q
في مبادئ الاقتصاد السياسي، أيضاً، يُفتَرَضْ نظرياً أنّ الأشخاص الأكثر كفاءة سيحصلون على حصّة أكبر من الثروة والسلطة، غير ان ما يحدث في الكثير من الدول الريعية هو غير ذلك تماماً، فـ قلّة فاسدة من الأشخاص قد تحصل على الحصة الأكبر من الثروة والسلطة...

في مباديء الأقتصاد السياسي.. هناك ما يُدعى بـ أمثليّة " باريتو "Pareto optimality. وتعني، بأختصار، أنّ الكفاءة في توزيع الموارد ستتحقّق عندما لا يمكن زيادة رفاهية شخص.. دون الإضرار برفاهيّة شخصٍ آخر.

واستنادا لذلك، قد تقوم الدولة (عند توزيع الموارد على "مواطنيها")، بعملية " مقايضة " بين معيار الكفاءة، ومعيار العدالة، في تخصيص الموارد بين الأستخدامات المختلفة. فاذا اختارتْ العدالة، فرّطَتْ بالكفاءة. وإذا اختارتْ الكفاءة، فرّطَتْ بالعدالة. ونادراً ما تنجح الدول في الجمع بين المعيارين (أي العدالة في توزيع الموارد والكفاءة في استخدامها معاً) لتحقيق أفضل مستوى رفاه ممكن للمواطنين في حدود الموارد والأمكانات التكنولوجية المتاحة لديها. وتتجسد أعلى درجات التفريط بالكفاءة، من خلال نمط ادارة الحكم والتصرف بالموارد في الدول الريعية.

وفي مباديء الأقتصاد السياسي، أيضاً، يُفتَرَضْ "نظرياً" أنّ الأشخاص الأكثر كفاءة سيحصلون على " حصّة " اكبر من الثروة (والسلطة). غير ان مايحدث في الكثير من الدول الريعية هو غير ذلك تماماً.

فـ " قلّة " فاسدة من الأشخاص قد تحصل على الحصة الأكبر من الثروة والسلطة استناداً إلى قاعدة " القوّة " القائمة على تنامي نفوذها السياسي والأجتماعي، وليس استناداً إلى كفاءة أداءها الأقتصادي.

أمّا الأشخاص الأكثر كفاءة فيحصلون على حصّة أقل من الثروة والسلطة، أو على حدّها الأدنى.. هذا اذا لم يدفعوا حياتهم ( أحياناً )، أو قدرتهم على ممارسة ادوارهم ( في أحيان أخرى كثيرة )، كثمنٍ ( أوعقابٍ ) لأرتفاع مستوى كفاءتهم، بهدف ازاحتهم عن طريق الثروة والسلطة، وتركه للأقل كفاءةً منهم، أو للذين لايمتلكون أيّة كفاءة على الأطلاق.

وهكذا تعمل، وتتفاعل، بّنية الفساد و عدم الكفاءة، في أطار " مُتلازِمَة " Syndrome تَخادُم سياسي - سلطوي، لأطالة هذا النمط من الحكم، واستمرار المنافع و " الحوافز " المترتبة عليه، لأطول مدة ممكنة.

ويعودُ ذلك، بدرجةٍ أساسية، إلى معيار " التقاسم " السائد، القائم على تنامي القوّة، وسعة النفوذ. فـ " حصّة " الكفوئين من السلطة والثروة، ستتحدّد استناداً إلى ضعف قوّتهم، وقلّة حيلتهم، وهوانهم على الناس.. وليس استناداً إلى كفاءة أداءهم الأقتصادي والمهني، والمعرفي.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق