q
منوعات - صحة

فقراء بلا غطاء صحي

استثمار دولار واحد سنويا يمكن أن ينقذ حياة 7 ملايين شخص

نصف مليار شخص ازلقوا إلى الفقر المدقع لأنهم مضطرون لدفع مقابل الخدمات الصحية من جيوبهم الخاصة. تم إطلاق هذه النتائج في اليوم العالمي للتغطية الصحية الشاملة، لتسليط الضوء على التأثير المدمر لكوفيد-19 على قدرة الناس على الحصول على الرعاية الصحية ودفع تكاليفها. بالبلدان التي تفتقر إلى أنظمة صحية قادرة...

أظهر تقرير جديد لمنظمة الصحة العالمية أنه يمكن تجنّب ما يقرب من سبعة ملايين وفاة مع حلول عام 2030، إذا استثمرت البلدان ذات الدخل المنخفض والبلدان ذات الدخل المتوسط-المنخفض بأقل من دولار واحد إضافي للفرد كل عام، في الوقاية من الأمراض غير السارية وعلاجها.

وبحسب تقرير جديد لمنظمة الصحة العالمية، سبعة من كل 10 وفيات في العالم سببها الأمراض غير المعدية –والتي تشمل أمراض القلب والسكري والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي– ولكن يمكن الوقاية من الغالبية العظمى من هذه الأمراض.

وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن الاختبارات والتجارب على الأمراض غير المنقولة والتي تسمى "أفضل صفقة شراء أو Best Buy" هي تدخلات فعّالة للصحة العامة، وتشمل تدابير فعّالة من حيث التكلفة للحد من استخدام التبغ وتعاطي الكحول على نحو ضار؛ وتحسين النظام الغذائي وزيادة النشاط البدني وتقليل مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكري والوقاية من سرطان عنق الرحم.

تغيير الاتجاه

قال د. تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: "من خلال الاستثمارات الاستراتيجية الصحيحة، يمكن للبلدان التي تتحمل قدرا كبيرا من عبء الأمراض غير المعدية تغيير مسار المرض وتحقيق مكاسب صحية واقتصادية كبيرة لمواطنيها."

وشدد التقرير على أنه من خلال الاستثمار في سياسات "بيست باي" الموصى بها والتي يوجد 16 منها، فالبلدان لن تحمي الأشخاص من الأمراض غير المعدية فحسب، بل أيضا ستقلل من تأثير الأمراض المعدية مثل كـوفيد-19 في المستقبل.

وقال مايكل بلومبيرغ، السفير العالمي لمنظمة الصحة العالمية المعني بالأمراض غير السارية والإصابات: "تتسبب الأمراض غير المعدية في خسائر صحية واقتصادية رهيبة، خاصة على البلدان الأقل قدرة على تحمّل تكاليفها."

وسلّط التقرير الضوء على أن 85 في المائة من الوفيات المبكرة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و60 عاما بسبب الأمراض غير المعدية تحدث في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، مما يجعلها عبئا صحيا واجتماعيا واقتصاديا ضخما.

ويشير التقرير أيضا إلى أنه على الرغم من إمكانية تنفيذ كل تدخل بشكل منفرد، فإن التأثيرات تكون أقوى وتنتج عائدا أكبر على الاستثمار عند تقديمها مجتمعة.

ومع تعرّض الفئات المهمشة غالبا لخطر أكبر من الآثار المادية والمالية للأمراض غير المعدية، قد تساعد التدخلات أيضا في الحد من التفاوتات الصحية والاقتصادية.

من جانبها، قالت د. بينتي ميكيلسن، مديرة الأمراض غير المعدية في منظمة الصحة العالمية: "تأثير كوفيد-19 على الأشخاص المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والسرطان وأمراض الرئة يظهر أهمية إعطاء الأولوية للاستثمار في الوقاية من الأمراض غير السارية وإدارتها."

ودعت د. ميكيلسن جميع الشركاء إلى تكثيف التمويل والعمل.

وقالت: "في عالم تتزايد فيه القيود المفروضة على الموارد المالية، يوضح هذا التقرير أين يمكن وضع أفضل الاستثمارات حيث يمكن إنقاذ ملايين الأرواح."

يمكن أن يولد كل دولار يُستثمر في توسيع نطاق إجراءات "بيست باي" في البلدان ذات الدخل المنخفض إلى المتوسط المنخفض، عائدا يصل إلى سبعة دولارات أميركية، ويحتمل أن يصل إلى 230 مليار دولار أميركي بحلول عام 2030.

