q
الهوية الوطنية الشيعية وكما تصورها الباحثون، ركزت على أن الهوية الشيعية، لأتباع أهل البيت واحدة وهي متماسكة، تتبع منهجاً واحداً موحداً في حركتها العقائدية، وان تنوعت الأساليب التي يعتمدها الشيعة، لذلك من الضروري بناء وعي جديد، يمهد لإعادة بناء هوية شيعية تتماشى مع تطورات العصر...

قد يصبح الخوض في سرد أحداث ما قبل عام 2003 مكررا، رغم انه يحتاج لسنوات لتوثيقه وتوضيح ما حصل فيه فظائع.. لكن يهمنا أن نبدأ ما بعد هذا التاريخ وتغيير النظام السياسي، وحدوث تبدلات جوهرية على نظام الحكم في البلاد..

منذ ذلك التاريخ وناقوس الإنذار يدق باستمرار، حول الخطر الذي يهدد الخطاب الشيعي وهويته التاريخية، والتي هي الأخرى تواجه مأزقا تجاه المتغيرات والهويات الأخرى التي ظهرت بشكل لافت، بخلاف ما كان سائداً من أن الشيعة في العراق، سيتمتعون بأريحية عالية، خصوصاً بعد تسلط نظام استبدادي على البلاد قبل عام 2003، وقتل جميع الهويات دون استثناء، رغم تركيزه الشديد على مكون دون غيره.

لقد تلاشت تلك الأريحية بعد اجتياح عصابات داعش الإرهابي، وسقوط ثلث البلاد بأيدي هذه العصابات، وبروز تلك الهوية على المشهد السياسي، وبدأت تتسيد عدد من الأفكار الظلامية، التي أرادت أن تمحو وجود المكونات الاجتماعية للبلاد، وعلى الرغم من الانتصار على هذه القوى الظلامية، من قبل القوات الأمنية العراقية بمختلف صفوفها وتشكيلاتها، إلا أن الخطاب الشيعي وتحديداً السياسي، ما زال يتحدث عن خطر مستمر يحيق بهذه الهوية..

في نفس الوقت تعالت أصوات أخرى، تدعو إلى ضرورة أن يكون العراق محوراً، يستند على التاريخ والحضارة والإمكانات، بوصفه مهد النبوءات وشاهد على أهم الحضارات في التاريخ.

ما عُقد مؤخراً في بغداد لمؤتمر الآفاق المستقبلية لأتباع أهل البيت(ع)، كان احد الخطابات المعتدلة والمهمة، والتي أكدت على ضرورة إيجاد مشروع متوازن للواقع الشيعي، يجمع بين الأصالة المبدئية والمرونة الواقعية..

واقعا يمكن عُد هذا المؤتمر من أهم الفعاليات التي ركزت على الهوية الوطنية لأتباع أهل البيت في العراق، وتحت راية مشروع شيعي عام، متاح لجميع أتباع أهل البيت(ع) للمشاركة فيه وإنضاجه تحت عنوان (الوطنية الشيعية) بالاستناد على تاريخ طويل من المواقف الوطنية، تجاه القضايا الإقليمية والدولية.

الهوية الوطنية الشيعية وكما تصورها الباحثون، ومنهم مشاركون في هذا المؤتمر، ركزت على أن الهوية الشيعية، لأتباع أهل البيت واحدة وهي متماسكة، تتبع منهجاً واحداً موحداً في حركتها العقائدية، وان تنوعت الأساليب التي يعتمدها الشيعة، لذلك من الضروري بناء وعي جديد، يمهد لإعادة بناء هوية شيعية تتماشى مع تطورات العصر..

قد يرى البعض ان هذا يمكن ان يعد ضرباً من الوهم والخيال، وبالخصوص بعد تنامي صراعات الهوية بين الاثنيات خلف هوياتها التاريخية، والذي يبدو أنه أمر مفهوم.. إلا أن التخلي عن أي أمل للتغيير، قد يقتل أي محاولة مستقبلية للنهوض بذواتنا من هذا المأزق المأزوم والبائس.

اضف تعليق