q
التغيرات التي حصلت خلال هذه الفترة الطويلة جعلت عالمنا عالما اخر. لا يعقل ان تبقى المناهج الدراسية كما هي. لابد ان تتغير هذه المناهج لكي تؤهل الطالب للعيش في عالمه الجديد. وهكذا يفترض ان يستمر التغير في المناهج الدراسية مع استمرار التغير في العالم. وظيفة المدرسة تتلخص في تأهيل الطالب للعيش في عالم متغير...

دخلتُ المدرسةَ في عام ١٩٥٥، اي قبل ٦٣ سنة. خلال هذه الفترة الطويلة تغير العالم كثيرا. لابد ان المناهج الدراسية التي درسني اياها مدرسو ذلك الوقت كانت تستهدف تأهيلي وغيري من طلاب تلك المرحلة للعيش في ذلك العالم. لكن التغيرات التي حصلت خلال هذه الفترة الطويلة جعلت عالمنا عالما اخر. لا يعقل ان تبقى المناهج الدراسية كما هي. لابد ان تتغير هذه المناهج لكي تؤهل الطالب للعيش في عالمه الجديد. وهكذا يفترض ان يستمر التغير في المناهج الدراسية مع استمرار التغير في العالم. وظيفة المدرسة تتلخص في تأهيل الطالب للعيش في عالم متغير.

من هنا تأتي صعوبة وضع المناهج الدراسية وحركتها بين الثابت والمتغير. لا شك في ان هذه المناهج تستهدف الثابت الذي ينبغي ان يصل الى الطلاب في كل العصور، لكن الصحيح ايضا انها تستهدف المتغير الذي ينبغي ان يواكبه الطلاب من عصر الى اخر.

تكمن الصعوبة في القدرة على اكتشاف المتغير، اولا، وفي القدرة على تكييف المناهج المدرسية مع هذا المتغير، ثانيا. ومن ثم تاتي ضرورة المراجعة الدورية للامرين: المتغيرات من جهة، والمناهج من جهة ثانية. ولا تنحصر مواكبة المتغيرات في المنهج الدراسي فقط، وانما في ثقافة المعلمين والمدرسين من الجنسين ايضا.

المناهج الدراسية ينبغي ان تواكب المتغيرات في الشكل والمضمون. فطباعة الكتاب المدرسي ينبغي ان تحدّث بشكل مستمر لكي تواكب التحسينات الطباعية في العالم، وينبغي ان تتطور مع الطباعة طريقة اخراج الكتاب وكيفية استخدام الصورة والگرافيك وبقية وسائل الايضاح البصرية في الكتاب. كما ينبغي توفير نسخ اليكترونية للكتب المدرسية، على طريقة الtext وليس على طريقة ال pdf.

وفي المضمون ينبغي ان تراعي الكتب المدرسية التطورات التي يشهدها العالم من سقوط الاتحاد السوفييتي الى صعود الديمقراطية وحل شفرة ال dna الى ثورة التكنولوجيا المعلوماتية وتكنولوجيا النانو مرورا بالنقص الحاصل في عدد كواكب المجموعة الشمسية من تسعة كواكب الى ثمانية بخروج بلوتو من المجموعة في ٢٤ اب من عام ٢٠٠٦ دون نسيان الطفرات الهائلة في الاجهزة الاليكترونية والكهربائية الذكية وظهور عملة ال bitcoin واستخدام الانترنيت في التسوق.

وباختصار، يجب ان يتصف النظام التربوي الحضاري الحديث بصفة الديناميكية والحداثة، مع ادراك ان لكل عصر حداثته، لكي يكون بامكانه تنشئة جيل حداثوي مواكب لتطورات الحضارة العالمية وليس جيلا ذا عقلية تقليدية قديمة.

اضف تعليق