q
تضرر الإقتصاد السوري في بنيته الأساسية وطاقاته الإنتاجية في جميع القطاعات وضاعت عليه فرص التنمية منذ نهاية عام 2010. واصابت كوارث الحرب بالمآسي عموم الناس بدرجات متفاوتة، من الرعب والعنف ونقص الغذاء والعناية الطبية والماء والكهرباء وتقريبا كل الخدمات الضرورية، وتبددت مدخراتهم، والتبست حياتهم بالفوضى...

تضرر الإقتصاد السوري في بنيته الأساسية وطاقاته الإنتاجية في جميع القطاعات وضاعت عليه فرص التنمية منذ نهاية عام 2010. واصابت كوارث الحرب بالمآسي عموم الناس بدرجات متفاوتة، من الرعب والعنف ونقص الغذاء والعناية الطبية والماء والكهرباء وتقريبا كل الخدمات الضرورية، وتبددت مدخراتهم، والتبست حياتهم بالفوضى وغموض المستقبل. اما الذين تهدمت مساكنهم ومشاغلهم الإنتاجية فخسائرهم الإقتصادية اكبر. والإقتصاد، لولا انه سبب للمعيشة والبقاء، لا يساوي لحظة من لوعات الأسى على فقد الأعزاء ودموع الأمهات وألأرامل والأيتام. لقد عاش العراقيون تلك المحن وعذابات الحرب، واستنسخت صفحات منها في اليمن واخرى في ليبيا... ومع كل الذي جرى لا بد من الأمل في سلام دائم وخير عميم.

نحاول عبر هذه المراجعة التعرف، بالمجمل، على إقتصاد انهكته الحرب وعملية إعادة الإعمار واستئناف النمو للنظر في الموارد المطلوبة ونطاق الإمكانية.

الإقتصاد السوري قبل الحرب:

باشرت سوريا مطلع العقد الاول من القرن الواحد والعشرين التحول نحو ليبرالية اوسع في النظام الإقتصادي انسجاما مع قوة الاتجاه العالمي آنذاك ومجاراة لصندوق النقد الدولي. وجاء ذلك التحول على أثر انخفاض إنتاج النفط وضآلة احتياطياته، ولكبح ضغوط زيادة الانفاق مع صعوبة انتزاع ما يكفي من الايرادات الاضافية. وقد ركّز برنامج "الإصلاحات الهيكيلية" على تخفيف الضوابط التنظيمية للإقتصاد وتقليص نطاق الاشراف الحكومي على القطاع الخاص. وايضا تبنّى برنامجا لخفض اعانات الطاقة حيث كانت المنتجات النفطية تهرّب الى بلدان مجاورة بسبب فرق السعر. واثيرت ضجة حول هذه السياسة لأن تخفيض اعانات الطاقة يرفع الأسعار ويرهق عموم المستهلكين، واختلطت هذه الشكوى بالدفاع عن مصالح أخرى. والتزم برنامج الإصلاح بتعديل النظام الضريبي ليتوافق مع التوجه الجديد.

ومنذ عام 2001 طلبت سوريا الانضمام الى المنظمة العالمية للتجارة، واعادت سوق الاوراق المالية، وحاولت إنشاء سوق للدين الحكومي. وأصبح واضحا ان المصارف العامة في طريقها لإعادة الهيكلة، وسوف يغيّر البنك المركزي منهج عمله ليقترب من النموذج المحبّذ لدى الصندوق والغرب.

وقد كان النمو متواضعا 4.4 بالمائة سنويا للإقتصاد عدا النفط رغم امتداح الصندوق لأداء الإقتصاد الكلي. لكن معدل التضخم منخفض، وميزان المدفوعات الخارجية أقرب الى التوازن، والاحتياطيات الدولية للبنك المركزي كافية. بيد ان التحول غيّر النمط الذي اعتاد عليه المجتمع في علاقته بالدولة، وكانت له نتائج توزيعية سلبية في نظر فئات عريضة، واخذت تظهر اساليب تعامل بين البيروقراطية وقطاع الاعمال الخاص والأفراد الاعتياديين اضعفت النزاهة. وقد واصلت سوريا التقدم في التعليم والصحة بما في ذلك صحة الاطفال والأمهات، لكن من المستبعد الربط بين هذا التطور والسياسة الإقتصادية الجديدة.

لقد ارتفعت البطالة ونسبة الفقراء من مجموع السكان، واتسعت فجوة الرفاه بين الريف والمدينة وازداد التفاوت بين المناطق بعد عام 2004. وانعكست آثار تعاقب سنوات الجفاف في دخل المجتمع الريفي. وهاجر الكثير من الفلاحين نحو مدن الجنوب والمناطق الساحلية. وإزدادت معاناة الريف بجفاف عام 2008 وقلة المطر للسنتين التاليتين، ولجأت اعداد اضافية الى المدن فتكاثر سكان المناطق الفقيرة على احزمتها الخارجية. ويبدو ان إنخفاض نسبة القوى العاملة في الزراعة كان كبيرا جدا من 30 بالمائة عام 2001 الى 13.2 بالمائة عام 2010. وهبط إنتاج الحبوب في جفاف عام 2008 الى 2.1 مليون طن بينما كان بالمتوسط 5 مليون طن في النصف الأول من العقد الأول.

كانت البطالة 8 بالمائة عام 2005 وصلت الى 9.7 بالمائة عام 2010، ومثل هذه المعدلات متعارف عليها في الدول النامية. وارتفع التضخم بشدة عام 2008 حيث بلغ 15.7 بالمائة لكنه انخفض في السنتين اللاحقتين الى 2.6 بالمائة و7.1 بالمائة على التوالي. وتراوح معدل النمو السنوي للناتج المحلي الاجمالي بين 3 بالمائة و4.3 بالمائة للسنوات 2008 – 2010.

بلغ عجز الموازنة العامة 2.9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لعامي 2008 و2009 وارتفع كثيرا عام 2010 ليصل الى 8 بالمائة من الناتج، ومع ذلك بقيت نسبة اجمالي الدين الى الناتج 30 بالمائة، وهي دون المتوسط للبلدان النامية ولا تصنف سوريا آنذاك من الدول المثقلة بالدين.

بقي الحساب الجاري لميزان المدفوعات الخارجية في النطاق القريب من المستوى التوازني للسنوات 2008 – 2010. والدين الخارجي 5.5 مليار دولار بنسبة 9 بالمائة من الناتج المحلي، وهو منخفض نسبة الى موارد الصادرات. والاحتياطيات الدولية للبنك المركزي 20.7 مليار دولار تعادل استيرادات سنة بأكملها، بمعنى ان المركز المالي الدولي للإقتصاد في النطاق الآمن لا تهدده المخاطر المتعارف عليها. واستقبل الإقتصاد السوري عام 2010 استثمارات خارجية مباشرة بحوالي 2.3 مليار دولار نسبتها الى الناتج المحلي الإجمالي 3.8 بالمائة وفي السنة السابقة أكثر إذ تضمنت استثمارات الغاز. وأغلب الاستثمار الأجنبي في الصناعات ذات المزايا التنافسية مثل صناعة الأدوية والنسيج والغذاء.

لم يتمكن الإقتصاد السوري من توليد فرص عمل مدرة لدخل كافي تناسب نمو السكان الذي بقي مرتفعا، فتضاعفت البطالة والانخراط في انشطة هامشية بين نهاية التسعينات من القرن الماضي وعام 2007 وفي فئة الشباب بالذات، وعادة تكون البطالة في فئة الشباب اعلى في كل الدول.

ولم تتغير بيئة الأعمال بل بقيت السلبيات المعروفة في التقارير مثل صعوبة انجاز الإجراءات للمباشرة بعمل جديد، وتسجيل الملكية، وفرض القانون لاحترام الالتزامات التعاقدية، اضافة على الشكوى من الرشاوى وسواها من السلبيات. وقد أظهر استطلاع لآراء رجال الأعمال ان 80 بالمائة من الشركات تقدم هدايا للموظفين لتسهيل الإجراءات. وقد لا تكون معلومات ذلك الاستطلاع دقيقة لكنها تكشف عن محنة الدول النامية في الجهاز البيروقراطي.

تعتمد سياسة الاستثمار الأجنبي على قانون شرّع عام 1991 ويُذكر ان المنتفعين منه، في الغالب، من السوريين المغتربين. وهناك ملاحظات حول بروز طبقة جديدة عبر الانتفاع من القانون و"الانفتاح والتحرير" وشبكة الروابط الأسرية... وما يقال حول تسخير القانون لاستيراد سيارات بإعفاءات كمركية تحت مظلة الاستثمار. واغلب الأنشطة التي اقيمت كانت بالحجم الصغير لمحدودية التمويل والضمانات المطلوبة. وغياب سوق راس المال الأولي لتكوين شركات كبرى جديدة. واكثر الأنشطة في الصناعات الدوائية والغذاء والنسيج. واكثر صادرات سوريا غير النفطية من تلك السلع وكان العراق السوق الثاني لها بعد الاتحاد الأوربي، ووجدت لها اسواقا في السعودية وتركيا ولبنان.

الانزلاق الى الحرب الأهلية ومحطات في مسارها:

ثمة قناعة على نطاق واسع بان الاستياء الإقتصادي كان عاملا مهما في الاضطراب السياسي رغم ان بيانات المجملات الإقتصادية لما قبل الحرب اظهرت اداءا سليما للإقتصاد وحيوية وميلا للاستقرار. بيد ان الناس يحكمون على اوضاعهم بمقاييس اخرى، كما تؤثر المسافة بين ما يتطلعون اليه ووعيهم لوضعهم الإقتصادي في مزاجهم السياسي.

ان الثراء السريع لفئات داعمة للنظام السياسي الى جانب تزايد معاناة الفئات المحرومة من العوامل المحفزة على الثورات في العالم النامي. لكن المظالم الإقتصادية لوحدها لا تكفي لتفسير كل ماحدث في سوريا رغم الصلة الواقعية بين درجة الحرمان والمناطق التي عارضت واحتجّت. وعلى سبيل المثال يقال ان تخصيص اراضي للمستثمرين لإنشاء منطقة حرة كانت له علاقة بالمظاهرات أي ان المسألة لا تنحصر بالمعاناة الإقتصادية بل ايضا تناحر المصالح.

الأحساس بالظلم الاقتصادي ليس بعيدا عن حدة التفاوت بين فئة الاثرياء المنتفعين من التحول نحو ليبرالية السوق والقطاع الخاص والانفتاح المالي والتجاري، وفقراء تحمّلوا اعباء التعثر الإقتصادي من العمال وذوي المشاغل الصغيرة ومنتسبي الدولة في الفئات الدنيا من الدخل ومعهم الفلاحون الذين أضرهم الجفاف. وكانت المظاهرات التي انطلقت من درعا تحاكي في بدايتها، على الأكثر، ما حدث في تونس ومصر ودول اخرى. وقد كان الإعلام السياسي للدولة السورية وعلى لسان رئيسها معترفا بالصعوبات الإقتصادية التي ارهقت الكثير من الفئات في القاعدة العريضة للمجتمع، وان الإصلاحات السياسية تلكأت بل توقفت.

لقد كانت القيادة الحاكمة تعول على مكانة سوريا ضمن جبهة السياسة الراديكالية تجاه الغرب لإسناد شرعيتها. وتبنت سوريا منذ عام 2000 نهجا للإصلاح السياسي نحو قدر اوسع من الليبرالية والمشاركة لكنه توقف وتراجع نحو الأساليب القديمة. وظهرت الكثير من الدلائل على الضعف الشديد لقوى الاصلاح السياسي، بالمضمون الديمقراطي، في المعارضة كما هي في جبهة الحكومة. ولذلك لم تلق المبادرات التي قدمتها الرئاسة في بداية الحرب الأهلية استجابة مؤثرة في مجرى الأحداث، لأن قوى الرفض الشامل والجماعات المسلحة هي الطرف الأقوى في مقابل الحكومة.

ودلت الوقائع فيما بعد على عداء مستحكم، وانقسام عميق في المجتمع، بين الدولة والإسلام السياسي بأجنحته المختلفة؛ وبين نظام الحكم وتيار، متنوع الاهتمامات والطموحات، يتطلع الى ديمقراطية ليبرالية؛ وايضا جماهير يحركها مزاج الاستياء من احوال معيشتها. وكانت سوريا تتجاذبها استراتيجيات وتوجهات متنافرة في نطاقها الإقليمي: فمن جهة لا تريد الحكومة السورية لأمريكا النجاح في العراق لإسقاط خيار التدخل العسكري في تغيير انظمة الحكم، فصارت ساحة حرة لأعداء النظام الجديد في العراق، وتحرص في نفس الوقت على مجاملة المجموعة الحاكمة وادامة صداقات مع المستوى القيادي فيه؛ وانفتحت سوريا على تركيا بعد اتفاقية التجارة الحرة عام 2007 بعلاقات إقتصادية واعدة بالكثير، لكن تركيا ايضا موزعة بين النظام ومصالحها الإقتصادية من جهة، وولاء جماعات لها في سوريا معادية لحزب البعث وسلطته من جهة ثانية، وسياسات دول الخليج من جهة ثالثة؛ ودول الخليج، وإن تغاضت عن الغزو الأمريكي للعراق، لكنها ترفض تغيير موازين القوى السياسية التقليدية في هذا البلد، بل تريد الإبقاء على العراق "جناحا شرقيا للأمة العربية" ضد إيران... وكانت تضغط لإندراج سوريا في سياستها هذه؛ وإمريكا ومبدأ الهيمنة الشاملة وما يقتضيه امن اسرائيل؛ ونزاع امريكا، ودول الخليج، مع ايران الحليفة لسوريا والداعمة لنظامها.

في هذه البيئة الملتبسة بسياسات متنافرة لا تقبل التسوية كانت سوريا في انتظار القشة التي تقصم ظهر البعير.

وثمة صلة وثيقة بين الأحداث في العراق وسوريا. فقد تشكلت جبهة النصرة في تشرين الثاني، نوفمبر، 2011 من تنظيم "دولة العراق الإسلامية". وفي نيسان، ابريل، 2013 اُعلنت الوحدة بين جبهة النصرة ودولة العراق الإسلامية بعنوان الدولة الاسلامية في العراق والشام في حزيران، يونيو، تغير اسمها الى "الدولة الأسلامية"، واقيمت الخلافة في العراق وسوريا وعاصمتها الرقة؛ وفي العاشر من نفس الشهر اجتاحت الدولة الاسلامية، مع فصائل اخرى، الموصل نزولا الى ضواحي بغداد من الشمال الغربي، وكانت قبل ذلك تسيطر على الفلوجة، وجنوبها على نهر الفرات، جرف الصخر. وبدأت معارك تحرير الارض في العراق بُعيدَ سقوط الموصل وتصاعدت مع تجهيز جيش العراق بالمزيد من السلاح وحصوله على مروحيات مقاتلة. كما ساعد المتطوعون في القوات الرديفة، الحشد الشعبي، كثيرا في عمليات قتالية صعبة. واُعلنت رسميا نهاية الحرب، التي بدأت من صيف 2014، في التاسع من كانون الأول، ديسمبر 2017. وفي ايلول، سبتمبر، 2015 بدأت روسيا القصف الجوي في سوريا. وأمريكا في الجبهة المضادة للدولة السورية لكنها في نفس الوقت حاربت " الدولة الإسلامية". وقامت اسرائيل بتوجيه 13 ضربة الى الاراضي السورية بين شباط، فبراير، وايلول، سبتمبر، 2018. بدعوى انها تستهدف الوجود الإيراني في سوريا. وركّزت تصريحات المسؤولين الأمريكان عام 2018 كثيرا على ايران في المعترك السوري. وفرضت أمريكا على سوريا عقوبات إقتصادية كما وجهت ضربات صاروخية على مواقع عسكرية تابعة للقوات المسلحة الرسمية.

الإقتصاد في زمن الحرب:

اشارت تقارير حديثة الى ان ثلثي السكان او اكثر اصبحوا تحت خط الفقر والبطالة 60 بالمائة، ويمكن القول ان شروط الحياة الاعتيادية للناس قد دمرتها الحرب والنقص في جميع متطلبات العيش من الغذاء والدواء والسكن والكهرباء وامكانات التعليم والبنى التحتية بصفة عامة. وان الكثير من الطاقات الإنتاجية في الكهرباء والصناعة والنقل والخدمات اما تحطمت او لم يعد بالإمكان تشغيلها. لكن هذه المؤشرات لا تنفع في معرفة متطلبات اعادة الإعمار واستئناف النمو الإقتصادي إلا ان تضع الحرب اوزارها. كما ان دوائر الدولة ايضا منها تضررت في ابنيتها وتسهيلات ادائها للخدمات، واخرى لم يتمكن منتسبوها من مزاولة العمل فضلا عن إضطراب النسق المؤسسي للإدارة الإقتصادية والخدماتية.

تحكّمت وقائع الحرب في إعادة توزيع السكان ليس بين المناطق فحسب بل داخل المدينة الواحدة بحثا عن الأمن والوفرة النسبية للسكن البديل والإيجار والمياه وخدمات الصرف الصحي والكهرباء. وربما لا يعود جميع السكان الى اماكنهم السابقة، أي ان الحرب قد ادت الى تغيير دائم في نمط الانتشار المكاني للسكان بهذا القدر او ذاك. لقد ازدادت نسبة السكان الحضر من 55 بالمائة الى 80 بالمائة، من تخمينات اولية، لأن النازحين جرى توطينهم في المدن. وانتقل اغلب السكان النازحين في الداخل الى اماكن اخرى داخل محافظاتهم وفي مدنها، ومن مدينة لأخرى ضمن المحافظة.

ويسهّل هذا النمط من الحراك المكاني استعادة الوضع الاعتيادي، خاصة وان التركز العالي للسكان في الاحياء الآمنة والمناسبة لسكن النازحين سيدفعهم الى مغادرتها نحو اماكن سكنهم السابقة عندما يستتب الوضع الامني ومع اعادة الإعمار تدريجيا.

لقد نقل القطاع الخاص أعماله نحو المناطق الآمنة والساحلية عندما اشتدت الحرب. ونظرا لانحسار الموارد الحكومية فُسح المجال للعديد من الجهات بالانخراط في الوضع السوري ومنها الدول التي مولت المعارضة والامم المتحدة وروسيا وايران و... شبكات تمويل المنظمات المسلحة الإرهابية.

وفي سنوات الحرب انخفض إنتاج الحبوب والمحاصيل الرئيسة لأسباب منها تعود للمناخ واكثرها لظروف الحرب. وتشير الكثير من التقارير الى انخفاض ساعات تجهيز الكهرباء من الشبكة الحكومية، بيد ان البيانات المنشورة تفيد ان الطاقة التوليدية القائمة 9699 ميغاواط.

معدل التضخم السنوي 51 بالمائة بين كانون الثني، يناير، 2012 وآذار، مارس، 2015، وانخفض الى 39.7 بالمائة بين ايار، مايو، 2014 والشهر المماثل من عام 2015.

كان الانفاق الحكومي 18.6 مليار دولار عام 2011 وارتفع الى 24.3 مليار دولار عام 2012 ثم انخفض تدريجيا الى 7.9 مليار دولار في عام 2016. وبلغت الإعانات، من داخل وخارج الموازنة، ما يعادل نصف الأنفاق الحكومي عام 2016.

على الاقل 58 بالمائة من البنى التحتية الصحية قد دمرت في الحرب. وفي دراسة أعدها البنك الدولي تقدر خسائر ثلاث مدن، حلب وحماة وإدلب، بمليارات الدولارات بين 7.8 و 9.4 في شباط 2017. و80 بالمائة من تلك الأضرار في مدينة حلب، وهي 7.6 مليار دولار في حدها الأقصى، وقت التقدير، و66 بالمائة منها في السكن ثم الطاقة 15 بالمائة والصحة والتعليم 6 بالمائة والنقل والمياه والصرف الصحي 14 بالمائة. ولا تشمل تلك الأضرار محتويات المساكن من اجهزة واثاث وما اليها.

واكثر المساكن المتضررة هي الشقق بنسبة 82 بالمائة تليها المساكن الشعبية بنسبة 17 بالمائة. ويبين تقرير البنك الدولي آنفا ان ربع المساكن المتضررة محطمة بالكامل وثلاثة ارباعها لحقتها اضرار جزئية تعادل بالمتوسط 40 بالمائة من قيمتها.

لقد قلصت الحرب عدد المساكن المتاحة مع ضآلة الإمكانات المالية الى جانب الخلل التنظيمي الذي اصاب القدرة على البناء. كما ان المصارف قد خسرت نتيجة عدم قدرة المقترضين على سداد ديونهم. وقد لجأ النازحون الضعفاء الى المساجد والمدارس وابنية لم تكتمل او خيم في المدن الرياضية... وعندما يراد اعادة اسكانهم، اضافة على اللاجئين في الخارج، تواجه سورية مهمة صعبة. ولا تنحصر المسألة فقط في الموارد، بل تستغرق اعادة البناء زمنا بالسنوات، ويتطلب الأمر ايجاد اسكان مؤقت لهذه الملايين أفضل من وضعهم الحالي، وتستنزف هذه التدابير جزءا من الموارد التي تخصص لإعادة الإعمار.

بين آذار، مارس، 2011 وكانون الاول، ديسمبر، 2016 تعرضت 310 من المستشفيات والمراكز الصحية الى هجمات بعدد 454 راح ضحيتها 796 من العاملين في تلك الوحدات العلاجية. وتتعرض وحدات الخدمات الطبية او منتسبيها الى هجوم بمعدل كل 48 ساعة أواخر عام 2016.

من مجموع المستشفيات والمراكز الصحية في المدن الثلاث، الآنفة، بعدد 288 منها 78 تحطمت بالكامل و81 أصيبت بأضرار. ومن نتائج القصف وانواع اخرى من العنف تناقص عدد العاملين في الخدمات الطبية من السوريين والمنظمات الانسانية. وانتشرت الامراض المعدية وبعضها كانت قد انحسرت او انتهت قبل عام 2011. وازدادت الاصابات بالأمراض غير المعدية مثل السرطان والسكري وغيرها. وأصبح نقص اللقاحات، والكوادر الطبية لتلقيح الاطفال، شائعا ما يعرضهم لمخاطر الامراض التي تخلصت منها الاجيال السابقة مثل الحصبة والخناق وشلل الاطفال... وكان تدهور امكانات القطاع الصحي شاملا. كما اضاف نقص الادوية كثيرا الى المشكلة.

وتشير التقارير ان 6000 طبيب في حلب لم يواصل العمل منهم سوى 62 نهاية عام 2016 والآخرين غادروا. ومات العديد من المصابين بأمراض مزمنة كان علاجهم سهلا يسيرا في سوريا قبل الحرب.

في حلب تحطمت 25 بالمائة من الجسور وتضررت 65 بالمائة من الطرق. ويذكر ان 28 بالمائة من اطوال الطرق داخل المدن التي جرت فيها او حولها معارك قد اصابها الخراب، لكن الحكومة بذلت جهودا في اصلاحها لإدامة حركة النقل في المناطق التي تحت سيطرتها.

في المدن الثلاث اربع منظومات لتوليد الكهرباء اثنان منها تحطمت وإثنان تضررت، وكذلك اصابت الهجمات والقذائف ابراجا ومحطات فرعية وخطوط نقل وتوزيع الكهرباء. لكن الكهرباء استمرت بشكل او بآخر من الشبكة الرسمية وتدابير محلية تولاها القطاع الخاص بمولدات الديزل.

لقد انخفضت معدلات الالتحاق بالتعليم الابتدائي وازداد التسرب لصعوبة الوصول الى الخدمة التعليمية للأطفال. واصاب ابنية التعليم ومستلزماته نقص واضح كما هو المتوقع. ويذكر ان 53 بالمائة من ابنية التعليم في حلب اما انهارت تماما او اصابها ضرر بحيث يتعذر الانتفاع منها. بينما تعمل جميع ابنية التعليم في حماة و92 بالمائة منها في ادلب، بمعنى تفاوت واسع بين المدن السورية في تعرض تسهيلات التعليم للقذائف الحربية. كما لا تساعد اجواء الحرب على الأداء المنتظم للتعليم. والى جانب تلك المشاكل يلاحظ انقطاع اعداد من المعلمين عن العمل في مناطق العمليات الحربية.

تفيد البيانات المذكورة في احدث دراسة لخدمة ابحاث الكونغرس CRS إن السكان الذين يحتاجون مساعدة انسانية 13.1 مليون نسمة، 6.6 مليون نازحون في الداخل و 5.6 مليون لاجئون في الخارج. وفي عام 2017 نسبة البطالة 50 بالمائة؛ ونسبة السكان في الفقر الشديد 69 بالمائة من مجموع السكان.

وفي عام 2015 عرضت دراسة أعدها مركز Chatam House بيانات تفيد انخفاض النشاط الإقتصادي مقاسا بإجمالي الناتج المحلي الى النصف مما كان عليه قبل الحرب، وفي تقديرات اخرى، لصندوق النقد الدولي، اصبح النشاط الإقتصادي نهاية عام 2016 تقريبا ربع ما كان عليه عام 2010. وتراجع الإنتاج الزراعي كثيرا، والنفط الذي كان إنتاجه 387 ألف برميل يوميا خرج عن سيطرة الدولة وهو مصدر مهم للأيراد المالي والطاقة، وتستخدم المصافي التي تديرها الحكومة نفطا مستوردا. وتقلص توليد الكهرباء من الشبكة الرسمية بنسبة 70 بالمائة. وتصاعد التضخم على نحو استثنائي، وفي منتصف عام 2015 انخفض سعر صرف الليرة بنسبة 78 بالمائة عن مستوى عام 2011، وبنسبة 83 بالمائة في السوق الموازية.

وينسجم هذا الهبوط في قيمة العملة الوطنية مع الأرتفاع العنيف في معدلات التضخم. ومع ذلك استمر الإقتصاد السوري ومؤسساته بالعمل. واستعادت الحكومة في عام 2018 سيطرتها على اغلب الأراضي التي فقدتها، وتحاول إحكام ادارتها للأوضاع الإقتصادية الصعبة أفضل بكثير مما كانت عليه عام 2016. وربما تهيأت الفرصة لمباشرة أعادة إعمار واسعة او شاملة عام 2019.

سيناريو لإعادة الإعمار والنمو الإقتصادي:

بلغ سكان سوريا 21 مليون نسمة عام 2010 من بيانات البنك الدولي، ويصل 25.6 مليون نسمة عام 2018 عند نمو السكان بنفس المعدل الذي كان عليه في العقد الأول من القرن الحالي. ويمكن، تحكما، اعتماد 24 مليون نسمة لحجم السكان آخذين بالأعتبار تغير معدلات المواليد والوفيات خلال الحرب. لكن بيانات المكتب المركزي للإحصاء في سوريا تفيد ان حجم السكان بداية عام 2010 بلغ 23.7 مليون نسمة ويبدو ان تقدير البنك الدولي للسكان الذين كانوا يقيمون في سوريا وبيانات المكتب المركزي للإحصاء لكل السكان. وبذلك يكون مجموع كل السكان على فرض عودة النازحين بسبب الحرب 28.9 مليون نسمة عام 2018 بما فيهم الذين يقيمون عادة في الخارج بدون تعديل وعند اعتماد التعديل التحكمي آنفا 27.1 مليون نسمة. وللمقيمين على فرض عودة النازحين من الخارج 25.6 مليون نسمة بدون تعديل و24 مليون نسمة مع التعديل.

كان المعدل السنوي لنمو الناتج المحلي الاجمالي في سوريا 5.39 بالمائة للمدة 1965 – 2007. وبينت جداول البنك الدولي ان الناتج السوري بدولارات عام 2007 لتلك السنة 40.4 مليار دولار، وباستخدام نفس معدل النمو وتعديل الأسعار يكون الناتج عام 2010 بأسعار عام 2018 بدولارات امريكية 56.85 مليار. وحسب تقديرات صندوق النقد الدولي للناتج عام 2010 في تقريره لعام 2016 كان الناتج 60 مليار دولار بالأسعار الجارية وعندما يحول الى اسعار عام 2018 بمعدل التضخم الأمريكي يكون الناتج لعام 2010 بأسعار 2018 بمليارات الدولارات 68.6. وسوف نعتمد التقدير الأخير لحساب متطلبات اعادة الإعمار.

وللنظر في مجريات اعادة الإعمار والنمو نجرب ثلاث فرضيات:

أولا: يستعيد الإقتصاد السوري مستوى النشاط الإقتصادي لعام 2010 في عام 2020 ثم ينمو بنفس المعدل آنفا 5.039 بالمائة سنويا ليكون الناتج عام 2030 بأسعار عام 2018 بالدولار115.9 مليار.

ثانيا: يستعيد الإقتصاد السوري مستوى نشاط عام 2010 ويعوض فرص النمو الضائعة بموجب المعدل المبين آنفا ليكون ناتج عام 2030 بالدولار 196.1 مليار دولار.

ثالثا: يستعيد مستوى عام 2010 ثم ينمو بمعدل 7 بالمائة للمدة 2020-2030 ليكون ناتج عام 2030 بالدولارات 134.9 مليار.

تكوين رأس المال الثابت هو الاضافة السنوية الى الموجودات الثابتة، ويمثل الجهد الاستثماري الكلي على المستوى الوطني، وبلغت نسبته الى الناتج المحلي الإجمالي 21.77 بالمائة للمدة 1965-2010. كما ان نسبة الموجودات الثابتة الى الناتج المحلي الإجمالي في سوريا بالمتوسط لتلك المدة 4.32 وان مجموع الموجودات الثابتة في سوريا عام 2010 بأسعار عام 2018 هي 296 مليار دولار. ونعتمد هذا المؤشرات لحساب كلفة الموجودات الثابتة التي يراد إعادتها. وعلى فرض ان الحرب دمرت ما يعادل 30 بالمائة من الاصول الثابتة التي كانت قائمة في سوريا عام 2010 قإن كلفة إعادة الإعمار 89 مليار دولار. اما عندما تعادل الخسائر 20 بالمائة من الموجودات فالمطلوب لإعادة الإعمار 59 مليار دولار. وبالتقريب تكون الموارد المطلوبة 74 مليار دولار بالمتوسط بين الفرضيتين.

ان كلفة إعادة الإعمار لا تتحمّلها الموازنة المالية العامة للحكومة السورية لوحدها: إذ يسهم القطاع الأسري ببعض التكاليف في اصلاح واعادة بناء المساكن، ويتولى قطاع الأعمال الخاص الأنفاق لإصلاح الكثير من وحداته الإنتاجية، وسوف تسهم المصارف بتمويل انشطة إعادة إعمار بالقروض، فضلا عن مِنَح المؤسسات الدولية والدول الأجنبية.

الجهد الإستثماري للنمو وإعادة الإعمار حسب البدائل الثلاثة بمليارات الدولارات بأسعار عام 2018:

- الأول 291؛ المتوسط السنوي24؛ نسبة الى الناتج السنوي 26%...........

- الثاني 660؛ المتوسط السنوي55؛ نسبة الى الناتج السنوي 44%...........

- الثالث 397؛ المتوسط السنوي 32؛ نسبة الى الناتج السنوي 32%...........

ويظهر ان البديل الثاني في غاية الصعوبة ويقترب من مستوى الجهد الاستثماري في الصين سنوات الصعود، وهو بعيد المنال في سوريا وعموم الدول النامية؛ والبديل الثالث ممكن ويماثل اليابان وكوريا الجنوبية ايام الصعود التنموي؛ اما البديل الأول فهو سهل المنال لأنه يقارب متوسط الجهد الاستثماري في الدول النامية متوسطة الدخل، لكنه يزيد على المعدل الذي اعتادت عليه سوريا بأربع نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي كل الأحوال تحتاج سوريا الى موارد اضافية من الخارج لكافة البدائل لأن اعادة الإعمار تنجز في السنوات القريبة القادمة بين ثلاث الى خمس سنوات. ان هذا السيناريو ابتدائي يساعد، عادة، على معرفة النطاق القريب لما ينتهي اليه الحساب التفصيلي.

ابعاد سياسية لإعادة الإعمار:

روجت مراكز دراسات سياسية امريكية مثل بروكنغز لقواعد غريبة تقترحها لإسهام الولايات المتحدة واوروبا في إعادة الإعمار منها: انفاق الأموال عبر قنوات لا تصل اليها الحكومة السورية؛ وان لا تساعد مشاريع الإعمار في تقوية شرعية النظام السياسي، ولا تنتفع منها الجماعات المساندة له؛ وتحبذ تنفيذ المشاريع على المستوى المحلي، وبإدارة المجموعات التي تعاملت معها الدول الاجنبية في الحرب الأهلية؛ وان تكون المشاريع صغيرة، وفي المناطق التي لم تتعرض الى اضرار كبيرة او تخريب شامل؛ والأنفاق تدريجي ومحدود... وشروط أخرى على منوالها.

ومن الواضح ان هذه المقاربة الشاذة تصب في قنوات ادامة التأزم واجواء الحرب. واشترطت دول اوربية التحول الناجز الى نظام ديمقراطي بالمعايير المتعارف عليها في أديباتهم مضافا اليها شفافية ومساءلة وشراكة ونزاهة... ما يعني عدم القدرة على الإسهام في ترتيبات تساعد في الإنتقال السلمي الى استقرار دائم. ان استمرار الولايات المتحدة واوروبا على سياسة زمن الحرب يكرس الانقسام في المجتمع السوري ويضيف المزيد الى العوامل المعيقة لإرساء وحدته.

واعلنت الولايات المتحدة رسميا بانها لا تشترك في إعمار المناطق تحت سيطرة الحكومة إلاّ بعد التوصل لحل سياسي طبقا لقرار مجلس الامن 2254 لعام 2015. لقد الزم القرار 2254 الحكومة بالتفاوض مع المعارضة للتوافق على ترتيبات تفضي الى دستور جديد وانتخابات بإشراف الأمم المتحدة. وذلك بعد التذكير بإعلان جنيف في 30 حزيران، يونيو، 2012، الذي بنص على تشكيل جهاز حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة، وقد اختلفت الحكومة والمعارضة في تفسير الإعلان.

واشار القرار 2254 الى قرارات سابقة لمجلس الأمن عددها 12 اتُخذت بين عامي 2012 و2015 حول القضية السورية. وذكّر القرار الآنف بالتزام مجلس الأمن بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة اراضيها، ومبادئ وغايات ميثاق الأمم المتحدة في التعامل معها، وفي واقع الممارسة تصرفت العديد من الدول بما يناقض هذه المبادئ.

ستجري عملية اعادة الإعمار في سياق استعادة الدولة لقوتها وفاعلية جهازها البيروقراطي. ومن المستبعد ان تسمح الحكومة السورية بتنفيذ مشاريع عبر ترتيبات موازية لإدارتها المركزية أو مشاركة الممولين في آلية القرار. وعندما تتوقف الحرب يتحسن الوضع الإقتصادي بالإمكانات القابلة للتشغيل، وبهذه الإمكانات على قلتها يمكن اصلاح الكثير من وحدات الإنتاج ومنظومات تجهيز الخدمات حتى قبل ان تبدأ برامج إعادة الإعمار بموارد إضافية خارجية. بكلمات اوضح إن كانت حاجة الحكومة الى الدعم الإقتصادي من وسائل الضغط السياسي فهي في زمن السلام اقدر على مواجهة تلك الضغوط.

ان الدول التي انخرطت في الحرب الاهلية ضد النظام، مباشرة ام بوسائل أخرى، لا زالت تتطلع الى دور مؤثر. وربما تتصور ان الظروف ستكون مواتية لإعادة صياغة مؤسسات الحكم نحو توازن النفوذ الأجنبي في قوام الدولة السورية، وسوف تحرص الحكومة السورية على مقاومة هذا النموذج. ومادامت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي لا تريد للنظام القائم الانتفاع من برامج الإعمار سياسيا، فإن فرص اسهامهم فيها ضئيلة، ويستمر نزاعهم السياسي مع سوريا حتى لو شاركت المعارضة في الحكم، بشكل ما، طالما بقيت سوريا خارج النطاق الاستراتيجي للتحالف الغربي.

* مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-Ⓒ2018
www.fcdrs.com

....................................................
(1) World Bank, Syria Damage Assessment of Selected Cities Aleppo, Hama, Idlib , World Bank ,2017.
(2) Gobat, Jeanne and Kostial, Kristina, Syria’s Conflict Economy, IMF, wp/16/123, June 2016.
(3) World Bank, world development Indicators.
(4) Butter, David, Syria's Economy: Picking up the Pieces, June 2015, Chatam House, the Royal Institute of International affairs.
(5) Heydemann, Steven, Rules for Reconstruction in Syria, August 2017, Brookings.
(6) Encyclopaedia Britannica, Syrian Civil War, September 2018.
(7) Humud, Carla E., et al, Armed Conflict in Syria: Overview and U.S. Response, September 21, 2018, Congressional Research Service.

اضف تعليق