q
إسلاميات - اخلاق

الأمانة أفضل الإيمان

حفظ الأمانة بمختلف أشكالها وأنواعها ومجالاتها وصورها دليل على صدق الإيمان وعلامة على التدين الحقيقي والعملي. والمعيار في التدين الحقيقي هو صدق الحديث وأداء الأمانة، الأمانة صفة بارزة من صفات الأنبياء والرسل، فما من رسول يأتي إلى قومه إلا قال لهم: إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ...

إن حفظ الأمانة بمختلف أشكالها وأنواعها ومجالاتها وصورها دليل على صدق الإيمان وعلامة على التدين الحقيقي والعملي.

والمعيار في التدين الحقيقي هو صدق الحديث وأداء الأمانة، فقد روي عن رسول اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «لا تَنْظروا إلى‏ كَثرةِ صَلاتِهِم وصَومِهِم، وكَثرةِ الحَجِّ، والمعروفِ، وَطَنطَنَتِهِم باللّيلِ! ولكنِ انْظُروا إلى‏ صِدقِ الحديثِ وأداءِ الأمانة».

وروي عن الإمام الصّادق (عليه السلام): «لا تَغتَرُّوا بِصلاتِهِم ولا بِصِيامِهِم؛ فإنَّ الرجُلَ ربّما لَهِجَ بِالصلاةِ والصومِ حتّى‏ لَو تَرَكَهُ استَوحَشَ، ولكنِ اختَبِرُوهُم عِند صِدقِ الحَديثِ وأداءِ الأمانَةِ».

فالواجب فعله في الأمانات الخاصة والعامة عدم التقصير في حفظها وأدائها على الوجه المأمور به شرعاً، ويحرم إضاعتها وخيانتها، فقد روي عن الإمام عليّ (عليه السلام) أنه قال: «أفضلُ الإيمانِ الأمانةُ، أقْبَحُ الأخلاقِ الخِيانةُ».

إن الأمانة صفة بارزة من صفات الأنبياء والرسل، فما من رسول يأتي إلى قومه إلا قال لهم: ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾، وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «إنّ اللَّهَ عَزَّ وجلَّ لم يَبعَثْ نَبِيّاً إلّا بصِدقِ الحَديثِ، وأداءِ الأمانَةِ إلى البَرِّ والفاجِرِ».

فنبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله) اشتهر بالأمانة منذ صغره وقبل بعثته بالرسالة، حتى لقبه قومه بـ (الصادق الأمين)؛ لأنه كان لا ينطق إلا صدقاً وحقاً، ويحفظ الأمانة ويردها إلى أهلها، فكان محل ثقة عشيرته وقومه، وكان المشركون وغيرهم يحفظون ودائعهم وأموالهم عنده؛ لأنه كان معروفاً بين قومه وفي مجتمعه بالأمانة والصدق.

وعلى الإنسان المسلم ان يقتدي ويتأسى بنبيه العظيم (صلى الله عليه وآله)، فيتحلى بصفة الأمانة وحفظها، حتى تتحول هذه الصفة الأخلاقية النبيلة إلى سجية وطبيعة فيه، وخُلُق له، حتى يشار له بين أبناء مجتمعه بالأمانة والصدق، فيكون ذلك سبباً من أسباب التوفيق والنجاح في دنياه وآخرته.

بعض أنواع الأمانة وصورها

الأمانة العلمية:

وتقتضي نشر المعارف والعلوم دون تحريف أو تغيير أو تزوير أو تدليس أو تلبيس وما أشبه، ونسبة الأقوال إلى قائليها، وعدم نسبة ما لغيره من علم وفكر ومقالات ونظريات إلى نفسه، وذكر ما يقتبسه من كتابات الآخرين في الهامش؛ وخلاف ذلك يعد من الخيانة العلمية والسرقات الأدبية، والتي للأسف كثر في هذا الزمان فعله دون وازع، حتى وجدنا من يستنسخ كتاباً بأكمله، بل موسوعة كاملة ويحذف اسم مؤلفه لينسبه إلى نفسه زوراً وكذباً!

الأمانة بين الزوجين:

وذلك بحفظ ما يكون بينهما من أسرار زوجية، وعدم إفشائها لأحد، فعادة يعرف الزوج عن زوجته والزوجة عن زوجها الكثير من الأمور الخاصة في الحياة الزوجية، فلا يصح نشرها وإذاعتها بين الناس.

فنشر الأسرار الزوجية والقضايا الخاصة بين الزوجين من مدمرات الحياة الزوجية، ويعد خيانة للأمانة الزوجية، وربما يؤدي ذلك إلى الإنفصال والطلاق.

ومن أعظم أنواع الخيانة الزوجية وأشد المحرمات أن تخون الزوجة زوجها في عرضها، فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) - في وَصِيَّتِهِ لِعَلِيٍّ (عليه السلام) -: «يا عَلِيُّ، أربَعَةٌ مِن قَواصِمِ الظَّهرِ:... وزَوجَةٌ يَحفَظُها زَوجُها وهِيَ تَخونُهُ»، وورد عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): «مِن شَقاءِ المَرءِ أن تَكونَ عِندَهُ امرَأَةٌ مُعجَبٌ بِها، وهِيَ تَخونُهُ».

أمانة المجالس:

لأن المجالس بالأمانات كما يقال، فيجب حفظ ما يدور فيها من أحاديث وكلام خاص أو عام، وخصوصاً إذا كان في النشر غيبة أو نميمة أو يؤدي إلى فتنة بين الناس، وقد أشار رسولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) إلى ذلك قائلاً: «المَجالسُ بالأمانةِ، وإفْشاءُ سِرِّ أخيكَ خِيانَةٌ، فاجْتَنِبْ ذلكَ»، وروي عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «المَجالسُ بالأمانةِ، ولا يَحِلُّ لمؤمنٍ أنْ يَأثُرَ عن مؤمنٍ- أو قالَ: عن أخيهِ المؤمنِ- قبيحاً».

الأمانة المالية:

كما لو استودعك أحد مالاً له كوديعة فيجب حفظها، وإرجاعها لصاحبها متى أرادها، ولا يجوز إضاعتها أو التفريط في حفظها، والأشد من ذلك نكرانها، لأنه من أعظم أنواع الخيانة في الأموال والودائع.

ومن صور الأمانة المالية أيضاً: إذا أقرضك أحد قرضاً قربة إلى الله تعالى، فمن الأمانة إرجاعه فور انتهاء الأجل، وعدم المماطلة في تسديده، وأما نكرانه واغتصابه؛ فهذا من أشد أنواع الخيانة في مال الآخرين، لأنه أكل للمال بغير حق.

من هنا كان استحباب كتابة الدين والإشهاد عليه للحفاظ على الحقوق المالية من الضياع والنكران وما أشبه ذلك، لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾

اضف تعليق