q
تناول الدهون لتخسر الدهون، هذا شعار حمية غذائية تلقى رواجاً كبيراً في العالم، والمنطقة العربية ليست استثناءً. نظام الكيتو الغذائي ملأ الفضاء الافتراضي، فما أن تكتب كلمة كيتو بالعربية على فيسبوك أو يوتيوب أو المواقع الالكترونية حتى تظهر لك سلسلة لا تنتهي من الخطط الغذائية ووصفات الطبخ المتنوعة المناسبة لهذا النظام...

في السنوات الأخيرة لقي نظام حمية الكيتو إقبالا كبيرا من لدن الأشخاص الراغبين في خفض الوزن. هذا النظام يعتمد بالأساس على تناول أطعمة بكميات منخفضة أو حتى شبه منعدمة من الكربوهيدرات، مقابل أطعمة بكميات مشبعة من الدهون النباتية والبروتينات.

تناول الدهون لتخسر الدهون، هذا شعار حمية غذائية تلقى رواجاً كبيراً في العالم، والمنطقة العربية ليست استثناءً. نظام الكيتو الغذائي ملأ الفضاء الافتراضي، فما أن تكتب كلمة كيتو بالعربية على فيسبوك أو يوتيوب أو المواقع الالكترونية حتى تظهر لك سلسلة لا تنتهي من الخطط الغذائية ووصفات الطبخ المتنوعة المناسبة لهذا النظام والبدائل للأطعمة الممنوعة، إضافة إلى عشرات القنوات الإرشادية المجانية لمتخصصين يقدمون أيضا استشارات مدفوعة عبر الإنترنت أو في عياداتهم لمن يودّ ذلك.

ما آلية عمل الكيتو؟ هناك تحفّظات طبيّة على هذه الحمية التي تعتمد على تحريض الجسم لينتج أجساما تسمّى "الأجسام الكيتونية" التي يصنّعها الكبد بهدف ضبط عمل الهرمونات المختلفة بشكل أكثر توازناً.

يعتمد نظام الكيتو على الدهون (بنسبة تتراوح ما بين 75-80 في المئة) كمصدر أساسي لطاقة الجسم بدلا من النشويات سريعة الحرق التي يتحوّل جزء كبير منها - في أجسام من يستهلكها - إلى دهون تتراكم في الجسم، وبالتالي فإن اعتماد متبعي حمية الكيتو على الدهون بدلا من النشويّات، يلغي حاجة أجسامهم للنشويات وبالتالي يحرّض على حرق الدهون القديمة المتراكمة بسبب النشويات المستهلكة في السابق، ويسمح هذا النظام بنسبة 15 - 20 في المئة من البروتين، والقليل الباقي للخضار النشوية (مثل الفطر والكوسا والباذنجان والقرنبيط) مع أنواع محدود ة جداً من الفواكه (كالتوت البري).

يبدو أن هدف أغلب متّبعي هذا النظام الغذائي هو خسارة الوزن، رغم أنك إذا بحثت في تاريخ هذه الحمية فستجد أنها في الأصل علاج لمرض الصرع لدى الأطفال منذ عام 1920، لما أثبتت من تحسّن في تلك الحالات بعد عجز كل الأساليب الأخرى آنذاك قبل ابتكار أدوية تساهم في التخفيف من حدته.

تجربة الكيتو

تحدثت بي بي سي مع عدد من الأشخاص من دول عربيّة حول تجربتهم مع الكيتو؛ فقالت سارة، 28 عاماً، إنها جرّبته لمدة أسبوع بناء على نصيحة أصدقائها: "شعرت بنفسي أخف وأكثر صحة وبدأت أخسر من وزني، لكني لم أستمر به لأنني وجدته مكلفاً بعض الشيء".

أما محمد، 24 عاماً، وهو رياضي مثابر على التمرين فيقول إنه اتبع الكيتو لمدة شهر ونصف مع الصيام المتقطع وينصح به بحماس شديد قائلاً: "هو من أفضل الحميات التي جربتها وأصبحت لدي طاقة هائلة أثناء اتباعه، وخسرت 18 كيلو من وزني معظمها من الدهون"، أما معاناة محمد الوحيدة حسبما وصفها فهي "إنفلونزا" الكيتو أو الـ "كيتو فلو" خلال الأيام الثلاثة الأولى من الحمية.

ويرى مختصون أن هذه الظاهرة طبيعية في البداية لأنها بمثابة أعراض انسحاب النشويات والسكريات من الجسم، ويظهر ذلك على هيئة صداع أو إسهال أو حتى ما يشبه الإنفلونزا بالفعل.

تعترف نبيلة، 35 عاماً، من جهتها أنه لم يكن لديها معلومات كافية عن الكيتو عندما بدأت به منذ سنة ونصف، فاتبعته لأنه "رائج" ولأنها أرادت التخلص من الوزن الزائد لديها بأية طريقة: "لمست تغيراً في قياساتي وتطوراً في صحة شعري وبشرتي، كما ازدادت طاقتي وأصبح مزاجي أفضل خاصة مع قطع إدماني على السكريات".

وتضيف نبيلة أن معاناتها تكمن في خروجها مؤقتاً من هذا النظام بما يُعرف بالـ"ريفيد" أو إعادة إمداد الجسم بالنشويات من فترة لأخرى ثم العودة مجدداً إلى الحمية، أما أنس، 26 عاماً فيعتبر أنه وجد ضالته: "بدأت الكيتو بعد فقداني الأمل من كل أنواع الحميات الأخرى في إنزال وزني الزائد، لكن مع الكيتو كنت أحصل على نتائج سريعة نسبياً؛ فقد خسرت 28 كيلوغراما خلال أقل من أربعة أشهر".

يكمن الجدل حول الكيتو سواء في الأوساط الطبية أو لدى الناس بسبب سماحه بتناول اللحوم الحمراء والمكسرات والدهون الكثيرة المطلوبة في هذا النوع من الحميات، وكذلك بسبب التكلفة المادية التي يعتقد كثيرون أنها سمةُ هذا النظام الغذائي خاصة وأن الكثير من البلاد العربية تعاني من أوضاع اقتصادية متدهورة.

لدى أحمد سمارة، وهو أخصائي التغذية العلاجية بالحميات قليلة النشويات، قناة على يوتيوب ومنصات أخرى يقدم من خلالها المعلومات والنصائح حول نظام الكيتو كما يقدم استشارات في عيادته ليحدد برامج غذائية لمراضاه ويتابع حالاتهم.

ويشرح لنا سمارة كيف تساهم حمية الكيتو في تقليل شدة بعض الأمراض المزمنة أو حتى علاجها قائلاً: " إن الكيتو سيكون مؤذياً إذا طُبّق بطريقة خاطئة أما إذا طُبّق بطريقة صحيحة فهو يمكن أن يشفي من الأمراض المزمنة ويسمح للمريض بوقف علاجاته، بشرط أن يوقفها بإشراف طبيبه".

ويقول سمارة عن الأطعمة الأساسية لهذا النظام وكلفته: "هو ببساطة أطباق مطبخنا العربي دون الخبز والرز والبطاطا، فهو يعتمد على اللحوم بأشكالها الطبيعية غير المصنعة والدجاج والأسماك بالإضافة إلى البيض والخضريات. ويمكن دائماً الاستعاضة بالبيض في حال عدم توافر اللحوم لأنه أرخص وأفضل مصادر البروتين".

أما د. مجدي نزيه، رئيس المؤسسة العلمية للثقافة الغذائية في مصر، فلا ينصح باتباع هذه الحمية، ويرى أن الناس تتجه لها فقط لخسارة الوزن دون أخذ النتائج الصحية بعين الاعتبار: "نحن لا ننصح بهذا النوع من الحميات لتأثيره السلبي على أجهزة الجسم الداخلية وأولها الكبد والكليتين".

ويضيف د. نزيه أن منظمة الصحة العالمية وكل المؤسسات الدولية توصي بمقاييس ونسب للوجبة الغذائية الصحية تتلخص في 65 في المئة من النشويات لتأمين الطاقة ثم 15 في المئة من المواد البروتينية ثم الدهون، إضافة إلى المغذيات لسلامة العمليات الحيوية، ويؤكد رئيس المؤسسة العلمية للثقافة الغذائية أن أي نظام غذائي يجب أن يقوم على عدة اعتبارات من ضمنها الوزن والطول، والحالة الصحية للمريض وعمره والتاريخ المرضي لعائلته، لأخذ الاستعداد الوراثي للأمراض في الحسبان، لذلك لا يمكن أن يُعطى قالب واحد لكل الناس لاتباعه، وفي إطار بحث لحالات البدانة في الدول العربية، أجريت على شريحة مؤلفة من 1292 شخصا من متبعي الكيتو، نشرت مجلة Elsevier المتخصصة دراسة مشتركة بين قسم التغذية في كلية الصيدلة والعلوم الطبية في جامعة البتراء في العاصمة الأردنية، عمّان، بالتعاون مع كلية الطب والعلوم الطبية في جامعة الخليج العربي في المنامة بالبحرين ووزارة الصحة البحرينية.

الدراسة، التي ضمت 50 في المئة من فئة الشباب (من 18 - 34 سنة) والبقية من الفئة العمرية ما بين 35 وحتى 49 عاما، أشارت إلى أن أكثر من 57 في المئة طبقوا نظام الكيتو بأنفسهم دون إشراف مختص؛ 65 في المئة منهم خسر الوزن وثبته، أما 22 في المئة فازداد وزنه من جديد، في حين أن 5 في المئة من عيّنة البحث لم يخسر أي وزن.

ومع اختلاف آراء المختصين، وتناقض الحميات الغذائية المختلفة، وتحت ضغط المخاوف الصحية من جهة والصورة الاجتماعية لخسارة الوزن بأي ثمن من جهة أخرى، لا يسعنا إلا أن نجد معادلة متوازنة تجنبنا مخاطر محتملة على المدى الطويل لأي حمية غذائية.

حمية "الكيتو" فعّالة للتخلص من البدانة لكن بمخاطر كثيرة!

تساعد الحمية الغذائية منخفضة الكربوهيدرات على فقدان الوزن بسرعة، لكنها في الوقت ذاته قد تتسبب في الإصابة بأمراض القلب وذلك وفقا لتوصيات جديدة أصدرتها الجمعية الوطنية للدهون في الولايات المتحدة.

أثبتت بعض الأبحاث العلمية فعالية هذا النظام الغذائي في كبح الشهية وخفض مستويات الدهون والسكر في الدم لدى المصابين بداء السكري، غير أنه مؤخرا طرحت الجمعية الوطنية للدهون في الولايات المتحدة مجموعة من التوصيات بخصوص حمية "الكيتو" تحذر فيها على وجه الخصوص من تسبب هذا النظام الغذائي في ارتفاع الكوليسترول "الضار" الذي يمكن أن يتراكم في الأوعية الدموية ويؤدي إلى تجلط الدم.

وأقرّت التوصيات التي نشرت في دورية (كلينيكال ليبيدولوجي) أنه على مدار ستة أشهر قد يفقد الناس وزنا أكبر عبر الحميات الغذائية منخفضة الكربوهيدرات على غرار "الكيتو"، لكنها في الوقت ذاته أكدت أنه وبعد عام من اتباع حمية "الكيتو" تقل وتيرة فقدان الوزن، بدرجة تصبح فيها مماثلة لما قد يفقد الإنسان عند اتباع حميات غذائية بكميات كربوهيدرات أعلى، يضاف إلى ذلك، تقول التوصيات، إنه من يتبع أنظمة غذائية منخفضة الكربوهيدرات لمدة أطول، قد يحرم جسمه من عناصر غذائية تفيد القلب والأوعية الدموية.

ورغم أن التوصيات المذكورة لم تحذر بوضوح من اتباع هذه الحمية لفترات طويلة الأجل، إلا أن كارول كيركباتريك، الباحثة في جامعة ولاية إيداهو في بوكاتيلو، والتي قادت الفريق ألمحت بالقول: "بينما يفضل بعض المرضى نمط الطعام منخفض الكربوهيدرات والذي قد يكون معقولا لفترات قصيرة من الوقت، فإن الالتزام طويل الأجل يمثل تحديا، والفوائد والمخاطر طويلة الأجل ليست مفهومة تماما خاصة مع نظام الكيتو".

ووجدت أبحاث سابقة أنه في نظام الكيتو عادة ما يتناول الأشخاص القليل من الكربوهيدرات ويستهلكون الكثير من الدهون مما يضع الجسم في حالة استقلابية تعرف باسم الحالة الكيتوزية والتي تجعل الجسم أكثر كفاءة في حرق الدهون وتؤدي إلى انخفاض نسبة السكر في الدم، ويفقد بعض من يتبعون حمية "الكيتو" وزنا أكثر مرتين أو ثلاث مرات ممن يتبعون عادات غذائية مختلفة لكن الكثير من هذا يعتمد على نتائج قصيرة الأجل.

وأفادت التوصيات أن الأشخاص الذين قد يستفيدون من إتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات لمدة تتراوح بين شهرين وستة أشهر يشملون المصابين بداء السكري والذين يعانون من مستويات عالية من الدهون الثلاثية في الدم، وحذرت التوصيات المرضى الذين لديهم تاريخ مع ارتفاع مستويات الكوليسترول بشكل خطير من إتباع حمية "الكيتو" والأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات.

رجيم الكيتو للحامل هل هو آمن لكِ وللجنين؟

اكتسب نظام كيتو الغذائي شعبية في الآونة الأخيرة كاستراتيجية فعالة لفقدان الوزن ويركز هذا النظام الغذائي على استهلاك الدهون وتقليل الكربوهيدرات، يضطر الجسم إلى حرق الدهون بدلاً من ذلك للحصول على الطاقة.

لا يُعرف الكثير عن الفوائد طويلة المدى والآثار الجانبية لهذا النظام الغذائي. ومن ثم، يوصَى بفحص دقيق وإشراف طبي للمرأة الحامل وغيرها قبل اتباع هذا النظام الغذائي، إليك كل ما لا تعرفينه عن فعالية ومخاطر اتباع نظام الكيتو خلال فترة الحمل، وما إذا كان من الممكن اتباع نظام الكيتو الغذائي خلال فترة الحمل أم يشكل خطراً على كل من الحامل والجنين.

ما هي حمية الكيتو؟ هل هو آمن أثناء الحمل؟ وفقا لموقع "هيلث" نظام كيتو الغذائي غني بالدهون ومعتدل بالبروتين وقليل الكربوهيدرات. حوالي 70-80٪ من السعرات الحرارية في نظام كيتو الغذائي تستمد من الدهون، 10-20٪ من البروتين، والباقي 5-10٪ من الكربوهيدرات، تعد حمية الكيتو ليست آمنة أثناء الحمل؛ لأن الجنين أثناء الحمل يحصل على العناصر الغذائية من الأم لنمو الأعضاء. وفي المقابل نظام الكيتو يمنع الحامل من المصادر المغذية للكربوهيدرات، بما في ذلك الحبوب الكاملة والبقول والفواكه والخضروات التي تحتوي على نسبة عالية من السكر، لذلك، فإن النظام الغذائي يشكل خطراً لبعض العناصر الغذائية الهامة للحامل، والتي يمكن أن تسبب إعاقات في الجنين.

على الرغم من عدم وجود دراسات علمية كافية حول الآثار المحتملة لنظام كيتو الغذائي على الجنين، فقد كشفت دراسة أجريت على الفئران الحوامل البالغة التي نشرتها المعاهد الوطنية للصحة عن تغيرات فسيولوجية للجنين بعد اتباع حمية الكيتو.

ما هي مخاطر حمية الكيتو أثناء الحمل؟ نظام كيتو الغذائي يؤدى إلى حدوث مخاطر على الأم والجنين: قد يؤدي اتباع نظام كيتو الغذائي إلى حدوث المخاطر التالية على الأم والجنين: على الأم، يركز نظام كيتو الغذائي على استهلاك الدهون الزائدة مع القليل من التركيز على نوع الدهون المستهلكة. وبالتالي، قد تستهلكين كميات كبيرة من الدهون المشبعة، والتي تضر بصحة قلبك وجنينك، يمكن أن يسبب نظام كيتو الغذائي نقص العناصر الغذائية الأساسية، مثل حمض الفوليك المشتق من الحبوب، مما يسبب عيوب الأنبوب العصبي أثناء نمو الجنين وآثار صحية ضارة لصحتك بعد الولادة.

ما هي الآثار الجانبية لحمية الكيتو؟ الآثار طويلة المدى لاتباع نظام كيتو الغذائي غير معروفة. تسمى الآثار الجانبية قصيرة المدى وقد تشمل: الدوخة، الغثيان، صداع الرأس، الإعياء، التقيؤ، الأرق (قلة النوم)، يؤدي تكسير الدهون إلى إطلاق مستقلب يسمى الكيتون نتيجة لذلك، قد تنخفض مستويات الأس الهيدروجيني في الجسم عن المعدل الطبيعي، وتفرز أجسام الكيتون في البول، على الرغم من أن الحماض الكيتوني يظهر عادة في الأفراد المصابين بداء السكري غير المنضبط، إلا أنه يظهر في حالات نادرة لدى الأفراد غير المصابين بالسكري.

هل حمية الكيتو ضارة بالخصوبة؟ تشير دراسة أجراها McGrice M. وPorter J. إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات قد يحسن الخصوبة لدى النساء ذوات الوزن الزائد والسمنة عن طريق الحد من اختلال التوازن الهرموني، ومع ذلك، فإن الدراسة لا تركز بشكل خاص على نظام كيتو الغذائي. وبالتالي، من الصعب تحديد ما إذا كان نظام كيتو الغذائي يؤثر على الخصوبة.

نظراً لخطر الإصابة بنقص التغذية، فإن الكيتو والحمل لا يسيران على ما يرام مع بعضهما البعض، إذا كان الوزن الزائد يسبب مشاكل أثناء الحمل، فاستشيري طبيبك، فلا تبدئي في نظام إنقاص الوزن إلا إذا طلب طبيبك ذلك تحديداً، أثناء الحمل، الهدف الأساسي هو توفير العناصر الغذائية الكافية لك ولجنينك، ومن ثم راقبي حملك عن كثب واستشيري طبيباً متخصصاً إذا ظهرت أي مشاكل.

هلْ يمكنُ أنْ يفيدَ نظامُ "الكيتو" الغذائيُّ في علاجِ سرطانِ الدماغ؟

وجدتْ دراسةٌ صغيرةٌ أنَّ نظامَ "الكيتو" الغذائيُّ آمنٌ وذو جدوى للأشخاصِ المصابينَ بأورامٍ دماغيةٍ تسمى الأورامَ النجمية، ونظامُ "الكيتو" هوَ نظامٌ غذائيٌّ عالي الدهون، معتدلُ البروتين، منخفضُ الكربوهيدرات. واستُخدمَ ذلكَ النظامُ قبلَ سنواتٍ للسيطرةِ على نوباتِ الصرعِ عندَ الأطفال.

وتقولُ الدراسةُ التي أُجريتْ على مرضى أكملوا العلاجَ الإشعاعيَّ والعلاجَ الكيميائي؛ إنَّ "الكيتو" أدى إلى تغييراتٍ في التمثيلِ الغذائيِّ في الجسمِ والدماغ. ولمْ تكنِ الدراسةُ مصممةً لتحديدِ ما إذا كانَ النظامُ الغذائيُّ يمكنُ أنْ يُبطئَ نموَّ الورمِ أو يحسِّنَ فرصَ البقاءِ على قيدِ الحياة، ولا يوجدُ الكثيرُ منَ العلاجاتِ الفعالةِ لهذِهِ الأنواعِ منْ أورامِ الدماغ، كما أنَّ معدلاتِ البقاءِ على قيدِ الحياةِ منخفضة، لذا فإنَّ أيَّ تطوراتٍ جديدةٍ مرحَّبٌ بها للغاية.

تعتمدُ الخلايا السرطانيةُ على الجلوكوزِ لتنقسمَ وتنمو. ولأنَّ نظامَ الكيتو الغذائيَّ منخفضٌ في السكر، فإنَّ الجسمَ يغيرُ ما يعتمدُ عليهِ لإنتاجِ الطاقة. فبدلاً منَ الكربوهيدرات، يستخدمُ ما يُسمى الكيتونات.

الكيتونات هيَ مجموعةٌ منَ الموادِ الكيميائيّةِ يفرزُها الكبدُ في جسمِ الإنسانِ كمصدرٍ بديلٍ لإنتاجِ الطاقة، ويمكنُ لخلايا الدماغِ الطبيعيةِ أنْ تعيشَ على الكيتونات، لكنْ -وبشكلٍ نظري- فإنَّ الخلايا السرطانيةَ لا يمكنُها استخدامُ الكيتوناتِ للحصولِ على الطاقة.

وشملتِ الدراسةُ خمسةً وعشرينَ شخصًا يعانونَ منَ الأورامِ النجميةِ وهيَ أنواعٌ منَ السرطاناتِ التي تتشكلُ في الدماغِ في خلايا تُسمى الخلايا النجميةَ الداعمةَ للخلايا العصبية، واتَّبعَ المشاركونَ في الدراسةِ نوعًا منْ نظامِ الكيتو الغذائيِّ يُسمى بحِميةِ أتكنز المعدلةِ معَ الصيامِ المتقطع، لمدةِ ثمانيةِ أسابيع، ويشملُ النظامُ الغذائيُّ أطعمةً مثلَ اللحمِ المقدَّدِ والبيضِ والقشدةِ الثقيلةِ والزبدةِ والخَضراواتِ الورقيةِ والأسماك، والتقى المشاركونَ بأخصائيِّ تغذيةٍ في بدايةِ الدراسةِ ثمَّ كلَّ أسبوعين.

وطوالَ خمسةِ أيامٍ في الأسبوعِ اتبعَ المشاركونَ نظامَ أتكينز الغذائيَّ المعدل، الذي يجمعُ بينَ الحدِّ منَ الكربوهيدرات وزيادةِ كمياتِ الدهونِ والصيامِ يومينِ في الأسبوع، وتناوُلِ ما يصلُ إلى عشرينَ بالمئةِ منَ السعراتِ الحراريةِ اليوميةِ الموصى بها.

كانَ الهدفُ الرئيسيُّ منَ الدراسةِ هوَ معرفةُ ما إذا كانَ الأشخاصُ قادرينَ على اتباعِ النظامِ الغذائيِّ دونَ أيِّ آثارٍ جانبيةٍ خطيرة، وأكملَ ما مجموعُه واحدٌ وعشرونَ شخصًا الدراسة، واتبعَ ثمانيةٌ وأربعونَ بالمئةِ النظامَ الغذائيَّ تمامًا، وفقًا لسجلاتِ الطعامِ الخاصةِ بهم، لكنَّ اختباراتِ البولِ أظهرتْ أنَّ ثمانينَ بالمئةِ منَ الأشخاصِ وصلُوا إلى المستوى الذي كانَ الجسمُ فيهِ يَستخدمُ الدهونَ والبروتينَ وقودًا بدلاً منَ الكربوهيدرات.

كانَ النظامُ الغذائيُّ جيدَ التحمُّل. تعرَّضَ شخصانِ لآثارٍ جانبيةٍ خطيرةٍ في أثناءِ الدراسة – في إحدى الحالتينِ لمْ يكنِ الأثرُ الجانبيُّ مرتبطًا بالنظامِ الغذائيِّ ، وفي الأخرى ربَّما كانَ مرتبطًا، بحلولِ نهايةِ الدراسة، شوهدتْ تغييراتٌ في التمثيلِ الغذائيِّ في الجسمِ والدماغ، وانخفضتْ مستوياتُ الهيموجلوبينِ ومستوياتُ الأنسولينِ وكتلةُ الجسمِ الدهنيةِ كما زادتْ كتلةُ الجسم، وأظهرتْ فحوصُ الدماغِ المتخصصةُ التي تكشفُ عنِ التغيراتِ في مستقلباتِ الدماغِ زيادةً في تركيزاتِ الكيتوناتِ والتغيراتِ الأيضيةِ في الورم.

وهناكَ حاجةٌ إلى مزيدٍ منَ الدراساتِ لتحديدِ ما إذا كانَ هذا النظامُ الغذائيُّ يُمكنُ أنْ يمنعَ نموَّ أورامِ المخِّ ويساعدَ الناسَ على الحياةِ مدةً أطول. لكنَّ هذهِ النتائجَ تُظهرُ أنَّ النظامَ الغذائيَّ يُمكنُ أنْ يكونَ آمنًا للأشخاصِ المصابينَ بأورامِ المخِّ وينجحَ في إحداثِ تغييراتٍ في عمليةِ التمثيلِ الغذائيِّ في الجسم.

هل تحسّن حمية الكيتو الأداء الرياضي ومعدّل الأيض؟

"لا للسكريّات، لا للنشويّات، نعم للدهون"، معادلة غذائية تقوم عليها حمية الكيتو، التي اكتسبت شهرة واسعة لقدرتها على محاربة السّمنة، ومرض السكّريّ أحياناً. وفي هذا النظام، تأتي كميّة هي أقلّ من 10% من مجمل السّعرات الحراريّة من السّكّريّات والنشويّات وأكثر من 70% من الدّهون، لم يدعم المجتمع الطبيّ هذه الحمية علناً، بالنظر إلى بعض الآثار الجانبيّة، التي قد تحدث عند اتّباع نظام غذائيّ غير متوازن كالكيتو.

فمن الناحية النظريّة، تساهم نسبة الدهون المرتفعة مع السّكّر المنخفض بتأكسد دهون الجسم وخسارتها؛ ولكن هل تتعدّى فوائد الكيتو ذلك لتساعد على تحسين الأداء الرياضيّ أيضاً؟

أولاً- حمية الكيتو وخسارة الوزن، عمل الأطباء الباحثون "ووديات" و"وايلدر" في مايو كلينيك في العام 1920 على تطوير الكيتو دايت كعلاج لداء السكّري وصَرَع الأطفال. وكان يُستخدم ضمن علاج نقص ناقلي الغلوكوز "غلوت 1" ونقص أنزيم البايروفايت ديهايدروجيناز وأمراض تخزين الغليكوجن. وبعد ذلك، بدأت تظهر استخدامات نظام الكيتو كأداة لخسارة الوزن. وفي دراسة شملت 1600 شخص، خسر متّبعو نظام كيتو ذي السعرات الحرارية القليلة وزناً أكبر من أولئك الذين اتّبعوا نظاماً منخفض الدّهون ومعتدلاً بالنشويّات والسّكّريّات. كذلك انخفضت معدّلات التريغليسريد وضغط الدم عندهم بدرجة أكبر.

وبرأي المدرّب الرياضي واختصاصيّ التغذية رضا خليفة أنّ المشكلة في هذا النوع من الدراسات تتمثّل بالتزام الأشخاص النظام الغذائي الذي يجب عليهم اتّباعه. ومن هنا، انطلقت التجارب على الفئران التي أتت بنفس النتيجة: نظام الكيتو استراتيجية جيّدة لخسارة الوزن عند الفئران، خاصّة على المدى القصير.

