q
مما يثير القلق بشكل خاص إمكانية استخدام الإرهابيين لتكنولوجيات المعلومات الجديدة وغير التقليدية من أجل ممارسة تأثير مخفي بالمعلومات على وعي الناس ونشاطهم، وإن الرخص النسبي والبساطة وتوافر وسائل الإعلام الحديثة يتيحان للإرهابيين القيام بأعمالهم الإجرامية وهم على مسافة آمنة وإلى حد بعيد ولربما يبقون من دون عقاب...

يمتاز التطور العالمي الحالي بحقيقة مؤكدة في أن المعلومات نفسها ووسائل المعلومات والاتصالات وكذلك العلاقات الاجتماعية التي تتطور في عملية جمع المعلومات ومعالجتها وتخزينها ونقلها وتوزيعها لها تأثير مباشر ومتزايد على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والروحية وبشكل منفصل أصبحت الأساس والأداة الرئيسية لتحقيق الأهداف في النظام العالمي المعلوماتي، وبصرف النظر عن الفوائد الواضحة لثورة تكنولوجيا المعلومات العالمية غير أنها أوجدت تهديدا محتملا جديدا لحياة المجتمعات والدول ومواطنيها والمجتمع الدولي ككل، وان التطور السريع للتكنولوجيات الجديدة أدى إلى توسع كبير في إمكانيات المنظمات الإرهابية للتلاعب بالوعي العام وفي إعداد وتنفيذ أعمال إرهابية.

يمكن أن تكون المعلومات والأنشطة التخريبية التي يقوم بها الإرهابيين ذات طبيعة صريحة، ويمكن القيام بها علانية أو القيام بها سراً ويتم تنفيذها ومن دون الكشف عن هويتها، فيتمحور الهدف الرئيسي للإرهابيين في جعل نتائج العمل الإرهابي معروف للجمهور والسلطات لتلقي استجابة عامة واسعة لينتج غضبا شعبيا يفرز الخوف وينشر الذعر بين أفراد المجتمع ويؤدي إلى فقدان الثقة في الحكومة كما ويؤدي في نهاية المطاف إلى عدم الاستقرار السياسي، وبناءً على ذلك يمكننا الاستنتاج أن هناك إستراتيجية للإرهاب المعلوماتي خاصة بالإعلام والاتصال والتي تميزها عن أية حركات متمردة آخرى أو أعمال تخريبية، وعبر تلك الإستراتيجية برهنت المنظمات الإرهابية عن قدرتها في التأثير على الهيئات الحكومية والتي تعتمد بشكل كبير على إمكانيات وخصائص العمل في مجتمع معين من قنوات الاتصال وعلى طبيعة الرسائل التي تظهر في وسائل الإعلام وقدرتها على تقديم ما حدث كإحساس.

يتمثل الخطر الجسيم في رغبة المنظمات الإرهابية الدولية في استخدام وسائل الإعلام كأداة لتحقيق أهدافها الإجرامية في الرعب الحديث، ولا يهدف إرهاب المعلومات فقط إلى الإضرار بمصالح الدول الفردية ولكن أيضا لتوسيع التأثير السياسي والاقتصادي والإيديولوجي للمنظمات الإرهابية الدولية في المجتمع العالمي. فبذلك تحتوي الترسانة المعلوماتية الحديثة للإرهابيين على مئات طرق التلاعب باستخدام وسائل الإعلام وقنوات الاتصال بين الأشخاص والجماعات الشخصية والاتصالات بين المجموعات، وإن أنشطة المعلومات الإرهابية تزداد وعلى نحو متسارع من طبيعتها المخفية والمتطورة والمخصصة والطويلة الأجل ، وموفرة بشكل جيد ماديًا ، كما أن أساليبها يتم صقلها وتحسينها باستمرار من عمل إرهابي إلى آخر.

مما يثير القلق بشكل خاص إمكانية استخدام الإرهابيين لتكنولوجيات المعلومات الجديدة وغير التقليدية من أجل ممارسة تأثير مخفي بالمعلومات على وعي الناس ونشاطهم، وإن الرخص النسبي والبساطة وتوافر وسائل الإعلام الحديثة يتيحان للإرهابيين القيام بأعمالهم الإجرامية وهم على مسافة آمنة وإلى حد بعيد ولربما يبقون من دون عقاب ولوقت طويل في الوقت الذي يقع ضرر مباشر وفوري مادي ومعنوي كبير على المجتمع والدولة والفرد.كما توفر ممارسة الإنترنت والبريد الإلكتروني وأنظمة الراديو الهاتفية الرقمية للمتطرفين ليس فقط فرصاً أوسع للتفاعل والدعاية لأفكارهم ولكن أيضاً لشن حروب المعلومات، فيتضح ذلك بشكل خاص من خلال ظهور نوع جديد من النشاط الإجرامي يسمى "حرب الشبكة أو حرب النت" والتي يمكن أن تقودها مجموعات صغيرة من الإرهابيين السيبرانيين المدربين تدريبا خاصا وحتى الفرديين البعيدين جغرافيا عن بعضهم البعض ولكن مع حفظ التواصل سرا مع بعضهم البعض في شكل شبكة، ويتمحور الأساس النظري لمثل هذه الأنشطة في مفهوم "المقاومة بدون قيادة"، ووفقًا لذلك يعمل جميع أعضاء المجموعة الوهمية بشكل مستقل عن بعضهم البعض ولا يتوجهون أبداً إلى المقر المركزي أو إلى القادة للحصول على التعليمات إنما يفترض بأنهم وبأنفسهم ملزمين بمعرفة ماذا وكيف يفعلون استجابة لأحداث محددة وهم يتلقون المعلومات من خلال نشرات إخبارية إلكترونية موزعة بشكل مجهول وعبر صفحات الإنترنت ويساعد هذا الشكل من التنظيم المسمى ب"الشبكات" المتطرفين في العثور على حلفاء وتحقيق تأثيرهم القوي وإدارة عملياتهم برصانة أيضًا.

التأثير التكنولوجي للمعلومات والزيادة الأخيرة فيه اثره على جميع مجالات النشاط الإنساني تقريبا، لذا يستوجب إن تضع مهمة مكافحة خطورة حروب المعلومات في مقدمة المهام الرئيسية لمكافحة الإرهاب، غير أن مكافحتها هي واحدة من أقل مجالات نشاط مكافحة الإرهاب على مستوى التعاون الدولي. علاوة على ذلك فإن مفهوم المعارضة الإعلامية لم يتم عبره تحديد جوهر ومحتوى المعلومات المضادة للإرهاب، واستنادا إلى تحليل الممارسة السياسية الحقيقية يمكن تحديد المعلومات المتعلقة بمكافحة الإرهاب كمجموعة من التدابير لتدمير موارد المعلومات الخاصة بالمنظمات الإرهابية ومنع عمليات المعلومات التي تقوم بها وإدخال المعلومات المضللة في جميع مراحل تنفيذها.

إن التأثير النفسي على السكان يجعل من الممكن غرس المجتمع في موقف سلبي تجاه التعصب والعنف والعنصرية وما إلى ذلك الأمر الذي يحرم الإرهابيين من دعمهم ويحد من قدرتهم على التجنيد وكسب المال، واستخدام تكنولوجيا المعلومات هو مجال خاص للمعلومات لمكافحة الإرهاب، ومن ثم فإن تحليل الممارسات والاتجاهات الحالية في تطوير مكافحة الإرهاب المعلوماتي تدل على وجوب اتباع نهج مختلفة لمنع وتهديد تهديدات الإرهاب الشامل وإن الحل الفعال لهذه الازمة يتطلب تنسيق الجهود على أساس تبادل المعلومات المتاحة للجمهور حول الإنجازات في مجال أمن المعلومات لكل من الدول الفردية والمجتمع العالمي ككل وربما يرجع ذلك إلى حقيقة مفادها أن العولمة الحديثة تفترض عولمة الإرهاب وتصل إلى المستوى العابر للحدود وعولمة الإرهاب المعلوماتي المضاد والمضاد له. ولمعالجة تلك الأزمة الخانقة لابد من المساهمة الحقيقية في تطوير التفاعل الدولي لمكافحة الإرهاب عبر تطوير مفهوم مكافحة الإرهاب المعلوماتي والتعاون بين الأجهزة الأمنية والخدمات الخاصة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف وفي إطار هذا المفهوم يستوجب تنفيذ مجموعة من التدابير الرامية إلى إنشاء مجال قانوني واحد في مجال مكافحة المعلومات المتعلقة بالإرهاب، كما ويفترض في هذا المجال تعزيز التكوين وتعزيز القدرة على مكافحة خطورة استغلال المعلومات الجماعية وتحقيقا لهذه الغاية يفترض البحث عن المؤيدين والحلفاء في وسائط الإعلام الأكثر نفوذا وإشراك الكتّاب والباحثين والشخصيات الثقافية للتعاون وتنظيم العمل حتى تظهر مواد إيديولوجية لمكافحة الإرهاب المعلوماتي ومكافحة المخدرات والتطرف والعنف على شبكات الانترنيت وشاشات الفضائيات ومواقع الوكالات الإعلامية والشرائط المطبوعة.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق