q
الأسابيع القليلة القادمة تعتبر أساسية، السؤال هو هل كل الأشياء التي في صالحنا - متحور أخف، مضادات للفيروسات وجرعات تعزيزية من اللقاحات- تعتبر كافية للتعامل مع متحور ينتشر بصورة أسرع من أي شيء شاهدناه من قبل؟ أم أننا بحاجة لفرض المزيد من القيود للسيطرة على موجة أوميكرون؟...

جتاح العالم هذه الأيام تسونامي أوميكرون. ويحاول العلماء والسياسيون، وبالتأكيد جميعنا، فهم ما يعنيه ذلك بالنسبة لحياتنا، يجري تشديد القيود في أجزاء من المملكة المتحدة وفي الدول الأوروبية الأخرى لمواجهة المتحور الجديد، هنالك فيض مستمر من المعلومات الجديدة- بعضها مقلق، وبعضها إيجابي. إذن أين نقف الآن؟

هذا ليس الشتاء الماضي، من السهل على المرء النسيان، لكننا في وضع أفضل بكثير ممكا كنا عليه في مثل هذا الوقت من العام الماضي عندما لم يكن بمقدور الكثيرين منا الالتقاء بأفراد العائلة في يوم عيد الميلاد.

فالقواعد المتعلقة بما أطلق عليه "فقاعة الكريسماس" كانت تعني في أجزاء من البلاد أنه لا يمكنك قضاء اليوم إلا مع الأشخاص الذين تعيش معهم في المنزل. ولكن كانت هناك قيود على حجم التجمعات في عموم المملكة المتحدة.

وأدى ظهور النسخة ألفا من الفيروس في أواخر 2020 إلى فرض إغلاق في نوفمبر/ تشرين الثاني وإغلاق آخر أطول في رأس السنة الجديدة حيث كان برنامج التطعيم لا يزال في بداياته، إن القواعد المطبقة حالياً أو التي ستدخل حيز التنفيذ في اليوم التالي لعيد الميلاد "بوكسنغ داي" في كل من اسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية تعتبر أخف بكثير بالمقارنة بالقواعد التي فرضت العام الماضي.

أوميكرون أقل خطورة، إذا أصبت بالمتحور أوميكرون فإن احتمال أن تسوء حالتك بشكل خطير يعتبر أقل من المتحورات السابقة، وترسم الدراسات التي أجريت في مختلف أنحاء العالم صورة متسقة تشير إلى أن أوميكرون أخف من المتحور دلتا، حيث يقل احتمال دخول المصابين إلى المستشفى بنسبة تتراوح بين 30 في المائة إلى 70 في المائة.

ويمكن للمتحور أوميكرون أن يتسبب بأعراض تشبه أعراض البرد كالتهاب الحلق وسيلان الأنف والصداع، لكن ذلك لا يعني انه سيكون خفيفاً على الجميع فالبعض مع ذلك سيصاب بأعراض خطيرة، يبدو أن التغيرات التي طرأت على الفيروس جعلته أقل خطورة، لكن الجانب الأكبر من تراجع خطورته يعود إلى المناعة نتيجة للتطعيم وللموجات السابقة من كوفيد.

إن منبع القلق هو أن خطورة المتحور هي نصف المعادلة فقط إذا كنت تهتم بما إذا كانت المستشفيات قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من المصابين، إذا كانت الإصابة بأوميكرون تخفض احتمالات انتهائك في المستشفى إلى النصف، ولكنها تصل إلى ضعف العدد من الأشخاص من ناحية أعداد الإصابات؛ فإن أحدهما يلغي الآخر وهو ما يعيدنا إلى المربع الأول، وموهبة أوميكرون الحقيقية هي إصابة الناس. فهو ينتشر بصورة أسرع من المتحورات الأخرى ويمكنه التملص من جانب من حماية المناعة التي توفرها اللقاحات والتعرض للإصابة سابقاً.

الأسابيع القليلة القادمة تعتبر أساسية، السؤال هو هل كل الأشياء التي في صالحنا - متحور أخف، مضادات للفيروسات وجرعات تعزيزية من اللقاحات- تعتبر كافية للتعامل مع متحور ينتشر بصورة أسرع من أي شيء شاهدناه من قبل؟ أم أننا بحاجة لفرض المزيد من القيود للسيطرة على موجة أوميكرون؟ إن السرعة التي تجري بها الأحداث تعني أننا سنعرف سريعاً جداً كيف ستؤول الأمور.

كيف يمكن اكتشاف الإصابة بمتحور أوميكرون؟

رُصدت الإصابات الأولى بالمتحور الجديد من فيروس كورونا، أوميكرون، في المملكة المتحدة، وكان المتحور الجديد قد كشف عنه لأول مرة قبل أيام في جنوب أفريقيا، وأعرب العلماء عن قلقهم إزاء السمات الجينية التي تحملها هذه النسخة الجديدة من كورونا.

ما الفحوص التي تستخدم للتعرف على أوميكرون؟

تُستخدم عيّنات البي سي آر، التي تُرسل إلى المعامل للتحليل، في تحديد ما إذا كان أصحاب هذه العينات مصابين بفيروس كورونا من عدمه، وعلى حسب المعمل الذي تُرسل إليه العينات، يمكن للباحثين معرفة ما إذا كانت العدوى ناتجة عن الإصابة بالمتحور دلتا أو بالمتحور أوميكرون، أو بأي من سلالات كورونا الأخرى، يجب أن ترسل نتائج فحوص بي سي آر إلى معمل مزوّد بتقنية تحليل الجينات، عبر استخدام تكنيك معروف باسم "تسلسل الجينوم" أو التسلسل الجيني للفيروس. وهذه الطريقة أكدت أن أشخاصا قد أصيبوا بعدوى المتحوّر الأخير في المملكة المتحدة على سبيل المثال.

ويعدّ هذا التحليل المعملي للمادة الجينية للفيروس أساسًا لاكتشاف السلالات الفيروسية، والتعرف على الآلية التي تنتشر بها تلك السلالات، وأغلب الظن أن هناك حالات عديدة في المملكة المتحدة مصابة نتيجة المتحوّر الجديد، لكنها لم تُكتشف بعد، لأن عملية الاكتشاف هذه تستغرق أسبوعين، ولا تزال النسخة الأكثر شيوعا من فيروس كورونا هي دلتا، والمسؤولة عن نحو 40 ألف إصابة جديدة يوميا في المملكة المتحدة.

لا يمكن لفحوص التدفق الأفقي أو الفحوص السريعة للمناعة، التي يمكن إجراؤها في المنزل، أن تكشف عن نوع السلالة المتسببة في العدوى - لكن كثيرين لا يزالون يعتقدون أن هذه الفحوص قادرة على تحديد ما إذا كان الشخص مصابا من عدمه، حتى مع أوميكرون.

ما الفرق بين أوميكرون والسلالات الأخرى من كورونا؟

تحتوي سلالة أوميكرون على المزيد من التحوّرات المتباينة التي لم تجمع بينها سلالة من قبل، وتتركز معظم هذه التحورات في البروتين الشوكي المغلِّف للفيروس. وتستهدف معظم اللقاحات هذا البروتين، ومن هنا مبعث القلق.

وفي الفحوص المعيارية، يُستدَلّ على أوميكرون بـ "فقدان الجين S" (بخلاف سلالة دلتا في معظم حالات العدوى المتسببة فيها)، وهو ما يعطي إشارة على أن السبب في العدوى هو المتحوّر الجديد، لكن ليس كل "فقدان للجين S" يعني بالضرورة أوميكرون؛ إذْ لابد من الوقوف على التسلسل الجيني بالكامل حتى يتم التأكد.

