q
نعيش اليوم في عالم متعدد الثقافات، محاط بأناس من خلفيات وثقافات مختلفة وهو الأمر الذي يتطلب مع ما تم ذكره من تحديات أن نفهم ظروف الآخرين من حولنا ودون ذلك تصبح حياتنا اليومية كالجحيم وقد تتعرض صحتنا النفسية والجسدية لأمراض لا يحمد عقباها ويتعرض الاستقرار الاجتماعي والوئام للخطر...

من كساه الحياء ثوبه لم ير النّاس عيبه.. الإمام علي-ع-

التسامح أفضل من اللامبالاة.. غاندي

عندما أركب سيارتي، يستغرق وقت الوصول إلى وجهتي اليومية 9 دقائق أو أقل من ذلك الوقت، وفي بعض الأحيان يمر بجانبي مختلف الناس وبشكل مسرع يكاد أحدهم أن يتسبب بحادث، مع أن هذا السلوك لن يضيف لهم سوى دقائق ليس لها قيمة أمام سلامتهم.

وبما أنني أعلم أن الشتائم والصياح ليس لهما معنى، وفي كثير منها يباغتني شعور أن الحياة لا تستحق هذا العناء، وإن هذه الممارسات وغيرها تؤلمنا، لكني أتحمل وجود مثل هكذا أشخاص لم يتعلموا بعد أن مزاحمة الآخرين والتسبب لهم بمشاكل هو أمر غير أخلاقي.

نعيش اليوم في عالم متعدد الثقافات، محاط بأناس من خلفيات وثقافات مختلفة وهو الأمر الذي يتطلب مع ما تم ذكره من تحديات أن نفهم ظروف الآخرين من حولنا ودون ذلك تصبح حياتنا اليومية كالجحيم وقد تتعرض صحتنا النفسية والجسدية لأمراض لا يحمد عقباها و يتعرض الاستقرار الاجتماعي والوئام للخطر.

نعم، قد يشعر الفرد أنه على حق في موقف ما، ولكن عليه أيضا أن يختار بين غضب مذموم أو تحرر من ذلك الغضب، فان ذلك يعطينا منظورا فريدا بما يوائم أفكارنا وعواطفنا مع روحنا الانسانية التي تنسجم مع فهم أهمية مسامحة الآخرين وتصفير الأزمات لنبدأ من جديد ونتعلم من تلك الدروس في الحياة وأن هذا الأمر ليس معيبا، بقدر ما أن الاصرار على الخلاف والفرقة يعرضنا لأزمات أكبر.

نحن بحاجة اليوم إلى أكثر من أي وقت مضى إلى تنمية مشاعر الانفتاح والاحترام تجاه بعضنا البعض كبشر والتضامن والمشاركة على أساس الشعور بالأمان الفردي فان نكون متسامحين يعني أن تكون لدينا قدرة على الاستجابة لاحتياجات الآخرين، والاستماع إليهم، وعدم الإصرار على الاستماع الى أنفسنا فقط.

يولد بعض الأفراد بإحساس فطري بالأخلاق والإنصاف ورغبة في مساعدة الآخرين ويبدو أن هؤلاء الأشخاص أكثر حساسية تجاه محنة الآخرين والسعي لتقديم المساعدة عبر الحث على التسامح الذي يعتبر هو المعيار للسلوك الأخلاقي الذي يتيح لنا التفاعل بإيجابية كأفراد وكمجتمعات نتخلى عن مصلحتنا الذاتية ونفكر في ما هو مفيد لصالح الآخرين، أو الإنسانية ككل.

عواقب عدم التسامح

أشار الإمام علي إلى ذلك في كِتابِهِ لمالك الأشتر لمّا ولاه مِصرَ بقوله: "يَفرُطُ مِنهُمُ الزَّلَلُ، وتَعرِضُ لَهُمُ العِلَلُ، ويُؤتى‏ على‏ أيديهِم في العَمدِ والخَطأِ، فأعطِهِم مِن عَفوِكَ وصَفحِكَ مِثلَ الّذي تُحِبُّ وتَرضى‏ أن يُعطِيَكَ اللَّهُ مِن عَفوِهِ وصَفحِهِ".

هذا القول الرائع الذي جسده مبدأ العدالة الانسانية جاء ليؤكد على أهمية التسامح وأن خلاف ذلك سيجعلنا نشعر بالغضب والقسوة والمرارة والاستياء و يمكن أن يكون تأثير عدم التسامح جسديا وعاطفيا وعقليا وروحيا.

الخلاصة

في التسامح لذة لا نجدها في الكراهية هكذا هي الحكمة التي جرت عبر التاريخ خصوصا عندما تتعلق حياتنا بمحطات منها تشعرنا بالراحة وأخرى صعبة تتطلب الصبر وأن نعين بعضنا البعض خصوصا في عالم أصبحت فيه الصراعات في كل مكان وزمان.

اضف تعليق