q
ووهان عاصمة إقليم هوباي الصيني، استعادت عافيتها بعد معركة شرسة مع كورونا استُخدمت فيها أحدث أنواع التكنولوجيا: الذكاء الاصطناعي والبيانات الكبرى، وفيما نصف سكان العالم محتجزون في منازلهم نتيجة إجراءات العزل المُتّخذة لمكافحة الوباء، كان ظهور إصابات جديدة في المدينة الصينية كافياً لنشر الذعر مجدداً في كل أنحاء الأرض...

ووهان، عاصمة إقليم هوباي الصيني، استعادت عافيتها بعد معركة شرسة مع «كورونا» استُخدمت فيها أحدث أنواع التكنولوجيا: الذكاء الاصطناعي والبيانات الكبرى. وفيما نصف سكان العالم محتجزون في منازلهم نتيجة إجراءات العزل المُتّخذة لمكافحة الوباء، كان ظهور إصابات جديدة في المدينة الصينية كافياً لنشر الذعر مجدداً في كل أنحاء الأرض.

بعد أربعة أسابيع مِن إعادة فتح ووهان، وأكثر منها على عدم تسجيل إصابات، أُعلن، قبل أيام، عن خمس إصابات جديدة في المدينة، تعود لرجلٍ (89 عاماً) سجّل إصابةً ثانية، وزوجته التي كانت مصابة من دون أن تظهر عليها أيّ عوارض، وثلاثة أقارب جاؤوا قبل أسبوعين لزيارتهما. استناداً إلى الإصابات الجديدة، أقالت السلطات المحليّة مسؤول حيّ جونغسيهو، حيث تقيم العائلة، ورفعت مستوى التهديد الوبائي مِن منخفض إلى متوسط. وتقرَّر فحصُ كل سكان ووهان البالغ عددهم 11 مليوناً.

وبمعزل عن أهمية هذه الإجراءات، تجدر الإشارة إلى تكنولوجيا بالغة الأهمية باتت تمتلكها الصين: ذكاء اصطناعي «تدرّب» تحت حصار «كورونا»، والتهَم البيانات الكبرى وكأنّها وجبته الأخيرة. يمكن اختصار ما حدث على الشكل الآتي: بعد تفشي فيروس «سارس-كوف-2» في الصين، وفي مدينة ووهان بشكل أكبر، طُرح يومها سؤال: كيف للبلد الآسيوي أن يضبط هذا العدد الهائل من السكان؟ وكيف تمكن الإفادة من الذكاء الاصطناعي لكبح انتشار الفيروس؟

جاء الحل عبر تطبيق للهواتف الذكية يُظهر الحالة الصحية لكلّ مستخدم، بعد تحليل الاستمارات الصحية التي يملأها المواطن يومياً، وتتبُّع الموقع الجغرافي للمستخدم، في موازاة تحليل مستوى الخطر الوبائي في المناطق التي يزورها. وكمثال على ذلك، يرفَع التطبيق مستوى الخطر الوبائي الذي يشكِّله شخص ما بعد أن يتبين أنه كان موجوداً على مسافة قريبة من أشخاص يحملون الفيروس. وبناءً عليه، يفرض التطبيق على المستخدم الحجر المنزلي مع تتبّع تقيّده بذلك وإعلام السلطات في حال تمنّعه.

ثانياً، نشرت الصين كل أنواع أجهزة إنترنت الأشياء «IOT» (كل الأجهزة التي تتصل بالإنترنت)، الخاصة بمراقبة درجة حرارة أجسام الأشخاص في عدد من المدن ومراكز التجمّعات. كما كان للروبوتات دور كبير في مراقبة الشوارع وتعقيم الطرق والأزقّة. كل تلك الأجهزة، كانت ترسل البيانات إلى ذكاء اصطناعي، بالتوازي مع بيانات التطبيق الصحي على الهواتف الذكية.

الذكاء الاصطناعي ليس كياناً يولد وفي جعبته المعرفة؛ هو أشبه بدماغ فارغ من أيّ شيء، يمرّ بمرحلتين: تسمى الأولى مرحلة التدريب، حيث تتمّ تغذيته بملايين البيانات عن شيء محدّد ليتدّرب على تحليلها ودرس الأنماط الموجودة فيها، كما لأخذ العبرة مِن الأمور التي حصلت، والتي يمكنه التنبؤ بحصولها في المستقبل. وبعد الانتهاء من هذه المرحلة والتي قد تتراوح مدتها بين أسابيع أو أشهر (المسألة مرتبطة بالقدرة الحاسوبية)، يصبح الذكاء الاصطناعي كياناً فائق القوة في المجال الذي تدرب عليه: في حالة الصين، تتبُّع انتشار الفيروس وكبحه. أما المرحلة الثانية، فتسمى «التوظيف» حيث يتم تغذية هذا الذكاء بالبيانات الكبرى التي تجمعها الصين كل يوم من خلال التطبيق الصحي وأجهزة إنترنت الأشياء، فيصبح لديها ذكاء اصطناعي مدرب على مكافحة الفيروسات، ليقاتل جنباً إلى جنب أنظمة الدولة.

ما يميّز الصين، أنها كانت أوّل مَن وصل إلى هذه التكنولوجيا، في ظلّ أسوأ أيام تفشي الوباء، أي عندما كانت البيانات بالمليارات، ما جعل الذكاء الاصطناعي لديها أكثر خبرة. لذا، بات يمكن القول إنه قد يحدث في المستقبل حالات تفشٍّ جديدة لفيروس «كورونا»، أو لأيّ فيروس آخر. إلا أن الأمور لم تعد كما كانت عليه سابقاً. في الحقيقة، أصبح صعباً لأي فيروس ينتشر أن يتحوّل إلى وباء لا يمكن السيطرة عليه. كما أن طفرة الذكاء الاصطناعي التي حصلت داخل الصين لا مثيل لها في العالم، والإشارة هنا إلى ذكاء اصطناعي ليس قادراً على تحليل البيانات لمئات ملايين البشر فحسب، بل على التنبؤ بالكارثة الوبائية قبل حدوثها، ما يجعل الصين متقدّمة على أي فيروس مستقبليّ، بخطوةٍ دائماً.

اضف تعليق