أكثر من نصف مليار انزلقوا في براثن الفقر

من المرجح أن توقف جائحة كوفيد-19 عقدين من التقدم العالمي نحو التغطية الصحية الشاملة، وفقا لتقارير من منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي، والتي كشفت عن دفع أكثر من نصف مليار شخص إلى الفقر المدقع لأنهم مضطرون لدفع مقابل الخدمات الصحية من جيوبهم الخاصة.

تم إطلاق هذه النتائج في اليوم العالمي للتغطية الصحية الشاملة، لتسليط الضوء على التأثير المدمر لكوفيد-19 على قدرة الناس على الحصول على الرعاية الصحية ودفع تكاليفها.

في رسالته بمناسبة هذا اليوم، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه مع اقتراب العام الثالث للجائحة بسرعة، "يجب علينا تعزيز أنظمتنا الصحية على وجه السرعة لضمان أن تكون منصفة ومرنة وقادرة على تلبية احتياجات جميع الناس، بما في ذلك احتياجاتهم الصحة النفسية."

وأضاف الأمين العام أن "موجات الصدمة لهذه الحالة الصحية الطارئة هي الأكثر تضرراً بالبلدان التي تفتقر إلى أنظمة صحية قادرة على توفير رعاية جيدة وبأسعار معقولة للجميع".

إذا كان للعالم أن يصل إلى هدف تحقيق التغطية الصحية الشاملة بحلول عام 2030، فلا بد أن يكون هناك التزام أكبر من الحكومات بالاستثمار في الحلول التي أثبتت جدواها وتوسيع نطاقها.

وقال السيد غوتيريش: "هذا يعني القيام باستثمارات أكثر وأكثر ذكاءً في أسس النظم الصحية، مع التركيز على الرعاية الصحية الأولية والخدمات الأساسية والسكان المهمشين".

منذ بداية جائحة كوفيد-19 ينظم برنامج الأغذية العالمي توزيع الغذاء على اللاجئين الماليين الذين يعيشون في موريتانيا.

ويعد أفضل تأمين للاقتصادات والمجتمعات القادرة على الصمود هو تعزيز النظم الصحية قبل ظهور الأزمات. وكان التوزيع غير المتكافئ للقاحات كوفيد-19 في العام الماضي بمثابة فشل أخلاقي عالمي. ودعا الأمين العام إلى التعلم من هذه التجربة، قائلا إنه "لن يتسنى وضع حد لهذه الجائحة في أي بلد حتى يوضع حد لوجودها في جميع البلدان."

الإجهاد والتوتر

في عام 2020، عطلت الجائحة الخدمات الصحية وضغط على النظم الصحية في البلدان إلى ما هو أبعد من حدودها. ونتيجة لذلك، على سبيل المثال، انخفضت تغطية التحصين لأول مرة منذ عشر سنوات، وزادت الوفيات الناجمة عن السل والملاريا، حسبما جاء في البيان الصحفي الصادر عن منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي.

تسببت الجائحة أيضا في أسوأ أزمة اقتصادية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، مما جعل من الصعب على الناس بشكل متزايد دفع تكاليف الرعاية الصحية المنقذة للحياة.

حتى قبل الجائحة، كان نصف مليار شخص يُدفعون نحو الفقر المدقع بسبب المدفوعات التي قدموها للرعاية الصحية. تتوقع المنظمات أن هذا الرقم الآن أعلى بكثير.

وبحسب مدير منظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، "ليس هناك وقت لنضيعه"، داعيا جميع الحكومات إلى أن تستأنف على الفور وتسرع الجهود لضمان حصول كل فرد من مواطنيها على الخدمات الصحية دون خوف من العواقب المالية.

وأضاف: "هذا يعني تعزيز الإنفاق العام على الصحة والدعم الاجتماعي، وزيادة تركيزها (الدول) على أنظمة الرعاية الصحية الأولية التي يمكن أن توفر الرعاية الأساسية بالقرب من المنزل."

تقدم متعثر

وحث مدير منظمة الصحة العالمية على بناء أنظمة صحية أقوى موضحا أنه "قبل الجائحة، أحرز العديد من البلدان بعض التقدم. لكنها لم تكن قوية بما فيه الكفاية. هذه المرة يجب أن نبني أنظمة صحية قوية بما يكفي لتحمل الصدمات، مثل الجائحة التالية والبقاء على المسار الصحيح نحو التغطية الصحية الشاملة ".

وقد حذرت التقارير الجديدة لمنظمة الصحة العالمية / البنك الدولي من أن الضائقة المالية من المرجح أن تزداد حدة مع تزايد الفقر، وانخفاض الدخل، ومواجهة الحكومات قيودا مالية أكثر صرامة.

