q
العراق سعى وما زال يسعى الى اقامة علاقات اقليمية ودولية متوازنة ولكن هذه المهمة ليست سهلة كون العراق يخضع لضغوط وقيود تفرض عليه اتباع سياسات معنية مع دول الجوار على المستوى الاقليمي ومع الدول الكبرى على المستوى الدولي، فعلى مستوى العلاقات الاقليمية قدر العراق جغرافياً يقع على خط التماس...

لا يخفى على المختص في العلاقات الدولية ان بناء العلاقات مسألة ليست سهلة بل تحتاج الى جهود دبلوماسية وسياسية وقد تستغرق مدة زمنية على خلاف قطع العلاقات لا تحتاج الى وقت بل قد تحدث في لحظة من الزمن ولا تحتاج الى ذات جهود البناء بل يمكن تحقيقها نتيجة تصريح او موقف سياسي بين دولتين او أكثر، وعانى العراق ولا زال يعاني من مشكلة التصريحات والمواقف غير الرسمية وأثرها على علاقات العراق الخارجية الاقليمية والدولية.

التساؤلات كثيرة حول مستقبل العراق في ظل وجود التحالفات المتعددة اقليمياً (التحالف المصري- السعودي- الاردني، والتحالف القطري- التركي، والتحالف الايراني- السوري) وغيرها من التحالفات، فأين موقف العراق من هذه التحالفات؟ هل الموقف الحكومي الرسمي يمثل الموقف الشعبي؟، هل هناك مصلحة للعراق ان يدخل ضمن محور من هذه المحاور؟ ام ان المصلحة الوطنية العليا تتطلب ان يكون العراق على الحياد من الجميع؟

على المستوى الدولي هل من مصلحة العراق الدخول ضمن المحور الروسي- الصيني، او ضمن المحور الامريكي- البريطاني، ام بقاءه ضمن الحياد على المستوى الدولي ايضاً، وهل هناك اضرار لسياسة الحياد اقليمياً ودولياً؟.

العراق سعى وما زال يسعى الى اقامة علاقات اقليمية ودولية متوازنة ولكن هذه المهمة ليست سهلة كون العراق يخضع لضغوط وقيود تفرض عليه اتباع سياسات معنية مع دول الجوار على المستوى الاقليمي ومع الدول الكبرى على المستوى الدولي، فعلى مستوى العلاقات الاقليمية قدر العراق جغرافياً يقع على خط التماس في الصراعات التقليدية التاريخية بين تركيا وايران، ولا زال العراق يقع ضمن منطقة الصراعات الاقليمية ومنها الصراع العربي -الايراني والصراع الايراني- الاسرائيلي، فضلا عن الصراع الدولي بين ايران وأميركا.

طبيعة هذه الصراعات تفرض على العراق ان يكون ضمن منطقة الحياد بمعنى ان سياسة الحياد مفروضة على العراق وليس خيارا او رغبة عراقية، بسبب طبيعة الصراع الطائفي الذي يؤثر على العراق داخلياً اذا ما دخل العراق ضمن احد المحاور المتاحة (الايراني او العربي)، وسياسة عدم دخوله ضمن المحاور الدولية المحور الروسي او الامريكي وغيرها ايضاً مفروض وليس خيارا او رغبة عراقية، كون ان العراق لا يمكن له ان يدخل ضمن محور مفروض عليه عقوبات مثلا المحور الروسي او الصيني، كون الدخول في هكذا محاور سوف لن تساعد العراق بل تزيد عبئ على اعباءه.

صحيح الواقعية السياسية تحتم على العراق ان يذهب ضمن سياسة الحياد، ولكن سياسة الحياد بالرغم من ايجابياتها الآنية ولكن لسياسة الحياد تداعيات سلبية على المستقبل القريب لعل من ابرزها ما يلي:

1- عسكرياً:

سياسة الحياد سوف لن توفر وجود حليف قوي يدافع عن العراق عسكرياً عندما تتطلب الحاجة، خاصة وان العراق لم يستطع ان يكمل بناء المؤسسات العسكرية والامنية خاصة ان العراق لغاية الان لم يتكمن من بناء قوة جوية لحماية اجواءه ولم يتمكن من بناء قوة بحرية لتدافع عن مصالح العراق في منطقة الخليج العربي.

2- اقتصادياً:

سياسة الحياد لا توفر للعراق حليف اقتصادي قوي يساعده في وقت الازمات الاقتصادية العالمية، ومهما تمتلك الدول من قوة اقتصادية فهي تحتاج الى التعامل مع النظام العالمي المصرفي، وقد يحتاج الى الاقتراض من صندوق النقد الدولي، وقد يحتاج الحلفاء عند حدوث الكوارث الطبيعة وغيرها.

3- امنياً:

سياسة الحياد لا تمكن العراق من الحصول على المعلومات الامنية الكافية لغرض التعامل مع القضايا الامنية الاقليمية خاصة التنظيمات الارهابية العابرة للدول وللقارات.

4- سياسياً:

سياسة الحياد تمنع العراق من ان يمارس ادوار مهمة، كون الحليف القوي خاصة اذا ما كان ضمن الدول الكبرى او الدولة العظمى يساعد العراق في ان يمارس ادوار مهمة سياسياً اكثر من الادوار التي يمارسها وهو في سياسة الحياد.

في جميع دول العالم الدخول في المحاور والتحالفات لا تعني بالضرورة هو اختيار لحليف بالضد من حليف اخر، او هو بمثابة اعلان حرب ضد الاحلاف والمحاور الاخرى، على سبيل المثال لا الحصر مثلا انضمام اي دولة اوربية الى الاتحاد الاوربي لا يعني ذلك انها دولة اصبحت تعادي روسيا، وانها ضد مصالح الولايات المتحدة الامريكية، على خلاف سياسة المحاور في الشرق الاوسط الدخول في اي محور هو بالضرورة اعلان غير معلن للعداء تجاه التحالفات والمحاور الاخرى، كون العلاقة قائمة على اساس الصراع وليس التنافس.

مما سبق يتضح ان علاقات العراق الخارجية الاقليمية والدولية مقيدة بعدد من القيود التي لا تسمح للعراق ان يبني علاقات استناداً الى المصلحة بل العلاقات سوف تبنى على اساس العاطفة وسياسة الارضاءات الاقليمية والدولية والتوازن بين رغباتها، مما يعني ان العراق سوف لن يستفاد من سياسة المحاور (كونه خارجها) ولن يستفاد من سياسية الحياد (كونه جزء من الازمة)، وسوف يبقى يتبع سياسة توخي الحذر في التعامل مع اي محور اقليمي او دولي خاصة وان صانع القرار الرسمي في العراق مقيد بالموقف الشعبي الذي يتبنى موقف شعبوي في تحديد السياسة الخارجية، خلاف الموقف النخبوي الغائب او المغيب.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية/ 2001 – 2023 Ⓒ
http://mcsr.net

اضف تعليق