ثانياً_ الكيتو والرياضة لخسارة الوزن، بالرّغم من دوره في فقدان الوزن والدّهون، لا يساعد نظام الكيتو على تحسين الأداء الرياضي. وعلى عكس ذلك، إنّ الالتزام بهذه الحمية لـ3 أسابيع مع التمرين زاد من الحاجة لاستهلاك الأوكسيجين عند راكضي السّباقات الطويلة. وكذلك الأمر عند الإناث من ممارسات "الكروس فيت"، اللواتي خسرن 5% من سرعتهنّ القصوى لاستهلاك الأوكسيجين، فيما لم يؤثر ذلك في الذكور.

ويختلف هذا التأثير عند الأشخاص ممّن لديهم زيادة في الوزن، فاتّباعهم نظاماً فقيراً بالسّكّريّات والنشويّات زاد من خسارتهم للدهون، وحسّن من قدرتهم الرياضيّة على التحمّل خلال التمرين المتوسّط الكثافة. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه التأثيرات تحتاج من 2 إلى 4 أسابيع لتبدأ بالظهور. لذا، لا يجب الحكم بعد أيّام من بدء النظام الجديد.

ومقابل ذلك، تُعرّف التمارين اللاهوائيّة بأنها تمارين عالية الكثافة، تستغرق أقلّ من دقيقتين. تُحدث هذه التمارين انكماشات كبيرة في داخل العضلات، فتمزّق بعض الألياف العضليّة، وهذا أمر طبيعيّ. وتناول الأحماض الأمينية بعد التمرين يساهم في إنتاج البروتين الضروريّ لإصلاح وبناء العضل. ويجب إعادة تعبئة مخزون السكّريّات خلال فترة الراحة.

وبهذا الخصوص، أوضح خليفة أنّ انخفاض نسبة النشويّات والسكريّات بنظام الكيتو يزيد من حاجة الجسم إلى استهلاك الأحماض الأمينيّة لتأدية وظائف السكريّات (غليكو نيو جينيسيس) ممّا يُضعف الأداء، بعد أن ثبُت انخفاض وزن العضل وسماكة الحجم العضليّ عند من اتّبع هذه الحمية.

ثالثاً_ العوارض الجانبيّة، إلى جانب التغييرات بالوزن عند كلّ من البشر والحيوانات، يُقترح نظام الكيتو أو بالحدّ الأدنى النظام المنخفض بالنشويّات والسكريّات كعلاج مساعد في بعض أنواع السرطانات، وبعض الأمراض العصبيّة، والسكّري من النوع الثاني.

لكنّ نتائج البحوث الحديثة أظهرت ضرراً لنظام الكيتو على العظام بعد انخفاض كثافة المعادن فيها، بسبب عدم توازن نظام الكيتو بجميع الفيتامينات والمعادن، وبناءً على هذه المعلومات، تدعم الدراسات نظام الكيتو كاستراتيجية فعّالة لإنقاص الوزن وكتلة الدهون من 3 لـ 12 أسبوعاً. لكنّ التحسّن هذا لا يستمرّ عندما تمارس الرياضة عالية الكثافة، وقد يعطي نتائج عكسية تضعف الأداء الرياضي. ففي التمارين اللاهوائية كتمارين القوّة ورفع الأثقال، قد ينقص النظام المنخفض بالنشويّات حجم الكتلة العضليّة خاصّة عند المتقدّمين بالسنّ.

كيتو دايت: أغذية ومكملات على متتبعي الحمية تعويضها

يشهد رجيم كيتو الرواج أخيرًا، ويستقطب الأفراد الراغبين في تخفيف أوزانهم عن طريق اتباع نظام غذائي يُشعرهم بالشبع، ومعلوم أن هذا النظام الغذائي المخسّس قليل الكربوهيدرات والسكريات، وكثير الدهون والبروتينات المفيدة بالمقابل، ما يساهم في مدّ الجسم بعناصر غذائية هامّة يحتاج إليها.

وللتعرُّف أكثر على كيتو دايت ننقل لكم حديث الاستشارية الصيدلانية السريرية، ونائبة رئيس لجنة الصيدلة والمداواة، واختصاصية الرعاية الحرجة والتغذية الوريدية إسراء صالح الطويل، التي تطلعكم عن خصائص "كيتو دايت"، وكيفيّة خسارة الوزن، وطريقة تطبيقه بشكلٍ صحيح.

نظام غذائي صحي

توضح الاختصاصية إسراء أن "كيتو دايت كان يستخدم قديمًا بوصفه علاجًا لمرض الصرع، أمّا اليوم فقد أصبح أحد أكثر الأنظمة الغذائية شعبيةً، إذ هو يساهم في فقدان الوزن، لذا يهتم الباحثون بدراسته المعمقة".

