q
ان القوة الاقتصادية المتنامية في بلدان مثل الصين والهند وروسيا قد تنشر ممارسات الفساد على نطاق أوسع، وعلى الرغم من إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بمؤسساتها السليمة. الا أن المصرفيين الغربيين والمحامين ووكلاء العقارات وشركات العلاقات العامة (وربما حتى الرؤساء)، غالباً ما يكونون مستعدين إلى حد كبير للمشاركة في عائدات الفساد...

يشير تقرير البنك الدولي حول الاقتصادات الناشئة لسنة 2015 إلى أن بعض دول البريكس تعاني من استفحال الفساد الإداري كما هو الحال في روسيا، الأمر الذي يعيق السياسات التنموية، ويحول دون تحقيق الأهداف البنيوية للدولة، وخصوصا مع انتشار هذا الفساد في قطاعات رئيسة كالقضاء، والصحة، والشرطة، فيما تعاني الصين من غياب العدالة الجغرافية في توزيع الثروات بين المجال الحضري والأرياف، ما يوسع الهوة والفوارق الاجتماعية بين الطبقات. ولا تزال جل اقتصاديات البريكس مرتبطة بالاقتصاد الغربي بعامة، والأمريكي بخاصة، من خلال حركة التدفقات المالية والمبادلات التجارية.

وتسعى دول بريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) لتنسيق نهجها في هذا الصدد وتشجيع التزام عالمي أقوى لمنع ومحاربة الفساد على أساس ميثاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ووسائل قانونية دولية معنية أخرى، في ظل تعهد القادة بتعزيز صوت بريكس في المنتديات الدولية، حيث جددوا دعمهم القوي للتعددية والدور المركزي للأمم المتحدة في الشئون الدولية وتعزيز التنسيق والتعاون بين دول بريكس في مجالات محل الاهتمام الثنائي والمشترك في الأمم المتحدة والمؤسسات متعددة الأطراف الأخرى من خلال اجتماعات دورية بين الممثلين الدائمين في نيويورك وجنيف وفيينا.

ويبدو ان الشكوك حول وجود قواسم مشتركة بين مجموعة البريكس، تبين إن الفساد هو القاسم المشترك بينهم، ففي جميع البلدان الخمسة، الغضب الشعبي إزاء الفساد يكمن في قلب السياسة. ولأن هذه البلدان تتزايد أهميتها بالنسبة للاقتصاد العالمي، فإن مشاكل الفساد لديها آثار عالمية، اذ شهدت كل من البرازيل وجنوب إفريقيا خروج رئيس (ورئيسة) الجمهورية من السلطة بسبب فضائح الفساد - حيث اضطر جاكوب زوما إلى الاستقالة في جنوب إفريقيا هذا العام، وعُزِلت ديلما روسيف في البرازيل عام 2016، وفي روسيا، يُعرف حزب روسيا المتحدة الحاكم على نطاق واسع بأنه "حزب المحتالين واللصوص"، كما إن صعود ناريندرا مودي إلى السلطة كان مدعوما بتعهده بقمع الفساد بين النخب، ومنذ ذلك الحين، اتخذ رئيس الوزراء الهندي خطوة جذرية تتمثل في إلغاء نحو 80 % من عملة البلد، في محاولة للقضاء على الاقتصاد الأسود.

وكذلك الحال في الصين، فقد شهدت حملة الرئيس تشي جين بينج لمكافحة الفساد اعتقال أكثر من 100 ألف مسؤول. في غضون ذلك، فقد نشر الصينيون في المنفى ادعاءات على الإنترنت بأن الفساد يمتد إلى الدائرة الداخلية للرئيس تشي. لا تقتصر فضائح الفساد رفيعة المستوى على بلدان البريكس، وقد اضطر ماريانو راخوي إلى الاستقالة من منصبه رئيسا للوزراء في إسبانيا بعد سبع سنوات قضاها في منصبه، إثر فضيحة في حزبه السياسي.

لقد فتحت عولمة الأعمال والتمويل فرصا لتحقيق أرباح قائمة على الفساد في الاقتصادات الناشئة سريعة النمو. الصناعات التي غالبا ما تحتاج إلى مشاركة رسمية، مثل الموارد الطبيعية والبنية التحتية، هي أهداف مربحة بشكل خاص، فهناك عقود يتم منحها ومشاريع تطوير تحتاج إلى موافقة رسمية. ويمكن دائما إيداع المال من أجل الرشا في الخارج، مثل هذه الممارسات السيئة يمكن أن تنكشف. وقد قام المدعون والقضاة المستقلون الأقوياء مثل سيرجيو مورو من البرازيل وثيليسيل مادونسلا من جنوب إفريقيا بعمل بطولي في دفع التحقيقات المتعلقة بمكافحة الفساد إلى الأمام.

بالمقابل كانت حرية الصحافة في البرازيل وجنوب إفريقيا حاسمة في الحفاظ على الضغط على السياسيين الفاسدين، وحتى حين يتم تكميم الإعلام الوطني، يوفر الإنترنت وسيطا بديلا لإذاعة ادعاءات الفساد "وثائق بنما"، التي تعطي تفاصيل الشؤون المالية الخارجية لكثير من السياسيين البارزين، كانت نتيجة لمشروع صحافي دولي، ومبنية على وثائق تمت قرصنتها، كما أن الأشكال الجديدة للتعاون الدولي والشفافية جعلت النصابين المحتملين أكثر عرضة للتكشف.

إن التغييرات في القوانين السويسرية بشأن السرية المصرفية - التي تمت تحت ضغط من الولايات المتحدة - كانت حاسمة في السماح لممثلي النائب العام البرازيلي بالكشف عن عائدات الفساد، كما أن التحقيقات الدولية من جانب السويسريين والأمريكيين واصلت الضغط على رزاق في ماليزيا، إن قهر الفساد ليس شيئا يمكن تحقيقه بجهد تطهيري واحد. التقدم الدائم يتطلب وجود مؤسسات قوية قادرة على البقاء خلال التغيرات في المناخ السياسي؛ ومحاكم مستقلة ومدعون عامون يتمتعون بالتدريب والموارد؛ وصحافة لا يمكن شراؤها بسهولة أو سجنها أو قتلها؛ وموظفو الخدمة المدنية من ذوي الكفاءة الذين لا يمكن طردهم بسبب نزوة مدير فاسد. إزالة أي من هذه العناصر سيؤدي إلى تسرب الفساد إلى النظام.

إن المخاوف بشأن هونج كونج يمكن أن تُصيب بالتردد الذين يفسرون اندلاع الفضائح في جميع أنحاء العالم على أنه دليل على أن المعركة العالمية ضد الفساد، يجري الفوز فيها الآن، وهناك نظرية بديلة هي أن القوة الاقتصادية المتنامية في بلدان مثل الصين والهند وروسيا قد تنشر ممارسات الفساد على نطاق أوسع، وعلى الرغم من إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بمؤسساتها السليمة. الا أن المصرفيين الغربيين والمحامين ووكلاء العقارات وشركات العلاقات العامة (وربما حتى الرؤساء)، غالباً ما يكونون مستعدين إلى حد كبير للمشاركة في عائدات الفساد.

اضف تعليق