح فعال للفيروس.

في أضعف الحالات من المحتمل أن تخفف تطبيقات الذكاء الاصطناعي من واقع العواقب الوخيمة جراء تفشي كورونا في كافة أنحاء العالم، حيث أنه سيمثل بصيصًا من الأمل يحول دون توقف الأنشطة الحياتية بشكل كامل، فهناك قطاع التجارة الإلكترونية، والآلات الذكية التي تنوب عن الإنسان في وظائفه لحين العودة وغياب خوف التجمعات مرة أخرى، ولكنه قد يحدث الأسوأ، وهو استمرار اعتماد الرأسماليات على الآلات الذكية بديلًا عن الإنسان بدافع المزيد من المكاسب.

لماذا يعتبر الذكاء الاصطناعي الأكثر فاعلية ضد كورونا؟

يعتبر فيروس كورونا المستجد (COVID-19) واحدًا من أكثر الأمراض المعدية التي أصابت كوكبنا خلال العقود الماضية، وعلى الرغم من أنه ليس الأكثر فتكًا إلا أنه الأكثر انتشارًا، حيث وصل إلى أكثر من 189 بلدًا خلال ثلاثة أشهر منذ اكتشاف الفيروس لأول مرة في الصين، وقد وصل عدد الحالات المصابة المؤكدة حتى اليوم إلى 332,935 حالة، كما أودى بحياة أكثر من 14,510 شخص حتى الآن، وفقًا لبيانات منظمة الصحة العالمية.

بينما تتدافع الحكومات والمنظمات الصحية لاحتواء انتشار الفيروس، فقد أثبتت تقنيات الذكاء الاصطناعي الحالية أنها مفيدة جدًا في تتبع انتشار الفيروس وتشخيص المرضى وتطهير المناطق وتسريع عملية العثور على لقاح فعال.

حتى الآن، تُعتبر علوم البيانات، والتعلم الآلي اثنين من الأسلحة الأكثر فعالية لدينا في مكافحة انتشار الفيروس، وهما من ساعد الصين في تحجيم انتشار الفيروس في وقت قياسي.

سنستعرض هنا أهم تقنيات الذكاء الاصطناعي التي اعتمدت عليها الدول والمنظمات الصحية في محاربة انتشار فيروس كورونا، وكيف يمكن أن تساعد هذه التقنيات في إيجاد لقاح فعال للفيروس؟

1- تتبع انتشار فيروس كورونا من خلال التعلم الآلي: قبل نهاية عام 2019؛ أعلنت منصة (BlueDot) التي تعتمد في عملها على الذكاء الاصطناعي لتتتبع انتشار الأمراض المعدية في جميع أنحاء العالم، بوضع علامات على مجموعة من حالات التهاب رئوي غير عادية تحدث حول سوق في مدينة ووهان بالصين.

بعد ذلك بتسعة أيام؛ أصدرت منظمة الصحة العالمية بيانًا أعلنت فيه اكتشاف فيروس جديد أصيب به شخص في المستشفى في ووهان وقد تسبب له في التهاب رئوي حاد، تستخدم منصة BlueDot خوارزميات معالجة اللغة الطبيعية والتعلم الآلي للاطلاع على المعلومات من مئات المصادر للإشارة المبكرة للأوبئة المعدية، والتنبؤ بانتشارها.

تقوم الخوارزمية بمتابعة تقارير الأخبار بجميع اللغات تقريبًا، وشبكات الأمراض الحيوانية والنباتية، وبيانات المناخ من الأقمار الصناعية، والإعلانات الرسمية لإصدار تحذيرات سابقة لتجنب المناطق المعرضة لانتشار الفيروس.

وبمجرد الإعلان عن ظهور فيروس كورونا المستجد؛ تتبعت بيانات تذاكر الطيران العالمية التي يمكن أن تساعد في التنبؤ بمسار وتوقيت تنقل السكان المصابين بعد ذلك. وبالفعل تنبأت بشكل صحيح بأن الفيروس سينتقل من ووهان إلى بانكوك وسيول وتايبيه وطوكيو في الأيام التالية من ظهوره الأول.

توظف الشركة أيضًا عشرات الخبراء المتخصصين في مجموعة من التخصصات من ضمنها: أنظمة المعلومات الجغرافية، والتحليلات المكانية، وتصور البيانات، وعلوم الحاسوب، بالإضافة إلى خبراء طبيين في الأمراض المعدية، والطب الاستوائي، والصحة العامة، ويقوم هؤلاء الخبراء بفلترة البيانات الآلية، وتولي مهمة التحليل الأخير للبيانات؛ ليتحقق علماء الأوبئة من أن الاستنتاجات منطقية من وجهة نظر علمية، ثم تُرسل التقارير إلى الحكومة وقطاع الأعمال والصحة العامة.

2- استخدام الذكاء الاصطناعي لتشخيص المصابين بفيروس كورونا: يُستخدم نظام الذكاء الاصطناعي الذي طورته شركة بايدو الصينية كاميرات تعتمد على الرؤية الحاسوبية، وأجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء للتنبؤ بدرجات حرارة الأشخاص في المناطق العامة، ويمكن للنظام فحص ما يصل إلى 200 شخص في الدقيقة الواحدة، واكتشاف درجة حرارتهم في نطاق 0.5 درجة مئوية، حيث يشير النظام إلى أي شخص لديه درجة حرارة أعلى من 37.3 درجة، كما أنه مستخدم الآن في محطة سكة حديد Qinghe ببكين.

طورت شركة Alibaba الصينية أيضًا نظام ذكاء اصطناعي يمكنه الكشف عن الفيروس في التصوير المقطعي المحوسب للصدر، ووفقًا للباحثين الذين طوروا النظام فإنه يتمتع بدقة 96% في التشخيص، وقد دُرب على بيانات من 5000 حالة مصابة بالفيروس، ويمكنه إجراء الاختبار في 20 ثانية بدلاً من 15 دقيقة يستغرقها خبير بشري لتشخيص المريض، كما يمكنه تحديد الفرق بين فيروس كورونا المستجد (COVID-19) والالتهاب الرئوي العادي بسرعة، وبحسب ما ورد تعتمد نحو 100 مستشفى في الصين على هذا النظام الآن.

3- الاعتماد على الروبوتات في عمليات التعقيم والتعامل مع المرضى: تتمثل إحدى الطرق الرئيسية لمنع انتشار فيروس كورونا في تقليل الاتصال بين المرضى المصابين والأشخاص الذين لم يصابوا بالفيروس. ولهذه الغاية بذلت العديد من الشركات والمنظمات جهودًا لأتمتة بعض الإجراءات التي كانت تتطلب من العاملين الصحيين والطاقم الطبي التفاعل مع المرضى، تستخدم الشركات الصينية الطائرات بدون طيار، والروبوتات لتسليم الأشياء بدون تلامس ولرش المطهرات في المناطق العامة مما يساعد في تقليل خطر العدوى، تقوم الروبوتات الأخرى بفحص الأشخاص للكشف عن ارتفاع درجات الحرارة، وأعراض COVID-19 الأخرى. كما تقدم الروبوتات الغذاء والدواء للمرضى داخل المستشفيات وتقوم بتعقيم غرفهم لتفادي الحاجة إلى وجود فريق التمريض، في حين تقوم روبوتات أخرى بطهي الأرز دون إشراف بشري، مما يقلل من عدد الموظفين اللازمين لتشغيل المنشأة، يستخدم الأطباء في مدينة سياتل الأميركية الآن روبوتًا للتواصل مع المرضى وعلاجهم عن بُعد لتقليل تعرض الطاقم الطبي للأشخاص المصابين.

بارقة أمل في العلاج

بدأ يتشبث كثيرون بالأمل بشأن إمكانية الاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي في مواجهة فيروس كورونا، خاصة مع كثرة الاستعانة به خلال الآونة الأخيرة في العديد من التطبيقات في مجال الرعاية الصحية، ولهذا فالأمل معقود عليه الآن لإنقاذ البشرية.

وهناك بالفعل مئات الشركات الناشئة التي بدأت تستعين بأدوات الذكاء الاصطناعي خلال الأعوام الماضية بهدف تسريع عملية اكتشاف الأدوية والعقاقير. مع هذا، فلم يصل سوى دواء واحد تم تطويره باستخدام الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة تجربته سريريًا على البشر، وهو ما حدث أخيرًا فقط، لمعالجة مَن يعانون من الوسواس القهري.

وفي حين يبدو أنه يتشابه على صعيد هيكل الحمض النووي مع مرض سارس، فإن مرض كوفيد-19 قد يشكل تحديًا صعبًا بالنسبة إلى الذكاء الاصطناعي لكونه مرضًا جديدًت ولا تتوافر عنه معلومات كثيرة. في المقابل لا يمكن أن يوفر الذكاء الاصطناعي علاجًا فعالًا إلا إذا توافر لديه كثير من المعلومات الشاملة عن هذا المرض.

مع هذا، يبقى الذكاء الاصطناعي الأداة الأسرع في اكتشاف الأدوية الجديدة المناسبة للعديد من الأمراض، وإن كان سيأخذ بعض الوقت، فهو قادر على اكتشاف الأنماط في البيانات ووضع التوقعات، ما سيجعله مفيدًا في التعامل بفعالية مع المرض من الناحية العلاجية، مقارنة بالطرق التقليدية الجارية على قدم وساق أيضًا.

ورغم التحديات التي تواجهها الشركات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في جهودها البحثية لتطوير أدوية لنوعية الأمراض التي تباغت العالم من وقت إلى آخر، ومنها قلة التمويل ونقص البيانات، لكن تبقى الفرصة قائمة للنجاح في تطوير الأدوية.

"علي بابا" يكتشف كورونا في 20 ثانية

طور باحثون تقنية حديثة باستخدام الذكاء الاصطناعي تستطيع التعرف على فيروس كورونا في ثوان قليلة، في تطور من شأنه تسهيل عمل الأطباء لاسيما في أماكن انتشار الفيروس، باحثون دربوا الذكاء الاصطناعي على بيانات أكثر من خمسة آلاف حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا

أعلنت شركة "علي بابا" الصينية للتجارة الالكترونية، أنها نجحت في تدريب الذكاء الاصطناعي للتعرف على فيروس كورونا، في وقت يتسابق فيه العلماء والباحثون من أجل إيجاد حلول للتعامل مع الفيروس الذي ينتشر بسرعة كبيرة.

وأعلن عملاق الإنترنت أن المعهد البحثي التابع له، طور تقنية للتعرف على الفيروس، خلال 20 ثانية وبدقة تصل إلى 96 بالمئة، اعتمادا على صور الأشعة المقطعية. ووفقا لموقع "فيوتشر زون" التقني، فإن هذه التقنية من شأنها مساعدة الأطباء في أماكن انتشار الفيروس، الذين لن يحتاجوا لأكثر من 15 دقيقة لإجراء التحاليل المتعارف عليها.

وقام الباحثون بتدريب الذكاء الاصطناعي على بيانات أكثر من خمسة آلاف حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا، ووفقا لـ"علي بابا"، فإن البرنامج قادر أيضا على معرفة ما إذا كان الشخص مصابا بالحمى أو يرتدي الكمامة الطبية الواقية أم لا.

ومن المنتظر استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي أولا في مجموعة من المتاجر التي تديرها شركة "علي بابا"، وسط خطط باستخدامها لاحقا في محطات قطارات ومستشفيات، شركة Ping An Smart Healthcare المنافسة لعلي بابا، طورت هي الأخرى تقنية مشابهة تقوم أيضا بتحليل مقاطع الأشعة خلال 15 ثانية، بمعدل دقة يتجاوز الـ 90 بالمئة. ووفقا للشركة فإن نحو 1500 من المنشآت الصحية بدأت بالفعل في الاعتماد على هذه التقنية.

الذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار تساعد في مكافحة "كورونا"

تم استخدام مختلف الأجهزة الذكية في الأعمال الزراعية وسط تفشي فيروس كورونا في أنحاء الصين، ذكرت وكالة شينخوا الصينية أن شركات صينية قد تبّنت مختلف التكنولوجيات العالية بما فيها الذكاء الاصطناعي والمسيرات الجوية بدون طيار، من أجل الوقاية من فيروس كورونا والسيطرة عليه في المناطق الريفية الشاسعة في البلاد.

وفي مزرعة تغطي أكثر من 53300 هكتار، مع عدد سكان أكثر من 40 ألف نسمة في مدينة جياموسي بمقاطعة هيلونغجيانغ شمال شرقي الصين، تم تطبيق نظام مكالمات ذكاء اصطناعي للاستفسار عن الحالة الصحية للمزارعين، بدلاً من المكالمات الهاتفية اليدوية والزيارات الفعلية، ويمكن لروبوت الذكاء الاصطناعي الذي يستخدم تقنية الصوت الذكي، تحليل معلومات الكلام ووضع الوثائق والنماذج تلقائيًا التي تسجل محتويات التحقيق والبيانات، وقد بدأ استخدام هذا النظام، الذي قدمه عملاق التجارة الإلكترونية "جي دي دوت كوم" بشكل مجاني في شباط / فبراير الماضي.

وقال تشانغ هونغ يوي، المسؤول عن أعمال الوقاية من الوباء ومكافحته في المزرعة، إن ذلك أدى إلى تحسين كفاءة العمل وتجنب العدوى العابرة الناجمة عن الاتصال البشري، وذكر تشانغ انه "نظراً لأن المزارعين المنتشرين في المزرعة الكبيرة والقوى العاملة المحلية محدودة، من المعتاد أن يأتي الكثير من الناس من خارج المزرعة للمساعدة خلال موسم الزراعة الربيعي كل عام". وأضاف "بفضل النظام الذكي يمكننا كبح الوباء بدقة وكفاءة"، كما قدمت "ويكانتي"، وهي منصة تخدم الناس في المناطق الريفية التي طورها عملاق التكنولوجيا "تنسنت"، خدمات للقرويين، بما في ذلك الاستشارات الطبية عبر الإنترنت، والإشعارات العاجلة والدروس المجانية عبر الإنترنت.

ومن خلال المنصة، يمكن للقرويين في جميع أنحاء البلاد أيضًا معرفة ما إذا كانوا قد اتخذوا نفس القطارات مع المرضى المصابين بفيروس "كوفيد-19"، وفي 28 كانون الثاني / يناير الماضي، تم إصدار إشعار بشأن الوباء عبر المنصة في قرية تشاشي في ولاية شيانغشي ذاتية الحكم لقوميتي توجيا ومياو في مقاطعة هونان في وسط الصين، وقال وو تسونغ جيانغ، سكرتير الحزب الشيوعي في القرية، إنه حقق 651 مشاهدة وقرأه جميع القرويين تقريباً في غضون يوم واحد. ووفقًا لتنسنت، حتى 28 شباط / فبراير، تجاوز عدد الأشخاص الذين يستخدمون هذه المنصة مليون شخص، وتم نشر حوالى 176 الف معلومة متعلقة بالوباء إلى القرى في جميع أنحاء البلاد.

وفي مقاطعة آنهوي شرقي الصين، يبحث المزارعون بنشاط أيضًا عن طرق لمحاربة الوباء. وفي محافظة قوتشن، عملت بعض الطائرات الزراعية بدون طيار على تطهير المناطق العامة، ويقوم تشن لي، هو تقني ماهر في السيطرة على الطائرات بدون طيار، الآن بتطهير الأماكن المكتظة بالسكان في قريته، بما في ذلك الشوارع والأسواق بالمطهر الذي توفره الحكومة المحلية، وقال تشن إنه مقارنة بالتطهير اليدوي، فإن استخدام الطائرات بدون طيار قلل إلى حد كبير من خطر الإصابة بالعدوى وحسن كفاءة العمل.

الذكاء الاصطناعي يسبق كورونا بخطوة

على ضفاف بحيرة أونتاريو، كانت شركة ناشئة كندية من بين أولى الأطراف التي نبهت إلى خطر انتشار فيروس كورونا المستجد الذي انطلق من يوهان في الصين معتمدة في ذلك على الذكاء الاصطناعي.

وطورت شركة "بلودوت" ومقرها في تورنتو برمجية حسابية قادرة على الاطلاع على مئات آلاف المقالات الصحافية يوميا وبيانات الملاحة الجوية لرصد انتشار الأمراض المعدية ومتابعة أخطارها، وفي حالة فيروس كورونا المستجد الذي انطلق في الصين، أرسلت "بلودوت" إلى زبائنها تنبيهات اعتبارا من 31 كانون الأول/ديسمبر، أي بعد أيام قليلة على أولى البيانات الرسمية لهيئات الصحة الرسمية الكبرى. وقد توقعت بشكل صحيح الدول التي قد ينتشر فيها الفيروس، وقال كمران خان مؤسس "بلودوت" ورئيس مجلس إدارتها "نحاول أن نوسع أفق استخدام البيانات والتكنولوجيا وتحليلها من أجل التقدم بسرعة أكبر. إدارة الوقت أمر أساسي في مواجهة انتشار وباء".

وقد طرأت فكرة "بلودوت" على ذهن عالم الأوبئة البالغ 49 عاما إثر انتشار وباء المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) في 2003. وكان يومها طبيبا متخصصا بالأمراض المعدية في أحد مستشفيات تورنتو ووقف عاجزا أمام هذا الفيروس الفتاك الذي أودى بحياة 44 شخصا في المدينة الكندية الكبيرة هذه.

