q
وكان عراقيو المريخ من محبي رمضان، ويتمتع بقدسية خاصة عندهم، يحبه الكبار والصغار وينتظرون قدومه السنويّ، وفي رمضان تتبدل مجريات حياتهم، وتشهد تغييراً في النوم والأكل بل حتى في الملابس، فالموظفون في رمضان يأتون للدوام متثاقلين، لايستطيعون التركيز والتفكير والانجاز والإعجاز، وفي كل المناسبات سيردد الموظف عبارة...

وكان عراقيو المريخ من محبي رمضان، ويتمتع بقدسية خاصة عندهم، يحبه الكبار والصغار وينتظرون قدومه السنويّ، وفي رمضان تتبدل مجريات حياتهم، وتشهد تغييراً في النوم والأكل بل حتى في الملابس، فالموظفون في رمضان يأتون للدوام متثاقلين، لايستطيعون التركيز والتفكير والانجاز والإعجاز، وفي كل المناسبات سيردد الموظف عبارة: "أني صائم".. وستشهد الحمامات ازدحاماً منقطع النظير!.

والموظفات سيأتين للدوام ويمكن التعرف عليهن، وليس كما أشيع أنَّ الموظفين لن يتمكنوا من التعرف على الزميلات! فهذه كذبة وإشاعة! فالظلال والكحل والميكب آب وغيره من مواد التجميل موجودة على الوجه، لكن أحمر الشفاه هو المختفي فقط، وحديث الصائمين والصائمات كلّه عن الفطور وحالته وصحته.

ولانخفاض الماء والطعام في الجسم يصاب بعض الصائمين بالعصبية والانفعال لإتفه الأسباب، لذا يتم تقليل ساعات الدوام في رمضان تجنبا للمشاكل في الدوام.. وليشاجروا و"يتمالخوا" في بيوتهم على الشوربة والتلفاز!

ومن السلوكيات الاستفزازية لبعض الصائمين، هو أن يستيقظ من النوم قبل ساعة، ويبدأ "يتدلل".. ويردد:"سأفطر بعد ما اتحمل".. طبعاّ المرأة الموجودة في البيت أمامها خيارين، أمَّا تقول له: "أفطر".. وبعدها تتورط ويبدأ بلومها عندما يشبع؛ لأنَّها حرضته على الأفطار!!.. أو تُصبّره على المقاومة.. لحين موعد الأفطار، وفي هذه الحالة عليها توفير عشرة أصناف ليرضى (على أساس هو صايم لها)!!.

وهناك عوائل "تنصب" المائدة وتجهز الصحون قبل الأفطار بساعتين.. بحيث تكون المائدة في الوسط وهم مجتمعون حولها على الأرائك ينظرون.. بحجة يستعدون لموعد الفطور على أساس المطبخ بالمريخ ومكان الطعام في زحل!! ويبقى أفراد العائلة ينظرون مرّة على التلفاز وثانية على الشوربة.. وآخر يرسل نظراته على الدجاج وعلى عقارب الساعة.. والثالث يمسك بالكنترول يقلب القنوات عسى ولعلّ في أحدها مدفع أفطار.. وفي قلبه يدعو دعاء الصائم: "وين الله وأكو مدفع ونفطر على أساس ماندري"!!.

وكان عراقيو المريخ رغم صعوبة عيشهم في مريخهم.. يحبون شهر رمضان.. وبه تتغير الكثير من عاداتهم وسلوكياتهم.. فأغلب العوائل تستيقظ في وقت السَّحَر، وتحيي هذه الفترة حتى صلاة الصبح..

فهم يستيقظون في هذا الوقت لتناول بعض ما متيسر في (الثلاجة).. والحمد لله لا يشمل الثلاجة نفسها!.. ورغم أنَّ السُّحُور يمكن أن يكون بديلاً عن وجبة الإفطار الصباحي في الأيام الاعتيادية إلَّا أنَّ البعض ولاسيما الرجال لا تقنعه بيضة مع كوب شاي.. ويصرّ على أن يتسحر (باجة) أو (تشريب لحم)!!.

ووقت السَّحَر فترة مناسبة لتذكر أيام زمان.. وبها تحلو الغيبة والنميمة.. فالعائلة كلّها متجمعة.. فهي فرصة للقاء الأهل والتعرف عليهم مادام أهل الفيس (معزلين !( كما أنَّه وقت مناسب جداً للزوجة لممارسة الضغط على الزوج أكثر من أي وقت غيره.. فتستطيع أن تطالب بزيادة المصروف أو أي طلبات أخرى مادام المؤذن لم يؤذن بعد..!! ومن محيرات الأمور للأمّ أولئك الذين يتدللون في هذا الشهر، فإذا لم توقظ أحدهم على السحور، فإنَّه صباحاً يزلزل المريخ زلزالاً معلناً استنكاره وشجبه لفعل الأمّ الإجرامي بعدم إيقاظه لتناول السحور، وإنَّه سيهلك من الجوع بسببها!! أمَّا إذا أيقظته فسيقول لها لائماً: "ليش كعدتيني.. كان خليتني أنام وأبقى صائم عادي.."؟!.

والأطفال الذين يسهرون مع ذويهم بنجاح ساحق حتى مطلع الفجر.. ينتظرون بفارغ الصبر (أبو الطبل).. وبسماع قرع طبله يخرجون خلفه يصفقون ويمرحون وكأنه جاء ليحيي حفلة عرس (أبوهم)!.. وطبعا المسحّراتي يكون فرحاً برفقة الأطفال، فهم يبعدون عنه الخوف من الظلام.. وربما من قناني الماء الفارغة أو قشور الرقي التي كانت ترمى عليه من السطح فيما مضى من أيام زمان!!.

وبعد الباجة والتشريب تبدأ حملة شرب الماء والشاي والحليب والعصائر بأنواعها متسابقين مع وقت الإمساك.. وبحلوله تنطلق مسابقة للوصول إلى الثلاجة المسكينة.. لشرب آخر جرعات مائية.. وستتراكم قناني الماء على (السنك) لانتهاء صلاحية احترامها.. ولمَّا ينادِ المؤذن أو من يقوم مقامه بالإمساك، غالباً ما تسمع هناك مَن يستغيث: "بعدني عطشان يصير اشرب ماي بعد؟!"، وللحديث تتمة.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق