q
مشكلة نقصان المياه التي يعاني منها العراق والتي تفاقمت بشكل كبير في السنوات الاخيرة، بسبب الصرعات والخلافات الحزبية والسياسية، التي اسهمت بغياب الاهتمام بالمشاريع الحيوية، يضاف الى ذلك السدود التركية وازدياد نسبة التلوث الكيميائي والجرثومي في مياه الشرب و الملوحة العالية، الامر الذي دفع الحكومة...

مشكلة نقصان المياه التي يعاني منها العراق والتي تفاقمت بشكل كبير في السنوات الاخيرة، بسبب الصرعات والخلافات الحزبية والسياسية، التي اسهمت بغياب الاهتمام بالمشاريع الحيوية، يضاف الى ذلك السدود التركية وازدياد نسبة التلوث الكيميائي والجرثومي في مياه الشرب و الملوحة العالية، الامر الذي دفع الحكومة الى اتخاذ اجراءات وحلول ترقيعية من اجل معالجة هذه الازمة اسهمت هي الاخرى في تفاقم معاناة المواطن العراقي و اشعال فتيل ازمة داخلية خصوصا في المحافظة الجنوبية، ومنها محافظة البصرة التي تعيش ازمة خطيرة بسبب التلوث وارتفاع نسبة الملوحة وذلك لعدم وصول الاطلاقات المائية الكافية لها، ما دفع المواطنين الى اقامة تظاهرات طالبوا بإجراءات عاجلة لملف المياه، وسط تسجيل العديد من الحالات المرضية نتيجة نوعية المياه.

ويعاني العراق منذ سنوات من انخفاض منسوب مياه نهري دجلة والفرات اللذين تعتمد عليهما لتأمين مياه الشرب وسقاية المزروعات. كما تسبب تدني كميات الامطار الهاطلة في فصل الشتاء بتفاقم أزمة المياه على مدى السنوات الماضية. ويعتمد العراق في تأمين المياه بشكل أساسي على نهري دجلة والفرات، وروافدهما والتي تنبع جميعها من تركيا وإيران وتلتقي قرب مدينة البصرة لتشكل شط العرب الذي يصب في الخليج العربي. وتصل حاجة العراق السنوية من المياه إلى أكثر من 60 مليار متر مكعب، إضافة إلى احتياجات منطقة الأهوار البالغة 16 مليار متر مكعب، وسط توقعات بأن ترتفع الحاجة إلى المياه في المستقبل إلى 76 مليار متر مكعب سنوياً. ويتوقع خبراء مياه أن يمر العراق في موجة جفاف كبيرة بعد انخفاض منسوب مياه نهري دجلة والفرات لأسباب عدة.

ويرى بعض المراقبين ان ازمة المياة ربما ستهم ايضا في خلق صراعات خطيرة في منطقة الشرق الاوسط، خصوصا وان بعض الدول قد سعت الى اعتماد حرب جديدة تعرف بحرب المياة، من اجل تامين مصالحها الخاصة وقال تقرير مشترك صدر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) والبنك الدولي إن ندرة المياه قد تكون من العوامل المزعزعة للاستقرار في العالم العربي، وأضاف التقرير، الذي صدر خلال جلسة خاصة ركزت على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤتمر الأسبوع العالمي للمياه في ستوكهولم بالسويد، أن الأمر يتوقف على السياسات المتبعة للتعامل مع هذا ”التحدي المتنامي“.

وجاء في التقرير أن أكثر من 60 في المئة من سكان المنطقة يتركزون في أماكن ”متضررة من إجهاد مائي سطحي مرتفع أو مرتفع جدا“ مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ حوالي 35 في المئة. وقال ”إذا تُرك الأمر دون حل، فمن المتوقع أن تتسبب ندرة المياه المرتبطة بالمناخ بخسائر اقتصادية تقدر بستة إلى 14 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050، وهي النسبة الأعلى في العالم“.

ونقل التقرير عن باسكال ستيدوتو منسق البرامج الاستراتيجية الإقليمية في المكتب الإقليمي للفاو في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا والمؤلف الرئيسي المشارك للتقرير قوله ”الخسائر الاقتصادية تعني ارتفاع معدلات البطالة، يفاقمها تأثير ندرة المياه على سبل العيش التقليدية مثل الزراعة. والنتيجة يمكن أن تكون انعدام الأمن الغذائي واضطرار الناس للهجرة، إلى جانب تزايد الإحباط من حكومات غير قادرة على ضمان تقديم الخدمات الأساسية، وهو ما قد يصبح محركا آخر لعدم الاستقرار الواسع في المنطقة“.

عودة داعش

وفي هذا الشأن حذرت دراسة رفعت إلى مجلس الأمن الدولي من مخاطر استعادة تنظيم داعش زخمه اذا لم يتخذ خطوات سريعة للتخفيف من المناخ. وتفيد الدراسة التي اعدتها مجموعة عمل حول المخاطر الامنية ذات الصلة بالمناخ طلب من الامم المتحدة ان "الجمع بين الموارد المائية المحدودة، وارتفاع درجات الحرارة تقوض الموارد الأساسية للعراق وسبل معيشة الناس". وترى الوثيقة ان "الفشل في التحرك ضد المخاطر المرتبطة بالمناخ ستزيد من مخاطر حصول داعش أو غيرها من الجماعات الإرهابية على الدعم واستعادة قوتها في المجتمعات ذات الموارد المحدودة".

ويشكل النقص في المياه أحد أخطر التهديدات للعراق مع انخفاض منسوبها إلى أدنى مستوى منذ عام 1931. وتراجع تدفق الأنهار بنسبة 40 في المئة في العقود الأخيرة وما يزال مستمرا، ما يهدد الأمن الغذائي والمائي للسكان. وتعتبر الدراسة ان "الاختفاء التدريجي للمياه وأزمة الزراعة هما نتاج التغيير المناخي، وانخفاض هطول الأمطار غير المنتظمة، بالاضافة الى تقلص تدفق مياه (الأنهار) من إيران وتركيا وانظمة الري السيئة بسبب الضرر الناجم عن الحروب ونقص الاستثمار، كما ان الافتقار إلى إدارة ملائمة للمياه يؤدي إلى تفاقم هذه التهديدات".

بالنسبة لواضعي الدراسة، فإن الزراعة هي القطاع الذي يشغل أكبر عدد من الوظائف في العراق بعد النفط ، لكن ميزانيتها محدودة. وينطبق الشيء ذاته على وزارة الموارد المائية التي لا تملك الاموال لتحديث بناها التحتية. بالإضافة إلى ذلك، لم يوقع العراق اتفاقيات رسمية مع جيرانه من أجل التوزيع العادل للموارد المائية. ويهدد نقص المياه بنزوح 7 ملايين شخص يعيشون على ضفاف الأنهار. كما انه من المرجح أن تؤدي ندرة المياه إلى زيادة التوتر في المجتمعات الريفية. بحسب فرانس برس.

وتمكنت القوات العراقية العام الماضي من طرد تنظيم من جميع المدن والمراكز الحضرية في البلاد، لكن الجهاديين يتواجدون في مناطق صحراوية قرب الحدود السورية. ويطالب الخبراء بعثة الأمم المتحدة في العراق بمراقبة مخاطر التغيير المناخي وتقديم تقارير عنها لدعم السلطات من خلال ادخال المناخ والتهجير في خططها خلال فترة ما بعد تنظيم داعش.

المياه المالحة والملوثة

الى جانب ذلك ينتظر يونس سليم على سرير جناح الطوارىء في مستشفى البصرة أن يعاينه أحد الاطباء المنهمكين في علاج المرضى، إثر إصابته بتسمم سببه المياه الملوثة كما هو حال آلاف العراقيين من أبناء هذه المحافظة الجنوبية. فيما يشهد العراق نقصا كبيراً في منسوب المياه بسبب الجفاف، تعيش البصرة وسط معاناة: المياه الملوثة والمالحة ونقص الخدمات العامة وانقطاع التيار الكهربائي وفتحات مجار مفتوحة وتلوث الهواء بسبب مشاعل احتراق تنتشر في حقول نفطية في المنطقة.

ومع معاناة هذا الرجل من الألم بسبب المغص بعد خطأه بشرب مياه الصنبور نظرا لارتفاع ثمن المياه المعدنية، ينظر الى آخرين حوله يتلقون حقن لمعالجة الجفاف الذي أصابهم بسبب الأسهال الحاد. ويروي سليم "نعطي مياه معدنية فقط لأطفالنا الثلاثة، لكنني وزوجتي نشرب في أغلب الأحيان" مياه الصنبور. ويقول مدير عام دائرة الصحة في البصرة رياض عبد الأمير إنه منذ 12 اب/أغسطس "استقبلنا أكثر من 17 ألف حالة إسهال ومغص وتقيؤ" في محافظة البصرة، وهي بين المحافظات الأكثر اكتظاظا بالسكان في البلاد والوحيدة التي تطل على الخليج. لكنه حذر من أنه رغم ان "حالات التسمم حميدة حتى الان وجميع المرضى يعودون الى منازلهم، إلا أن الوضع يزداد سوءاً".

وقال إنه لم يواجه مثل هذه الأزمة على مدى أحدى عشر عاما من عمله، تزامنا مع خدمات عامة متداعية وارتفاع في الأسعار. بدورها، تبذل أم حيدر وهي بائعة في أحد أسواق البصرة جهودها لتوفير المياه النقية لعائلتها المؤلفة من 30 شخصا. وتقول هذه الجدة إن "ألف لتر تكلف عشرين ألف دينار (حوالى 17 دولار) وخلال نصف ساعة نشرب ونغسل للأطفال لا يبقى منها شيئا"، فيما كانت نفس الكمية تكلف سابقا خمسة آلاف دينار.

ويقول رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي واجه خلال الشهرين الماضيين احتجاجات شعبية واسعة في البصرة، إن معدلات الملوحة في المياه في ارتفاع "منذ عقود" فيما ينخفض تركيز الكلور وهناك "نقص في الأمطار" هذا العام. ويتقاسم العراق وإيران شط العرب حيث يصب نهرا دجلة والفرات مياها عذبة لكنها تختلط بمياه البحر المالحة القادمة من الخليج. وأصبحت مياه الخليج المالحة تتقدم لمسافة 40 كيلومتر داخل مجرى النهر شمال مدينة البصرة وقامت تركيا وإيران خلال سنوات من الحروب المتكررة التي شهدها العراق، باقامة سدود على مصبات الأنهار المشتركة مع العراق الامر الذي أدى الى انخفاض حاد في منسوب المياه ما تسبب في تغييرات بيئية.

بالاضافة الى ارتفاع نسبة الملوحة، هناك نفايات يحملها النهران بينها مياه صرف صحي في هذا البلد الذي يبلغ سكانه 38 مليون نسمة. ففي البصرة، تتدفق مياه الصرف الصحي عبر قنوات مفتوحة الى شط العرب، بالاضافة الى مواد ملوثة أخرى سببها صناعات نفطية، تمثل هذه المصدر الرئيسي لميزانية البلاد، وهناك مصانع بتروكيماويات إيرانية في الجانب الإيراني من شط العرب.

ويقول فيصل عبد الله عضو مفوضية حقوق الانسان الحكومية، إن "شط العرب أصبح مكباً للنفايات، ولم تجدد محطات المعالجة منذ 15 عاما". وتدعو المفوضية الى إعلان البصرة محافظة "منكوبة" لتطلق الحكومة موارد لها وتبذل جهود لتأمين حصصها المائية انطلاقاً من سدود على منابع المياه. ويقول عبد الله انه من "المفترض ان يصل المحافظة 75 مترا مكعبا من المياه في الثانية الواحدة، لكن ما يصل فعلا هو 59 متراً مكعبا في الثانية" بسبب استغلال محافظات تمتد على النهرين للمياه في ظل ضرورة لتدفق مياه عال ليحل بدلا عن مياه الخليج التي تتصاعد في محافظة البصرة.

ويقول جاسم محمود الذي خسر هذا العام جميع اصبعيات الاسماك وعددها 50 مليونا وبات غارقا في الديون، "هذا أسوأ موسم" منذ 25 عاما مضيفا "أكيد هذا آخر عام لنا" . وفي مكان آخر ، كان هناك مئات من الأسماك المتفسخة بفعل حرارة الشمس على ضفاف البحيرة فيما تطفو أخرى على سطح المياه التي تتغذى من نهر دجلة. ويقول كاظم الغيلاني وهو مهندس زراعي كان يجري اختبارات بمساعدة جهاز فحص نسبة الملوحة، إن "الملوحة تبلغ 12 مليغرام لكل كيلوغرام من الماء، وفي الامر الطبيعي، تترواح بين 1 الى 1,5 مليغرام" . بحسب فرانس برس.

وفيما تتواصل تظاهرات يومية أمام مبنى مديرية صحة البصرة، يقول الطيبب عبد الأمير " نحن نعالج نتائج الأزمة " لكن "البحث عن أسبابها عند جهة أخرى"، في أشارة الى مناطق اخرى. ودافع رئيس الوزراء عن حكومته بالقول "لا يمكننا أن نلوم الحكومة الحالية" مشيرا الى ان صيانة المياه وتنقيتها من "مسؤولية المحافظات". وأعرب الطبيب عبد الأمير عن قلقه لان المياه المالحة ذات التركيز المنخفض جداً من الكلور في ظل درجات حرارة منخفضة متوقعة خلال موسم الخريف ، تشكل أجواء مؤاتية لظهور الكوليرا.

القمح والارز

على صعيد متصل قال مسؤول حكومي إن العراق، أحد كبار مشتري الحبوب في الشرق الأوسط، سيقلص المساحة المروية المزروعة بالقمح إلى النصف في موسم الزراعة 2018-2019، في ظل شح المياه الذي تعاني منه البلاد. واضطر العراق لمنع المزارعين من زراعة الأرز وغيره من المحاصيل الصيفية الكثيفة الاستهلاك للمياه بسبب الجفاف وتناقص تدفقات الأنهار. وكان تحقيق استقصائي لرويترز كشف في يوليو تموز الماضي كيف تحولت نينوى، التي كانت توصف في السابق بأنها سلة خبز العراق، إلى أرض جدباء بعد الجفاف وسنوات الحرب.

ومن المرجح أن تؤدي الخطوة الجديدة إلى زيادة واردات القمح كثيرا. وقال مهدي القيسي نائب وزير الزراعة العراقي إن مساحة الأراضي المروية المزروعة بالحبوب الشتوية، وتحديدا القمح والشعير، ستنخفض إلى النصف. وقال”سبب تقليص المساحات الزراعية هو نتيجة لقلة الإيرادات المائية وقلة الخزين المائي والاحتباس الحراري وعدم سقوط الأمطار“. وتضمنت خطة العراق الزراعية 1.6 مليون هكتار من القمح في الموسم الماضي 2017-2018. ورُوي نحو مليون هكتار من تلك المساحة بينما اعتمد الباقي على مياه الأمطار. وأضاف القيسي ”نتوقع أن تتقلص (المساحة المروية المزروعة قمحا) إلى النصف“ مقارنة مع الموسم الماضي، مما يشير ضمنا إلى زراعة 500 ألف هكتار.

وقال فاضل الزغبي ممثل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) في العراق إن من المتوقع أن يؤدي خفض المساحة المروية إلى تراجع إنتاج البلاد من القمح بما لا يقل عن 20 بالمئة، وهو ما يعني ضمنا ارتفاع فاتورة الواردات كثيرا. ويواجه العراق بالفعل فجوة تسدها الواردات تزيد على مليون طن سنويا مع وصول الطلب السنوي إلى ما بين حوالي 4.5 مليون وخمسة ملايين طن. وقال الزعبي ”بالنسبة للاستيراد، سيزيد من أجل سد النقص فضلا عن زيادة عدد السكان“ لكنه أحجم عن إعطاء تقديرات محددة لحجم الواردات في السنة المقبلة.

وأكد حيدر العبادي رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية تقليص المساحة المروية قائلا إن نقص المياه هو السبب الرئيسي. وأضاف ”المساحات الزراعية لمحصول الحنطة (القمح) ستقل بصورة كبيرة لتصل حجم المساحات إلى مليونين دونم (500 ألف هكتار) بعد أن كانت الموسم الماضي ما يقارب أربعة ملايين“. وأشار القيسي أيضا إلى أن من السابق لأوانه تحديد مساحة الأرض التي قد تُزرع بالقمح اعتمادا على مياه الأمطار في هذا الموسم لكنه يأمل بأن تعوض بعضا من النقص.

وأضاف ”سنتبع بعض البرامج لزيادة حجم الإنتاج بالنسبة لمحصول الحنطة منها برامج نعتمدها لزيادة الغلة مما يؤثر إيجابا على زيادة حجم الإنتاج. الأمر الثاني أن دخول محافظة نينوى بالخطة الزراعية المضمونة الأمطار سيعوض جزءا من المساحات التي انحرمنا منها بسبب شح المياه“. غير أن الأمطار لم تسقط على نينوى في الموسم الماضي، ولم تشتر الحكومة سوى ما يزيد قليلا فحسب على 100 ألف طن من القمح هذا العام من منطقة كانت تنتج ما يقرب من مليون طن سنويا قبل أن يسيطر عيها تنظيم الدولة الإسلامية في 2014. بحسب رويترز.

ويستورد العراق القمح لإمداد برنامج دعم الغذاء الذي بدأ في 1991 لمواجهة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الأمم المتحدة، ويغطي البرنامج الطحين (الدقيق) وزيت الطهي والأرز والسكر وحليب الأطفال. ووزارة التجارة العراقية هي المسؤولة عن شراء السلع الاستراتيجية لهذا البرنامج بما فيها القمح. ولم يتسن الحصول على تعقيب من مسؤولي وزارة التجارة بخصوص الزيادة المحتملة في الواردات.

الى جانب ذلك قال مسؤول بوزارة الزراعة العراقية إن العراق حظر على المزارعين زراعة الأرز وبعض المحاصيل الأخرى الكثيفة الاستهلاك للمياه بسبب الجفاف وتقلص تدفقات المياه العذبة. وأظهر خطاب من وزير الموارد المائية حسن الجنابي إلى مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي أن الوزارة قررت استثناء الأرز والذرة من خطة الزراعة الصيفية للحكومة لإعطاء الأولوية لمياه الشرب والصناعة والخضروات. وأوضح المتحدث باسم وزارة الزراعة أن الوزارة ليست سعيدة بالقرار لكن لا يمكنها وقفه.

وأضاف المتحدث حميد النايف ”الأرز والذرة الصفراء أُخرجا من الخطة الزراعية الصيفية لعدم توفر المياه، ونحن كوزارة زراعة في إحراج من الأمر، لا سيما أن المحصولين من المحاصيل الاستراتيجية والفلاحين هيأوا أراضيهم لزراعة المحصولين“. وتابع ”وزارة الزراعة لا تستطيع أن تعطي موافقة لزراعة دونم واحد بدون موافقة وزارة الموارد المائية“. وأشار إلى أن العراق زرع 100 ألف دونم من الأرز الموسم الماضي. والدونم العراقي 2500 متر مربع.

وزادت مشكلات الجفاف وتقلص مستويات المياه تعقيدا جراء خطة تركيا لملء سد ضخم على نهر دجلة، وهو ما بدأ بالفعل لكنه توقف بعد شكاوى من العراق. ونحو 70 بالمئة من الموارد المائية العراقية يأتي من جيرانها، ومن الموارد التي تحظى بأهمية خاصة نهرا دجلة والفرات اللذان يجريان عبر تركيا. وكان رئيس الوزراء العبادي قال إن الحكومة تخطط لمد المزارعين بالمياه، خصوصا لمحصول القمح الاستراتيجي، لكنها ستقلص الأراضي المخصصة لزراعة محاصيل أخرى تستهلك الكثير من المياه.

الأهوار العراقية

على صعيد متصل نفقت عشرات من رؤوس الجاموس في منطقة الأهوار بجنوب شرق العراق بسبب انخفاض منسوب المياه في المستنقعات مما يهدد موارد الرزق للمقيمين في المنطقة منذ آلاف السنين. وتراجعت مستويات المياه في المستنقعات إلى الثلث من ذروة بلغت 1.35 متر. وقال رعد حبيب رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية إن ملوحة المياه ارتفعت إلى مثليها تقريبا، وهو أمر على نفس القدر من خطورة انخفاض المياه. ويمثل ذلك أحدث ضربة لجزء من البلاد عانى من الإهمال على مدار عقود.

واتهم صدام حسين عرب الأهوار بالخيانة خلال الحرب مع إيران التي امتدت من 1980 إلى 1988، وأقام السدود وجفّف الأهوار لطرد المتمردين المتحصنين هناك. وفر العديد من السكان، لكن بعد الإطاحة بحكمه في عام 2003 استصلحت السلطات بعض أراضي الأهوار. وقال مدافعون عن البيئة ومسؤولون في قطاع الصحة إن أعدادا أكبر مهددة بالمرض مع انخفاض منسوب المياه.

وأطلق العراق حملة لوقف انتشار الأمراض، سيتم بموجبها تطعيم حوالي 30 ألف رأس جاموس ضد البروسيلا والتسمم المعوي والحمى القلاعية، وكلها تتسبب في نفوق الجاموس. وقال حبيب ”يعني أضرار كبيرة جدا، هذه الأضرار لابد للدولة أن تجد لها حلا، توفر إطلاقات مائية من خلال الاتفاق مع الدول المتشاطئة. منع التجاوزات، هناك تجاوزات كبيرة تحصل على عمود نهر الفرات منها تجاوزات غير مرخصة مثل بحيرات الأسماك والزراعة رغم انه الدولة منعت الزراعة ولكن بعض المواطنين يصرون على الزراعة“.

ويعيش عرب الأهوار وسط أرض رطبة منبسطة ينبت فيها العشب قرب الحدود مع إيران. وأدرجت منظمة التربية والعلم والثقافة (يونسكو) قبل عامين الأهوار على قائمتها لمواقع التراث العالمي. ويستخدم السكان قوارب خشبية مزودة بمحركات لعبور الممرات المائية، وأبقتهم طريقة حياتهم وبعدهم عن المدن العراقية على هامش المجتمع. ويرجع نقص المياه في جانب منه إلى تراجع أولوية الزراعة لدى الحكومة المركزية وعقود من سوء إدارة الموارد المائية. ولعب الفساد والتغيرات المناخية دورا كذلك. وكان الأثر مدمرا على الكثيرين.

وقال أحمد صباح الذي يملك قطيعا من 500 رأس من الجاموس ”المياه شحت وتوقفت الزوارق عن المجيء للمنطقة وبدأت الماشية تضعف وتفقد وزنها ثم تنفق ولم تجد معها الأدوية نفعا“. وأضاف أنهم عادة ما يذبحون الماشية قبل نفوقها أو يضطرون لحرقها بعد نفوقها وأشار إلى أنه فقد عددا كبيرا من الرؤوس. وانزعج العراق عندما بدأت تركيا في تخزين مياه نهر دجلة خلف سد إليسو. ويعاني البلد بالفعل من جفاف قلص مستويات المياه في البحيرات والأنهار. وتحمل بغداد تركيا معظم المسؤولية. بحسب رويترز.

وفي أوائل يونيو حزيران قالت الحكومة إنها تمنع المزارعين من زراعة الأرز وغيره من المحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من المياه في مواجهة تزايد نقص المياه وتناقص تدفقات النهرين بسبب الجفاف. لكنها أصدرت بعد أيام قرارا يسمح للمزارعين بزراعة ما لا يزيد عن 12500 كيلومتر مربع من الأرز هذا الموسم. والأهوار التي يغذيها بالمياه نهرا دجلة والفرات منطقة شاسعة للصيد على الخليج وموطن لأنواع مختلفة من الطيور المحلية والمهاجرة بين سيبيريا وأفريقيا. وكانت الأهوار تغطي تسعة آلاف كيلومتر مربع في سبعينيات القرن الماضي لكنها تقلصت الى 760 كيلومترا مربعا بحلول عام 2002. وبحلول سبتمبر أيلول 2005 جرت استعادة نحو 40 في المئة من المنطقة الأصلية ويقول العراق إنه يستهدف استعادة ستة آلاف كيلومتر مربع في المجمل.

اضف تعليق