وأوضح "لقد أصيب أفراد في الطاقم الطبي من بينهم أحد زملائي وقد توفي بعضهم وفتح ذلك عينَي. وبعد لجم الوباء، قلت إنه لا ينبغي أن يتكرر هذا الوضع"، في 2013، أسس "بلودوت" التي باتت توظف 40 شخصا يقول عنهم خان إنهم "يشكلون فريقا فريدا" مؤلفا خصوصا من أطباء وبيطريين وعلماء أوبئة و"علماء بيانات" (داتا ساينتيستس) ومطوري برمجيات، وقد وضع هؤلاء نظام إنذار مبكر يستند إلى وسائل المعالجة الآلية للّغة والتعلم الآلي، وتتفحص البرمجية كل 15 دقيقة على مدار الساعة، تقارير رسمية ومنتديات مهنية وآلاف المقالات عبر الانترنت وتمسح نصوصا بحثا عن كلمات مفتاح وعبارات معينة. ويمكنها قراءة 65 لغة وهي قادرة على تتبع أكثر من 150 نوعا من الأمراض.

وأوضح خان "الآلة تبحث عن إبر في كومة تبن وتعرضها على الخبراء البشريين". ويدرب فريق "بلودوت" الآلة عندها على التعرف إلى المعلومات المرصودة على أنها تشكل تهديدا أو وباء فعليا، من عدمه، وإذا كانت البيانات موثوقة، تدرج في قاعدة بيانات تحلل مكان البؤرة والمطارات المحيطة بها ومسارات السفر الجوي للركاب في العالم بأسره. وتدرس كذلك بيانات مناخية فضلا عن النظام الصحي في كل بلد أو حتى وجود بعوض أو حيوانات تقف وراء أمراض لدى البشر.

وعند الانتهاء من التحليل، ترسل "بلودوت" إلى زبائنها وهم هيئات حكومية وشركات طيران ومستشفيات خصوصا، تنبيها حول الأمكنة والمناطق التي ستستضيف العدد الأكبر من هؤلاء المسافرين. والهدف من ذلك أن تتمكن هذه الأطراف من الاستعداد واتخاذ الاجراءات الاستباقية، ففي صباح 31 كانون الأول/ديسمبر، رصدت برمجية "بلودوت" مقالا بالصينية يتحدث عن حالات التهاب رئوي حاد مرتبطة بسوق الحيوانات في ووهان. ولم يكن الفيروس قد حدد بعد إلا أن الآلة تمكنت من رصد عبارتين لفتتا انتباهها "التهاب رئوي حاد" و"سبب مجهول"، وعند الساعة العاشرة من ذلك اليوم، أرسلت أول تنبيه إلى زبائنها. وقال كمران خان "لم نكن نعلم أن الأمر سيتحول إلى وباء عالمي، لكننا رصدنا بعض المكونات المشابهة لما كنا قد لاحظنه على صعيد متلازمة سارس". وبفضل هذه الطريقة، نجحت "بلودوت" أيضا في توقع انتقال الفيروس من ووهان إلى بانكوك وتايبيه وسنغافورة وطوكيو وهونغ كونغ، وهذا ليس أول إنجاز للشركة. ففي العام 2016، توقعت "بلودوت" بشكل صحيح أن فيروس زيكا في البرازيل سيصل إلى جنوب فلوريدا، وأكد خان "هذه الفيروسات معقدة وهذه الأمراض كذلك. إلا أننا نوسع دائما حدود معرفتنا بعد كل انتشار لهذه الأوبئة".

تجربة كوريا

وفق أحدث البيانات الرسمية المتاحة حتى الآن، سجلت ايطاليا أعلى معدل عالمي للوفيات من بين الحالات المؤكد اصابتها بفايروس كورونا حيث بلغت نسبة الوفيات 6.7 بالمئة ، تليها ايران بنسبة 4.3 بالمئة ، بينما بلغ معدل هذه الوفيات في كوريا الجنوبية أقل من 1 بالمئة.

ويعود السبب في انخفاض معدل الوفيات في كوريا الى توفر طريقة فعالة للكشف مبكرا عن الاصابة مما يساعد على فعالية العلاج والشفاء. ويكمن نجاح كوريا الجنوبية في ابتكار شركة كورية تدعى Seegene لطريقة فحص تم تطويرها من خلال الحاسب الآلي أي بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي.

وتستخدم هذه الطريقة الكورية مزيجا من المحاليل الكيميائية التي تمكن من معرفة الحالات المصابة عند خلط العينة المأخوذة من المريض مع تلك المحاليل. وتمكنت الشركة من تصميم الاختبار باستخدام التفاصيل الجينية التي تم إصدارها حول الفيروس من قبل العلماء الصينيين، وبدون الحصول على عينة من Covid-19. وكانت هيئة الدواء الكورية قد أجازت هذه الطريقة في 12 فبراير وخلال أسبوع واحد من طلب الموافقة التي يستغرق الحصول عليها في الظروف العادية ما بين سنة الى سنة ونصف.

اضف تعليق