q
أسعار النفط التي انهارت بشكل كبير بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد وما تبعها من اجراءات، شهدت في الفترة الاخيرة ارتفاعاً ملحوظاً بعد تخفيف إجراءات الإغلاق التي اعتمدتها العديد من البلدان، يضاف الى ذلك الاتفاق الاخير الخاص بخفض انتاج النفط الذي اعتمدته منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وشركاؤها...

أسعار النفط التي انهارت بشكل كبير بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد وما تبعها من اجراءات، شهدت في الفترة الاخيرة ارتفاعاً ملحوظاً بعد تخفيف إجراءات الإغلاق التي اعتمدتها العديد من البلدان، يضاف الى ذلك الاتفاق الاخير الخاص بخفض انتاج النفط الذي اعتمدته منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وشركاؤها، وهو ما اسهم بحسب بعض الخبراء بعودة التفاؤل لأسواق النفط مؤكدين في الوقت ذاته، على ان المخاطر ماتزال موجودة مثل ظهور موجات جديدة من تفشي وباء كورونا الذي قد يعزز من إجراءات إغلاق الاقتصاد مرة أخرى، مما يعني استمرار تدهور النمو الاقتصادي مقلصا الطلب على النفط، خصوصاً مع عدم وجود لقاح خاص للقضاء على فيروس كورونا.

من جانبها توقعت منظمة أوبك انخفاض الطلب العالمي على النفط في 2020 بوتيرة أسرع مما كان متوقعا في السابق بسبب فيروس كورونا، وقالت إن التعافي في العام القادم ستشوبه ضبابية كبيرة، مما قد يصعب على المنظمة وحلفائها مهمة دعم السوق. وقالت منظمة البلدان المصدرة للبترول في تقرير شهري إن الطلب العالمي على النفط سينخفض 9.06 مليون برميل يوميا في العام الجاري، وهو ما يتجاوز تراجعا قدره 8.95 مليون برميل يوميا توقعته قبل شهر.

وتراكمت مخزونات النفط بسبب انهيار الطلب. وقالت أوبك إن المخزونات بالدول المتقدمة ارتفعت في يونيو حزيران إلى ما يزيد بمقدار 291.2 مليون برميل على متوسط خمس سنوات، وهو معيار كان بمنزلة مستوى تحبذه أوبك قبل الجائحة. وتوقع التقرير أن يكون الطلب على خام أوبك أقل من المتوقع في العامين الحالي والمقبل مع زيادة الإمدادات من خارج المنظمة ونظرا لتضاؤل توقعات الطلب للعام 2020. وقالت أوبك إن متوسط الطلب على خامها هذا العام سيبلغ 23.4 مليون برميل يوميا، وهو ما يقل 400 ألف برميل يوميا عن التوقعات السابقة. يشير ذلك إلى أن السوق قد تشهد فائضا إذا ارتفع إنتاج أوبك في أغسطس آب، وهو ما يتضمنه اتفاق أوبك+.

استطلاعات وتوقعات

أظهر استطلاع للرأي أن أسعار النفط تتأهب لتقدم بطئ صوب الصعود هذا العام إذ يغذي تخفيف تدريجي لإجراءات العزل العام المدفوعة بفيروس كورونا الطلب، على الرغم من أن موجة ثانية لتفشي كوفيد-19 قد تبطئ وتيرة التعافي. ويتوقع المسح الذي شمل 43 محللا وخبيرا اقتصاديا أن يبلغ متوسط سعر خام القياس العالمي برنت 41.50 دولار للبرميل في 2020، بارتفاع طفيف عن متوسط 40.41 دولار في مسح الشهر الماضي ومقارنة مع نحو 42 دولارا وهو متوسط سعر الخام منذ بداية العام الجاري. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط السعر 49.85 دولار في 2021.

وارتفعت التوقعات لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى 37.51 دولار للبرميل من 36.10 دولار في يونيو حزيران. وقال هاري تشيلينجوريان رئيس أبحاث السلع الأولية لدى بي.إن.بي باريبا إن النفط ”عالق في عملية إعادة توازن تدريجية“ مع ”تحرك الأجزاء في الاتجاه الصحيح“. وأضاف ”إنه في تعاف للطلب حيث تمكن الضبابية، ومع تمخض التطورات المتعلقة بكوفيد عن مخاوف من أن وتيرة إعادة الفتح ربما تُعرقل“.

ويتوقع الاستطلاع أن ينكمش الطلب العالمي بما يتراوح بين 7.2 و8.5 مليون برميل يوميا هذا العام، مقابل 6.5-8.7 مليون برميل يوميا في توقع الشهر الماضي. لكن محللين يقولون إن التوصل إلى لقاح واعد للفيروس قد يسرع مسار التعافي الاقتصادي وبالتالي يدعم أسعار النفط. وقال فرانك شالينبرجر المحلل لدى ال.بي.بي.دبليو ”اختراق نطاق 40-45 دولارا ممكن إذا كان انتعاش الاقتصاد العالمي أسرع وأقوى من المتوقع“. ورفعت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها للطلب لعام 2020 في وقت سابق من الشهر الجاري إلى 92.1 مليون برميل يوميا.

من جانب اخر يدفع تنامي معروض نفط أوبك والولايات المتحدة، بالتوازي مع تعثر تعافي الاقتصاد والطلب على الخام، سوق العقود الآجلة للعودة إلى هيكل ينبئ بفائض في المعروض، كما وقع إبان الانهيار النفطي في ابريل نيسان ومايو أيار في خضم جائحة فيروس كورونا. هذا التطور مبعث قلق لأوبك، التي كانت تعول على تعاف أسرع للطلب عقب جولة من تخفيضات الإنتاج العالمي غير المسبوقة. وسيكون على المنظمة إما أن تدرس مزيدا من تخفيضات الإنتاج أو التعايش مع أسعار نفط أقل لفترة أطول.

لكن هيكل فائض السوق، عندما تكون الأسعار الفورية أضعف من الأسعار الآجلة، يمكن أن يعود بالنفع على التجار، إذ يمكنهم تخزين الخام على أمل إعادة بيعه لاحقا بربح. وأعلنت كل من رويال داتش شل وتوتال وإيني وإكوينور النرويجية عن أرباح مجزية من تجارة الخام. وقال بيورنار تونهاوجن، مدير أبحاث سوق النفط في ريستاد إنرجي، ”تجربة أوبك المتمثلة في زيادة الإنتاج من أغسطس آب قد تعود بنتائج عكسية إذ أننا لم نخرج بعد من أزمة الطلب على النفط.

”سترتد السوق إلى تخمة معروض محدودة ولن تعود إلى العجز حتى ديسمبر كانون الأول 2020.“

وقال هوي لي، الاقتصادي في بنك أو.سي.بي.سي السنغافوري، إن السوق غير مقتنعة أن الطلب يتعافى ولذا اتجهت إلى الشراء لآجال أبعد بعلاوة سعرية متزايدة. وتؤجج معدلات الإصابة والوفيات القياسية بفيروس كورونا في الولايات المتحدة وغيرها المخاوف من أن موجة جديدة من تفشي الفيروس قد تعصف أكثر بالطلب. ويعمد العديد من صناديق المؤشرات إلى توزيع مراكزهم الدائنة بمزيد من التساوي على طول المنحنى بعد أن حل أجل عقد أقرب استحقاق للخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط عند أسعار دون الصفر في ابريل نيسان وهو ما كبد بعض مديري الأصول خسائر. بحسب رويترز.

وتشير التجربة التاريخية إلى أن فروق أسعار برنت تعطي مؤشرا جيدا على ميزان الإنتاج والاستهلاك العالمي فضلا عن المخزونات. وحتى السوق الحاضرة تعاني من ضعف. وفي أوروبا، يضغط تنامي الصادرات الأمريكية على الأسعار الحاضرة. وقال وارن باترسون من آي.إن.جي ”يعيد المنتجون الأمريكيون تشغيل آبار أغلقوها من قبل... وفي ضوء الطلب المخيب للآمال، يثير هذا إمكانية عودة السوق إلى بناء المخزونات.“

موجة ثانية

في السياق ذاته أظهر بحث داخلي في أوبك أن المنظمة تخشى أن تخفق التخفيضات القياسية التي تنفذها في إعادة التوازن إلى السوق وفي التخلص من أسوأ تخمة للمعروض في التاريخ إذا قوضت موجة ثانية من جائحة فيروس كورونا التعافي الاقتصادي هذا العام. وقالت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها بقيادة روسيا، وهي المجموعة المعروفة باسم أوبك+، إنهم سيقلصون القيود القياسية على إمدادات النفط استنادا إلى تعاف تدريجي في الطلب بالتزامن مع تخفيف إجراءات العزل العام حول العالم.

وتتوقع المجموعة أن يرتفع الطلب على النفط بمقدار سبعة ملايين برميل يوميا في 2021 بعد تراجعه بمقدار تسعة ملايين برميل يوميا هذا العام. وتريد أوبك زيادة إنتاجها بمقدار ستة ملايين برميل يوميا في 2021. لكن البحث الداخلي يشير إلى أن تلك الأرقام المستهدفة قد تكون في خطر إذا أجبرت موجة ثانية من المرض الحكومات حول العالم على فرض إجراءات العزل العام من جديد. ومن شأن هذا التصور خفض الطلب بمقدار 11 مليون برميل يوميا في 2020 وأيضا، وهو الأهم لأوبك+، سيؤدي لزيادة المخزونات التي تعتبرها المنظمة مؤشرا أساسيا لمراقبة مدى فاعلية إجراءات خفض الإنتاج.

وقالت المنظمة في البحث الذي أعدته وأوصى خلالها الوزراء بتقليص خفض الإنتاج ”يجب أن نلفت النظر إلى أن هذا السيناريو ستصل فيه الزيادة في المخزون الكلي لمستوى غير مسبوق عند 1.218 مليار برميل في 2020“. ومثل هذا الرقم يعني تخزين ما يعادل أكثر من 12 يوما من إنتاج النفط العالمي بسبب ضعف الطلب. بحسب رويترز.

وفي إطار تصور ”الموجة الثانية“ من تفشي المرض، لن تتراجع المخزونات العالمية في الربع الثالث وستنخفض بمقدار متواضع في الربع الرابع، لتظل مرتفعة عن متوسط خمس سنوات في الدول الصناعية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنحو 149 مليون برميل. وقالت أوبك إنها تريد إبقاء المخزونات عند أو أقل من متوسط الخمس سنوات. وتصورها الأساسي الحالي يتوقع أن تصل مخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أقل من متوسط خمس سنوات بنحو 104 ملايين برميل بنهاية 2020 بعد عمليات سحب في وقت لاحق من العام.

النفط الأمريكي

من جانب اخر قالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن انتاج النفط الخام في الولايات المتحدة من المتوقع أن يهبط بمقدار 990 ألف برميل يوميا في 2020 إلى 11.26 مليون برميل يوميا، وهو هبوط أكثر حدة من تقديراتها التي أصدرتها في وقت سابق لانخفاض قدره 600 ألف برميل يوميا. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الآن أن ينخفض استهلاك الولايات المتحدة من المنتجات النفطية بمقدار مليوني برميل يوميا إلى 18.46 مليون برميل يوميا في 2020، بانخفاض طفيف عن توقعاتها السابقة لهبوط قدره 2.12 مليون برميل يوميا.

وقالت الإدارة إن الطلب العالمي على المنتجات النفطية في يوليو تموز بلغ 93.4 مليون برميل يوميا. وأضافت أن الطلب كان منخفضا بمقدار 9.1 مليون برميل يوميا عن مستواه قبل عام لكنه ارتفع من متوسط بلغ 85 مليون برميل يوميا في الربع الثاني من هذا العام. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة أن يهبط انتاج النفط الخام الأمريكي للعام 2021 بمقدار 120 ألف برميل يوميا إلى 11.14 مليون برميل يوميا، وهو انخفاض أصغر بكثير من تقديراتها السابقة لهبوط قدره 620 ألف برميل يوميا. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب الأمريكي على النفط في 2021 بمقدار 1.57 مليون برميل يوميا إلى 20.03 مليون برميل يوميا، مقارنة مع تقدير سابق لزيادة قدرها 1.6 مليون برميل نيوميا.

على صعيد متصل أفاد متعاملون وبيانات رفينيتيف أيكون بأن الولايات المتحدة زادت إمداداتها النفطية إلى أوروبا في يوليو تموز للمرة الأولى منذ مايو أيار، معوضة تخفيضات الإنتاج التي ينفذها أعضاء أوبك+. وبحسب بيانات رفينيتيف أيكون حتى 24 يوليو تموز، بلغت إمدادات الخام الأمريكية إلى أوروبا قرابة 31 مليون برميل في يوليو تموز. ومع عودة أسعار الخام لما يتجاوز 40 دولارا للبرميل، سارع المنتجون الأمريكيون إلى أسر حصة سوقية، في حين لا تزال منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفاؤها، في إطار ما يعرف باسم أوبك+، يخفضون الإنتاج بشكل كبير.

وبلغت الإمدادات الأمريكية إلى أوروبا ذروتها عند 35 مليون برميل في أبريل نيسان قبل أن تنزل إلى 24 مليون برميل و27 مليون برميل في مايو أيار ويونيو حزيران على الترتيب. وتشتري مصاف أوروبية الخام الأمريكي الأقل سعرا بدلا من الدرجات المحلية التي تزيد تكلفتها بسبب قيود أوبك+ على الإمدادات. زاد منتجو النفط في الولايات المتحدة الكميات بعد الحد من إنتاج النفط الصخري في فصل الربيع عندما انهارت الأسعار. بحسب رويترز.

وقال متعاملون إن المنتجين لم يغلقوا الآبار بشكل تام، لذا انتعش الإنتاج سريعا. وأظهرت بيانات وزارة الطاقة الأمريكية أن مخزونات الخام الأمريكية في ساحل الخليج بلغت مستوى قياسيا هذا الشهر. وقال متعاملون إن أسعار خام الأورال الروسي منخفضة بسبب تنامي الإمدادات الأمريكية. وهبطت العلاوات لشحنات يوليو تموز إلى 30 و40 سنتا للبرميل بحلول منتصف الشهر انخفاضا من مستوى قياسي عند ثلاثة دولارات للبرميل في أواخر يونيو حزيران. وقال ثلاثة متعاملين مع مصاف أوروبية إن المتعاملين يعرضون مزيدا من النفط الأمريكي للتسليم في أغسطس آب وسبتمبر أيلول.

اضف تعليق