q
في الوقت الذي تنهمك فيه دول العالم بإحصاء ضحايا فيروس كورونا على أراضيها، ينشغل الخبراء والعلماء وأصحاب الاختصاص بمعرفة أي جديد عن هذا المرض، وبينما زفت آخر البيانات خبراً ساراً للنساء، مفاده أن أغلب ضحايا الوباء العالمي من الرجال بحسب الأرقام الواردة من الدول المصابة، فهل فعلا الرجال أكثر عرضة للإصابة؟

في الوقت الذي تنهمك فيه دول العالم بإحصاء ضحايا فيروس كورونا المستجد على أراضيها، ينشغل الخبراء والعلماء وأصحاب الاختصاص بمعرفة أي جديد عن هذا المرض، وبينما زفت آخر البيانات خبراً ساراً للنساء، مفاده أن أغلب ضحايا الوباء العالمي من الرجال بحسب الأرقام الواردة من الدول المصابة، يبقى تأكيد الأمر علميا هو المطلوب، فهل فعلا الرجال أكثر عرضة للإصابة بكوفيد 19؟

في إيطاليا، أظهرت دراسة على أكثر من 127700 إصابة بكوفيد-19 أن 52.9% من المصابين رجال و47.1 %نساء ومن بين أول 14860 حالة وفاة 68% كانوا رجالا، كما أوضح تقرير لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الصين أنه من بين 44672 إصابة مؤكدة كان معدل الوفيات أعلى بنسبة 1.1% بين الرجال بالمقارنة بالنساء، بدوره، أفاد جيمس جيل الأخصائي بكلية طب وارويك بأن الدلائل تتزايد على أن الرجال يعانون من أعراض أشد ومعدلات الوفاة بينهم أعلى بالمقارنة بالنساء.

هناك العديد من الأسئلة المعلقة عن سبب زيادة الإصابات بفيروس كورونا بين الرجال وتعرضهم لأعراض أشد من النساء، ويشير الخبراء بشأن هذه النقطة إلى عدة عوامل محتملة، بما في ذلك المخاطر البيولوجية والسلوكية، منها:ةعادات سيئة كالتدخين، يقول الخبراء إن أحد العوامل قد يكون أن الرجال بشكل عام لا يعتنون بصحتهم بقدر ما تفعل النساء، من مستويات أقل في غسل اليدين والنظافة العامة ومستويات أعلى من التدخين والسمنة وسلوكيات أخرى غير صحية.

وأشاروا إلى أنه في العديد من الدول ترتفع معدلات التدخين بين الرجال عن النساء، مؤكدين على أن التدخين عامل خطر معروف للعديد من الأمراض المهددة للحياة مثل أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وأمراض الرئة والسرطان، كما أن التباين بين الرجال والنساء في معدلات التدخين موجود في الصين، حيث يدخن 50% من الرجال مقابل 5% من النساء، أما في إيطاليا، فقد أظهرت دراسة أجريت عام 2018 أن التدخين شائع أكثر بين الرجال بالمقارنة بالنساء في جميع الفئات العمرية.

قاتل الرجال

تحدثت أبحاث ودراسات عدة في الآونة الأخيرة، عن تضرر الرجال بصورة أكبر من جراء فيروس كورونا مقارنة بالنساء، لكن هذه الدراسات لم تقدم تفسيرا للأمر، إلا أن دراسة أوروبية حديثة توصلت مؤخرا إلى تفسير مرجح، إذ قالت إن فيروس كورونا المستجد يستعين بإنزيم الأنجيوتنسين "إيه سي إي 2" من أجل اختراق خلايا ضحاياه، وخلصت الدراسة، التي نشرت في دورية القلب الأوروبية، إلى أن هذا الإنزيم يفرز بشكل أكبر لدى الرجال مقارنة بالنساء.

ويوجد إنزيم "إيه سي إي 2" في العديد من أعضاء الجسم، بما في ذلك القلب والرئتين والكليتين، ويستغل فيروس كورونا هذا الإنزيم حتى يخترق الجسم، وتوصل الفريق إلى هذه النتيجة، من خلال قياسات تركيزات الإنزيم في عينات الدم لأكثر من 3500 مريض يعانون قصورا في القلب، في 11 دولة أوروبية، وتقول الدراسة إن الرجال يعانون أيضا مضاعفات أكثر خطورة لكورونا، مقارنة بالنساء، وبحسب الطبيبة المشاركة في الدراسة إيزيا ساما، فإن إنزيم "إيه سي إي 2" كان علامة حيوية مهمة لرصد الفيروس، وبعدما كشف الباحثون وجوده بتركيزات أعلى لدى الرجال من النساء، أدركوا أنه يمكن أن يفسر سبب كون المجموعة الأولى عرضة للوفاة أكثر من الثانية.

المناعة عامل مهم

تشير بعض الدراسات إلى أن الاستجابة المناعية "النشطة" لدى النساء أكبر من الرجال، مما يؤكد وجود تفاوت بين الاستجابات المناعية لدى الجنسين، وكشفت أبحاث أن الاستجابات المناعية على مدار العمر - تجاه كل شيء من الأمصال للعدوى وأمراض المناعة- أكثر نشاطا بين النساء عن الرجال، أما ما يتعلق بكوفيد-19، فقد يكون هذا العامل مؤثرا بشكل خاص.

بدوره، أشار فيليب جولدر أستاذ علوم المناعة بجامعة أوكسفورد إلى أن عدة عوامل تسهم في تحلي النساء بنظم مناعية أقوى من بينها أن النساء لديهن اثنان من كروموزوم إكس بالمقارنة بواحد لدى الرجال، مضيفا أن هذا يعني أن البروتين موجود بضعف الكمية في العديد من الخلايا المناعية لدى النساء بالمقارنة بالرجال.

هل الرجال أكثر حساسية للمرض؟

كشفت افتتاحية WJEM أنه في حالات تفشي فيروسات كورونا الأخرى، بما في ذلك تفشي مرض السارس في عام 2003 ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS) في عام 2012، كانت معدلات الوفيات أعلى لدى الرجال منها لدى النساء، وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت في عام 2016 أن احتمالات وفاة الرجال بسبب MERS، أعلى بنسبة 40% مقارنة مع النساء، ويميل الرجال إلى ضعف الاستجابة المناعية لفيروسات الجهاز التنفسي التي تسبب الإنفلونزا ونزلات البرد.

ونتيجة لذلك، يصابون بأعراض أكثر حدة من هذه الفيروسات أكثر من النساء، وفقا لمراجعة عام 2017 في BMJ وبُنيت النتائج على الاختلافات في “الهرمونات الجنسية” لدى الرجال والنساء، وتقدم تجربة أجريت على الفئران، أدلة حول هذا اللغز الهرموني فعندما أصاب العلماء الفئران الذكور والإناث (من مختلف الأعمار) بالسارس، كانت الفئران الذكور أكثر عرضة للإصابة من الإناث من الفئة العمرية ذاتها، وفقا لدراسة عام 2017، التي نُشرت في مجلة علم المناعة.

ومع ذلك، عندما أُزيلت المبايض من الفئران الإناث، أو عولجت باستخدام مانع مستقبلات هرمون الاستروجين، ماتت بمعدلات أعلى من تلك التي احتفظت بالمبايض والاستروجين الطبيعي، وفي حديثه مع "لايف ساينس"، قال أكيكو إيواساكي، أستاذ علم الأحياء المناعي في كلية الطب بجامعة Yale: تشير هذه البيانات إلى أن الهرمونات الجنسية التي تُنتج لدى الفئران الإناث، قد تساعد في الدفاع ضد فيروسات كورونا، مثل السارس و SARS-CoV-2

وأشار معدو افتتاحية WJEM إلى أن هذا قد يفسر أيضا لماذا النساء أكثر عرضة من الرجال للإصابة بأمراض المناعة الذاتية، وفي حديثها مع NPR، قالت فينا تانيجا، التي تدرس الاختلافات في الجهاز المناعي لدى الذكور والإناث، في Mayo Clinic، إن الكروموسوم الصبغي X الثاني عادة ما يتم إسكاته لدى النساء، إلا أنه يمكن تنشيط ما يقرب من 10٪ من هذه الجينات، وأضافت: "إن العديد من هذه الجينات هي في الواقع جينات مخصصة للاستجابة المناعية"، وهذا يمكن أن يمنح النساء "جرعة مزدوجة" من الحماية، على الرغم من أن هناك حاجة إلى البحث لمعرفة ما إذا كانت هذه الجينات تدخل في إطار الحماية من "كوفيد 19" هو ما قد يعزز بدوره قدرة النساء على تجنب الإصابة بكوفيد-19.

........................................................................................................................
المصادر
- بي بي سي
- الغد الاردني
- العربية
- سكاي نيوز عربية
- الجزيرة
- DW

اضف تعليق