ماذا نعرف عن أوميكرون؟

لا يُعرف غير القليل جدا عن سلوك هذه السلالة الجديدة من فيروس كورونا، ولا عن مدى خطورتها، على سبيل المثال، ليس واضحًا ما إذا كان متحور أوميكرون ينتشر بسهولة أكثر من غيره، وما إذا كان يترك المصابين أكثر اعتلالاً، وما إذا كانت الوقاية التي توفرها اللقاحات تتراجع أمامه أكثر من غيره من السلالات، لكن من الناحية النظرية، يبدو متحور أوميكرون مقلقًا بدرجة أكبر، ولهذا تتحرك الحكومات بوتيرة أسرع.

ما أعراض الإصابة بأوميكرون؟

ينتشر متحور فيروس كورونا الجديد أوميكرون بسرعة كبيرة في بريطانيا كما في كثير من دول العالم الأخرى. فما هي الأعراض التي قد تشير إلى الإصابة به؟ تقول هيئة الخدمات الصحية البريطانية إنه ما زال على الناس الانتباه إلى الأعراض التي أصبحت مألوفة للإصابة بكوفيد، ومنها:

سعال مستجد ومستمر.

حمى.

تغيّر في حاسّة الشم أو حاسّة التذوّق.

ولكن ثمة باحثين يقولون إن شعور البعض عند إصابتهم بكوفيد لا يختلف عن الشعور بالإصابة "بزكام شديد"، إذ يعانون من الصداع والرشح ومن ألم في البلعوم.

يطلب تطبيق (زوي) الخاص بمرض كوفيد من مئات الألوف من الأشخاص تدوين الأعراض التي يعانون منها، ومؤخرا يقوم باحثون بدراسة الأعراض المرتبطة بالإصابة بمتحور دلتا ومتحور أوميكرون الجديد سريع الانتشار.

وقد توصلوا إلى أن الأعراض الخمسة التالية هي الأبرز حتى الآن:

سيلان الأنف

صداع

إرهاق (خفيف أو شديد)

عطس

ألم الحنجرة

وبكل الأحوال إذا شككت بإصابتك بكوفيد، من المهم جدا أن تخضع للاختبار للتأكد من الأمر، فحتى الذين لايشعرون بأعراض شديدة قد يعرّضون صحة الآخرين إلى الخطر.

هل تؤشر الحمى على الإصابة بكوفيد؟

الحمى تعني ارتفاع درجة حرارة الجسم إلى 37,8 درجة مئوية أو أكثر. وتظهر الحمى عندما يكون الجسم بصدد التصدي لأي التهاب مهما كان مصدره وليس لفيروس كورونا تحديدا، ومن الأجدى استخدام الميزان الطبي لقياس درجة الحرارة. ولكن إذا تعذر عليك ذلك، يمكن أخذ فكرة عن درجة الحرارة عن طريق لمس منطقتي الصدر أو الظهر.

ومن الجدير بالذكر أن الحمى ليست عموما من أعراض الإصابة بالزكام، فإذا وجدت بأنك مصاب بالحمى، سارع إلى إجراء اختبار للتأكد من اصابتك بفيروس كورونا أو سلامتك منه.

ماذا عن السعال؟

إذا كنتَ مصابا بالزكام أو الإنفلونزا، قد تكون تعاني أيضا من السعال علاوة على أعراض أخرى، بالنسبة للإنفلونزا، فهي عادة ما تصيب الإنسان فجأة، وقد يشتكي المصابون بها من آلام في العضلات وقشعريرة وصداع وإرهاق وألم الحنجرة وسيلان أو انسداد الأنف. وهي تسبب شعورا أسوأ بشكل عام من الشعور الذي يرافقنا عند الإصابة بزكام شديد.

أما الزكام، فهو يتطور بشكل أكثر تدرجا ولا تتسم أعراض الاصابة به بهذه الشدة، وإن كان يجعل المصاب يشعر بأنه ليس على ما يرام. وقد يشكو المصابون بالزكام من السعال والعطاس وألم الحنجرة وسيلان الأنف. ومن النادر أن يشتكي المصابون بالزكام من الحمى والقشعريرة وآلام العضلات والصداع.

أما بالنسبة للسعال المرتبط بالإصابة بفيروس كورونا، فهو سعال يستمر لأكثر من ساعة، أو المعاناة من ثلاث نوبات أو أكثر من السعال خلال 24 ساعة، واذا كنتَ تشكو أصلا من السعال لسبب طبي آخر، مثل الاصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن مثلا، قد يزداد سعالك سوءا عند إصابتك بكوفيد، لذا عليك الخضوع لاختبار كوفيد إذا بدأت بالسعال بشكل مستمر.

ماذا يعني فقدان أو تغيّر حاسّتي الشم والتذوّق؟

يعّد هذا من الأعراض الرئيسية للإصابة بفيروس كورونا، وعلى من تظهر عليه هذه الأعراض السعي فورا لاجراء اختبار الإصابة بالفيروس، قد لا يكون من يعانون من هذه التغييرات مصابون بأكثر من زكام بسيط، ولكن عليهم التأكد من سلامتهم من العدوى بفيروس كورونا من أجل تجنب نقله إلى الآخرين.

هل يعني العطاس أني مصاب بفيروس كورونا؟

ليس العطاس من الأعراض الكلاسيكية للإصابة بفيروس كورونا، وما لم تكن تشتكي أيضا من أعراض أخرى كالحمى والسعال أو فقدان حاستي الشم والتذوق، فلا داع للخضوع للاختبار - حسب توصيات هيئة الخدمات الصحية في بريطانيا، ولكن مع ذلك، يمكن للأمراض أن تنتشر بواسطة رذاذ العطاس، ولذا ينصح باستخدام المناديل عند العطس والتخلص منها بشكل آمن فورا ومن ثم غسل الأيدي.

ومن أجل منع انتشار فيروس كورونا وغيره من الأمراض، ينصح بما يلي:

غسل الأيدي باستمرار

استخدام غطاء الوجه عندما لا يكون من الممكن الالتزام بشروط التباعد

محاولة الابتعاد قدر الإمكان عن أولئك الذين ليسوا من أفراد أسرتك المباشرة

وماذا عن سيلان أو انسداد الأنف والصداع؟

تقول هيئة الخدمات الصحية في بريطانيا إن الإصابة بهذه الأعراض لا تعني في الوقت الراهن ضرورة الخضوع لاختبار كوفيد.

ولكن ثمة بحوث تشير إلى أن بعضا من المصابين بكوفيد تظهر عليهم هذه الأعراض. وتنص التعليمات في الولايات المتحدة على أن من تظهر عليهم الأعراض التالية من المحتمل أن يكونوا قد أصيبوا بكوفيد:

الحمى أو القشعريرة

السعال

ضيق أو صعوبة في التنفس

الإرهاق

آلام في العضلات

الصداع

تغيّر جديد في حاسّتي الشم أو التذوّق

ألم في الحنجرة

سيلان أو انسداد الأنف

الدوار أو القيء

الإسهال

وماذا لو كنتُ أشعر بالمرض الشديد؟

يعاني المصابون بفيروس كورونا من طيف واسع من الأعراض، التي تمتد من الأعراض الخفيفة إلى تلك الشديدة جدا. وقد لا يعاني بعض من المصابين من أي أعراض بالمرة، ولكنهم مع ذلك ينقلون المرض إلى الآخرين.

وقد تبدأ الأعراض بالظهور بعد مضي فترة قد تمتد لأسبوعين من وقت الإصابة بالفيروس، ولكنها تظهر عادة في اليوم الخامس لذلك، وقد يكون الشعور بضيق التنفس من أعراض الإصابة الشديدة بالفيروس، ولذا ينصح بمراجعة الطبيب في هذه الحالة، وبكل الأحوال، إذا أحسست بالقلق مما ينتابك من أعراض، فثق بحدسك ولا تتردد في طلب الاستشارة الطبية في أسرع وقت.

من أين جاء متحور أوميكرون ولماذا يهتم العلماء بمعرفة منشأه؟

عندما رصد العلماء متحور كوفيد-19 الجديد "أوميكرون"، المكتشف مؤخرا في جنوب أفريقيا، برز شيئان، الأول والأهم هو العدد الهائل من الطفرات التي ظهرت في هذه السلالة من الفيروس، وهي مزيج من الطفرات التي لم ترصدها المراقبة الجينية التي أجرتها شبكة عالمية من الخبراء، ويقول ريتشارد ليسيلز، المتخصص في الأمراض المعدية في جامعة "كوازولو ناتال"، ومجموعة من الفريق الذي اكتشف المتحور أول مرة في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، لبي بي سي: "جاء أوميكرون بشيء مختلف تماما".

ويعتقدون أن أوميكرون ربما أدهش الجميع من خلال تطوره في شخص واحد يعاني من ضعف في جهاز المناعة في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، ربما شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية غير معالج، قبل أن ينتقل إلى ما يزيد على 40 دولة.

وعلى الرغم من وجود تفسيرين قابلين للتطبيق لظهور هذا المتحور، تتمتع "فرضية الشخص الواحد" بدعم كبير داخل المجتمع العلمي، ولكن لماذا يهتم العلماء بمعرفة من أين جاء أوميكرون وكيف؟

لا نعرف على وجه اليقين أين تطور أوميكرون أو تحت أي ظروف من الظروف، باستثناء ذلك أُبلغ عن المتحور الجديد أول مرة لمنظمة الصحة العالمية من جنوب أفريقيا في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

بيد أن معرفة أين ومتى يظهر متحور للفيروس، يعد أمرا مهما للعلماء وخبراء الصحة العامة، لأنه يحدد مساعي احتواء انتقال الفيروس، والتي قد تشمل فرض تدابير مثل الإغلاق أو قيود السفر (على الرغم من انتقادها بأنها غير فعالة).

فكلما أسرع العلماء في اكتشاف متحور جديد، اتسعت مساحة الوقت المتاح لتحديد مدى خطورته، هل هو أكثر قابلية للانتقال؟ هل يتكاثر بسرعة أكبر داخل شخص مصاب؟ هل يسبب مرضا أشد خطورة؟ هل يمكنه مقاومة دفاعات جهاز المناعة في الجسم؟

كما تحظى الإجابة عن سؤال "كيف" تحور بنفس الاهتمام، فإذا تطور أوميكرون بالفعل داخل مريض واحد يعاني من ضعف في جهاز المناعة، فيعني ذلك أن مراقبة هؤلاء الأفراد ستصبح مهمة للغاية من أجل مكافحة كوفيد.

هل تجدي التدابير الحالية في مواجهة متحور أوميكرون؟

ويقول لاري كوري، عالم الفيروسات في مركز فريد هوتشينسون لأبحاث السرطان في سياتل: "لدينا الآن المزيد من البيانات التي تشير إلى وجود صلة بين المتحورات والأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة ومصابين بعدوى كوفيد مزمنة".

ويضيف: "لم يظهر هؤلاء الأشخاص (حتى الآن) كعنصر مهم لاستراتيجيات الوقاية من كوفيد"، كلما أسرع العلماء في اكتشاف متحور جديد، اتسعت مساحة الوقت المتاح لتحديد مدى خطورته، يقول العلماء إن لديهم سلسلة من القرائن التي تساعد في صياغة "افتراضات علمية" عن كيفية ظهور أوميكرون.

ويلاحظ ليسيلز أن أوميكرون يختلف اختلافا جوهريا عن المتحورات الراهنة، ويقول: "أظهر التحليل الجيني أنه موجود في فرع مختلف تماما من شجرة العائلة"، والأهم من ذلك أن أقرب نسخة تعود إلى منتصف عام 2020.

هل ما زالت اللقاحات فعالة ضد أوميكرون والمتحورات الأخرى؟

ويقول فرانسوا بالو، أستاذ أنظمة البيولوجيا الحاسوبية في جامعة "كوليدج لندن"، إن هذه الفجوة تشير إلى أن أوميكرون شديد التحور، وأنه تطور "تحت الرادار"، ويضيف بالو: "قفز من العدم"، وهو مختلف تماما.

كشف تحليل أوميكرون أن السلالة الجديدة بها 50 طفرة، حدث ما يزيد على 30 منها في البروتين الشوكي، وهو جزء من الفيروس الذي يحدد كيفية تفاعله مع دفاعات الجسم، مقارنة بسبع طفرات فقط في متحور دلتا.

إذن كيف تباعد هذا المتحور الجديد جذريا عن المتحورات السابقة دون أن نلاحظه؟

مع وجود مقاومة أقل في الجسم المصاب، تتهيأ للفيروس فرصة لاكتساب عدد من الطفرات، ففي الوقت الذي يتلاشى فيه "سارس-كوف -2" من أجسام معظم الأشخاص في فترة قصيرة، أفادت دراسات عالمية بأن الفيروس يمكن أن يستمر لفترة أطول في الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، أي المرضى الذين يعانون من أمراض مثل فيروس نقص المناعة أو السرطان، أو متلقي زراعة الأعضاء، على سبيل المثال.

فمع وجود مقاومة أقل في الجسم المصاب، تتهيأ للفيروس فرصة لاكتساب عدد من الطفرات التي تتطلب عادة دورانا أوسع داخل عدد من الأشخاص، ففي ديسمبر / كانون الأول عام 2020، حذّر باحثون من جامعة كامبريدج من وجود خطورة عندما رصدوا ظهور طفرة رئيسية في عينات من مريض سرطان في بريطانيا، توفي بفيروس كوفيد-19 في أغسطس/آب، شوهدت أيضا في السلالة ألفا، وهو أول "متحور مثير للقلق" اعترفت به منظمة الصحة العالمية وقدمت تقريرا مبدئيا في سبتمبر/أيلول العام الماضي في نفس البلد، وتوفي المريض بعد مئة يوم من تشخيصه المبدئي.

يقول العلماء إن ثمة فرضيتين أخريين مقبولتين عن منشأ أوميكرون، إحداها تتحدث عن مصدر حيواني، مما يعني أن الفيروس أصاب مجموعة حيوانات غير معروفة وتحور داخلها قبل أن ينتقل مرة أخرى إلى البشر، كما حدث مع فيروس سارس-كوف-2 الأصلي، وفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية الصادر في مارس/آذار.

وعلى الرغم من ذلك، يقول لاري كوري إن التحليل الجيني لأوميكرون يشير حتى الآن إلى أنه تطور داخل الإنسان، ويضيف كوري: "تشير البيانات إلى أن (فرضية الانتقال من الحيوانات) ليست النتيجة المرجحة تقريبا".

الفرضية الثانية لمنشأ أوميكرون تتحدث عن تطوره داخل شخص ولكن ضمن مجموعة سكانية في منطقة لم يكن فيها الكثير من المراقبة الجينية، كما هو الحال في العديد من الدول الأفريقية، قبل أن يصل إلى جنوب أفريقيا، وتعتقد أتيلا إمارينو، عالمة أحياء برازيلية وباحثة مستقلة، أن ذلك ربما ما حدث مع أوميكرون.

وترى إيامارينو أن ثمة أوجه تشابه مع ظهور نوع آخر مثير للقلق، وهو متحور "غاما"، الذي تسبب في انتشار العدوى في مدينة ماناوس البرازيلية، المكتظة بالسكان في منطقة الأمازون، أوائل عام 2021، وقالت: "نفس الفرضية القائلة إن الفيروس تطور داخل شخص واحد يعاني من ضعف في جهاز المناعة أثيرت عندما رُصد متحور غاما"، وأضافت: "لكن ثبت في وقت لاحق أن السلالات الوسيطة كانت منتشرة دون رصدها، وتراكمت الطفرات أثناء انتشارها بين السكان المحليين.، وتعتقد إيامارينو أن إجراء المزيد من البحوث قد يكشف عن نفس السيناريو مع أوميكرون، وقالت: "الفرضية الأنسب، أن أوميكرون اكتُشف في قارة تعاني من تراجع الاختبارات والمراقبة مقارنة ببقية دول العالم"، وأضافت: "ربما كان أوميكرون منتشرا في أفريقيا لفترة أطول بكثير مما نعتقد حاليا".

الغاء أعداد كبيرة من الرحلات الجوية أثناء عطلة عيد الميلاد بسبب تفشي متحور أوميكرون

يواجه الملايين من الأشخاص حول العالم اضطرابات في مواعيد السفر وزيادة قيود كوفيد خلال عيد الميلاد، بعد أن تسبب الانتشار الواسع لمتحور أوميكرون، في فرض قيود على إجراءات السلامة وإلغاء الرحلات الجوية، وقررت كل من إيطاليا وإسبانيا واليونان جعل ارتداء الكمامات إلزاميا مرة أخرى حتى في الأماكن المفتوحة.

وفرضت كاتالونيا الواقعة في شمال إسبانيا، حظر تجول طوال الليل، فيما فرضت هولندا إغلاقا صارما، وعلى الرغم من النتائج المبكرة التي تفيد بأن الأعراض الناتجة عن أوميكرون أقل خطورة من المتغيرات الأخرى، فإن العلماء قلقون من عدد الحالات المرتفع، وتم تسجيل عدد قياسي من الإصابات في كل من المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا يوم الخميس.

وفي الولايات المتحدة، ارتفعت حالات الإصابة اليومية بأوميكرون إلى ما أكثر من ذروة موجة دلتا الأخيرة، وتمتلئ المستشفيات بالمصابين في جميع أنحاء البلاد، وقالت الدكتورة هالي بريسكوت، الأستاذة المساعدة في الطب الباطني في جامعة ميشيغان، لصحيفة نيويورك تايمز: "عندما يكون لدينا الملايين والملايين والملايين من الأشخاص، جميعهم مرضى، جميعهم مصابون في وقت واحد، لا يتطلب الأمر نسبة كبيرة من هؤلاء الأشخاص لإغراق المستشفيات"، وحذر كبير خبراء الأمراض المعدية في أمريكا، الدكتور أنتوني فاوتشي، في وقت سابق من هذا الأسبوع، من أن السفر في عيد الميلاد سيزيد من انتشار المتغير الجديد حتى بين الذين تم تلقيحهم بالكامل.

وقالت شركات الطيران الأمريكية في ليلة عيد الميلاد يوم الجمعة، إنها تعاني بالفعل من نقص في الموظفين بسبب إصابة بعضهم بكوفيد وإجبار آخرين على عزل أنفسهم، وتم إلغاء مئات الرحلات الجوية كانت مقررة في الولايات المتحدة الأمريكية اليوم وفقًا لموقع FlightAware المختص بالرحلات الجوية.

وفي الوقت نفسه، أكد البيت الأبيض أن الولايات المتحدة سترفع قيود السفر المفروضة حاليا على ثماني دول أفريقية بسبب مخاوف بشأن متغير أوميكرون في 31 ديسمبر/كانون الأول، وتم حظر المسافرين من جنوب إفريقيا وبوتسوانا وزيمبابوي وناميبيا وليسوتو وإسواتيني وموزمبيق وملاوي منذ 29 نوفمبر/تشرين الثاني، وفي أستراليا أيضا، تأثرت آلاف الرحلات المتعلقة بعيد الميلاد يوم الجمعة مع إلغاء أكثر من 100 رحلة داخلية من سيدني وملبورن إلى مدن أخرى، وقال متحدث باسم شركة "جيت ستار"، التي كانت مسؤولة عن العديد من الإلغاءات، إن شركة الطيران "وفرت للغالبية العظمى من الركاب المتضررين رحلات بديلة بفارق زمني لا يتجاوز ساعات معدودة عن وقت المغادرة الأصلي حتى يتمكنوا من الوصول إلى وجهتهم في الوقت المناسب لعيد الميلاد"، وعلى الرغم من الاضطرابات في السفر، يحتفل العديد من الأستراليين بأنه صار بإمكانهم السفر بين ولايات البلاد خلال العطلة للمرة الأولى منذ عامين.

ويأتي ذلك بعد أن قالت أستراليا إنها ستخفض وقت الانتظار بين الجرعة الثانية من اللقاح والجرعة الثالثة المعززة إلى أربعة أشهر بداية من 4 يناير/كانون الثاني، لمن هم فوق 18 عاما. وفي نهاية الشهر، ستتقلص الفجوة إلى ثلاثة أشهر، وقللت كل من كوريا الجنوبية وتايلاند والمملكة المتحدة الوقت بين الجرعات إلى ثلاثة أشهر في ديسمبر/كانون الأول.

وفي المملكة المتحدة، حيث من المتوقع أن يؤدي إضراب عمال السكك الحديدية إلى تعطيل السفر بالقطار عشية عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة، حث رئيس الوزراء بوريس جونسون في رسالته بمناسبة عيد الميلاد السكان على الحصول على جرعة معززة للقاح تماشيا مع "روح الجيرة" الاحتفالية، وقال: "على الرغم من أن وقت شراء الهدايا ينفد نظريا، إلا أنه لا يزال هناك شيء رائع يمكنك منحه لعائلتك والبلد بأكمله، وهو الحصول على هذا اللقاح، سواء كان ذلك للمرة الأولى أو الثانية، أو الجرعة المعززة"، واستبعد جونسون فرض قيود جديدة على إنجلترا قبل يوم عيد الميلاد، لكن اسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية أعلنت جميعها قيودا على الاختلاط الاجتماعي.

وتستعد العديد من الدول الأوروبية لفرض قيود بعد فترة الأعياد مباشرة، بما في ذلك ألمانيا التي ستحصر التجمعات الخاصة على 10 أشخاص وستغلق النوادي الليلية اعتبارا من 28 ديسمبر/كانون الأول. كما ستُلعب مباريات كرة القدم من دون جمهور، وأمرت البرتغال بإغلاق الحانات والنوادي الليلية اعتبارا من 26 ديسمبر/كانون الأول، وجعلت العمل من المنزل إلزاميا من ذلك التاريخ حتى 9 يناير/كانون الثاني، ووفقا لأرقام جونز هوبكنز، توفي أكثر من 5.3 مليون شخص بسبب فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم. وتم تأكيد أكثر من 278 مليون إصابة بالفيروس، وستستضيف بيت لحم، التي يعتقد المسيحيون أنها المنطقة التي شهدت ولادة المسيح، مرة أخرى قداس منتصف الليل من دون آلاف الحجاج الذين كانوا يتجمعون هناك قبل الوباء، ولا يزال من المتوقع أن يحيي البابا فرانسيس قداس منتصف الليل عشية عيد الميلاد من كاتدرائية القديس بطرس - بالإضافة إلى البركة البابوية التقليدية في يوم عيد الميلاد.

اضف تعليق