دهون وبروتينات

يتكوَّن النظام الغذائي الكيتوني، من: • 65 إلى 70٪ من محتوياته من الدهون. • 25 إلى 30٪ من البروتينات. • 5 ٪ من الكربوهيدرات. علمًا أن قلة محتويات الـ"كيتو" من الكربوهيدرات مسؤولة عن صعوبة الالتزام به، وذلك لأن الكربوهيدرات تتوافر في أطعمة عدة.

فاعليّة الـ"كيتو"

خلال الأيام الأولى من تطبيق هذا النظام الغذائي، يفرز الجسم كمّية أقلّ من الإنسولين، فتتخلص الكليتان من أي مياه زائدة في الجسم، ما يؤدي إلى فقدان الوزن سريعًا، ومع فقدان الماء، تقل الأملاح الضرورية للجسم، لذا تصاحب هذه الحمية أحيانًا عوارض جانبيّة، مثل: إنفلونزا الكيتو، التي تتمثّل في الصداع والخمول والإرهاق والأرق والتشنجات العضليّة والغثيان والإمساك (أو الإسهال).

المكملات الغذائية

ثمة عناصر غذائية يحتاج متتبع "كيتو دايت" إلى تعويضها، حسب الاختصاصية إسراء، هي:

1. الأملاح المعدنية: هي ضرورية للجسم، لأنها مسؤولة عن تحقيق التوازن بين مستويات السوائل في الجسم، ومعادلة درجة الحموضة، ونقل العناصر الغذائية إلى الخلايا، ونقل النفايات من الخلايا، والسماح للأنظمة الرئيسة في الجسم بالعمل بشكلٍ صحيح، بما في ذلك القلب والدماغ والعضلات والأعصاب.

2. الصوديوم: مع احتمال ظهور "إنفلونزا الكيتو"، ينبغي زيادة استهلاك الصوديوم، وإضافة ملح البحر إلى الطعام أو العثور على مكمّلٍ يحتوي على الصوديوم والمعادن الأخرى لتفادي أية مشكلة محتملة بسبب الملح الزائد.

3. البوتاسيوم: يتوافر هذا المعدن في الفواكه والخضروات والعدس ومنتجات الألبان والبروتين (اللحوم الحمراء والدواجن والأسماك).وقد يؤدي نقص البوتاسيوم لوقت طويل إلى زيادة ضغط الدم، وخطر الإصابة بحصى الكلى، واستنزاف الكالسيوم في العظام.

4. المغنيسيوم: تشمل المصادر الغذائية للمغنيسيوم، البقوليات والمكسرات والبذور والحبوب الكاملة والخضروات الورقية الخضراء ومنتجات الألبان، بالإضافة إلى الأطعمة المدعمة بالمدن المذكور، مثل: حبوب الإفطار. ويؤدي نقص المغنيسيوم إلى فقدان الشهية والغثيان والقيء والإجهاد والضعف. أما نقص المغنيسيوم الشديد فيتسبَّب في تقلصات العضلات، وإيقاع غير طبيعي في القلب. ويمكن لمتتبعي النظام الكيتوني الحصول على القدر الموصى به من المغنيسيوم عن طريق استهلاك الأطعمة الغنية به، مثل: السبانخ والقرنبيط واللفت وبذور اليقطين وبذور دوار الشمس، كما يقود أخذ مكملات المغنيسيوم إلى تأمين احتياجات الجسم الطبيعية.

5. الأحماض الدهنية: هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات لتحديد الجرعة الموصى بها من أحماض الـ"أوميجا 3" الدهنية، أثناء اتباع هذا النظام الغذائي المخسّس. 6. الألياف: قد يحتاج الجسم إلى الألياف للحفاظ على سلاسة الجهاز الهضمي، وتجنب الإمساك، حيث أن معظم مصادر الألياف يأتي من الخبز الغني بالكربوهيدرات والحبوب والفواكه والخضروات، وبما أن هذه الأطعمة مقيدة في حمية الكيتو، فإن تناول الألياف يكون مقيدًا أيضًا. وعندما يفتقر الجسم إلى الألياف، يصبح معرضًا إلى مخاطر صحية عدة، مثل: البدانة وأمراض القلب، فضلًا عن خطر إصابةٍ أعلى بسرطان القولون. لذا، يفضل عند اتباع هذه الحمية الغنية بالهون، اختيار الخضروات الغنية بالألياف، مثل: القرنبيط والأفوكادو والبروكولي، وبعض المكسرات. كما يمكن تناول مكملات الألياف، بعد استشارة الطبيب.

اضف تعليق