قال خوان بابلو أوريبي، المدير العالمي للصحة والتغذية والسكان بالبنك الدولي: "حتى قبل تفشي جائحة كوفيد-19 كان ما يقرب من مليار شخص ينفقون أكثر من 10 في المائة من ميزانية أسرهم على الصحة".

وشدد على أن ذلك "غير مقبول"، خاصة وأن أشد الناس فقراً هم الأكثر تضرراً. وأضاف أنه في ظل مساحة مالية محدودة، سيتعين على الحكومات اتخاذ خيارات صعبة لحماية وزيادة الميزانيات الصحية.

وقالت منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي إنه في العقدين الأولين من هذا القرن، أحرزت العديد من الحكومات تقدما في تغطية الخدمات.

في عام 2019، قبل انتشار الجائحة، تمت تغطية 68 في المائة من سكان العالم بخدمات صحية أساسية، مثل خدمات الصحة الإنجابية؛ خدمات التحصين؛ علاج فيروس نقص المناعة البشرية والسل والملاريا؛ وخدمات لتشخيص وعلاج الأمراض غير السارية مثل السرطان وأمراض القلب والسكري.

لكن الحكومات لم تجعل الرعاية ميسورة التكلفة. "ونتيجة لذلك، فإن الفئات الأكثر فقرا وأولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية هم الأقل قدرة على الحصول على الخدمات الصحية، والأقل احتمالا ليكونوا قادرين على تحمل عواقب الدفع مقابل هذه الخدمات."

ويوافق يوم التغطية الصحية الشاملة الذكرى السنوية لاعتماد الأمم المتحدة لقرار تاريخي بالإجماع في عام 2012، الذي يحث فيه البلدان على تسريع وتيرة التقدم نحو التغطية الصحية الشاملة، بهدف ضمان حصول الناس على الخدمات الصحية الجيدة التي يحتاجون إليها دون معاناة مالية.

وموضوع حملة هذا العام هو "لا تترك صحة أحد خلف الركب: استثمِر في النظم الصحية الشاملة للجميع". ويُبيِّن هذا الموضوع الأهمية البالغة لبناء نُظُم صحية أقوى وأكثر أمانًا وإنصافًا، ويمكنها تقديم خدمات الرعاية الصحية الأساسية في الوقت المناسب إلى كل مَنْ يحتاج إليها، وذلك برغم التحديات التي فرضتها جائحة كوفيد-19.

اليوم العالمي للتغطية الصحية الشاملة 2021

أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2012 قراراً يحث البلدان على تسريع وتيرة التقدم المُحرز صوب تحقيق التغطية الصحية الشاملة – وهي الفكرة القاضية بضرورة حصول الجميع بكل مكان على الرعاية الصحية الجيدة والمعقولة التكلفة – بوصفها أولوية لا يُستغنى عنها لتحقيق التنمية الدولية. وأعلنت الأمم المتحدة في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2017 بموجب قرارها 72/138 عن تكريس يوم 12 كانون الأول/ ديسمبر من كل عام بوصفه يوماً دولياً للاحتفاء بالتغطية الصحية الشاملة.

ويصبو اليوم الدولي للتغطية الصحية الشاملة إلى بلوغ هدف مفاده إذكاء الوعي بضرورة إقامة نظم صحية متينة وقادرة على الصمود والعمل على تحقيق التغطية الصحية الشاملة مع عدة شركاء من أصحاب المصلحة. ويرفع مناصرو التغطية الصحية الشاملة أصواتهم عالياً يوم 12 كانون الأول/ ديسمبر من كل عام داعين إلى مشاطرة قصص الملايين من الذين ما زالوا ينتظرون تزويدهم بالخدمات الصحية، والدفاع عمّا حققناه من منجزات حتى الآن، ودعوة القادة إلى توظيف استثمارات أكبر وألمع في مجال الصحة، وتشجيع مجموعات متنوعة على قطع التزامات تساعد على تقريب العالم من تحقيق التغطية الصحية الشاملة بحلول عام 2030.

كانت جائحة كوفيد-١٩ لحظة مستمرة في حساب النظم الصحية في جميع أنحاء العالم. في حين أن الدروس القاسية من وضعنا العالمي بعيدة كل البعد عن أن تكون جديدة - وبينما تتصدر المخاوف والظلم الآن عناوين الصحف تعكس الواقع اليومي للملايين قبل الوباء - أثار النطاق الهائل لهذه الأزمة إلحاحًا جديدًا حول النظم الصحية والتغطية الصحية الشاملة. المزيد من القادة ينتبهون أكثر من أي وقت مضى، وعدد أكبر من الناس ينهضون للمطالبة بالتغيير أكثر من أي وقت مضى.

اضف تعليق